رواية #طبيب_القلوب (18)
بقلم :رويدة الدعمي
عنوان الحلقة / لماذا يا فدوى..؟ 💔
ثم اكمل شهاب وهو يمسك بتلك اليدين النحيلتين : انك مؤمن بالله يا عم، ونادم على حياتك الماضية.. فلماذا لا يتوب الله عليك؟ ألم تسمع قوله تعالى ( أن الله يحب التوابين)؟!
يعني أن الله لا يتوب عليك فقط إن أنت أعلنت توبتك، بل وسيحبك أيضا.
نزلت الدموع لتعبر عن الندم الحقيقي الذي يشعر به ذلك الإنسان.. قال وهو يحاول أن يخفيها بين كفيه : يعلم ربي ما يملأ صدري الآن من مشاعر كلها ندم وحسرة على ما فرطتُ في حق ربي ونفسي وعائلتي!
ثم نظر إلى عينيّ شهاب وهو يقول : إن لي ابنة في عمرك تقريباً.. نعم المفترض انها الآن تمارس عملها كطبيبة.. لم تزرني منذ أشهر عدة!
أردف وهو يختنق بعبرته : انا لا الومها ابداً.. فلقد كنتُ قاسي القلب معها ومع والدتها رحمها الله.. حقها إن لم تشعر تجاهي بأي محبة لأني لم امنحها الحنان المطلوب.. كنتُ أتوقع أن الدنيا هي عبارة عن ( أموال) فقط وبأنها هي التي تجلب السعادة للبشر، والآن بعد أن عشت الوحدة والغربة هنا في السجن عرفتُ ما معنى العائلة والسعادة الحقيقية.
قال شهاب وهو يحترق غضباً من فدوى : سامح الله ابنتك.. كان المفترض أن تأتي لزيارتك.. ادعو الله ان يثلج قلبك بلقاءها عما قريب.
💙💜💙
وفي اليوم التالي التقى شهاب بفدوى في المستشفى أثناء دوامهما الرسمي ..قال بعد أن ألقى التحية :
- هل تعرفين ما معنى بر الوالدين؟
تفاجأت من نبرة صوته.. لقد كان مستاءاً منها جدا!!
- ولكن ماذا تقصد؟ لم أفهم!
- منذ متى لم تزوري أباكِ في السجن؟
طأطأت برأسها أرضاً وقد عرفت سبب غضبه :
- منذ ستة أشهر!
صاح بوجهها من غير إرادته : ماذا؟ ستة أشهر! ولكن لماذا بربك؟
- لقد كنتُ مشغولة، فما أن تخرجنا وانتهينا من الامتحانات وبحث التخرج حتى باشرنا الدوام كما تلاحظ!
لم يستطع الاستمرار بالكلام معها حيث كان متأثراً جداً، تركها ومضى في طريقه اما هي فبقت واقفة تنظر إليه متعجبة من موقفه هذا حتى غاب عن ناظريها.
في المساء اتصلت فدوى بسهام لتستعلم منها الخبر وكان شهاب جالساً بقرب أخته وعندما علم أنها تتحدث مع فدوى طلب منها أن تعطيه الهاتف ..أخذهُ وهو يقول : السلام عليكم!
وقبل أن تلقي فدوى تحيتها قال وهو يبدو صارماً أكثر مما توقعت هي :
- والدكِ مريض ويجب أن تكوني غداً عنده.. ان لم يسمحوا لكِ بزيارتهِ اتصلي بي من هناك وسأتصل بإدارة السجن ليسمحوا لك بمقابلته.. ولا تخبريهِ بأني انا من طلبت منكِ زيارته.. أرجو أن لا تأتي على ذكري أمامه نهائياً.. اتفقنا؟
لم يكن أمام فدوى الا الانصياع لأمر شهاب دون أن تعرف ما الخبر؟ ولماذا يتصرف معها هكذا؟
في الصباح اتجهت نحو السجن حيث والدها، وكما توقع شهاب.. لم يوافقوا على طلبها بمقابلة والدها لأنه لم يكن موعد الزيارات اصلاً ، اتصلت بشهاب وقام هو - كما وعدها - بالاتصال بالإدارة وبعد خمس دقائق فقط من اتصالها جاءها احد افراد الشرطة ليرافقها حيث والدها!
تفاجأت وهي ترى والدها مريض فعلاً ولا يقوى على الحركة.. ما أن رآها حتى صارت دموعه تجري من غير إرادته!
سألته فدوى وهي تمسك بيده :
- ولكن لماذا تبكي يا أبي؟
قال وهو يضم يدها إلى صدره :
- ابكي لأني أرى ربي يستجيب دعائي بكل هذه السرعة بينما أنا لا استحق منه ذلك!
