الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعية
السؤال:
ما الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلى وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، هذا السؤال سؤال مهم، وهي الآداب التي ينبغي أن يكون عليها الداعي إلى الله عز وجل، فمن الآداب المهمة: إخلاص النية لله عز وجل، بأن يكون الداعي قاصداً بدعوته رضى الرب، وإصلاح الخلق، لا أن يكون له جاه وإمامة ورئاسة بين الخلق؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كان هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كان هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته لما هاجر إليه. ثانياً: أن يكون على بصيرة فيما دعا إليه، وهو شريعة الله عز وجل، بأن يكون لديه علم بالشرع، فيما يدعو إليه، فإذا كان يدعو إلى التوحيد وجب أن يكون لديه علم بالتوحيد في مسائله؛ طرداً وعكساً إيجاباً ونفياً؛ حتى يتمكن من المحاجة إذا حاجه أحد في ذلك؛ لأن من دعا بغير علم فكمن نزل إلى ميدان القتال بغير سلاح، ويدل لهذا الأدب قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾. ولأن الجاهل يحتاج هو إلى أن يعلم، فكيف يكون معلماً لغيره بجهله، ولأن الذي يدعو بجهل قد يدعو إلى باطل، فهو لا يشعر به فيَضِلُّ ويُضِلُّ؛ لأن الذي يدعو بجهل يقف حيران حينما يورد عليه المبطل حجة باطلة ليضحد بها الحق، الذي قاله هذا، الثالث: أن يكون على علم بحال المدعو حتى ينزله منزلته؛ ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذ إلى اليمن فقال له حين بعثه: إنك تأتي قوم أهل كتاب. أخبره بحالهم ليكون مستعداً لهم، وقابلهم بما تقتضيه حالهم، وهكذا الداعي يجب أن يكون عالماً بحال من يدعوهم؛ لينزله منزلته؛ لأن هناك فرقاً بين شخص معاند تدعوه إلى الله، وشخص جاهل غافل لا يدري عن شيء؛ فالأول يحتاج إلى حجة قوية يضحد بها عناده واستكباره عن الحق، والثاني يكفيه أدنى حجة وأدنى الكلام؛ لأنه جاهل غافل ليس عنده ما يدفع به، ليس عنده ما يجادل به، وعلى هذا يتنزل قوله تعالى: ا﴿دْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن﴾. فإن الناس منهم من يحتاج إلى الموعظة وتكفيه، ومنهم من لا تكفيه الموعظة، بل يجادل، فأمر الله سبحانه وتعالى أن تكون الدعوة بالحكمة بالموعظة أحياناً، وبالمجادلة أحياناً؛ حسب ما تقتضيه حالة المدعو، ومن آداب الداعي أن يكون بليغاً في منطقه، قوياً في حجته؛ بحيث يستطيع إقناع المستمع المدعو إقناعاً تطمئن إليه نفسه، وينقاد إلى الدعوة بيسر وسهولة؛ لأن من الناس من يكون له علم، لكن ليس لديه بيان بالقول، فيفوته شيء كثير، فإذا كان لدى الإنسان علم وبيان بالقول فبإمكانه أن يقنع غيره إقناعاً تاماً يستجيب به المدعو، ومن آداب الداعية أن يكون عاملاً بما يدعو إليه من الحق؛ ليكون داعية بأقواله وفعاله، ولا شك بأن عمل الداعية بما يدعو إليه له تأثير كبير في قبول ما يدعو إليه؛ فإن الناس إذا رأوا من هذا الداعية أنه عامل بما يدعو إليه، وثقوا به، وعرفوا أنه صادق في دعوته، وإذا كان لا يعمل بما يدعو إليه شكوا في أمره، ولم يجعل الله تعالى في دعوته بركه، أرأيت لو أن شخص قام يدعو الناس إلى صلاة الجماعة، ويحث الناس عليها، ولكنه لا يصلي مع الجماعة؛ فماذا تكون نظرة الناس إلى دعوته؟ ستكون نظرة الناس إلى دعوته هزيلة، ولا ينظرون إليه نظر المتقبل؛ لأنه لم يكن يقوم بما يدعو الناس إليه، ومن آداب الداعية أن يكون حليماً صبوراً على ما يصيبه من الأذية القولية، أو الفعلية؛ لأن الدعوة، أو لأن الداعية قائم مقام الرسل، والرسل ينالهم من الأذى القولي والفعلي ما يصبرون عليه، حتى ينالوا درجة الصابرين، قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾. فلا بد للداعية من أن يتحلى بالصبر والحلم؛ لينال درجة الصابرين، ويلتحق بطريق المرسلين عليهم الصلاة والسلام، ومن آداب الداعية أن يكون بشوشاً دائم البشر، طليق الوجه؛ حتى يحبه الناس قبل أن يدعوهم؛ لأن قبول الناس للإنسان شخصياً يؤدي إلى قبوله معنوياً، وإلى الالتفاف حوله، وعلى هذا يتنزل قول الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. ومن آداب الداعية أن ينزل الناس منازلهم، وأن يتحين الوقت المناسب والمكان المناسب للدعوة، فلا يدعُ الناس في مكان لم يتهيئوا ويستعدوا لدعوته؛ لأن ذلك يلحقهم الملل والسآمة، والكراهية لما يدعو إليه، ولو كان حقاً؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السائمة إذا كثر عليه
السؤال:
