قناة مشاري الشثري


Гео и язык канала: не указан, не указан
Категория: не указана


فُصُولٌ على تنويعها اجتمعتْ بها
إلى طَرَفٍ من كلِّ ضربٍ فوائدُ

Связанные каналы

Гео и язык канала
не указан, не указан
Категория
не указана
Статистика
Фильтр публикаций






قصة الجدل الفقهي حول عقوبة المرتد
للشيخ د. فهد بن صالح العجلان

http://saaid.net/Doat/alajlan/86.htm


عبقرية الشافعي .. المقومات والمخرجات
https://youtu.be/Ym92lm3a024

هذه محاضرة يوتيوبية تحدثت فيها عن عبقرية الإمام الشافعي، وذلك من جانبين:
- المقومات:
وفيها تحدثت عن: النبوغ المبكر، القوة البيانية، القوة العقلية، القوة الحجاجية/الجدلية، توفر همه على الفقه وتوظيفه موسوعيته له، الاحتكاك بالمدارس والمناهج المختلفة، العناية بالتأليف، إدمان النظر في الوحي.

- المخرجات:
وفيها تحدثت عن:
١. تأثيره في محيطه العلمي (مدرسة أهل الحديث، المدرسة المدنية "المالكية"، المدرسة العراقية "الحنفية")
٢. العلوم والمعارف التي ابتكرها وابتدأ القول فيها
٣. كتبه (مبينًا أهميتها، ومضامينها، ومقاصده من وضعها)
عبقرية الشافعي .. المقومات والمخرجات أ. مشاري الشثري
محاضرة ألقاها أ. مشاري الشثري ضمن مساق "عبقريات" في برنامج مساق تويتر @masaq202


"خاطرة بحثية"

لا شيء يعدل مسارعتَك إلى كتابة مسودة بحثك من خلال مصادر محدودة، ثم تقوم بعدها برحلة واسعة تتلقف فيها المعلومات من داني المصادر وقاصيها دعمًا لمسودتك، وسدا لثغراتها، وإصلاحا لخللها.

هذا من أعظم ما يعينك على استثمار المعلومات التي تصافحها في كل مصدر، وذلك لإدراكك هيكل البحث وأوعيته واحتياجاته، ولا يكفي في ذلك أن تكون خطتك مرتسمة في ذهنك، بل لا بد من أن تفسح لقلمك في كتابة أولية عجلى تكون كالمغناطيس لما بعدها.

فلا تؤجل كتابة بحثك إلى حين الفراغ من جمع المادة، بل اجعل جمع المادة على مراحل، وأحسن انتقاء ما تبتدئ به وما تنتهي إليه من المصادر.


اذ أحد مظلومًا نَصَره، وإن كان ظالما لم يعاونه على الظلم، بل يمنعه منه)[6].

ومن الآفات التي تقطع الطريق أمام التطاوع، وتجرُّ إلى احتراب تامٍّ ونزعٍ لحبال الالتقاء: تصيير المتشابهاتِ محكماتٍ، مما يضيِّق من دائرة تداول الآراء بقدرٍ من التصافي، فيضفي كلُّ طرفٍ لبوسَ الإحكام على رأيه، فلا يكاد يحيد عنه ولو أدَّاه ذلك إلى هجر إخوانه الدعاة، بل ربما كان النزاع نابعًا من أوهام وظنون أو قضايا شخصية تافهةلا علاقة لها برأي ولا فكر، فيجد الشيطان له مدخلًا وينفخ روح العداوة حتى يشقَّ بتلك الرسومِ الشكلية صفَّ المتآلفين.