- وبمَ دعوتَ الله يا أبتي؟
- لقد دعوته أن يجعلني التقي بكِ قبل موتي.
- ولكن لماذا تقول هذا الكلام.. ستتحسن صحتك عن قريب ولن اتركك.. سأذهب لأقدم طلب إلى إدارة السجن بالسماح لي كطبيبة بزيارتك باستمرار للإشراف على حالتك ومعالجتك لتقوم لنا بالسلامة.
قال وهو يمسح دموعه : لقد ارسل الله إليَّ من يعالجني، طبيب ليس كالاطباء.. انه طبيب القلوب.. ( الدكتور شهاب) رعاه الله وحفظه من كل مكروه.
لم تعرف فدوى ماذا تقول؟! لقد حذرها شهاب من أن تأتي على ذكره أمام والدها.. لكن ها هو الآن يجري اسمه على لسان الوالد وهو يطلق عليه لقب ( طبيب القلوب)!!
قالت وهي تحاول أن تبدو طبيعية : من هو هذا الطبيب يا أبي؟ هل تعرفهُ مسبقاً؟!
- لا يا ابنتي مع أنني كلما نظرتُ إليه خُّيل اليَّ أنني اعرفه منذ زمن!
لقد صار يجبر خاطري ويساعدني على طلب التوبة بعد أن كنتُ من اليائسين.
لم تنبس فدوى ببنت شفة فلقد سرح فكرها بعيدا.. لماذا لم يطلب شهاب يدها من والدها بالرغم من كل هذه العلاقة القوية بينهما؟ هل ابدل شهاب رأيه وصار غير مقتنع بالزواج منها؟ لماذا إذن إلى الآن يلبس خاتم الخطوبة؟
💜💙💜
بعد زيارة فدوى لوالدها بيوم واحد تعمد شهاب زيارته واستطلاع اخباره فوجدهُ بصحةٍ أحسن وقد عاد الدم إلى وجهه، وما أن رآه حتى بدأ يسرد له كيف استجاب الله دعائه وأرسل إليه ابنته لتزوره بعد أن تركته ما يقارب النصف عام!!
كان شهاب يستمع والفرحة تغمره بعد أن نجح بإدخال السرور على قلب هذا الرجل المسكين..
وهنا صدمهُ سؤال صدر من والد فدوى حينما قال : أراك تلبس خاتم الخطوبة.. صحيح؟
ابتسم شهاب وقد حاول أن
بقلم :رويدة الدعمي
عنوان الحلقة / لماذا يا فدوى..؟ 💔
ثم اكمل شهاب وهو يمسك بتلك اليدين النحيلتين : انك مؤمن بالله يا عم، ونادم على حياتك الماضية.. فلماذا لا يتوب الله عليك؟ ألم تسمع قوله تعالى ( أن الله يحب التوابين)؟!
يعني أن الله لا يتوب عليك فقط إن أنت أعلنت توبتك، بل وسيحبك أيضا.
نزلت الدموع لتعبر عن الندم الحقيقي الذي يشعر به ذلك الإنسان.. قال وهو يحاول أن يخفيها بين كفيه : يعلم ربي ما يملأ صدري الآن من مشاعر كلها ندم وحسرة على ما فرطتُ في حق ربي ونفسي وعائلتي!
ثم نظر إلى عينيّ شهاب وهو يقول : إن لي ابنة في عمرك تقريباً.. نعم المفترض انها الآن تمارس عملها كطبيبة.. لم تزرني منذ أشهر عدة!
أردف وهو يختنق بعبرته : انا لا الومها ابداً.. فلقد كنتُ قاسي القلب معها ومع والدتها رحمها الله.. حقها إن لم تشعر تجاهي بأي محبة لأني لم امنحها الحنان المطلوب.. كنتُ أتوقع أن الدنيا هي عبارة عن ( أموال) فقط وبأنها هي التي تجلب السعادة للبشر، والآن بعد أن عشت الوحدة والغربة هنا في السجن عرفتُ ما معنى العائلة والسعادة الحقيقية.
قال شهاب وهو يحترق غضباً من فدوى : سامح الله ابنتك.. كان المفترض أن تأتي لزيارتك.. ادعو الله ان يثلج قلبك بلقاءها عما قريب.
💙💜💙
وفي اليوم التالي التقى شهاب بفدوى في المستشفى أثناء دوامهما الرسمي ..قال بعد أن ألقى التحية :
- هل تعرفين ما معنى بر الوالدين؟
تفاجأت من نبرة صوته.. لقد كان مستاءاً منها جدا!!
- ولكن ماذا تقصد؟ لم أفهم!
- منذ متى لم تزوري أباكِ في السجن؟
طأطأت برأسها أرضاً وقد عرفت سبب غضبه :
- منذ ستة أشهر!
