فَالصَّومُ للَّهِ رَبِّ العَالمِينَ خَالِصًا, وَهُوَ يَجزِيِ عَلَيهِ بِأَضعَافٍ مُضَاعَفَةٍ وَبمَا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحصَى؛ شَرِيطَةَ أَنْ يَكُونَ المُسْلِمُ فِي ذَلِكَ مُمْتَثِلًا أَمرَ اللَّهِ, مُتَّبِعًا هَدْيَ رَسُولِهِ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.
فَلْيَعزِمِ المَرءُ وَلْيَنوِ أَنْ يَصُومَ يَومَ عَرَفَةَ -إِنْ لَمْ يَكُنْ صَائمًا فِي العَشرِ؛ أَنْ يَصُومَ يَومَ عَرَفَةَ-, وَمَنْ لَمْ يَصُمْ فَيَنبَغِي عَلَيهِ أَلَّا يُفَوِّتَ هَذِهِ الفُرصَةَ العَظِيمَةَ, وَلْيَجتَهِدْ فِي الدُّعَاءِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ, فِي وَقتِ النُّزولِ الإِلَهِيِّ, وَلْيَسأَلِ اللَّهَ المَغفِرَةَ, وَلْيَسأَلِ اللَّهَ الرَّحمَةَ, وَلْيَسأَلِ اللَّهَ –جَلَّ وَعَلَا- مَا أَبَاحَهُ مِنَ المَسَائلِ.
لَا يَدعُو بِإِثمٍ وَلَا قَطِيعَةِ رَحِمٍ, وَلَا يَعتِدِي فِي الدُّعَاءِ, وَإِنَّمَا يُقبِلُ عَلَى اللَّهِ –جَلَّ وَعَلَا-, وَيَأخُذُ بِذِكْرِ اللَّهِ فِي يَومِ عَرَفَةَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عِندَمَا قَالَ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَه, لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)), فَهَذَا خَيرُ مَا يُقَالُ فِي يَومِ عَرَفَةَ.
وَعَلَى المَرءِ أَنْ يَجتَهِدَ فِي ذَلِكَ اليَومِ, وَفِي كُلِّ حِينٍ وَحَالٍ, وَلَكِنْ فِي هَذَا اليَومِ خَاصَّةً؛ لِعَظِيمِ الرَّحَمَاتِ المُتَنَزَّلَاتِ بِهِ, كَمَا رَوَت عَائشَةُ عَنِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ, وَإِنَّهُ تَعَالَى لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ, فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟)).
فَهَذَا زَمَانُ عِتْقٍ مِنَ النَّارِ, فَلْيُعَرِّضِ المَرءُ نَفسَهُ لِرَحمَةِ رَبِّهِ؛ بِالإِقلَاعِ عَنْ ذُنُوبِهِ وَمَعَاصِيهِ, وَبِالإِقَامَةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَمَحَابِّهِ, وَلَيُقبِلْ عَلَى قَلبِهِ؛ فَلْيُنَقِّهِ مِنْ غِشِّهِ, وَلْيُخَلِّصْهُ مِن وَضَرِهِ, وَلْيَحمِلْ عَلَى قَلبِهِ؛ حَتَّى يَستَقِيمَ عَلَى أَمرِ رَبِّه, وَلْيَدعُ اللَّهَ جَاهِدًا أَنْ يَهدِيَ قَلبَهُ, وَأَنْ يَشرَحَ صَدرَهُ, وَأَنْ يُصلِحَ بَالَهُ, وَأَنْ يُدرِكَ أَمَّةَ مُحَمَّدٍ بِرَحمَةٍ شَامِلَةٍ؛ تَرفَعُ عَنهَا الكَربَ, وَتَكشِفُ عَنهَا الهَمَّ وَالغَمَّ.
فَيَجتَهِدُ الإِنسَانُ فِي هَذَا اليَومِ العَظِيمِ فِي الأَخذِ بِمَا قَالَهُ النَّبِيُّ الكَرِيمُ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَرَغَّبَ فِيهِ؛ وَهُوَ الصِّيَامُ.
ثُمَّ يَجتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ خَاصَّةً عَشِيَّةَ يَومِ عَرَفَةَ؛ لِيُصَادِفَ وَقتَ النُّزُولِ الإِلَهِيِّ مُتَعَرِّضًا لِرَحَمَاتِ اللَّهِ –جَلَّ وَعَلَا-, عَسَى أَنْ يَرحَمَهُ اللَّهُ رَبُّ العَالمِينَ, وَهُوَ أَرحَمُ الرَّاحِمِينَ.
نَسأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجعَلَنَا مِنْ عُتَقَائِهِ مِنَ النَّارِ وَإِخوَانَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ فِي مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغارِبِهَا, إِنَّهُ هُوَ الجَوادُ الكَرِيمُ وَالبَرُّ الرَّحِيمُ.
قناتي على التيليجرام👇👇
https://t.me/ahmed19871111