وقد وردت على شيخِ الإسلام ابنِ تيمية رحمه الله فتيا مفادها: أن أحد المنتسبين لمذهب الشافعية زعم عدم صحة الصلاة خلف أئمة المالكية، وذلك أنَّ الإمام المالكي ربما فعل ما تبطل به الصلاة عند الشافعي - واستحضِر أن مناط الشافعيِّ في الإبطال بذلك الفعل مناطٌ معتبرٌ، لكن البحث في اغتفار الائتمام حال رجحان عدم الإبطال به عند الإمام - فأجاب فقيهُ التطاوعِ والائتلاف بقوله: (إطلاق هذا الكلام من أنكر المنكرات وأشنع المقالات، يستحق مطلقُه التعزيرَ البليغ ... وكيف يستجيز مسلمٌ يطلق مثل هذه العبارة الخبيثة، وقد اتفق سلفُ الأمة من الصحابة والتابعين على صلاة بعضهم خلف بعض، مع تنازعهم في بعض فروع الفقه، وفي بعض واجبات الصلاة ومبطلاتها. ومن نهى بعض الأمة عن الصلاة خلفَ بعضٍ لأجل ما يتنازعون فيه من موارد الاجتهاد، فهو من جنس أهل البدع والضلال الذين قال الله فيهم: "إن الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء" وقال الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا" وقال تعالى: "ولا تكونوا كالذين تفرَّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات" إلى غير ذلك من نصوص الكتاب والسنة التي تأمر بالجماعة والائتلاف وتنهى عن الفرقة والاختلاف ... فإن مصلحة الجماعة والائتلاف ومفسدة الفرقة والاختلاف أعظمُ من أمر المسائل الجزئية)[7].

اللازم على الدعاة إنزالُ كلِّ قضية منزلَها، والتعاطي معها بقدرِ ما تحتمله من وفاق وخلاف، فليس كل نزاع يقع يكون بين خيرٍ وشرٍّ خالصين أو غالبَين، بل ثمة مساحة تمكِّن المختلفين من تجاوزها بالقدر الذي يحقق أولوية الائتلاف، فربما كان ما يصدر من بعضهم فسادًا، لكنَّ ما يترتب على محادَّته والمفاصلة معه أعظم فسادًا منه، والفقه كلَّ الفقه أن يعلم الداعية أن (الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومعرفة خير الخيرين وشر الشرين، حتى يقدم عند التزاحم خيرَ الخيرين ويدفع شر الشرين)[8].

والمشرِف على الخلاف بعين البصير لن تخطئ عينه أن طرفي النزاع ليسا داعيتين، ولا مؤسستين دعويتين، بل هو في واقع الأمر صراعٌ بين الدعوة والدعاة، تطمح الدعوة أن يتطاوع أبناؤها ويغفر بعضهم زلات بعض مع التصحيح بالتي هي أحسن، ويبحث كلٌّ من الدعاة المختلفين عن غلبة ذاته ونفاذ مصالحه ولو تهشَّمت أعظُمُ الدعوة، فمن المنتصر؟!

----------------------------------------------
[1] الموافقات (5 : 221).
[2] جامع البيان للطبري (5: 207).
[3] مجموع الفتاوى لابن تيمية (14: 482-483).
[4] أخرجه البخاري في صحيحه (2873).
[5] أخرجه أحمد في مسنده (1698).
[6] مجموع الفتاوى (28: 16).
[7] جامع المسائل - المجموعة الخامسة (273-274).
[8] منهاج السنة (6: 118).


صراعٌ بين الدعوة والدعاة

******

قلَّ أن تجد خلافًا إلا وكان الهوى مكوِّنا رئيسًا في إثارته وتناميه، ومن هنا تدرك عمق فقه السلف حين سموا أهل البدع (أهلَ الأهواء)، فإنه لولا الهوى لما وقعوا في شَرَكِ الضلالة، وأقبح صور الهوى أن يأتيه صاحبه من حيث ظنَّه اتباعًا للشرع، فالهوى إذا دخل (أدى إلى اتباع المتشابه حرصًا على الغلبة والظهور بإقامة العذر في الخلاف، وأدَّى إلى الفرقة والتقاطع والعداوة والبغضاء، لاختلاف الأهواء وعدم اتفاقها)[1].