صاح بوجهها من غير إرادته : ماذا؟ ستة أشهر! ولكن لماذا بربك؟
- لقد كنتُ مشغولة، فما أن تخرجنا وانتهينا من الامتحانات وبحث التخرج حتى باشرنا الدوام كما تلاحظ!
لم يستطع الاستمرار بالكلام معها حيث كان متأثراً جداً، تركها ومضى في طريقه اما هي فبقت واقفة تنظر إليه متعجبة من موقفه هذا حتى غاب عن ناظريها.
في المساء اتصلت فدوى بسهام لتستعلم منها الخبر وكان شهاب جالساً بقرب أخته وعندما علم أنها تتحدث مع فدوى طلب منها أن تعطيه الهاتف ..أخذهُ وهو يقول : السلام عليكم!
وقبل أن تلقي فدوى تحيتها قال وهو يبدو صارماً أكثر مما توقعت هي :
- والدكِ مريض ويجب أن تكوني غداً عنده.. ان لم يسمحوا لكِ بزيارتهِ اتصلي بي من هناك وسأتصل بإدارة السجن ليسمحوا لك بمقابلته.. ولا تخبريهِ بأني انا من طلبت منكِ زيارته.. أرجو أن لا تأتي على ذكري أمامه نهائياً.. اتفقنا؟
لم يكن أمام فدوى الا الانصياع لأمر شهاب دون أن تعرف ما الخبر؟ ولماذا يتصرف معها هكذا؟
في الصباح اتجهت نحو السجن حيث والدها، وكما توقع شهاب.. لم يوافقوا على طلبها بمقابلة والدها لأنه لم يكن موعد الزيارات اصلاً ، اتصلت بشهاب وقام هو - كما وعدها - بالاتصال بالإدارة وبعد خمس دقائق فقط من اتصالها جاءها احد افراد الشرطة ليرافقها حيث والدها!
تفاجأت وهي ترى والدها مريض فعلاً ولا يقوى على الحركة.. ما أن رآها حتى صارت دموعه تجري من غير إرادته!
سألته فدوى وهي تمسك بيده :
- ولكن لماذا تبكي يا أبي؟
قال وهو يضم يدها إلى صدره :
- ابكي لأني أرى ربي يستجيب دعائي بكل هذه السرعة بينما أنا لا استحق منه ذلك!
- وبمَ دعوتَ الله يا أبتي؟
- لقد دعوته أن يجعلني التقي بكِ قبل موتي.
- ولكن لماذا تقول هذا الكلام.. ستتحسن صحتك عن قريب ولن اتركك.. سأذهب لأقدم طلب إلى إدارة السجن بالسماح لي كطبيبة بزيارتك باستمرار للإشراف على حالتك ومعالجتك لتقوم لنا بالسلامة.
قال وهو يمسح دموعه : لقد ارسل الله إليَّ من يعالجني، طبيب ليس كالاطباء.. انه طبيب القلوب.. ( الدكتور شهاب) رعاه الله وحفظه من كل مكروه.
لم تعرف فدوى ماذا تقول؟! لقد حذرها شهاب من أن تأتي على ذكره أمام والدها.. لكن ها هو الآن يجري اسمه على لسان الوالد وهو يطلق عليه لقب ( طبيب القلوب)!!
قالت وهي تحاول أن تبدو طبيعية : من هو هذا الطبيب يا أبي؟ هل تعرفهُ مسبقاً؟!
- لا يا ابنتي مع أنني كلما نظرتُ إليه خُّيل اليَّ أنني اعرفه منذ زمن!
لقد صار يجبر خاطري ويساعدني على طلب التوبة بعد أن كنتُ من اليائسين.
لم تنبس فدوى ببنت شفة فلقد سرح فكرها بعيدا.. لماذا لم يطلب شهاب يدها من والدها بالرغم من كل هذه العلاقة القوية بينهما؟ هل ابدل شهاب رأيه وصار غير مقتنع بالزواج منها؟ لماذا إذن إلى الآن يلبس خاتم الخطوبة؟
💜💙💜
بعد زيارة فدوى لوالدها بيوم واحد تعمد شهاب زيارته واستطلاع اخباره فوجدهُ بصحةٍ أحسن وقد عاد الدم إلى وجهه، وما أن رآه حتى بدأ يسرد له كيف استجاب الله دعائه وأرسل إليه ابنته لتزوره بعد أن تركته ما يقارب النصف عام!!
كان شهاب يستمع والفرحة تغمره بعد أن نجح بإدخال السرور على قلب هذا الرجل المسكين..
وهنا صدمهُ سؤال صدر من والد فدوى حينما قال : أراك تلبس خاتم الخطوبة.. صحيح؟
ابتسم شهاب وقد حاول أن