- وروي عن الإمام السجاد، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال:
وإن للقائم منا غيبتين، احداهما أطول من الاخرى، فلا يثبت على إمامته إلا من قوى يقينه وصحت معرفته)(20).
ومن أجل أن نتعرف على سر الغيبة ومغزاها لابد وأن نلقي نظرة على سيرة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وتاريخهم. فنحن نعلم أن أكثر الناس بايعوا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وبعده عمر وبعده عثمان، وقد حرت تمرد على عثمان في أواخر حكمه، نتيجة للكثير من الاختلالات التي نشأت من التمييز المنحرف، فقتلوه، ومن ثم بايعوا أمير المؤمنين عليا (عليه السلام).
وقد سكت الإمام الذي هو الخليفة المنصوب من قبل الله والرسول (صلى الله عليه وآله)، خلال فترة الخلفاء الثلاثة، رعاية لمصالح الامة الاسلامية الجديدة، ولم ينطق بشئ إلا ما يتم به الحجة. وفي الوقت نفسه، لم يتخلف - لحظة - عن تقديم الخدمات والجهود لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، ولكن فترة خلافته استغرقت كلها في محاربة أصحاب الجمل ومعاوية والخوارج، وأخيرا استشهد بيد احد الخوارج.
وقد توفي الإمام الحسن (عليه السلام) مسموما بأمر من معاوية، وبعد موت معاوية تربع على عرش الحكم الاموي ابنه يزيد، الذي لم يكترث حتى بمظاهر الاسلام، وكان من المتوقع أن يتعرض الإسلام للابادة والدمار نتيجة لهذه السيرة الهابطة، ولذلك لم يجد الإمام الحسين (عليه السلام) مناصا من النهوض وإعلان الثورة، وأنقذ (باستشهاده مظلوما - الاسلام من خطر الإبادة، حيث بعث في المسلمين الوعي واليقظة، بيد أنه لم تتوفر الظروف الاجتماعية لاقامة الدولة الاسلامية العادلة، ومن هنا قام سائر الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بتثبيت الاصول العقائدية وترسيخ ونشر المعارف والاحكام الاسلامية، وتربية النفوس المؤهلة وتهذيبها، وحيثما تسمح الظروف كانوا يحرضون الناس - سرا - على محاربة الظالمين والجبابرة والطواغيت، ويزرعون فيهم الأمل بتحقق الدولة الإلهية العالمية، واخيرا استشهدوا - جميعا - واحدا بعد الآخر.
وعلى كل حال، تمكن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) خلال قرنين ونصف من عرض الحقائق الاسلامية وبيانها للناس، بالرغم من مواجهتهم الكثير من التحديات والمشاكل والمتاعب الشديدة، وقد بينوا بعضا منه للناس عامة وبعضها بينوها لخصوص شيعتهم وخواص أصحابهم، وبذلك انتشرت المعارف الاسلامية بمختلف أبعادها وجوانبها في الامة، وضمن - بذلك - بقاء الشريعة المحمدية، وقد تشكلت - خلال ذلك - هنا وهناك في البلاد الاسلامية بعض الجماعات التي اندفعت لمحاربة الحكام الجائرين، وامكنهم - ولو بصورة محدودة - منع الجابرة والطواغيت من التمادي في غيهم وجورهم وعبثهم.
ولكن الذي كان يثير فزع الحكام الظالمين وقلقهم أكثر هو، الوعد بظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، الذي كان يهدد وجودهم وكيانهم، ومن هنا فرض المعاصرون منهم للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) رقابة مشددة عليه، ليقتلوا أي طفل يولد له، وقد استشهد الإمام (عليه السلام) نفسه بيديهم، وهو في ريعان شبابه، ولكن شاءت الإرادة الإلهية أن يولد المهدي (عليه السلام)، وأن يدخر لخلاص البشرية ونجاتها، ولهذا السبب لم يوفق للقائه خلال حياة أبيه - وحتى الخامسة من عمره - إلا أفراد قليلون من خواص الشيعة، بيد أن الإمام (عليه السلام) ارتبط بالناس بعد وفاة أبيه، بوساطة نواب أربعة، كلفوا بمهمة النيابة الخاصة(21)، واحدا بعد الآخر، وبعد ذلك بدأت (الغيبة الكبرى)، التي ستستمر الى مدة غير معلومة، حتى اليوم الذي يتم فيه إعداد البشرية لتقبل الحكومة الإلهية العالمية، وحينئذ سيظهر الإمام (عليه السلام) بأمر من الله - تبارك وتعالى -.