والدعاة إلى الله أولى الناس بحسم مادة الهوى بشتى تجلِّياته، فإن ذلك سبيلٌ لتجفيف منابع الخلاف المفضي إلى العداوات، لاسيما وأن هذه الخلافات إذا بدت على السطح كانت من أشد عوامل الصدِّ عن دين الله، فعامَّة الناس إنما ينيخون مطاياهم عند أعتاب الدعاة، رغبةً في سلامة الدين والدنيا، فإذا رأوهم قد سلطوا سهامهم على أنفسهم حرفوا وجوههم إلى غيرهم، إذ لو كان ما يقوله هؤلاء الدعاة حقًّا لكانوا أولى الناس باتباعه، وإذا كان ما يرشدون غيرَهم إليه أمنًا وسلامًا لكانوا أجدر الناس بالسبق إلى ظلاله .. وليس هذا الذي يخطر بأذهان العامَّة بدعًا من القول، فإن السلف جعلوا الفرقةَ أمارةَ انحرافٍ عن القصد، ولذا لما تحدَّث قتادةُ رحمه الله عن الخوارج استدل بفرقتهم على ضلالهم، فقال: (لَعَمري، لو كان أمرُ الخوارج هُدًى لاجتمع، ولكنه كان ضلالا فتفرّق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافًا كثيرًا)[2].

وما دام الأمر كذلك كان من اللازم على الدعاة تعهُّدُ مسارهم الدعوي، وتجريدُه من حظوظ النفس وموجبات الخلاف، فليس مجرد الانخراط في سلك الدعوة إلى الله بعاصمٍ من الزلات، ولا أضرَّ على العمل الدعوي من اعتقاد أصحابه سلامة آرائهم وتصرفاتهم اعتقادًا يصرف عن معاودة النظر في مدى استقامتها، مما يغذِّي نزعة الاستبداد الدعوي، ويجعل كلَّ حزب فَرِحا بما عنده، حتى تختزل كلُّ طائفة مصالح الدعوة في مشروعها، وتجعل منه معيارا للولاء والبراء، فمن رضي به فهو الموفَّق، وإلا كان حمالَ حطبٍ في سبيل المصلحين!
وهذا من البغي الذي ما فتئ يصاحب كلَّ نزاعٍ بين الدعاة، (وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة، علمائِها وعبَّادها وأمرائها ورؤسائها = وجدتَ أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي، بتأويلٍ أو بغير تأويل)[3].

وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن، وأوصاهما فقال: (تطاوعا، ولا تختلفا)[4]. ولما بعث عليه الصلاة والسلام جيش ذات السلاسل استعمل أبا عبيدة على المهاجرين، وعَمْرَو بن العاص على الأعراب، وقال لهما: (تطاوعا)[5]. وذلك أن المقصود من البَعْثين تحقيقُ مصالح الإسلام، وما كان هذا شأنه فليس مناخًا صالحًا للخلافات، حفاظا على سمعة الدعوة وتمهيدًا لاستيطانها قلوبَ الجماهير، فلا غرو إذًا أنْ كانت الوصية النبوية بالائتلاف والتطاوع أعظمَ ما يحتاجه العامل لدين الله، بل إن أبا عبيدة لما أتاه المغيرة بن شعبة وقال له: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملك علينا، وإن ابن فلان - يعني عمرَو بن العاص - قد ارتبع أمرَ القوم وليس لك معه أمر) = لم يحِد عن وصية رسول الله، ولم يشتغل بتسوية الخلافات مع عمرو، بل قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتطاوع، فأنا أطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عصاه عمرٌو).

