📚
السؤال: فضيلة الشيخ أحبك في الله: هنالك من يقول: تصحيح الألباني ليس دقيقًا مقارنةً بالعلماء المتقدمين. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
الجواب: أحبك الله الذي أحببتنا فيه.
هذا صحيح، سواءً صحح الأحاديث أو ضعفها؛ لأنه يجري في أصول تصحيحه وتضعيفه على أصول المتأخرين, كابن الصلاح, والحافظ العراقي, وابن حجر, ولا يجري في أصوله على أصول يحيى بن سعيد القطان, وابن مهدي, والإمام أحمد, والبخاري, ومسلم, أو على أصول الأوائل.
فهو يجري على أصول المتأخرين لا على أصول المتقدمين.
وإذا كانت الوسائل التي يبني عليها وسائل ضعيفة فعادةً تكون النتائج هزيلة.
فبالتالي له تصحيحات وتضعيفات كثيرة مخالفة لمناهج المتقدمين؛ لأن الفروق بين المتقدمين والمتأخرين كثيرة, أذكر أهمها ليتضح المقصود والمراد:
الفرق الأول: التدليس: فمتى ما ثبت التدليس في الحديث فإنه علة، وهذا لا نزاع فيه.
لكن الأواخر يجعلون عنعنة الموصوف بالتدليس تدليسًا, وهذا لم يقل به أحدٌ من الأوائل, والألباني يجري على هذا الأصل في أصول المتأخرين لا أصول المتقدمين, فيقول في الحديث: (فيه عنعنة الحسن), (فيه عنعنة قتادة), (فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي), (فيه عنعنة الأعمش), (فيه عنعنة ابن جريح), (فيه عنعنة ابن الزبير), ويعل الأحاديث بهذه الطريقة, وقد ضعف أحاديث مسلم على هذه الطريقة.
وهذا منهج لم يكن عليه أحد من الأوائل, ولا يُعرف عن أحد من الأئمة قط بأنه أعل حديثًا بعنعنة المُدلس أو الموصوف بالتدليس, وإنما يقول الأوائل: (دلس)، لا: (عنعن).
فإذا ثبت أنه قد دلس أعللنا الحديث؛ لأن هذا انقطاع, وإذا عنعن مجرد عنعنة ولم يدلس فهذه لا تؤثر, وهذا الذي عليه الأوائل.
وهذا من الفروق العظيمة بين الأوائل والأواخر.
الفرق الثاني: زيادة الثقة: فمذهب الفقهاء والمتكلمين أن زيادة الثقة مقبولة مطلقا, وقد جرى على هذا كثير من المتأخرين، فهذا ابن حجر يقول في النخبة: (وزيادة راويه مقبولة ما لم تقع منافيةً لمن هو أوثق).
وهذا ليس منهج الأئمة, وقد قرر منهج المتقدمين في كتابه النكت على كتاب ابن الصلاح, وأبدع في ذلك الكتاب في تقرير أصول الأئمة في هذه المسألة.
وقد جرى طائفة من المتأخرين - كما هو قول الفقهاء - على أن زيادة الثقة مقبولة, وهذا كثير في تصحيحات المتأخرين, يقال: (هذه زيادة ثقة فهي مقبولة).
أما الأوائل فلا يُعطون الزيادة حكمًا مُطلقا, فتارةً يقبلونها, وتارةً يردونها, ولا يحكمون بحكمٍ كلي.
الفرق الثالث: التحسين بالشواهد: فالأوائل لا يتوسعون فيه, أما الأواخر فلديهم توسع شديد, حتى أن معظم تصحيحاتهم وتحسيناتهم هي لمجرد مجيء الحديث من طُرق, ولذلك فقد بلغت الأحاديث المصححة عند الأواخر أكثر من خمسين ألف حديث! وهذه مبالغة في تصحيح الأحاديث! وكثيرٌ من هذه الأحاديث منكر لا أصل له!
وليست القضية قضية حديث أو حديثين، بل في بعض الأحيان تبلغ الأحاديث من خمسة آلاف أربعة أحاديث والبقية كلها منكرة!
والأوائل لم يكونوا يُحسنون بالشواهد إلا بقيود وضوابط معروفة كمنهجية عندهم.
فمن ذلك: أنهم لا يُحسنون الحديث بالشواهد في الأصول ولا يقبلونه.
ومن ذلك: أنهم لا يحسنون الحديث بالشواهد إذا كان يعارض حديثاً صحيحا.
