على منهاج النُّبُوَّة ٦٨
إنَّ لصاحب الحقِّ مقالاً!
اشترى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أعرابيٍّ جَملاً بوَسْقٍ من تمرٍ -والوَسْق تقريباً مقدار ما تحمله الدابة- فلما رجعَ إلى بيته يُريدُ أن يُرسل التمر للأعرابي ثمناً للجمل وجد أن أهله قد أنفقوه كله بين أكلٍ وصدقةٍ وهدية، فخرجَ من بيته، وقال للأعرابي: يا عبد الله، إنَّا قد ابتعنا منك جَزوراً بوَسْقٍ من تمرٍ فالتمسناه فلم نجده!
فقال الأعرابي: وا غدراه!
فنهرَه الناس، وقالوا: قاتلكَ الله، أيغدُرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
فقال لهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: دعوه، فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالاً!
ثم أمرَ أحد أصحابه أن يذهبَ إلى خويلة بنت حكيم يسألها وَسْقاً من تمرٍ دَيْناً، فأرسلتْ خويلة إليه بالتمر، فدفعه إلى الأعرابي ومضى!
قصة على اقتضابها إلا أن فيها دروساً كثيرةً وعِبراً:
1- لم يُعنِّف النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أهل بيته لأنهم أفنوا التمر كله دون أن يُخبروه، ولم يسأل حتى من أكلَ، ولِمن أهديتم منه، وعلى من تصدَّقتُم! وهكذا يجب أن يكون الرجل في بيته، صحيح أنه لا بأس بتنظيم أُمور البيت المالية، ولكن من العيب أن يُعاملَ الرجل أهل بيته كأنه خازن بيت المال، يكتب التمرة التي تدخل عنده، ويُسجِّل التمرة التي تُغادر بيته، يُريدُ أن يُحصي على أُسرتِه اللُّقمة التي يأكلونها، وإنَّ عدو النساء الأول هو البُخل، بُخل المال، وبُخل العاطفة، وبُخل الاهتمام!
2- عندما علِمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه لم يعُد يملك التمر، ذهبَ إلى الأعرابي مباشرة وأخبره بالأمر، وهذا من أدب النُبوة، وقد ٱبتُلينا هذه الأيام بالتطنيش!
يقصدكَ أحدهم في دَيْن، فتعملُ بأصلكَ، فإذا جاءَ وقتُ السَّداد ما عُدتَ تراه، والواجب على من من حان وقت سداد دينه أن يُخبر صاحب الدين أن أموره تعسَّرتْ ويطلبْ تأجيلاً، أما أن يتجاهل الموضوع كأنه ما كان فَفِيه خُلقان ذميمان، الأول الحنث بالوعد، والثاني مُقابلة المعروف بالإساءة!
3- اُنظُرْ لفقه النبوة، لم يرضَ أن يُعنِّفَ أصحابُه الرجلَ رغم جفائه في الرَّد بل التمسَ له العذر قائلاً: دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً! فأحياناً حين يشعرُ الإنسان بالظُلم يتخلَّى عن شيء من لباقتِه، تجدُ الزوجة المجروحة من سوء المعاملة تتفوَّه بكلامٍ ما يجب أن تقوله، ولكن لماذا علينا أن نُحاكم ردة الفعل وننسى الفعل الأصلي؟!
وتجدُ من وقعَ عليه نصبٌ واحتيالٌ لا يتركُ مجلساً إلا وذمَّ فيه من نصبَ واحتال عليه، فحاولوا أن تتفهَّموا شعور المرارة عند هؤلاء قبل أن تُحاولوا أن تُعطوهم درساً في التربية واللياقة الاجتماعية!
4- أفهامُ الناسِ تختلفُ تبعاً لاختلافِ عقولهم وثقافاتهم، فلا تتوقَّع أن يكون الجميع بذات النُّضج واللَّباقة والكياسة، الفهم أرزاق أيضاً! ولو أن صحابياً كان مكان هذا الأعرابي لقال للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم: فِداكَ كل تمر المدينة وجِمالها، ولكن الأعرابي قال له: وا غدراه! فتفهَّموا اختلاف العقول والطباع، نحن مُتشابهون من الخارج فقط، أما من الداخل فنحن عوالم مختلفة، من الناس من يُخاصمكَ عاماً لمزحةٍ عابرة، ومنهم لو جرحته بكلمة ما هانت عليه العِشرة التي هانتْ عليكَ، ولتغافل ومرَّرها لكَ لِلحفاظ على الودِّ القديم!
5- الإساءةُ في طلب الحق لا تُلغيه، من الناس من إذا طُلب منه أداء حق بأسلوب فظ لجعلَ الأسلوب الفظ مقابل الحق الذي عليه، لا يا عزيزي، أنت مُطالب أن تُؤدِّي الذي عليك، ولستَ مطالباً بتربية الناس!
أدهم شرقاوي
•┈┈┈┈┈•✵💡✵•┈┈┈┈┈•
« 🇾🇪 الثقافـــــة اليمـــــانية 🇾🇪 »
╭═══─┅─═ঊ🇾🇪ঈ═─┅─═══╮
https://t.me/Yem_Cu
╰═══─┅─═ঊ🇾🇪ঈ═─┅─═══╯
🌹═══✺◆🌼◆✺═══🌹
إنَّ لصاحب الحقِّ مقالاً!