هذا الفقهُ النبوي بحاجة إلى بعثٍ وتجديد، فإنَّا نرى معالمه تندرس مع كلِّ خلافٍ يطرأ على الساحة الدعوية، وفي الكتاب والسنة وآثار السلف وسيرهم فقهٌ راسخ وتوجيهاتٌ عاليةٌ في تدعيم أواصر الوحدة والاجتماع ونبذ الخلاف، فلسنا نعاني فقرًا في هذه الأدبيات، لكننا نعاني من فاقةٍ حادَّةٍ في تطبيقها، ترى الواحد منَّا يتحدث طويلًا عن بواعث الولاء وضرورة احتواء النزاعات، فإذا به يفتتح الرسوب في أول اختبار، ثم يجتهد في قراءة ذرائع الفشل ويوسِّع النظر في سبل تفاديها، ثم ينزلق في اختبارٍ آخر، وهلمَّ جرا، وذلك يرجع إلى جملةٍ من الأسباب، من أهمها: الشعورُ بتلك الطهورية المفرطة التي تجعل الطرفَ الآخر سببَ الخلاف مطلقا، بتبريرٍ أو دونه، والتي تمنع صاحبها من مراجعة موقفه ولو من باب الظن فقط، ويزداد الأمر سوءًا إذا نمت هذه الخصلة في أوساط الأتباع، حتى تكون عنايتهم منصبةً على صيانة سجل الطائفة من كل ما يلوِّثها، ولو على حساب مصالح الدعوة العامة، فترى الواحد منهم يستميت في الدفاع عن تصرفاتها، ويصيِّرها مشرطَ تمييز بين من يستحق الولاء والبراء، ولا يجسر على مخالفة متبوعه إذا رأى منه حيدةً عن سبيل الحق، وهذا من شؤم تعاليم بعض القادة، والحقُّ أنْ (ليس لأحدٍ منهم أن يأخذ على أحد عهدًا بموافقته على كل ما يريده، وموالاةِ من يواليه، ومعاداةِ من يعاديه .. بل عليهم وعلى أتباعهم عهدُ الله ورسولِه بأن يطيعوا الله ورسوله، ويفعلوا ما أمر الله به ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله، ويرعوا حقوقَ المعلمين كما أمر الله ورسوله، فإن كان أست


لما عُرِضت على القاضي أبي يعلى -شيخ الحنابلة وممهد مذهبهم- (ت ٤٥٨هـ) ولاية القضاء امتنع، فلما ألحوا عليه قبل بشروط، منها:
- أن لا يحضر أيام المواكب.
- أن لا يخرج في الاستقبالات.
- أن لا يقصد دار السلطان.

فأُجيبَ إلى ذلك.

تلك المكارمُ لا قَعبانِ من لبنٍ
شِيبا بماءٍ فعادا بعدُ أبوالا




التي يصطاد بها أشباهَه.
وأنا أنزِّه القارئ عن إيراد أمثلة لذلك، ولكني أشير إلى أنك ربما وجدت بين ظهرانَي هذا الخطاب -ولا سيما عند غلاته- ما يشبه أن يكون ورقة من "حيوان" الجاحظ، أو "حياة الحيوان" للدميري .. وهكذا، ترى كل كتابة لنقَّاد (العقلية السلفية المعاصرة) تحتوي من الكلمات بقدر ما يمليه عليها خُلُق كاتبها.

وبجانب ذلك المعجم الشتائمي تجد سيلًا من الاتهامات التي تُرمى بها (العقلية السلفية المعاصرة) وأصحابها، فترى السلفيين المعاصرين في هذا الخطاب أشبهَ بعصابات الشوارع، فهم سبب دمار البلاد وخراب البيوت وضلال الناس بسبب فتاويهم ومقالاتهم وعجرفتهم، السلفية عندهم تفسد دنيا الناس فتفرق بين المرء وزوجه وبين الابن وأبيه، وتفسد دينهم حين ترسخ في عباداتهم مبتدعات ما أنزل الله بها من سلطان.

وأنت إذا قرأت مركَّب (العقلية السلفية المعاصرة) فلا أظنك إلا واجدًا ما وصفت، أو فوق ما وصفت.

ما الذي أريد أن أقوله؟
أريد أن أقول:
إن هذا الخطاب عائمٌ في نقده، تائهٌ في وجهته، وهو يجد حياتَه في حالة التيه هذه، حتى إذا ما عورض بشيء قال أربابه: نحن نرى ما لا ترون، فدعونا على الثغر الذي لا تشرفون عليه ولا تدركون ما فيه!
وبذلك يستطيلون على الخلق زاعمين أنهم على ثغر إصلاحي عظيم لا يحسن الخوض فيه غيرهم، ثم إنهم ربما التمسوا من الناس حفظ هذه الفضيلة له حيث تقدموا يوم أحجم غيرهم.
وكلما قيل لهم كفوا عن هذه اللغة الحانقة (قالوا إنما نحن مصلحون).

