حَزينٌ لأنَّني لم أمدحْ حضورَها حتَّى غابتْ
ولم أشعرْ بما خلَّفتْهُ إلَّا حينما فعلتْ
وحيداً على طاولةٍ بمقعدَينِ
أُكلِّمُ فراغَها أكثرَ ممَّا كنتُ أُكلِّمُها
وأنعي قهوتَها
وأَمُرُّ في ساحةِ عطرِها الأبديَّه
عطرُها الَّذي لم يلمسْ رُوحي
حتَّى انكسرتْ زُجاجتُهُ
يا بنتُ ،،
أينَ راحتُكِ الَّتي اعتادها جبيني
بسمتُكِ الَّتي تُهاجمُ الحزنَ في عرينِهِ
لمستُكِ التي تنقشُ كفِّي
كما ينقشُ فرعون على معبدِهِ
لقد استنفذني العالمُ مُذ غبتِ
وضاقتْ عليَّ الجُدرانُ
وخاصمتْني الشَّوارعُ
القناديلُ لا تُضيءُ
والنَّسيمُ لا يهبُّ على حديقتي المنسيَّه
أجلسُ واحداً في اثنينِ على دكتِنا الخشبيَّه
وأُراقبُ سُفني الَّتي أحرقتُها في رحلتي إلى الوهمِ
وأقولُ: "كانت سفينتي التي لا تحترقُ
أَمرضُ وأُصابُ بالحمَّى دون بردِ سلامِكِ
وأُعِدُّ طعامي ولا أتذوَّقُهُ
أَهيمُ في غيابِكِ مندوهًا
وأعودُ فارغًا منِّي وممتلئًا بكِ
أُكلِّمُ عنكِ اللَّيالي الطَّويلةَ
والمواعيدَ الضَّائعةَ
والفرصَ الَّتي أهدرتُ فيكِ آخرَها
ما الذي أَحْدَثَهُ غيابُكِ يا بنتُ؟!
ما كلُّ هذه الفوضى وهذا الخرابُ؟!
لقد ضاعَ عنصرٌ مِن كُلِّ مُركَّبٍ
فردٌ مِن كُلِّ مُثنًّى
السُّحُبُ أفرغتْ ما بها في حضرتِكِ
وأراها مِن شُرفتي الآنَ تمرُّ خاويةً
وأنا المثيرُ للشَّفقه مِنَ الجميعِ
أجلسُ على البرِّ
ومعي كلُّ الأخشابِ الَّتي لا تكفي
لصناعةِ قاربٍ يحملُني إليكِ
لكنَّني أُحاولُ
ولن أملَّ.🖤⚡️
#أحدهم
#عمرو_حسن