القاسم سلام الله عليه على صغر سنِّه بحيث عُبِّر عنه أنَّه لم يبلغ الحُلُم (كان عمره حوالي 12 أو 13 سنة)، كان متهيّئاً لنصرة عمّه الحسين ومتدرّباً على القتال كالفرسان والشجعان، وليس عجيباً أمره إذ أنَّه ابن الحسن وجدّه أمير المؤمنين وتربّى في حجر الحسين فغدا كاملاً في أخلاقه وإيمانه وثباته، وقدوة للعارفين والسالكين إلى الله في عشقه للشهادة، يسأله الحسين عليه السلام عندما أراد القاسم أن يعرف هل هو في جملة من يرزقوا الشهادة- كما بشّر بها الإمام الحسين أصحابه ليلة عاشوراء-، فقال له الحسين: ولدي قاسم كيف تجد طعم الموت؟ قال: يا عمّاه، والله الموت بين يديك عندي أحلى من العسل، فبشَّره الحسين بالشهادة وأنّه في جملة من يكون لهم هذا الفوز وهذه السعادة معه من الشهداء....
ولذلك بعد أن قتل أصحاب الحسين عليهم السلام يوم عاشوراء وبرز للقتال أبطال بني هاشم الذي ارتضعوا من ثدي الفتوّة ولبان الشجاعة، وقتل عليّ الأكبر وجملة من شباب بني هاشم، وسمع القاسم نداء عمّه الحسين واغربتاه، واقلّة ناصراه، أما من معين يعيننا؟! أما من ناصر ينصرنا؟! أما من ذابٍّ يذبّ عنّا؟! خرج القاسم إلى عمّه الحسين قائلاً: لبّيك سيّدي يا عمّ يا أبا عبد الله، فلمّا نظر إليه الحسين عليه السلام وكان أشبه بأبيه الحسن عليه السلام اعتنقه وجعلا يبكيان حتّى غشي عليهما (ولعلّ هذا الوداع لم يحصل إلّا مع القاسم)..فلمّا أفاقا طلب القاسم المبارزة فأتى الحسين عليه السلام فقال: يا عمّاه لا طاقة لي على البقاء وأرى بني عمومتي وأخوتي مجزّرين، وأراك وحيداً فريداً، فقال له الحسين عليه السلام: يا ابن أخي أنت الوديعة من أخي، أنت العلامة... فلم يزل القاسم يقبّل قدمي عمّه ويديه، فقال له الحسين: بني قاسم أراك تمشي إلى الموت برجليك، قال وكيف لا يكون ذلك وأنت بقيت بين الأعداء وحيداً فريداً لا تجد ناصراً ومعيناً روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء، عندها قال له الحسين: بني قاسم إليّ إليّ، فدنا منه القاسم، فجاء به الحسين إلى الخيمة وأتى بصندوق الإمام الحسن المسموم الذي فيه ودائعه وملابسه ولامة حربه، فأخرج الحسين ملابس الحسن وعمامته وسيفه وقلّد القاسم السيف، وشقّ أزياقه، وقطع العمامة نصفين وأدلاها على وجهه، ثمّ ألبسه ثيابه على صورة الكفن، ثمّ قال ولدي قاسم أبرز (ولكن قبل ذلك ودّع أمّك وأخواتك) وما
أصعبها من ساعة .