أريد أن أقول:
لا تطمعْ في خطاب نقدي كهذا أن يكون سببًا لاستصلاح سلفي واحد، لأن هذا الخطاب دأب على الهدم، وليس من همه استصلاح أحد، ولا يمكن أن يكون من هم الخطابات المتشفية استصلاح أحد.
ولما كان طريق الإصلاح عسيرًا، يحتاج إلى تربية راشدة وطول مكث وأناة، وهؤلاء لا يصبرون على شيء من ذلك، لأنهم يرون صنيعهم النقدي من فروض الكفايات القائمة التي لا بد من تأديتها، فهم يحاولون طيَّ طريق الإصلاح الطويل بمراكب الشتائم، ولكن هيهات.

أريد أن أقول:
إن هذه الخطابات التي تستلذ نقد (العقلية السلفية المعاصرة) على غير هدًى من الرأي ولا سدادٍ من القصد، لا تورِّثك علمًا ولا تجر إليك فضيلة، ولكنها -بما نراه من مضامينها- تصرفك عن طريق العلم إلى رذيلة الشتم.
وانظر إلى حالك وما يعتلج في وجدانك وأنت تقرأ هذه الخطابات، أفتراها تنزعك إلى خير، أو تراها تمتلؤك غيظًا وحنقًا على عباد الله؟
واعلم أن الحق لا يُنصَر إلا بالحق، والعلم لا يُبَث إلا بالعلم، فإذا رأيتَ حقا يستنصر بباطل ففرَّ منه فليس بحق، وإذا رأيتَ علمًا يُساق بسوء خلق فاطرحه فليس بعلم.

أريد أن أقول:
إن هذا النقد يأتي دائما بعكس مقصوده، فبدل أن يكون سببًا للإصلاح يكون سببًا للفساد، لأن هذا النقد ناجح جدا في خلق العداوات وبث الفرقة بين المسلمين وتزهيد العامة في دعاتهم ومشايخهم، لأن النقد التائه يأخذه كل أحد وينزله على كل أحد، وما أقرب أن يرتد النقد على الناقد وينقلب السحر على الساحر.

أريد أن أقول:
إن السلفية ليست تيارا ولا فصيلا، ولكنها منهجٌ انتسب إليه طوائف شتى، من خلفيات معرفية متنوعة وأقطار وبيئات مختلفة، ثم إن هذه الطوائف على أنحاءَ في القرب والبعد من جوهر المنهج ومحكماته، ولا بد أن يكون في بعض أدبيات تلك الطوائف ما تحيد به عن المحجة، وهذا يستدعي مراجعة دائمة تُعرَض فيها الأدبيات على محكمات المنهج ليسدِّد سيرَها ويقوِّم مُنآدَها .. ولكن هذا النقد العائم المنفلت يمثل حجر عثرة في طريق الإصلاح لما يقع من خلل في أدبيات المنتسبين إلى السلفية، فبدل أن تُحفَظ الحسنة وتنمى وتُدفَع السيئة وتزال يأتي هذا النقد ليخلق توترًا لدى السلفيين ويصنع نفورًا من أي نقد يُطرَح، فتَجني هذه الخطابات الشتائمية على الخطابات الإصلاحية، وتوضع معًا في قالب نقدي واحد ينفر منه الجميع.

وإن يكن من وصية أبعث بها لإخواني فهو ألا يُستَجرُّوا لهذه الخطابات، ولا يحرصوا على تتبعها ولو بالنقد، فإن الزَّبد يضمحل، والرهان على إخلاص الوقت للمشاريع العلمية البنائية الجادة .. ويا ضيعة العمر إن أُريقِ في مجادلات لا أول لها ولا آخر، ولا مبتدأ لها ولا متعقَّب، كل ذلك على حساب إصلاح النفس وتهذيبها بالعلم والعمل.