ومن ذلك: أنهم لا يحسنون الحديث بالشواهد إذا كان في إسناده كذاب, أو متهم, أو غلط, أو نكارة.
الفرق الرابع: التفرد: فقد كان الأوائل يولون مسألة التفرد عناية عظيمة, وقد لا يقبلون حديث المتفرد وإن كان ثقة!
وعادةً يردون حديث الصدوق في الأصول, وهذا لا يُعنى به الأواخر, ولا يفرقون بين ما كان في الأصول وبين ما كان في غير الأصول, ونتيجة لضعف تطبيق هذا المنهج صححوا أحاديثًا كثيرة منكرة؛ لأن حديث الصدوق أو الثقة الغير مُكثر ولم يُعرف بكثرة تفرد، وتفرد بأصل أصبح محل نظر, فمن ذلك: الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود في سُننه من طريق محمد بن إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه عن أمه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا يوم رُخص لكم فيه إذا رميتم جمرة العقبة أن تحلوا, فإذا غربت الشمس ولم تطوفوا بالبيت عدتم حُرما كما بدأتم), فهذا خبرٌ منكر, ولا يمكن أن يُقبل تفرد ابن إسحاق فيه, ولو قُبل تفرد ابن إسحاق فلا يمكن قبول تفرد أبي عبيدة, وهذا أصل مُتبع عند الأوائل، وهو أنهم في مثل هذه القضية لا يقبلون تفرد الصدوق الذي لم يُعرف بالضبط والإتقان وكثرة الأحاديث, وهذا مجرد مثال وإلا فالأمثلة كثيرة.
الفرق الخامس: النظر في الإسناد: فالأواخر يُعنون بظواهر الأسانيد, ويُصححون على هذا، فهم ينظرون إلى ظاهر الإسناد وما قال عنه ابن حجر في التقريب: (ثقة أو صدوق), وفي النهاية يقولون: (إسناده صحيح).
أما الأوائل فلا، فهم ينظرون في الإسناد والمتن, وحين ينظرون في الإسناد ينظرون إليه من عدة جوانب:
الجانب الأول: ثقة الرواة.
الجانب الثاني: السماعات، فيدققون في السماعات جدًا.
الجانب الثالث: التفرد، فيدققون بالإسناد والتفرد.
الجانب الرابع: المخالفة، فينظرون فيها بقوة
السؤال: فضيلة الشيخ أحبك في الله: هنالك من يقول: تصحيح الألباني ليس دقيقًا مقارنةً بالعلماء المتقدمين. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
الجواب: أحبك الله الذي أحببتنا فيه.
هذا صحيح، سواءً صحح الأحاديث أو ضعفها؛ لأنه يجري في أصول تصحيحه وتضعيفه على أصول المتأخرين, كابن الصلاح, والحافظ العراقي, وابن حجر, ولا يجري في أصوله على أصول يحيى بن سعيد القطان, وابن مهدي, والإمام أحمد, والبخاري, ومسلم, أو على أصول الأوائل.
فهو يجري على أصول المتأخرين لا على أصول المتقدمين.
وإذا كانت الوسائل التي يبني عليها وسائل ضعيفة فعادةً تكون النتائج هزيلة.
فبالتالي له تصحيحات وتضعيفات كثيرة مخالفة لمناهج المتقدمين؛ لأن الفروق بين المتقدمين والمتأخرين كثيرة, أذكر أهمها ليتضح المقصود والمراد:
الفرق الأول: التدليس: فمتى ما ثبت التدليس في الحديث فإنه علة، وهذا لا نزاع فيه.
لكن الأواخر يجعلون عنعنة الموصوف بالتدليس تدليسًا, وهذا لم يقل به أحدٌ من الأوائل, والألباني يجري على هذا الأصل في أصول المتأخرين لا أصول المتقدمين, فيقول في الحديث: (فيه عنعنة الحسن), (فيه عنعنة قتادة), (فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعي), (فيه عنعنة الأعمش), (فيه عنعنة ابن جريح), (فيه عنعنة ابن الزبير), ويعل الأحاديث بهذه الطريقة, وقد ضعف أحاديث مسلم على هذه الطريقة.
وهذا منهج لم يكن عليه أحد من الأوائل, ولا يُعرف عن أحد من الأئمة قط بأنه أعل حديثًا بعنعنة المُدلس أو الموصوف بالتدليس, وإنما يقول الأوائل: (دلس)، لا: (عنعن).
فإذا ثبت أنه قد دلس أعللنا الحديث؛ لأن هذا انقطاع, وإذا عنعن مجرد عنعنة ولم يدلس فهذه لا تؤثر, وهذا الذي عليه الأوائل.
