Traditional Muslimah

يُعتقد إن ازدراء العرب، نابعٌ من كونهم، أبعدُ الملل عن الفلسفة قبيل إسلامهم وبعده= مسألةٌ حديثة، يلوك بها مراهقي العلمانية، باعتبار الفلسفة نموذج، عند قوم ما ولكنه رأيٌ قديم ذكره الطبيب الرازي، فهي عنده من الأمور الغامضة البعيدة والعلوم اللطيفة الدقيقة وتبيين الأشياء المشكلة الملتبسة واستخراج الصناعات المجدية النافعة(الطب الروحاني)، فلزمها اليونان وما جاورهم من الملل المشابهة لفطنتهم، بينما قيد الغزل والشعر كفنون هابطة بالأعراب والأكراد والأنباط.
ولكنك، حينما تنظرُ لتواريخ العرب قبل الإسلام -تحديداً- ترى العُجاب في مقولات "الرأي" التي يتسودُ بها الرجال أقوامهمُ، فلا يولون الرئاسة والمكانة إلا من ملك رأياً(تفلسف تجريبي) تجاه الحوادث الواقعة واستنباط الحكم من غير المتوقعة!

والفلسفةُ بشكلٍ وبآخر هي رأيٌ، محكومةٌ بمنطق(حدود عقل) في حين وفاقدةٌ له في أحيان أخرى، ومنطق العرب، ما ثبت عندهم بالتجربة، وهي الأوثق عندي، أذكرُ لك مثالاً، حينما فاض وغاظ النعمانُ بن المنذر من "أقاطعي" كان يحوم حول مملكتهِ ويغزو بضاعته، أمر بإعطاءه مئة من الإبل إن دخل بملكه، لشدة ما رأى منه، فلما وقع به قال العبارة الشهيرة: تسمع بالمعيدي خيرا من أن تراه.

المعيدي الحكيم ردّ عليه بأنفة قائلاً
:«أبيت اللعن، إن الرجال لا تُكال بالقُفْزان، ولا توزن بالميزان، وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إنْ صالَ، صالَ بِجَنان، وإن قال، قالَ ببيان»، فأعجب الملك ما سمع، وقال له: إذاً أنت ضمرة بن ضمرة، يريد أنت كأبيك. (والضمرة:جلدة السخلة من المعز).

صَدَقْتَ، لله درُّكَ! هل لك عِلْمٌ بالأمورِ، والولوجِ فيها؟
قال :
واللهِ إِنِّي لأُبْرِمُ مِنها المَسْحُولَ، وأَنْقُضَ مِنها المَفْتُولَ، وَأُحِيْلُها حتى تَحُولَ، ثم أَنْظُرُ إلى ما يَؤُولُ، وليس للأمورِ بصاحبٍ مَن لا يَنظرُ في العواقبِ.
قال :
صَدَقْتَ للهِ درُّك! فأخبرني ما العَجْزُ الظَّاهِرُ، والفَقْرُ الحاضِرُ، والَّداءُ العَيَاءُ، والسَّوْءَةُ السَّوْءَاءُ؟
قال ضَمُرَةُ :
أَمَّا العَجْزُ الظَّاهِرُ : فالشَّابُّ القَليلُ الحِيْلَةِ، الَّلزُومُ لِلْحَلِيْلَةِ، الذي يَحُومُ حَوْلَها، ويَسْمَعُ قَوْلَها؛ فإِنْ غَضِبَتْ تَرَضَّاها، وَإِنْ رَضِيْتَ تَفَدَّاها.

تستطيع إنزال صفة العجز الظاهر برجال العصر المميعين، اللاهثين وراء قصص الحب الأنثوية.

حياكم الله..
قناةٌ جديدة، بفعلِ فقدان صلاحية النشر في القناة الأصلية مع امتناع إصلاح المشكل، اضطرني لإنشائها أنها أفضل وأولى للتعليقات الصغيرة على الورقات من نشرها على الفسبك وإشغال الخلق بما ليس به نفعٌ كبير.