🔸| من مَنَابع الرسوخ العلمي..
ذكر الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله للانتفاع بمطالعة كتب أهل العلم =شرطين، وأحد هذين الشرطين المُهمّين هو :
(أن يتحرّى كتب المتقدِّمين من أهل العلم المراد؛فإنهم أقعدُ به من غيرهم من المتأخرين، وأصل ذلك التجربة والخبر..)
ونصّ على أهمية كتب المتقدمين في تحرير العلم والعودة به إلى قواعده الأولى التي شطت عنها كثير من كتب المتأخرين = في شرحه النفيس جدا لألفية ابن مالك الموسومة ب"المقاصد الشافية" وذلك بقوله :
(فَلْيَعلم الناظر أن قول إمام الصنعة(=سيبويه) :
[قِف حيث وقفوا ثم فسّر]
أصلٌ عظيمٌ، لا يفهمه حقَّ الفهم إلا مَن قَتَل كلام العرب علمًا، وأحاط بمقاصده.
وكثيرًا ما تجد ابن مالك وغيره من المتأخرين =يعتمدون على أشياء لا يعتمد على مثلها المتقدمون الذين لا بسوا العرب، وعرفوا مقاصدهم..)
ولم يكتف -رضوان الله عليه- على التأكيد القولي على ضرورة التورُّك على كتب المتقدمين ضرورة صناعية في كافة العلوم= بل نصّ على ممارسته لذلك بالتعويل عليها، و تَحَامِيه عن كتب المتأخرين وعدم اقتنائه لها؛ مُعْتلا في ذلك بأمرين: خبرته بها، ووصية استفادها من أحد أساتذته ..
فقال رحمه الله :
(وأمّا ما ذكرت لكم من عدم اعتمادي على التآليف المتأخرة=فلم يكن ذلك منِّي بحمد الله محضُ رأي،ولكن اعتمدته بسبب الخبرة عند النظر في كتب المتقدمين مع كتب المتأخرين(...)
ولأن بعض من لقيته من العلماء بالفقه أوصاني بالتحامي عن كتب المتأخرين،وأتى بعبارة خَشِنة في السمع..لكنها محض النصيحة.
(...)وشأني أن لا أعتمد على هذه التقييدات المتأخرة البتّة..تارة للجهل بمؤلفها،وتارة لتأخر زمان أهلها جدًا أَو للأمرين معا=فلذلك لا أعرف كثيرًا منها ولا أقتنيه،وإنما المعتمد عندي كتب المتقدمين المشاهير)
خلاصة القول: أن لا طريق لمن رام تحقيق العلم والبناء السديد على أصوله= من فهم مقاصد مؤسسي العلوم وتحريرها مما غشيها من ركام التأويلات المُجافية لمراداتهم..
وإنما تقتضي صناعة العلم ذلك؛ لكون المتقدمين أقْعَد بعلومهم وأعلى عينًا بها ممن جاء بعدهم، فعلمهم نتاج استقراء واسع وفقه دقيق..وحاصل وظيفة المتأخرين هو التفسير والتفريع وما يقع من التقصير في فهم نصوص المتقدمين ومقاصدهم، هو نتيجة للتراخي الزمني بين المتقدم والمتأخر، وهذا التراخي يُورث ضعف الهمم في الاستقراء، والتغير الدلالي للمصطلحات مما يوسّع الهوة بين مراد المتقدم وفهم المتأخِّر، ما لم تُجسّر هذه الهُوّة بالمعايشة لنصوص المتقدمين، والارتياض بها، والإلف لها، وقد نبَّه ابن تيمية رحمه الله إلى أثر التراخي الزمني وعدم الإلف بمرامات المتقدمين=بقوله :
(وللإمام أحمد وغيرهما من الأئمة من الكلام ما لا يفهم غَورَه كثير من الناس(..)فتجد من يُفتي بظاهرٍ من القول ممن أَلِف طريقة بعض المتأخرين واصطلاحهم،لا يعرف اصطلاحهم ولا يعرف مقصدَهم ومغزاهم..بل فيه عُجْمةٌ عن اللفظ والمعنى جميعا)
ولكن هل معنى ذلك هجران تصانيف المتأخرين بالمرّة؟
فالجواب: أن تصانيف المتأخرين ليست سواء:
فمن المتأخرين من اتصلت أسبابه بأسباب الأئمة المتقدمين اشتغالاً بنصوصهم، وطول خبرةٍ بها، مما أهّله لأن يكون في رتبة تسامي رتبة المتقدمين وإن تأخر زمانًا..فتصانيف هذه الزُّمرة مناهل لفهم مقاصد الأئمة، ومسابر لاختبار أفهامنا لها.
- ومن المتأخرين من تشتد الحاجة التربوية لتصانيفهم وإن -ضعف تحريرها-لأنها تصانيف مدرسية، فهذه وسائل ممهدة للتأصيل العلمي في فن من الفنون، وليست غاية في ذاتها لمن رام التحقيق والتحرير..
وما بين هذين النمطين من التصنيف=فٓمُبدِّدٌ للأوقات! .