ما الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الداعي إلى الله جل وعلا؟
الجواب:
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلى وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، هذا السؤال سؤال مهم، وهي الآداب التي ينبغي أن يكون عليها الداعي إلى الله عز وجل، فمن الآداب المهمة: إخلاص النية لله عز وجل، بأن يكون الداعي قاصداً بدعوته رضى الرب، وإصلاح الخلق، لا أن يكون له جاه وإمامة ورئاسة بين الخلق؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كان هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كان هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته لما هاجر إليه. ثانياً: أن يكون على بصيرة فيما دعا إليه، وهو شريعة الله عز وجل، بأن يكون لديه علم بالشرع، فيما يدعو إليه، فإذا كان يدعو إلى التوحيد وجب أن يكون لديه علم بالتوحيد في مسائله؛ طرداً وعكساً إيجاباً ونفياً؛ حتى يتمكن من المحاجة إذا حاجه أحد في ذلك؛ لأن من دعا بغير علم فكمن نزل إلى ميدان القتال بغير سلاح، ويدل لهذا الأدب قوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾. ولأن الجاهل يحتاج هو إلى أن يعلم، فكيف يكون معلماً لغيره بجهله، ولأن الذي يدعو بجهل قد يدعو إلى باطل، فهو لا يشعر به فيَضِلُّ ويُضِلُّ؛ لأن الذي يدعو بجهل يقف حيران حينما يورد عليه المبطل حجة باطلة ليضحد بها الحق، الذي قاله هذا، الثالث: أن يكون على علم بحال المدعو حتى ينزله منزلته؛ ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذ إلى اليمن فقال له حين بعثه: إنك تأتي قوم أهل كتاب. أخبره بحالهم ليكون مستعداً لهم، وقابلهم بما تقتضيه حالهم، وهكذا الداعي يجب أن يكون عالماً بحال من يدعوهم؛ لينزله منزلته؛ لأن هناك فرقاً بين شخص معاند تدعوه إلى الله، وشخص جاهل غافل لا يدري عن شيء؛ فالأول يحتاج إلى حجة قوية يضحد بها عناده واستكباره عن الحق، والثاني يكفيه أدنى حجة وأدنى الكلام؛ لأنه جاهل غافل ليس عنده ما يدفع به، ليس عنده ما يجادل به، وعلى هذا يتنزل قوله تعالى: ا﴿دْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن﴾. فإن الناس منهم من يحتاج إلى الموعظة وتكفيه، ومنهم من لا تكفيه الموعظة، بل يجادل، فأمر الله سبحانه وتعالى أن تكون الدعوة بالحكمة بالموعظة أحياناً، وبالمجادلة أحياناً؛ حسب ما تقتضيه حالة المدعو، ومن آداب الداعي أن يكون بليغاً في منطقه، قوياً في حجته؛ بحيث يستطيع إقناع المستمع المدعو إقناعاً تطمئن إليه نفسه، وينقاد إلى الدعوة بيسر وسهولة؛ لأن من الناس من يكون له علم، لكن ليس لديه بيان بالقول، فيفوته شيء كثير، فإذا كان لدى الإنسان علم وبيان بالقول فبإمكانه أن يقنع غيره إقناعاً تاماً يستجيب به المدعو، ومن آداب الداعية أن يكون عاملاً بما يدعو إليه من الحق؛ ليكون داعية بأقواله وفعاله، ولا شك بأن عمل الداعية بما يدعو إليه له تأثير كبير في قبول ما يدعو إليه؛ فإن الناس إذا رأوا من هذا الداعية أنه عامل بما يدعو إليه، وثقوا به، وعرفوا أنه صادق في دعوته، وإذا كان لا يعمل بما يدعو إليه شكوا في أمره، ولم يجعل الله تعالى في دعوته بركه، أرأيت لو أن شخص قام يدعو الناس إلى صلاة الجماعة، ويحث الناس عليها، ولكنه لا يصلي مع الجماعة؛ فماذا تكون نظرة الناس إلى دعوته؟ ستكون نظرة الناس إلى دعوته هزيلة، ولا ينظرون إليه نظر المتقبل؛ لأنه لم يكن يقوم بما يدعو الناس إليه، ومن آداب الداعية أن يكون حليماً صبوراً على ما يصيبه من الأذية القولية، أو الفعلية؛ لأن الدعوة، أو لأن الداعية قائم مقام الرسل، والرسل ينالهم من الأذى القولي والفعلي ما يصبرون عليه، حتى ينالوا درجة الصابرين، قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾. فلا بد للداعية من أن يتحلى بالصبر والحلم؛ لينال درجة الصابرين، ويلتحق بطريق المرسلين عليهم الصلاة والسلام، ومن آداب الداعية أن يكون بشوشاً دائم البشر، طليق الوجه؛ حتى يحبه الناس قبل أن يدعوهم؛ لأن قبول الناس للإنسان شخصياً يؤدي إلى قبوله معنوياً، وإلى الالتفاف حوله، وعلى هذا يتنزل قول الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. ومن آداب الداعية أن ينزل الناس منازلهم، وأن يتحين الوقت المناسب والمكان المناسب للدعوة، فلا يدعُ الناس في مكان لم يتهيئوا ويستعدوا لدعوته؛ لأن ذلك يلحقهم الملل والسآمة، والكراهية لما يدعو إليه، ولو كان حقاً؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السائمة إذا كثر عليه