يتبع
وإن للقائم منا غيبتين، احداهما أطول من الاخرى، فلا يثبت على إمامته إلا من قوى يقينه وصحت معرفته)(20).
ومن أجل أن نتعرف على سر الغيبة ومغزاها لابد وأن نلقي نظرة على سيرة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وتاريخهم. فنحن نعلم أن أكثر الناس بايعوا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وبعده عمر وبعده عثمان، وقد حرت تمرد على عثمان في أواخر حكمه، نتيجة للكثير من الاختلالات التي نشأت من التمييز المنحرف، فقتلوه، ومن ثم بايعوا أمير المؤمنين عليا (عليه السلام).
وقد سكت الإمام الذي هو الخليفة المنصوب من قبل الله والرسول (صلى الله عليه وآله)، خلال فترة الخلفاء الثلاثة، رعاية لمصالح الامة الاسلامية الجديدة، ولم ينطق بشئ إلا ما يتم به الحجة. وفي الوقت نفسه، لم يتخلف - لحظة - عن تقديم الخدمات والجهود لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين، ولكن فترة خلافته استغرقت كلها في محاربة أصحاب الجمل ومعاوية والخوارج، وأخيرا استشهد بيد احد الخوارج.
وقد توفي الإمام الحسن (عليه السلام) مسموما بأمر من معاوية، وبعد موت معاوية تربع على عرش الحكم الاموي ابنه يزيد، الذي لم يكترث حتى بمظاهر الاسلام، وكان من المتوقع أن يتعرض الإسلام للابادة والدمار نتيجة لهذه السيرة الهابطة، ولذلك لم يجد الإمام الحسين (عليه السلام) مناصا من النهوض وإعلان الثورة، وأنقذ (باستشهاده مظلوما - الاسلام من خطر الإبادة، حيث بعث في المسلمين الوعي واليقظة، بيد أنه لم تتوفر الظروف الاجتماعية لاقامة الدولة الاسلامية العادلة، ومن هنا قام سائر الأئمة الأطهار (عليهم السلام) بتثبيت الاصول العقائدية وترسيخ ونشر المعارف والاحكام الاسلامية، وتربية النفوس المؤهلة وتهذيبها، وحيثما تسمح الظروف كانوا يحرضون الناس - سرا - على محاربة الظالمين والجبابرة والطواغيت، ويزرعون فيهم الأمل بتحقق الدولة الإلهية العالمية، واخيرا استشهدوا - جميعا - واحدا بعد الآخر.
وعلى كل حال، تمكن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) خلال قرنين ونصف من عرض الحقائق الاسلامية وبيانها للناس، بالرغم من مواجهتهم الكثير من التحديات والمشاكل والمتاعب الشديدة، وقد بينوا بعضا منه للناس عامة وبعضها بينوها لخصوص شيعتهم وخواص أصحابهم، وبذلك انتشرت المعارف الاسلامية بمختلف أبعادها وجوانبها في الامة، وضمن - بذلك - بقاء الشريعة المحمدية، وقد تشكلت - خلال ذلك - هنا وهناك في البلاد الاسلامية بعض الجماعات التي اندفعت لمحاربة الحكام الجائرين، وامكنهم - ولو بصورة محدودة - منع الجابرة والطواغيت من التمادي في غيهم وجورهم وعبثهم.
ولكن الذي كان يثير فزع الحكام الظالمين وقلقهم أكثر هو، الوعد بظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، الذي كان يهدد وجودهم وكيانهم، ومن هنا فرض المعاصرون منهم للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) رقابة مشددة عليه، ليقتلوا أي طفل يولد له، وقد استشهد الإمام (عليه السلام) نفسه بيديهم، وهو في ريعان شبابه، ولكن شاءت الإرادة الإلهية أن يولد المهدي (عليه السلام)، وأن يدخر لخلاص البشرية ونجاتها، ولهذا السبب لم يوفق للقائه خلال حياة أبيه - وحتى الخامسة من عمره - إلا أفراد قليلون من خواص الشيعة، بيد أن الإمام (عليه السلام) ارتبط بالناس بعد وفاة أبيه، بوساطة نواب أربعة، كلفوا بمهمة النيابة الخاصة(21)، واحدا بعد الآخر، وبعد ذلك بدأت (الغيبة الكبرى)، التي ستستمر الى مدة غير معلومة، حتى اليوم الذي يتم فيه إعداد البشرية لتقبل الحكومة الإلهية العالمية، وحينئذ سيظهر الإمام (عليه السلام) بأمر من الله - تبارك وتعالى -.
يتبع