Репост из: قناة أبو عبيدة الدمشقي
#الحلقة_الأولى
من صيدنامو أو ثورة ما قبل الثورة
بقلم الدكتور مظهر الويس
بداية لا أستطيع أن أتكلم عن كل شيء فلا أدعي أنني أملك الحقيقة كاملة.
ولحساسية الموضوع وكون هناك أسماء شخصيات فالوضع في هذه الفترة ليس مناسباً لذكرها إلا نادراً.
ما أريد أن أوصله في هذه العجالة نقل هذه التجربة ليتعرف عليها الناس ويستخلصوا منها العبر. ولعل الله ييسر لي فأخرج هذه التجربة في كتاب جامع عندما يحين الوقت المناسب إن شاء الله.
"ثورة ما قبل الثورة" وقد يتفاجأ الناس من هذا العنوان ولكنهم عندما يتعرفون عليها سيختلف الأمر.
لا أبالغ فلهذه التجربة أثر ليس في الشام بل في العالم أجمع كما سيتبين لنا.
سأمر على المراحل والأحداث بشكل مركز و مكثف فأرجو الإنتباه و اليقظة، وبداية: من تدمر إلى صيدنايا، عندما اندلعت أحداث الثمانينات على فرعون سوريا الهالك حافظ كان سجن تدمر الشهير هو المعتقل ولا يخفى على أحد فظاعة سجن تدمر ورغم كل ما قرأنا عن سجون الطواغيت فلا سجن مثله. وعندما كان التدمريون وهم نزلاء هذا السجن يحدثوننا فلا يكاد يصدق المرء ما يسمع للهول والفظاعة والإجرام.
كانت سياسة حافظ الإكثار من السجون فهذا دأب الطغاة والمجرمين. فتم بناء سجن صيدنايا ليحل محل تدمر.
دائماً يختار الخبثاء أمكنة سياحية لمعتقلاتهم وكما هي واحة تدمر كانت تلة صيدنايا وكما هي زنوبيا فقد كان القديسة مريم والعبابيد هم العبابيد، أنجزت شركة ألمانية بناء هذا السجن المحصن على شكل مضلع مسدس (إشارة مرسيدس) وأحيط بثلاثة أسوار ملغمة في التلة.
تحول هذا السجن إلى السجن العسكري الأول بعد إغلاق سجن المزة عام 2000 وكان يقتصر على السجناء من العسكريين ومع انتهاء حقبة الثمانينات ومنتصف التسعينات أصبح التدمريون يحولون إلى هذا السجن الغاية هي قضاء نقاهة قبل إخراجهم حيث كانت المعاملة أقل سوء، ومع هلاك حافظ واستلام بشار الذي ألغى سجن المزة وسجن تدمر السيء الصيت لصالح صيدنايا، وحاول بشار أن يغير الصورة السيئة لنظام والده من خلال دعوات الإصلاح والشفافية كعادة أي رئيس في بداية استلامه السلطة، ومع نهاية عهد أبيه وبداية عهده تم اعتقال المئات من ناشطي حزب التحرير الإسلامي وتم تحويلهم لصيدنايا.
بدأت الأحاديث عبر ذوي السجناء تنتقل عن حسن المعاملة التي يتلقاها السجناء الإسلاميون في تلك الحقبة، ومع أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبروز التيار الجهادي بدأت حملات اعتقال الجهاديين والسلفيين ..
فأصبح السجناء السياسيون من عدة مشارب:
إسلاميون وشيوعيون وحقوقيون ديمقراطيون (إثر نشاطات ما سمي ربيع دمشق) بالإضافة إلى من يطلق عليهم اسم القضائيين والجواسيس وهم من لهم علاقات مع دول معادية كإسرائيل. الإسلاميون كانوا من بقايا الإخوان المسلمين و(التحريريون) والسلفيون (الدعويون) والجهاديون.
وكان السجناء يعاملون معاملة لا بأس بها توفرت لديهم كثير من متطلبات الراحة كسجناء من خلال الرشاوى لإدارة السجن، وكان هناك جناح خاص للجهاديين يسمى جناح الـ(33) نسبة لدعوى أفغانستان وعددهم 33 سجيناً.