وهذا من الفروق العظيمة بين الأوائل والأواخر.
الفرق الثاني: زيادة الثقة: فمذهب الفقهاء والمتكلمين أن زيادة الثقة مقبولة مطلقا, وقد جرى على هذا كثير من المتأخرين، فهذا ابن حجر يقول في النخبة: (وزيادة راويه مقبولة ما لم تقع منافيةً لمن هو أوثق).
وهذا ليس منهج الأئمة, وقد قرر منهج المتقدمين في كتابه النكت على كتاب ابن الصلاح, وأبدع في ذلك الكتاب في تقرير أصول الأئمة في هذه المسألة.
وقد جرى طائفة من المتأخرين - كما هو قول الفقهاء - على أن زيادة الثقة مقبولة, وهذا كثير في تصحيحات المتأخرين, يقال: (هذه زيادة ثقة فهي مقبولة).
أما الأوائل فلا يُعطون الزيادة حكمًا مُطلقا, فتارةً يقبلونها, وتارةً يردونها, ولا يحكمون بحكمٍ كلي.
الفرق الثالث: التحسين بالشواهد: فالأوائل لا يتوسعون فيه, أما الأواخر فلديهم توسع شديد, حتى أن معظم تصحيحاتهم وتحسيناتهم هي لمجرد مجيء الحديث من طُرق, ولذلك فقد بلغت الأحاديث المصححة عند الأواخر أكثر من خمسين ألف حديث! وهذه مبالغة في تصحيح الأحاديث! وكثيرٌ من هذه الأحاديث منكر لا أصل له!
وليست القضية قضية حديث أو حديثين، بل في بعض الأحيان تبلغ الأحاديث من خمسة آلاف أربعة أحاديث والبقية كلها منكرة!
والأوائل لم يكونوا يُحسنون بالشواهد إلا بقيود وضوابط معروفة كمنهجية عندهم.
فمن ذلك: أنهم لا يُحسنون الحديث بالشواهد في الأصول ولا يقبلونه.
ومن ذلك: أنهم لا يحسنون الحديث بالشواهد إذا كان يعارض حديثاً صحيحا.
ومن ذلك: أنهم لا يحسنون الحديث بالشواهد إذا كان في إسناده كذاب, أو متهم, أو غلط, أو نكارة.
الفرق الرابع: التفرد: فقد كان الأوائل يولون مسألة التفرد عناية عظيمة, وقد لا يقبلون حديث المتفرد وإن كان ثقة!
وعادةً يردون حديث الصدوق في الأصول, وهذا لا يُعنى به الأواخر, ولا يفرقون بين ما كان في الأصول وبين ما كان في غير الأصول, ونتيجة لضعف تطبيق هذا المنهج صححوا أحاديثًا كثيرة منكرة؛ لأن حديث الصدوق أو الثقة الغير مُكثر ولم يُعرف بكثرة تفرد، وتفرد بأصل أصبح محل نظر, فمن ذلك: الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود في سُننه من طريق محمد بن إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه عن أمه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا يوم رُخص لكم فيه إذا رميتم جمرة العقبة أن تحلوا, فإذا غربت الشمس ولم تطوفوا بالبيت عدتم حُرما كما بدأتم), فهذا خبرٌ منكر, ولا يمكن أن يُقبل تفرد ابن إسحاق فيه, ولو قُبل تفرد ابن إسحاق فلا يمكن قبول تفرد أبي عبيدة, وهذا أصل مُتبع عند الأوائل، وهو أنهم في مثل هذه القضية لا يقبلون تفرد الصدوق الذي لم يُعرف بالضبط والإتقان وكثرة الأحاديث, وهذا مجرد مثال وإلا فالأمثلة كثيرة.
الفرق الخامس: النظر في الإسناد: فالأواخر يُعنون بظواهر الأسانيد, ويُصححون على هذا، فهم ينظرون إلى ظاهر الإسناد وما قال عنه ابن حجر في التقريب: (ثقة أو صدوق), وفي النهاية يقولون: (إسناده صحيح).
أما الأوائل فلا، فهم ينظرون في الإسناد والمتن, وحين ينظرون في الإسناد ينظرون إليه من عدة جوانب:
الجانب الأول: ثقة الرواة.
الجانب الثاني: السماعات، فيدققون في السماعات جدًا.
الجانب الثالث: التفرد، فيدققون بالإسناد والتفرد.
الجانب الرابع: المخالفة، فينظرون فيها بقوة