*من نوادر ابي العتاهية*
من النوادر التي قيلت عنه إن محمد بن عيسى حدث قائلا: كان لأبي إسحق(ابو العتاهية) خادم أسود طويل، وكان يجري عليه في كل يوم رغيفين، فجاءني الخادم يوما، وقال لي: والله ما أشبع. فسألته: وكيف ذاك؟ فقال: لأني أفتر من الكد، وهو يجري علي رغيفين بغير إدام، فإن رأيت أن تكلمه حتى يزيدني رغيفا فتؤجر، فوعدته بذلك. قال ابن عيسى: وحصل أن جلست مع أبي إسحق يوما، فمر بنا الخادم، فكرهت إعلامه أنه شكا إليّ ذلك، فقلت: يا أبا إسحق، كم تجري على هذا الخادم في كل يوم؟ فقال: رغيفين، فقلت له: لا يكفيانه، قال: من لم يكفه القليل لم يكفه الكثير، وكل من أعطى نفسه شهوتها هلك، وهذا خادم يدخل إلى حرمي، وبناتي، فإن لم أعوِّده القناعة والاقتصاد أهلكني، وأهلك عيالي ومالي. وبعد مدة مات الخادم، فكفنه أبو إسحق بإزار وفراش له خلق، فقلت له: سبحان الله، خادم قديم الحرمة، طويل الخدمة، واجب الحق، تكفّنه في خَلِق، وإنما يكفيك له كفن بدينار، فقال: إنه يصير إلى البلى، والحي أولى بالجديد من الميّت، فقلت له: يرحمك الله يا أبا اسحاق، فلقد عودته الاقتصاد حياً وميتاً
من النوادر التي قيلت عنه إن محمد بن عيسى حدث قائلا: كان لأبي إسحق(ابو العتاهية) خادم أسود طويل، وكان يجري عليه في كل يوم رغيفين، فجاءني الخادم يوما، وقال لي: والله ما أشبع. فسألته: وكيف ذاك؟ فقال: لأني أفتر من الكد، وهو يجري علي رغيفين بغير إدام، فإن رأيت أن تكلمه حتى يزيدني رغيفا فتؤجر، فوعدته بذلك. قال ابن عيسى: وحصل أن جلست مع أبي إسحق يوما، فمر بنا الخادم، فكرهت إعلامه أنه شكا إليّ ذلك، فقلت: يا أبا إسحق، كم تجري على هذا الخادم في كل يوم؟ فقال: رغيفين، فقلت له: لا يكفيانه، قال: من لم يكفه القليل لم يكفه الكثير، وكل من أعطى نفسه شهوتها هلك، وهذا خادم يدخل إلى حرمي، وبناتي، فإن لم أعوِّده القناعة والاقتصاد أهلكني، وأهلك عيالي ومالي. وبعد مدة مات الخادم، فكفنه أبو إسحق بإزار وفراش له خلق، فقلت له: سبحان الله، خادم قديم الحرمة، طويل الخدمة، واجب الحق، تكفّنه في خَلِق، وإنما يكفيك له كفن بدينار، فقال: إنه يصير إلى البلى، والحي أولى بالجديد من الميّت، فقلت له: يرحمك الله يا أبا اسحاق، فلقد عودته الاقتصاد حياً وميتاً