كان رئيس جناح الـ 33 هو الشيخ شاكر العبسي (طيار سابق في حركة فتح والمكنى أبو يوسف) والذي دخل بدعوى إسلامية وأسس لاحقاً فتح الإسلام، بدأت تظهر من بعض السجناء مظاهر سلفية من طول اللحية والأفغانيات والشعر الطويل والموائد الجماعية مما أثار حفيظة السجن.
طلبت الإدارة من السجناء تخفيف هذه المظاهر دون استجابة جدية من قبل السجناء الذين تمسكوا بها، فقام لؤي يوسف (مدير السجن وهو نصيري) بتصوير هذه المظاهرالسلفية وإرسالها إلى مكتب الأمن القومي ليحيطهم بالأمر. وجاء الرد من مكتب الأمن القومي بدمج الإسلاميين مع السياسيين والقضائيين وطبقت إدارة السجن هذا القرار بعد أن كان كل تيار له جناحه الخاص.
تمنع جناح ال33 من الاندماج فقام مدير السجن بابتزازهم بمنع الزيارة وشق صف الجناح بين مؤيد ومعارض للاندماج مما سهل عليه تنفيذ القرار أخيرا، وأصبحت الأجنحة مختلطة فبدأت صراعات الأفكار بين الإسلاميين من جهة مع الغير إسلاميين وكذلك داخل الإسلاميين أنفسهم.
ظهر الإستقطاب داخل الإسلاميين بسبب الخلاف حول قضايا الإيمان والتكفير والحاكمية وطريقة التغيير، والأسوأ كان هو احتكاك الإسلاميين مع الجواسيس والقضائيين حيث الدخان والبذاءة وقلة الالتزام التي وصلت إلى شتم الدين والرب بشكل علني!! وزاد الأمر سوء هو استخدام إدارة السجن للسجناء غير الإسلاميين كجواسيس (عواينية) ضد الإسلاميين.
في أواخر 2005 صدر عفو عن الإخوان المسلمين فخرج 190 شخصاً منهم وقد سبقه في بداية العام عفو جزئي خرج به بعض الإسلاميين وكان منهم شاكر العبسي، وبعد الدمج بين الأجنحة أصبح السجن محتقناً جداً على وشك الإنفجار فحدثت حادثة تاريخية يطلق عليها: (حادثة البورية)
من صيدنامو أو ثورة ما قبل الثورة
بقلم الدكتور مظهر الويس
بداية لا أستطيع أن أتكلم عن كل شيء فلا أدعي أنني أملك الحقيقة كاملة.
ولحساسية الموضوع وكون هناك أسماء شخصيات فالوضع في هذه الفترة ليس مناسباً لذكرها إلا نادراً.
ما أريد أن أوصله في هذه العجالة نقل هذه التجربة ليتعرف عليها الناس ويستخلصوا منها العبر. ولعل الله ييسر لي فأخرج هذه التجربة في كتاب جامع عندما يحين الوقت المناسب إن شاء الله.
"ثورة ما قبل الثورة" وقد يتفاجأ الناس من هذا العنوان ولكنهم عندما يتعرفون عليها سيختلف الأمر.
لا أبالغ فلهذه التجربة أثر ليس في الشام بل في العالم أجمع كما سيتبين لنا.
سأمر على المراحل والأحداث بشكل مركز و مكثف فأرجو الإنتباه و اليقظة، وبداية: من تدمر إلى صيدنايا، عندما اندلعت أحداث الثمانينات على فرعون سوريا الهالك حافظ كان سجن تدمر الشهير هو المعتقل ولا يخفى على أحد فظاعة سجن تدمر ورغم كل ما قرأنا عن سجون الطواغيت فلا سجن مثله. وعندما كان التدمريون وهم نزلاء هذا السجن يحدثوننا فلا يكاد يصدق المرء ما يسمع للهول والفظاعة والإجرام.
كانت سياسة حافظ الإكثار من السجون فهذا دأب الطغاة والمجرمين. فتم بناء سجن صيدنايا ليحل محل تدمر.
دائماً يختار الخبثاء أمكنة سياحية لمعتقلاتهم وكما هي واحة تدمر كانت تلة صيدنايا وكما هي زنوبيا فقد كان القديسة مريم والعبابيد هم العبابيد، أنجزت شركة ألمانية بناء هذا السجن المحصن على شكل مضلع مسدس (إشارة مرسيدس) وأحيط بثلاثة أسوار ملغمة في التلة.