وبعدُ، فهذه إطلالةٌ على واقع نقدي بائس لطائفة أخطأت الطريق، وإن كنتُ سأشركهم في شيء ننتقد فيه معًا (العقلية السلفية المعاصرة) فهو أن السلفية المعاصرة لم تضع ضمانات كافية تقي أبناءها من هذا السفال النقدي الذي نراه في كتابات بعضهم كلما شبَّ عن طوق السلفية ورأى بين أطماره أثارةً من علمها فاستعذب أن يبخس الناس أشياءَهم .. والله على كل شيء شهيد


مع نقَّاد (العقلية السلفية المعاصرة)

صار من مألوف ما تلقاه عيني في وسائل التواصل المختلفة نقد ما يسمونه بـ (العقلية السلفية المعاصرة) .. وكلما قرأت كتابةً هنا أو هناك بتُّ أحاول الربط بين أنحاء ذلك النقد وأشكاله رجاءَ أن تتمثَّل لي صورة معبرة عن تلك العقلية المنقودة، ولكني دائما أقف حائرًا لا أهتدي إلى ما أريد.

ثم إني أجد من بين تلك الكتابات الناقدة لـ (العقلية السلفية المعاصرة) جامعًا لافتًا، وهو شدة الخطاب إلى الحد الذي يبلغ به الناقدُ رتبة الإسفاف والابتذال، بل سوءَ الخلق في كثير من مضامينه .. وصار التشنج والتوتر والانفعال من أبرز أمارات ذلك الخطاب حتى لكأنما تحس من بين أحرف تلك الكتابات نفوسًا تتشفَّى وقلوبًا حانقة.

ولا أكتمك حديثًا إذا قلت لك بأني صرت بعد ذلك حين أقرأ مُركَّب (العقلية السلفية المعاصرة) في مقالة أو تغريدة تويترية أو منشور فيسبوكي أو جواب في الآسك = أدرك أني على موعد مع معجم شتائمي تطفح موادُّه بالهمز واللمز والتجريح والتجنّي.

وليس هذا في جانب معرفي دون آخر، بل ترى ذلك في كل قضية وفي أي محفل، حيث يحضر هذا الخطاب الناقد بهذا الروح الصدامية تجاه (العقلية السلفية المعاصرة).

حين يُعلَّقُ على شذوذ فقهي ترى في هذا الخطاب نحوًا من: "هذا ما أفرزته لنا العقلية السلفية المعاصرة". وربما يزاد في وصفها في هذا السياق بـ: العقلية الراجحية المتمجهدة.
وحين يُعلَّق على اضطراب عقدي يقال: "هذا من جملة آثار ضلال العقلية السلفية المعاصرة وضيق عطنها وانسداد أفقها" .. وربما يضاف إلى ذلك الثناء على بعض أهل البدع زيادةً في النكاية، وأن الضلال السلفي قد بلغ من السوء مبلغًا لم يبلغه أولئك المبتدعة الفضلاء.
وحين يُعلَّق على رذيلة أخلاقية يقال: "هذا من أبرز ما ورثته العقلية السلفية المعاصرة للأمة" .. وربما يضاف إلى ذلك أن الأثر السلفي السيء في الأمة في باب الأخلاق والسلوك ربما تعدى ما بلغه العلمانيون الشرفاء!
وحين يُعلَّق على فساد سياسي يقال: "هذه إحدى جنايات العقلية السلفية المعاصرة وفساد ذمم أصحابها".
وهلم جرًّا..

ومن ظريف تجليات هذه الحالة النقدية التي أبصرتها أنه لما كانت قضايا الجهاد السوري فاعلةً وكان الخلاف بين الأطياف المقاتلة المختلفة على أشده كان يُفسَّرُ سببُ ذلك الخلاف وما جرَّه على الساحة الجهادية من الوهن والضعف بنكوص الأمة عن التمذهب بمذاهب الأئمة الأربعة، وسبب ذلك النكوص -بطبيعة الحال- هي (العقلية السلفية المعاصرة)!
ولما أراد بعضهم تحليل سبب الانزلاقات المنهجية للحركات الإسلامية في تعاطيها مع الملف السياسي ردَّ ذلك إلى عدم انضباط تلك الحركات بمناهج الأئمة وعدم ترسيخ ذلك في أدبياتها التي تربي عليها من انتسب إليها، و(العقلية السلفية المعاصرة) هي من زعزعت ذلك الانضباط في زعمهم.
ولما أُقِرَّت في بعض الدول الإسلامية قوانين على خلاف ما أجمعت عليه الأمة يُردُّ الأمرُ بداهةً إلى السلفيين الذين أفسدوا الفقه وأزروا بالفقهاء.

