لو لم يكن للإيمان بالله والقضاء والقدر إلا فائدته النفسية والذهنية والعصبية لكفى.. لقد رأيت أقواما قد يسر الله لهم ظروفهم المادية، غير أنهم يعيشون في هَمِّ وقلق، وفي ترقب وتوجس، وفي ضغط واختناق، لأنهم يخافون من الموت، يخافون من المجهول، يخافون من المستقبل، يخافون من الفقر. وإن في هذا لعبرة لأولي الألباب، وفيه حجة ساطعة على أن الإنسان ليس هذا الشبح الجسدي الشاخص، بل هناك عنصر آخر، هو حقيقته وجوهره، هو الذي يتجاوز حدود الحس والمادة وهو الذي يضيق بواقعه وحاله، وهو الذي يتطلّع إلى عالم أفضل وحال أسعد، وفيه براهن وثيق على أن الإنسان كائن هزيل ضئيل، لا يمكن أن يقوم وحده مهما تمتّع به من أسباب القوة، بل لابد له من مصدر آخر، يمنحه القوة والمقاومة والعزاء والطمأنينة.