ثمّ انحدر القاسم نحو الميدان ودموعه جارية على خدّيه، وهو يقاتل قتال الرجال الأبطال الشجعان، فأنكره بعضهم وصاروا يتساءلون من هذا الفتى الذي يقاتل قتال الأبطال، فأنشأ يقول:
إِنْ تُنْكِرُونِي فَأَنا نَجْلُ الحَسَــنْ
سِبْطِ النَّبِيِّ المُجْتَبَى والمُؤْتَمَنْ
هَذا حُسَيْنٌ كَالأَسِيرِ المُرْتَهَنْ
بَيْنَ أُناسٍ لا سُقُوا صَوْبَ المُزُنْ
—————-
وقيل إنّ الإمام الحسين ندب القاسم بهذه الأبيات :
غَرِيبُونَ عَنْ أَوْطانِهِمْ وَدِيارِهِمْ
تَنوحُ عَلَيْهِمْ فِي البَرارِي وُحُوشُها
وَكَيْفَ لا تَبْكِي العُيونُ لِمَعْشَرٍ
سُيوفُ الأَعادِي فِي البَرارِي تَنُوشُها
بُدورٌ تَوارَى نُورُها فَتَغَيَّرتْ
مَحَاسِنُها تُرْبُ الفَلَاةِ نُعُوشُها
شباب اوبدور وابدمهم تحنُّوا
وابلذَّت الدنيا ما تهنُّوا
عله موت الشرف والعز تعنُّوا
ولا ذلّوا لعند اسيوف اميّه
🏴🏴🏴🏴🏴
💔 مُرَمَّلاً مُذْ رَأَتْهُ رَمْلَةٌ صَرَخَتْ
أَيَا مُهْجَتِي وَسُرورِي يا ضِيا بَصَري
ولذلك بعد أن قتل أصحاب الحسين عليهم السلام يوم عاشوراء وبرز للقتال أبطال بني هاشم الذي ارتضعوا من ثدي الفتوّة ولبان الشجاعة، وقتل عليّ الأكبر وجملة من شباب بني هاشم، وسمع القاسم نداء عمّه الحسين واغربتاه، واقلّة ناصراه، أما من معين يعيننا؟! أما من ناصر ينصرنا؟! أما من ذابٍّ يذبّ عنّا؟! خرج القاسم إلى عمّه الحسين قائلاً: لبّيك سيّدي يا عمّ يا أبا عبد الله، فلمّا نظر إليه الحسين عليه السلام وكان أشبه بأبيه الحسن عليه السلام اعتنقه وجعلا يبكيان حتّى غشي عليهما (ولعلّ هذا الوداع لم يحصل إلّا مع القاسم)..فلمّا أفاقا طلب القاسم المبارزة فأتى الحسين عليه السلام فقال: يا عمّاه لا طاقة لي على البقاء وأرى بني عمومتي وأخوتي مجزّرين، وأراك وحيداً فريداً، فقال له الحسين عليه السلام: يا ابن أخي أنت الوديعة من أخي، أنت العلامة... فلم يزل القاسم يقبّل قدمي عمّه ويديه، فقال له الحسين: بني قاسم أراك تمشي إلى الموت برجليك، قال وكيف لا يكون ذلك وأنت بقيت بين الأعداء وحيداً فريداً لا تجد ناصراً ومعيناً روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء، عندها قال له الحسين: بني قاسم إليّ إليّ، فدنا منه القاسم، فجاء به الحسين إلى الخيمة وأتى بصندوق الإمام الحسن المسموم الذي فيه ودائعه وملابسه ولامة حربه، فأخرج الحسين ملابس الحسن وعمامته وسيفه وقلّد القاسم السيف، وشقّ أزياقه، وقطع العمامة نصفين وأدلاها على وجهه، ثمّ ألبسه ثيابه على صورة الكفن، ثمّ قال ولدي قاسم أبرز (ولكن قبل ذلك ودّع أمّك وأخواتك) وما
أصعبها من ساعة .
ثمّ انحدر القاسم نحو الميدان ودموعه جارية على خدّيه، وهو يقاتل قتال الرجال الأبطال الشجعان، فأنكره بعضهم وصاروا يتساءلون من هذا الفتى الذي يقاتل قتال الأبطال، فأنشأ يقول:
إِنْ تُنْكِرُونِي فَأَنا نَجْلُ الحَسَــنْ
سِبْطِ النَّبِيِّ المُجْتَبَى والمُؤْتَمَنْ
هَذا حُسَيْنٌ كَالأَسِيرِ المُرْتَهَنْ
بَيْنَ أُناسٍ لا سُقُوا صَوْبَ المُزُنْ
—————-
وقيل إنّ الإمام الحسين ندب القاسم بهذه الأبيات :
غَرِيبُونَ عَنْ أَوْطانِهِمْ وَدِيارِهِمْ
تَنوحُ عَلَيْهِمْ فِي البَرارِي وُحُوشُها
وَكَيْفَ لا تَبْكِي العُيونُ لِمَعْشَرٍ
سُيوفُ الأَعادِي فِي البَرارِي تَنُوشُها
بُدورٌ تَوارَى نُورُها فَتَغَيَّرتْ
مَحَاسِنُها تُرْبُ الفَلَاةِ نُعُوشُها
شباب اوبدور وابدمهم تحنُّوا
وابلذَّت الدنيا ما تهنُّوا
عله موت الشرف والعز تعنُّوا
ولا ذلّوا لعند اسيوف اميّه
🏴🏴🏴🏴🏴
💔 مُرَمَّلاً مُذْ رَأَتْهُ رَمْلَةٌ صَرَخَتْ
أَيَا مُهْجَتِي وَسُرورِي يا ضِيا بَصَري