ذكر الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله للانتفاع بمطالعة كتب أهل العلم =شرطين، وأحد هذين الشرطين المُهمّين هو :
(أن يتحرّى كتب المتقدِّمين من أهل العلم المراد؛فإنهم أقعدُ به من غيرهم من المتأخرين، وأصل ذلك التجربة والخبر..)
ونصّ على أهمية كتب المتقدمين في تحرير العلم والعودة به إلى قواعده الأولى التي شطت عنها كثير من كتب المتأخرين = في شرحه النفيس جدا لألفية ابن مالك الموسومة ب"المقاصد الشافية" وذلك بقوله :
(فَلْيَعلم الناظر أن قول إمام الصنعة(=سيبويه) :
[قِف حيث وقفوا ثم فسّر]
أصلٌ عظيمٌ، لا يفهمه حقَّ الفهم إلا مَن قَتَل كلام العرب علمًا، وأحاط بمقاصده.
وكثيرًا ما تجد ابن مالك وغيره من المتأخرين =يعتمدون على أشياء لا يعتمد على مثلها المتقدمون الذين لا بسوا العرب، وعرفوا مقاصدهم..)
ولم يكتف -رضوان الله عليه- على التأكيد القولي على ضرورة التورُّك على كتب المتقدمين ضرورة صناعية في كافة العلوم= بل نصّ على ممارسته لذلك بالتعويل عليها، و تَحَامِيه عن كتب المتأخرين وعدم اقتنائه لها؛ مُعْتلا في ذلك بأمرين: خبرته بها، ووصية استفادها من أحد أساتذته ..
فقال رحمه الله :
(وأمّا ما ذكرت لكم من عدم اعتمادي على التآليف المتأخرة=فلم يكن ذلك منِّي بحمد الله محضُ رأي،ولكن اعتمدته بسبب الخبرة عند النظر في كتب المتقدمين مع كتب المتأخرين(...)
ولأن بعض من لقيته من العلماء بالفقه أوصاني بالتحامي عن كتب المتأخرين،وأتى بعبارة خَشِنة في السمع..لكنها محض النصيحة.
(...)وشأني أن لا أعتمد على هذه التقييدات المتأخرة البتّة..تارة للجهل بمؤلفها،وتارة لتأخر زمان أهلها جدًا أَو للأمرين معا=فلذلك لا أعرف كثيرًا منها ولا أقتنيه،وإنما المعتمد عندي كتب المتقدمين المشاهير)
خلاصة القول: أن لا طريق لمن رام تحقيق العلم والبناء السديد على أصوله= من فهم مقاصد مؤسسي العلوم وتحريرها مما غشيها من ركام التأويلات المُجافية لمراداتهم..
وإنما تقتضي صناعة العلم ذلك؛ لكون المتقدمين أقْعَد بعلومهم وأعلى عينًا بها ممن جاء بعدهم، فعلمهم نتاج استقراء واسع وفقه دقيق..وحاصل وظيفة المتأخرين هو التفسير والتفريع وما يقع من التقصير في فهم نصوص المتقدمين ومقاصدهم، هو نتيجة للتراخي الزمني بين المتقدم والمتأخر، وهذا التراخي يُورث ضعف الهمم في الاستقراء، والتغير الدلالي للمصطلحات مما يوسّع الهوة بين مراد المتقدم وفهم المتأخِّر، ما لم تُجسّر هذه الهُوّة بالمعايشة لنصوص المتقدمين، والارتياض بها، والإلف لها، وقد نبَّه ابن تيمية رحمه الله إلى أثر التراخي الزمني وعدم الإلف بمرامات المتقدمين=بقوله :
(وللإمام أحمد وغيرهما من الأئمة من الكلام ما لا يفهم غَورَه كثير من الناس(..)فتجد من يُفتي بظاهرٍ من القول ممن أَلِف طريقة بعض المتأخرين واصطلاحهم،لا يعرف اصطلاحهم ولا يعرف مقصدَهم ومغزاهم..بل فيه عُجْمةٌ عن اللفظ والمعنى جميعا)
ولكن هل معنى ذلك هجران تصانيف المتأخرين بالمرّة؟
فالجواب: أن تصانيف المتأخرين ليست سواء:
فمن المتأخرين من اتصلت أسبابه بأسباب الأئمة المتقدمين اشتغالاً بنصوصهم، وطول خبرةٍ بها، مما أهّله لأن يكون في رتبة تسامي رتبة المتقدمين وإن تأخر زمانًا..فتصانيف هذه الزُّمرة مناهل لفهم مقاصد الأئمة، ومسابر لاختبار أفهامنا لها.
- ومن المتأخرين من تشتد الحاجة التربوية لتصانيفهم وإن -ضعف تحريرها-لأنها تصانيف مدرسية، فهذه وسائل ممهدة للتأصيل العلمي في فن من الفنون، وليست غاية في ذاتها لمن رام التحقيق والتحرير..
وما بين هذين النمطين من التصنيف=فٓمُبدِّدٌ للأوقات! .