أراد الاتصال على جليندا إلا أن الفكة التي وجدها في أحد أدراج مطبخ برايلين المهمل لم تكن كافيةً لذلك، أمِل أن ڨيا بخيرٍ و أن كل الحمقاوات قد اتّعظن مما أصاب ريثا و بيرتا كي يمتنعن عن إزعاجها حتى و إن لم يكن هناك.
___
- لمَ صنعتُ هذا حتى؟
تمتم برايلين و هو يتأمل كأس الحليب الإضافي الذي وضعه على الطاولة بالإضافةِ إلى طبقٍ قد توسطته شطيرةٌ إضافيةٌ صنعها هو.
كان قد نهض و حاول التخلص من ذلك الحوار المزعج الذي خاضه قبل ساعةٍ بأخذه لحمامٍ سريعٍ و تبديله لملابسه، ما كان يجب لهذا أن يحدث .. ليس مع وايت على الأقل.
هل كان بخيرٍ يا ترى؟ لابد أن شيئًا سيئًا قد حدث في المستشفى .. هو لم يكن يتحدث بسهولةٍ عندما يشعر بالضيق من شيءٍ ما .. فقط يبقى صامتًا بشكلٍ قد يخيف الأموات بحد ذاتهم مع نظرةٍ كان يعرفها تمام المعرفة.
سبق له و أن أطلعه على البعض من أفكاره، أخبره عن آلاف المراتِ التي أحس فيها بشعورهِ أنه يسير كالأعمى بلا أي شيءٍ محدد .. شعوره الدائم بالفراغ كان يخيف برايلين بحد ذاته.
كان على علمٍ بحقيقة أنه يلفت الانتباه بمظهرهِ منذ أن كانا في الثانوية، هو لا يبالي بآراء الناس عادة لكن رؤية الآخرين و هم ينافقون أمامه كان شيئًا يقززه على الدوام.
ندِم لأنه أصر عليه بتلك الطريقة و لأنه قرر التصرف على غير سجيته، صرخ ساخطًا محدثًا نفسه : تبًا لعنادك وايت والكر.
أخذ قضمةً من شطيرتهِ و هو يتساءل عن ما يفعله الآن، على الأرجح ذلك الأحمق قد خرج من هنا دون أن يتناول فطورًا لائقًا حتى.
- ما كان يجب أن أتركه يخرج، أراد أن يقول ذلك إلا أنه جابه شعوره بالذنب بكلمات نطقها مع بعض الاستياء : عليه أن يتحدث فور أن أسأل .. هل نسيَ أنني سيء في كل هذا؟
همهم ساخرًا و هو يشعر بأن الخطأ قد ركب أكتافه و زاد من حملهما : هل أنت مرتاحٌ يا ضميري؟
لكنه للحظةٍ سأل نفسه، لمَ صرخ آن ذاك؟ لمَ أزعجهُ ذلك كثيرًا؟
حكّ رأسهُ ببعض العنف و هو لا يفهم تصرفاته البلهاء تلك، كان من الواضح أن وايت نطق بتلك الجملة محاولًا استفزازه و أخذهُ لذلك على محمل الجد يعني أن هناك خطبًا ما به.
- أين هو ذلك اللعين؟ تبًا .. أنا لست جيدًا في هذا حقًا.
صرّح بذلك مستسلمًا و هو يرى نفسه فاشلًا في التخفيف عن أحدهم، كان مخططه يقتضي بسماع حديث وايت فكيف انتهى الأمر به و هو يحمل رغبةً عارمةً في لكمهِ على وجهه لكل هذه الحماقات .. عندما يسألك أحدهم تحدث فقط .. هل هذا صعب؟
- لحظة .. هذا فعلًا صعب.
أجاب بنفسه كعادته و ها هو ذا يناقضها مرةً أخرى .. ألا يمكن لكل ما يحدث داخل رأسه أن يتوقف لبضعةِ ثوانٍ كي يطمئن على أحوال وايت و من ثم يعاود عقله تعذيب نفسه كيف ما يشاء؟
- هل مِتّ أم ماذا؟
سمع صوتهُ و هو يصدح في المكان تلاهُ صوت الباب و هو يغلق من خلفه، تنهد برايلين و هو يحمل ابتسامة غريبةً قد استحلّت وجهه فجأةً ثم عاود النظر إلى شطيرته التي لم يتمكن من تناول سوى بضعة لقيمات منها.
ولج وايت إلى المطبخ ليجده يتناول فطوره بلا اهتمامٍ منه لدخوله، تمتم برايلين بعد أن أبعد كأس العصير عن فمه : لا تعتقد أنني كنت انتظرك.
