24 - خُطُورَةُ قَـوْل الزُّورِ وَالْعَمَل بِـهِ
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))(1).
إن الصيام إنما شرعه الله لعباده لتتهذّب نفوسهم وتستقيم أخلاقهم وتتحقق لهم التقوى وتطيب القلوب والجوارح والألسن ، والمؤمن بالله يسعى ويحرص على حفظ قلبه ولسانه وجوارحه مما يسخط الرب ويغضبه ؛ فيسأل الله ويبذل الأسباب التي تجعل قلبه ينطوي على الإيمان والتوحيد والإخلاص وغير ذلك من أعمال القلوب الصالحة، وجوارحه متجهة إلى الطاعات أو المباحات فيما تسمعه أو تبصره أو تأخذه أو تسعى فيه وفيما تستخدمه وتتناوله من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو غير ذلك ، ولسانه الذي هو ترجمان القلب والمخبر عما يكِنُّه لا ينشغل إلا بما يرضي الله من ذكر واستغفار وتلاوة للقرآن وحديث مباح ، والقلب هو قائد اللسان وجميع الجوارح فبسلامته يسلم اللسان فلا يقول إلا الخير وتسْلَم الجوارح فلا تأتي إلا الخير ، أما ما يغضب الله من سائر المعاصي ومن الكذب وقول الزور والغيبة والنميمة والسباب والشتم وغير ذلك مما تقترفه الألسن وبقية الجوارح فإنه يفر منها فراراً ويخشى الوقوع فيها أشد الخشية لما يعلم من خطورتها وسوء عاقبتها .
ثم إن اللسان بما يقترف من آثام هو سبب هلاك كثير من الناس وحرمانهم من الجنة ووقوعهم في النار ؛ ومن هذه الآثام التي تكون سبباً للهلاك : قولُ الزور والعمل به ، والغيبة ، والنميمة ، والسباب ، والفسوق ونحوها مما هو مناهض تمام المناهضة للمصالح التي من أجلها شُرع الصوم ، فمن لم يصُم لسانه عن هذه القبائح ولم يستفِد من صيامه عن المباحات الصيام عن المحرمات من الكذب وقول الزور والغيبة والنميمة والغش والسب والشتم فمتى يستفيد !! وحصائد الألسن هي التي تورد صاحبها الموارد وتهلكه وتوبقه ، ففي آخر حديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ قال صلى الله عليه وسلم : ((أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))(2)، قال ابن رجب رحمه الله : (( والمراد بحصائد الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته ، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قولٍ أو عمل حصد الكرامة، ومن زرع شراً من قولٍ أو عملٍ حصد غداً الندامة ، وظاهر حديث معاذ يدلُّ على أن أكثر ما يدخل به الناس النار النطقُ بألسنتهم ، فإن معصية النطق يدخل فيها الشركُ وهو أعظم الذنوب عند الله عز وجل ، ويدخل فيها القول على الله بغير علم وهو قرين الشرك ، ويدخل فيه شهادة الزور التي عدَلت الإشراك بالله عز وجل ، ويدخل فيها السحر والقذف، وغير ذلك من الكبائر والصغائر كالكذب والغيبة والنميمة وسائر المعاصي الفعلية لا يخلو غالباً من قول يقترن بها يكون معيناً عليها))(3) .
والواجب علينا جميعاً أن نحذر في شهرنا هذا وفي سائر أوقاتنا قول الزور وشهادة الزور والغيبة والنميمة وأن نحفظ ألسنتنا من كل قول محرم وقبيح ؛ لأن حصائد الألسن وخيمة وعقوبتها عند الله عظيمة .
أما قول الزور فقد قرنه الله سبحانه بالشرك بالله في قوله تعالى : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:30] ، روى الإمام أحمد والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فقال : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ إِشْرَاكًا بِاللَّهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَرَأَ : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ})) (4) وفي الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ))(5).
وأما الغيبة فقد قال الله عنها : {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ }[الحجرات: 12] ، وأما النميمة فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ))(6) أي: نمام .
