وَاحد، إثنان .. أربَعه، هَكذا يعبُرني المارة.
دونَ أن يحمِلوا شيئًا من همومِ صَدري، و دونَ أن يُدَونوا أعظم ما كنت أملِكه، كِي أشعر به أكثَر. لم أكُن جدَارًا، و لم أكُن مَزهريةً في زاوِية المكان، أو حَتى في منتصفهِ، لم أكُن شَمعة حتى، و لم أتمنى أن أُصبحَ سقفًا، كَان كُل ما تمنيّتهُ في حياتي أن يَراني أحدهم كمَا أرى هذه النجومَ، و أن يشعُرَ بي، كَهذه الشمس مثلًا. كُنت مفقودة بينَهم، لم أكُن حتى هواءً، كَان جُل ما يشعِرونني به، هو العَار بأني خُلقت هنا.
وَاحد، إثنان، أربَعه، هَكذا .. بقيتُ كاللعبَة اللتي لم يَتعلم أي أحدٍ منهم أن يَلعبها، كُنت أقف و أعلمُ بأنهم لم يَشعروا بوجودِي، أو لم يُرِيدوا أن يشعرُوا بهِ في الأسَاس. عبَروني، كمَا تعبر السُفن هَذا المحِيط، و كُل الركاب تهمهم الوِجهةُ فقط، لا أحدَ يعيرُ إهتِمامًا للحيتان التي تقطُن في تلكَ المُحيطات .. أو تلكَ الظلمة التي يحرِقونها بنورهِم المزعج. لا أحدَ يهتم حقًا، إن كُنت مكسورًا تحتَ شجرة، أو سَاكِنًا داخل سجنٍ أبدِي، أو حَتى سعِيدًا بينَ أحضانِ أحبائك .