سحب الكرسي المجاور له ثم جلس و هو يقول ساخرًا بينما يتأمل كأس الحليب و الطبق المجاور لها بابتسامةٍ عجز عن إخفائها : لم أكن أنتظر منك فعل ذلك على أيةِ حال.
أخذ كل واحدٍ منهما يتناول شطيرته في صمت بينما يحاول كل واحدٍ منهما بدأ الحوار إلا أنهما أسوأ من بعضهما من هذه الناحية.
نطق وايت أخيرًا ببعض الشجاعة رغم التردد الذي خالط كلماته : هل أردت قول شيءٍ آخر قبل أن نخوض ذلك الحوار؟
نظر إليه برايلين لوهلةٍ ثم أشاح بوجهه مدعيًا الانزعاج و هو يهمس مع ابتسامة ضئيلة : نعم، هل من مشكلة في هذا؟
ضحك وايت على رده و فعله، تكلم أخيرًا بعد أن أدرك شيئًا ما : هل تعلم .. يحدث هذا في كل مرةٍ يمتلك فيها كلانا ما يريد قوله.
التفت إليه برايلين ليرد عليه بثقةٍ بعد أن تلاشى كل انزعاجه خلال لحظات : هذا لأنك عنيد.
تجلّت ابتسامة سخريةٍ واضحةٍ على شفتي وايت و هو يجيبه : بل لأنك سيءٌ في الحديث مع أحدهم.
نهض ليضع طبقه في الحوض و هو يقول : بالنظر إلى الوقت القصير الذي غبت فيه تمكنتَ من الاستحمام و صناعة هذا الفطور المقبول، إنك أسرع من تلك الخادمة التي تأتي أسبوعيًا إلى المنزل .. لربما أصرِفها و تأتي أنت للمساعدة.
- اللعنة على نكاتك السيئة.
نبس برايلين و هو يراقبه خارجًا مع ضحكاتٍ خبيثةٍ كان يعرف مقصدها.
جلس وايت على الأريكةِ بتململٍ فتبعه برايلين ليختار المقابلة له و يجلس عليها هو الآخر، ما الذي يجب عليهما فعله الآن؟
- هل تعلم، كنت أفكر إن كان بإمكاننا تنظيف تلك الغرفة اليوم .. يبدو أنني لن أذهب إلى المستشفى قريبًا.
أخرج وايت سؤاله بعد لحظاتٍ من الحيرة و هو يتطلع إلى إجابة برايلين، بدا الجلوس هكذا دون فعل أي شيءٍ أسوأ من بقائه في الخارج حتى.
___
- لمَ صنعتُ هذا حتى؟
تمتم برايلين و هو يتأمل كأس الحليب الإضافي الذي وضعه على الطاولة بالإضافةِ إلى طبقٍ قد توسطته شطيرةٌ إضافيةٌ صنعها هو.
كان قد نهض و حاول التخلص من ذلك الحوار المزعج الذي خاضه قبل ساعةٍ بأخذه لحمامٍ سريعٍ و تبديله لملابسه، ما كان يجب لهذا أن يحدث .. ليس مع وايت على الأقل.
هل كان بخيرٍ يا ترى؟ لابد أن شيئًا سيئًا قد حدث في المستشفى .. هو لم يكن يتحدث بسهولةٍ عندما يشعر بالضيق من شيءٍ ما .. فقط يبقى صامتًا بشكلٍ قد يخيف الأموات بحد ذاتهم مع نظرةٍ كان يعرفها تمام المعرفة.
سبق له و أن أطلعه على البعض من أفكاره، أخبره عن آلاف المراتِ التي أحس فيها بشعورهِ أنه يسير كالأعمى بلا أي شيءٍ محدد .. شعوره الدائم بالفراغ كان يخيف برايلين بحد ذاته.
كان على علمٍ بحقيقة أنه يلفت الانتباه بمظهرهِ منذ أن كانا في الثانوية، هو لا يبالي بآراء الناس عادة لكن رؤية الآخرين و هم ينافقون أمامه كان شيئًا يقززه على الدوام.
ندِم لأنه أصر عليه بتلك الطريقة و لأنه قرر التصرف على غير سجيته، صرخ ساخطًا محدثًا نفسه : تبًا لعنادك وايت والكر.
أخذ قضمةً من شطيرتهِ و هو يتساءل عن ما يفعله الآن، على الأرجح ذلك الأحمق قد خرج من هنا دون أن يتناول فطورًا لائقًا حتى.