تحول هذا السجن إلى السجن العسكري الأول بعد إغلاق سجن المزة عام 2000 وكان يقتصر على السجناء من العسكريين ومع انتهاء حقبة الثمانينات ومنتصف التسعينات أصبح التدمريون يحولون إلى هذا السجن الغاية هي قضاء نقاهة قبل إخراجهم حيث كانت المعاملة أقل سوء، ومع هلاك حافظ واستلام بشار الذي ألغى سجن المزة وسجن تدمر السيء الصيت لصالح صيدنايا، وحاول بشار أن يغير الصورة السيئة لنظام والده من خلال دعوات الإصلاح والشفافية كعادة أي رئيس في بداية استلامه السلطة، ومع نهاية عهد أبيه وبداية عهده تم اعتقال المئات من ناشطي حزب التحرير الإسلامي وتم تحويلهم لصيدنايا.
بدأت الأحاديث عبر ذوي السجناء تنتقل عن حسن المعاملة التي يتلقاها السجناء الإسلاميون في تلك الحقبة، ومع أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبروز التيار الجهادي بدأت حملات اعتقال الجهاديين والسلفيين ..
فأصبح السجناء السياسيون من عدة مشارب:
إسلاميون وشيوعيون وحقوقيون ديمقراطيون (إثر نشاطات ما سمي ربيع دمشق) بالإضافة إلى من يطلق عليهم اسم القضائيين والجواسيس وهم من لهم علاقات مع دول معادية كإسرائيل. الإسلاميون كانوا من بقايا الإخوان المسلمين و(التحريريون) والسلفيون (الدعويون) والجهاديون.
وكان السجناء يعاملون معاملة لا بأس بها توفرت لديهم كثير من متطلبات الراحة كسجناء من خلال الرشاوى لإدارة السجن، وكان هناك جناح خاص للجهاديين يسمى جناح الـ(33) نسبة لدعوى أفغانستان وعددهم 33 سجيناً.
كان رئيس جناح الـ 33 هو الشيخ شاكر العبسي (طيار سابق في حركة فتح والمكنى أبو يوسف) والذي دخل بدعوى إسلامية وأسس لاحقاً فتح الإسلام، بدأت تظهر من بعض السجناء مظاهر سلفية من طول اللحية والأفغانيات والشعر الطويل والموائد الجماعية مما أثار حفيظة السجن.
طلبت الإدارة من السجناء تخفيف هذه المظاهر دون استجابة جدية من قبل السجناء الذين تمسكوا بها، فقام لؤي يوسف (مدير السجن وهو نصيري) بتصوير هذه المظاهرالسلفية وإرسالها إلى مكتب الأمن القومي ليحيطهم بالأمر. وجاء الرد من مكتب الأمن القومي بدمج الإسلاميين مع السياسيين والقضائيين وطبقت إدارة السجن هذا القرار بعد أن كان كل تيار له جناحه الخاص.
تمنع جناح ال33 من الاندماج فقام مدير السجن بابتزازهم بمنع الزيارة وشق صف الجناح بين مؤيد ومعارض للاندماج مما سهل عليه تنفيذ القرار أخيرا، وأصبحت الأجنحة مختلطة فبدأت صراعات الأفكار بين الإسلاميين من جهة مع الغير إسلاميين وكذلك داخل الإسلاميين أنفسهم.
ظهر الإستقطاب داخل الإسلاميين بسبب الخلاف حول قضايا الإيمان والتكفير والحاكمية وطريقة التغيير، والأسوأ كان هو احتكاك الإسلاميين مع الجواسيس والقضائيين حيث الدخان والبذاءة وقلة الالتزام التي وصلت إلى شتم الدين والرب بشكل علني!! وزاد الأمر سوء هو استخدام إدارة السجن للسجناء غير الإسلاميين كجواسيس (عواينية) ضد الإسلاميين.
في أواخر 2005 صدر عفو عن الإخوان المسلمين فخرج 190 شخصاً منهم وقد سبقه في بداية العام عفو جزئي خرج به بعض الإسلاميين وكان منهم شاكر العبسي، وبعد الدمج بين الأجنحة أصبح السجن محتقناً جداً على وشك الإنفجار فحدثت حادثة تاريخية يطلق عليها: (حادثة البورية)