اشترى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أعرابيٍّ جَملاً بوَسْقٍ من تمرٍ -والوَسْق تقريباً مقدار ما تحمله الدابة- فلما رجعَ إلى بيته يُريدُ أن يُرسل التمر للأعرابي ثمناً للجمل وجد أن أهله قد أنفقوه كله بين أكلٍ وصدقةٍ وهدية، فخرجَ من بيته، وقال للأعرابي: يا عبد الله، إنَّا قد ابتعنا منك جَزوراً بوَسْقٍ من تمرٍ فالتمسناه فلم نجده!
فقال الأعرابي: وا غدراه!
فنهرَه الناس، وقالوا: قاتلكَ الله، أيغدُرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
فقال لهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: دعوه، فإنَّ لصاحب الحقِّ مقالاً!
ثم أمرَ أحد أصحابه أن يذهبَ إلى خويلة بنت حكيم يسألها وَسْقاً من تمرٍ دَيْناً، فأرسلتْ خويلة إليه بالتمر، فدفعه إلى الأعرابي ومضى!
قصة على اقتضابها إلا أن فيها دروساً كثيرةً وعِبراً:
1- لم يُعنِّف النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أهل بيته لأنهم أفنوا التمر كله دون أن يُخبروه، ولم يسأل حتى من أكلَ، ولِمن أهديتم منه، وعلى من تصدَّقتُم! وهكذا يجب أن يكون الرجل في بيته، صحيح أنه لا بأس بتنظيم أُمور البيت المالية، ولكن من العيب أن يُعاملَ الرجل أهل بيته كأنه خازن بيت المال، يكتب التمرة التي تدخل عنده، ويُسجِّل التمرة التي تُغادر بيته، يُريدُ أن يُحصي على أُسرتِه اللُّقمة التي يأكلونها، وإنَّ عدو النساء الأول هو البُخل، بُخل المال، وبُخل العاطفة، وبُخل الاهتمام!
2- عندما علِمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه لم يعُد يملك التمر، ذهبَ إلى الأعرابي مباشرة وأخبره بالأمر، وهذا من أدب النُبوة، وقد ٱبتُلينا هذه الأيام بالتطنيش!
يقصدكَ أحدهم في دَيْن، فتعملُ بأصلكَ، فإذا جاءَ وقتُ السَّداد ما عُدتَ تراه، والواجب على من من حان وقت سداد دينه أن يُخبر صاحب الدين أن أموره تعسَّرتْ ويطلبْ تأجيلاً، أما أن يتجاهل الموضوع كأنه ما كان فَفِيه خُلقان ذميمان، الأول الحنث بالوعد، والثاني مُقابلة المعروف بالإساءة!
3- اُنظُرْ لفقه النبوة، لم يرضَ أن يُعنِّفَ أصحابُه الرجلَ رغم جفائه في الرَّد بل التمسَ له العذر قائلاً: دعوه فإن لصاحب الحق مقالاً! فأحياناً حين يشعرُ الإنسان بالظُلم يتخلَّى عن شيء من لباقتِه، تجدُ الزوجة المجروحة من سوء المعاملة تتفوَّه بكلامٍ ما يجب أن تقوله، ولكن لماذا علينا أن نُحاكم ردة الفعل وننسى الفعل الأصلي؟!
وتجدُ من وقعَ عليه نصبٌ واحتيالٌ لا يتركُ مجلساً إلا وذمَّ فيه من نصبَ واحتال عليه، فحاولوا أن تتفهَّموا شعور المرارة عند هؤلاء قبل أن تُحاولوا أن تُعطوهم درساً في التربية واللياقة الاجتماعية!
4- أفهامُ الناسِ تختلفُ تبعاً لاختلافِ عقولهم وثقافاتهم، فلا تتوقَّع أن يكون الجميع بذات النُّضج واللَّباقة والكياسة، الفهم أرزاق أيضاً! ولو أن صحابياً كان مكان هذا الأعرابي لقال للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم: فِداكَ كل تمر المدينة وجِمالها، ولكن الأعرابي قال له: وا غدراه! فتفهَّموا اختلاف العقول والطباع، نحن مُتشابهون من الخارج فقط، أما من الداخل فنحن عوالم مختلفة، من الناس من يُخاصمكَ عاماً لمزحةٍ عابرة، ومنهم لو جرحته بكلمة ما هانت عليه العِشرة التي هانتْ عليكَ، ولتغافل ومرَّرها لكَ لِلحفاظ على الودِّ القديم!
5- الإساءةُ في طلب الحق لا تُلغيه، من الناس من إذا طُلب منه أداء حق بأسلوب فظ لجعلَ الأسلوب الفظ مقابل الحق الذي عليه، لا يا عزيزي، أنت مُطالب أن تُؤدِّي الذي عليك، ولستَ مطالباً بتربية الناس!
أدهم شرقاوي
•┈┈┈┈┈•✵💡✵•┈┈┈┈┈•
« 🇾🇪 الثقافـــــة اليمـــــانية 🇾🇪 »
╭═══─┅─═ঊ🇾🇪ঈ═─┅─═══╮
https://t.me/Yem_Cu
╰═══─┅─═ঊ🇾🇪ঈ═─┅─═══╯
🌹═══✺◆🌼◆✺═══🌹