- ما كان يجب أن أتركه يخرج، أراد أن يقول ذلك إلا أنه جابه شعوره بالذنب بكلمات نطقها مع بعض الاستياء : عليه أن يتحدث فور أن أسأل .. هل نسيَ أنني سيء في كل هذا؟
همهم ساخرًا و هو يشعر بأن الخطأ قد ركب أكتافه و زاد من حملهما : هل أنت مرتاحٌ يا ضميري؟
لكنه للحظةٍ سأل نفسه، لمَ صرخ آن ذاك؟ لمَ أزعجهُ ذلك كثيرًا؟
حكّ رأسهُ ببعض العنف و هو لا يفهم تصرفاته البلهاء تلك، كان من الواضح أن وايت نطق بتلك الجملة محاولًا استفزازه و أخذهُ لذلك على محمل الجد يعني أن هناك خطبًا ما به.
- أين هو ذلك اللعين؟ تبًا .. أنا لست جيدًا في هذا حقًا.
صرّح بذلك مستسلمًا و هو يرى نفسه فاشلًا في التخفيف عن أحدهم، كان مخططه يقتضي بسماع حديث وايت فكيف انتهى الأمر به و هو يحمل رغبةً عارمةً في لكمهِ على وجهه لكل هذه الحماقات .. عندما يسألك أحدهم تحدث فقط .. هل هذا صعب؟
- لحظة .. هذا فعلًا صعب.
أجاب بنفسه كعادته و ها هو ذا يناقضها مرةً أخرى .. ألا يمكن لكل ما يحدث داخل رأسه أن يتوقف لبضعةِ ثوانٍ كي يطمئن على أحوال وايت و من ثم يعاود عقله تعذيب نفسه كيف ما يشاء؟
- هل مِتّ أم ماذا؟
سمع صوتهُ و هو يصدح في المكان تلاهُ صوت الباب و هو يغلق من خلفه، تنهد برايلين و هو يحمل ابتسامة غريبةً قد استحلّت وجهه فجأةً ثم عاود النظر إلى شطيرته التي لم يتمكن من تناول سوى بضعة لقيمات منها.
ولج وايت إلى المطبخ ليجده يتناول فطوره بلا اهتمامٍ منه لدخوله، تمتم برايلين بعد أن أبعد كأس العصير عن فمه : لا تعتقد أنني كنت انتظرك.
سحب الكرسي المجاور له ثم جلس و هو يقول ساخرًا بينما يتأمل كأس الحليب و الطبق المجاور لها بابتسامةٍ عجز عن إخفائها : لم أكن أنتظر منك فعل ذلك على أيةِ حال.
أخذ كل واحدٍ منهما يتناول شطيرته في صمت بينما يحاول كل واحدٍ منهما بدأ الحوار إلا أنهما أسوأ من بعضهما من هذه الناحية.
نطق وايت أخيرًا ببعض الشجاعة رغم التردد الذي خالط كلماته : هل أردت قول شيءٍ آخر قبل أن نخوض ذلك الحوار؟
نظر إليه برايلين لوهلةٍ ثم أشاح بوجهه مدعيًا الانزعاج و هو يهمس مع ابتسامة ضئيلة : نعم، هل من مشكلة في هذا؟
ضحك وايت على رده و فعله، تكلم أخيرًا بعد أن أدرك شيئًا ما : هل تعلم .. يحدث هذا في كل مرةٍ يمتلك فيها كلانا ما يريد قوله.
التفت إليه برايلين ليرد عليه بثقةٍ بعد أن تلاشى كل انزعاجه خلال لحظات : هذا لأنك عنيد.
تجلّت ابتسامة سخريةٍ واضحةٍ على شفتي وايت و هو يجيبه : بل لأنك سيءٌ في الحديث مع أحدهم.
نهض ليضع طبقه في الحوض و هو يقول : بالنظر إلى الوقت القصير الذي غبت فيه تمكنتَ من الاستحمام و صناعة هذا الفطور المقبول، إنك أسرع من تلك الخادمة التي تأتي أسبوعيًا إلى المنزل .. لربما أصرِفها و تأتي أنت للمساعدة.
- اللعنة على نكاتك السيئة.
نبس برايلين و هو يراقبه خارجًا مع ضحكاتٍ خبيثةٍ كان يعرف مقصدها.
جلس وايت على الأريكةِ بتململٍ فتبعه برايلين ليختار المقابلة له و يجلس عليها هو الآخر، ما الذي يجب عليهما فعله الآن؟
- هل تعلم، كنت أفكر إن كان بإمكاننا تنظيف تلك الغرفة اليوم .. يبدو أنني لن أذهب إلى المستشفى قريبًا.
أخرج وايت سؤاله بعد لحظاتٍ من الحيرة و هو يتطلع إلى إجابة برايلين، بدا الجلوس هكذا دون فعل أي شيءٍ أسوأ من بقائه في الخارج حتى.