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))(1).
إن الصيام إنما شرعه الله لعباده لتتهذّب نفوسهم وتستقيم أخلاقهم وتتحقق لهم التقوى وتطيب القلوب والجوارح والألسن ، والمؤمن بالله يسعى ويحرص على حفظ قلبه ولسانه وجوارحه مما يسخط الرب ويغضبه ؛ فيسأل الله ويبذل الأسباب التي تجعل قلبه ينطوي على الإيمان والتوحيد والإخلاص وغير ذلك من أعمال القلوب الصالحة، وجوارحه متجهة إلى الطاعات أو المباحات فيما تسمعه أو تبصره أو تأخذه أو تسعى فيه وفيما تستخدمه وتتناوله من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو غير ذلك ، ولسانه الذي هو ترجمان القلب والمخبر عما يكِنُّه لا ينشغل إلا بما يرضي الله من ذكر واستغفار وتلاوة للقرآن وحديث مباح ، والقلب هو قائد اللسان وجميع الجوارح فبسلامته يسلم اللسان فلا يقول إلا الخير وتسْلَم الجوارح فلا تأتي إلا الخير ، أما ما يغضب الله من سائر المعاصي ومن الكذب وقول الزور والغيبة والنميمة والسباب والشتم وغير ذلك مما تقترفه الألسن وبقية الجوارح فإنه يفر منها فراراً ويخشى الوقوع فيها أشد الخشية لما يعلم من خطورتها وسوء عاقبتها .
ثم إن اللسان بما يقترف من آثام هو سبب هلاك كثير من الناس وحرمانهم من الجنة ووقوعهم في النار ؛ ومن هذه الآثام التي تكون سبباً للهلاك : قولُ الزور والعمل به ، والغيبة ، والنميمة ، والسباب ، والفسوق ونحوها مما هو مناهض تمام المناهضة للمصالح التي من أجلها شُرع الصوم ، فمن لم يصُم لسانه عن هذه القبائح ولم يستفِد من صيامه عن المباحات الصيام عن المحرمات من الكذب وقول الزور والغيبة والنميمة والغش والسب والشتم فمتى يستفيد !! وحصائد الألسن هي التي تورد صاحبها الموارد وتهلكه وتوبقه ، ففي آخر حديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ قال صلى الله عليه وسلم : ((أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))(2)، قال ابن رجب رحمه الله : (( والمراد بحصائد الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته ، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قولٍ أو عمل حصد الكرامة، ومن زرع شراً من قولٍ أو عملٍ حصد غداً الندامة ، وظاهر حديث معاذ يدلُّ على أن أكثر ما يدخل به الناس النار النطقُ بألسنتهم ، فإن معصية النطق يدخل فيها الشركُ وهو أعظم الذنوب عند الله عز وجل ، ويدخل فيها القول على الله بغير علم وهو قرين الشرك ، ويدخل فيه شهادة الزور التي عدَلت الإشراك بالله عز وجل ، ويدخل فيها السحر والقذف، وغير ذلك من الكبائر والصغائر كالكذب والغيبة والنميمة وسائر المعاصي الفعلية لا يخلو غالباً من قول يقترن بها يكون معيناً عليها))(3) .
والواجب علينا جميعاً أن نحذر في شهرنا هذا وفي سائر أوقاتنا قول الزور وشهادة الزور والغيبة والنميمة وأن نحفظ ألسنتنا من كل قول محرم وقبيح ؛ لأن حصائد الألسن وخيمة وعقوبتها عند الله عظيمة .
أما قول الزور فقد قرنه الله سبحانه بالشرك بالله في قوله تعالى : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:30] ، روى الإمام أحمد والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فقال : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ إِشْرَاكًا بِاللَّهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَرَأَ : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ})) (4) وفي الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ))(5).
وأما الغيبة فقد قال الله عنها : {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ }[الحجرات: 12] ، وأما النميمة فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ))(6) أي: نمام .