Forward from: د. خالد الحايك
صدقة الفطر...
في كلّ سنة في رمضان يكثر الكلام حول "صدقة الفطر": هل يجوز إخراجها نقداً؟!!
أقول:
1- الأصل في الحديث إخراجها من الطعام الذي جاء في حديث ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ رَمَضَانَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ».
فنصّ هنا على التمر والشعير؛ لأنه غالب قوت أهل الحجاز.
2- جاء في بعض روايات حديث ابن عمر: "فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ بَعْدُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ". قَالَ أَيُّوبُ السختياني: وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ: «يُعْطِي التَّمْرَ إِلَّا عَامًا وَاحِدًا أَعْوَزَ التَّمْرُ فَأَعْطَى الشَّعِيرَ».
وفي رواية: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "فَعَدَلَهُ النَّاسُ بَعْدُ بِمُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ". قَالَ: "فَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُعْطِي التَّمْرَ".
3- جاء في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: «إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا مَا عِشْتُ».
ففي الحديث زيادة الأصناف على حديث ابن عمر، وصرّح أبو سعيد أنهم كانوا يخرجون هذه الأصناف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال ابن عبدالبر: "وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّهُ يُؤَدِّي مَا كَانَ جُلُّ عَيْشِ أَهْلِ بَلَدِهِ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَالذُّرَةَ وَالدَّخَنَ وَالْأُرْزَ وَالزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ وَالْأَقِطَ. قَالَ: وَلَا أَرَى لِأَهْلِ مِصْرَ أَنْ يَدْفَعُوا إِلَّا الْقَمْحَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جُلُّ عَيْشِهِمْ إِلَّا أَنْ يَعْلُوَ سِعْرُهُمْ فَيَكُونُ عَيْشُهُمُ الشَّعِيرَ فَيُعْطَوْنَهُ".
4- خلاصة الأمر أن صدقة الفطر تكون من غالب قوت أهل البلد. وقوت معظم البلاد الآن هو: "الأرز".
5- فالأصل إخراج الطعام، لكن وردت هناك بعض الآثار في جواز إخراجها قيمة.
6- بوّب ابن أبي شيبة في "مصنفه" باباً "فِي إِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ".
7- ثم أورد في هذا الباب بعض الآثار الصحيحة عن السلف في جواز إخراج زكاة الفطر بما يعادله من قيمة الدراهم ونحوه.
8- أورد عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقْرَأُ إِلَى عَدِيٍّ بِالْبَصْرَةِ «يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مِنْ أَعْطِيَّاتِهِمْ، عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ».
وعَنْ قُرَّةَ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ «نِصْفُ صَاعٍ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ أَوْ قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ».
9- وأورد عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ تُعْطِيَ الدَّرَاهِمَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ».
10- وأورد عن أَبي إِسْحَاقَ السبيعي قال: «أَدْرَكْتُهُمْ وَهُمْ يُعْطُونَ فِي صَدَقَةِ رَمَضَانَ الدَّرَاهِمَ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ».
11- وأبو إسحاق من كبار التابعين المخضرمين وهؤلاء الذين أدركهم هم الصحابة رضي الله عنهم.
12- فهذه الآثار تدلّ على جواز إخراج القيمة، والأمر فيه سعة، ولا نضيّق على النّاس إذا كانت مصلحتهم في إخراجها في أيامنا بالقيمة.
والله تعالى أعلم
د. خالد الحايك
في كلّ سنة في رمضان يكثر الكلام حول "صدقة الفطر": هل يجوز إخراجها نقداً؟!!
أقول:
1- الأصل في الحديث إخراجها من الطعام الذي جاء في حديث ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ رَمَضَانَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ».
فنصّ هنا على التمر والشعير؛ لأنه غالب قوت أهل الحجاز.
2- جاء في بعض روايات حديث ابن عمر: "فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ بَعْدُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ". قَالَ أَيُّوبُ السختياني: وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ: «يُعْطِي التَّمْرَ إِلَّا عَامًا وَاحِدًا أَعْوَزَ التَّمْرُ فَأَعْطَى الشَّعِيرَ».
وفي رواية: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: "فَعَدَلَهُ النَّاسُ بَعْدُ بِمُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ". قَالَ: "فَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يُعْطِي التَّمْرَ".
3- جاء في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ، وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: «إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ، تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا مَا عِشْتُ».
ففي الحديث زيادة الأصناف على حديث ابن عمر، وصرّح أبو سعيد أنهم كانوا يخرجون هذه الأصناف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال ابن عبدالبر: "وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ إِنَّهُ يُؤَدِّي مَا كَانَ جُلُّ عَيْشِ أَهْلِ بَلَدِهِ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَالذُّرَةَ وَالدَّخَنَ وَالْأُرْزَ وَالزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ وَالْأَقِطَ. قَالَ: وَلَا أَرَى لِأَهْلِ مِصْرَ أَنْ يَدْفَعُوا إِلَّا الْقَمْحَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جُلُّ عَيْشِهِمْ إِلَّا أَنْ يَعْلُوَ سِعْرُهُمْ فَيَكُونُ عَيْشُهُمُ الشَّعِيرَ فَيُعْطَوْنَهُ".
4- خلاصة الأمر أن صدقة الفطر تكون من غالب قوت أهل البلد. وقوت معظم البلاد الآن هو: "الأرز".
5- فالأصل إخراج الطعام، لكن وردت هناك بعض الآثار في جواز إخراجها قيمة.
6- بوّب ابن أبي شيبة في "مصنفه" باباً "فِي إِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ".
7- ثم أورد في هذا الباب بعض الآثار الصحيحة عن السلف في جواز إخراج زكاة الفطر بما يعادله من قيمة الدراهم ونحوه.
8- أورد عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُقْرَأُ إِلَى عَدِيٍّ بِالْبَصْرَةِ «يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مِنْ أَعْطِيَّاتِهِمْ، عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ».
وعَنْ قُرَّةَ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ «نِصْفُ صَاعٍ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ أَوْ قِيمَتُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ».
9- وأورد عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ تُعْطِيَ الدَّرَاهِمَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ».
10- وأورد عن أَبي إِسْحَاقَ السبيعي قال: «أَدْرَكْتُهُمْ وَهُمْ يُعْطُونَ فِي صَدَقَةِ رَمَضَانَ الدَّرَاهِمَ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ».
11- وأبو إسحاق من كبار التابعين المخضرمين وهؤلاء الذين أدركهم هم الصحابة رضي الله عنهم.
12- فهذه الآثار تدلّ على جواز إخراج القيمة، والأمر فيه سعة، ولا نضيّق على النّاس إذا كانت مصلحتهم في إخراجها في أيامنا بالقيمة.
والله تعالى أعلم
د. خالد الحايك