بمثل هذا العمق تُفسَّر مختلف القضايا والمتغيرات الفكرية والسياسية لدى هذا الخطاب!

ثم إن هذا الخطاب مع تسليطه سهامَه على (العقلية السلفية المعاصرة) إلا أنه يسعى جاهدًا في الحفاظ على سلفيته، فيتدثَّر بمرجعيات سلفية ليروِّج خطابَه بجاهها ويثبت بها سلفيته (الأصيلة!) في مقابل (العقلية السلفية المعاصرة) التي انتسب أصحابها للسلف زورًا، بينما الواقع أن هؤلاء المعاصرين تنكبوا سبيل الأئمة وحادوا بالأمة عن محجة السلف.
من أجل ذلك ترى أصحاب هذا الخطاب يلهجون باتباع الأئمة الأربعة وابن تيمية مثلا، مع تذييل ذلك بأن الأئمة الأربعة لم يتبعه أحد سواهم، كما أن ابن تيمية لم يفهمه أحد سواهم، وأما (العقلية السلفية المعاصرة) في زعمهم فيرون الأئمة الأربعة رجالًا كغيرهم، ويزرون بأتباعهم ومذاهبهم، ويقدمون المعاصرين والخالفين عليهم، وأما حالهم مع ابن تيمية فهم يقدسونه لكنهم جهالٌ لا يفهمونه.

هذا، وإذا أردنا وضع مقاربةٍ لذلك النقد نستطلع من خلالها حدود (العقلية السلفية المعاصرة) التي سلطوا عليها نقدهم وسهامهم فلن نجد ما نستطيع من خلاله معرفة حقيقة الأمر، فهم يدأبون في شحن خطابهم بكل ألفاظ العموم، ويفرون من تحديد أشخاص، زعمًا أن ما يدّعونه ليس نشازًا في الطيف السلفي العام، بل هو ظاهرة منتشرة، وما كان خلافها فهو النشاز.
ولا يخالفون طريقتهم التعميمية هذه إلا في حالات نادرة يسمون فيها بعض من ينتقدونهم، وأولئك الذين يسمونهم ستجدهم مسترذَلين عند عامة السلفيين، ولكنهم مع ذلك يستغلون أي شاهد لنقدهم التائه.
هم يدركون أن المنتسبين إلى السلفية ألوانٌ شتى، وطرائق قدد، لكنهم لا يلتفتون لشيء من ذلك، فإذا صدر من طيفٍ ما يستحق الثناء خصُّوه بهم، وإذا صدر ما يستحق الذم وسعوا دائرته.

وإن يغِب عني شيءٌ من معالم ذلك الخطاب النقدي فلن يغيب عني ما قدمته من تسلحه بمعجم شتائمي حاضر في معظم كتاباته، وهذا المعجم هو بضاعته الرائجة وتجارته الرابحة


دخل الحارث بن أسد وابن وهب وابن القاسم على الإمام مالك، فاستوصوه، فأوصى كلا منهم بتقوى الله، وخص كلا بوصية:
فقال لابن وهب: (انظر عمَّن تنقل).
وقال لابن القاسم: (انشر ما سمعت).
وقال للحارث: (عليك بتلاوة القرآن).

قال الحارث معلقا على وصية مالك له: (لم يرني أهلًا للعلم)

قال محمد بن الحارث: (رأيت في بعض الروايات أنه كان يُستفتَى فلا يفتي، ويقول: لم يرني مالكٌ أهلًا للعلم)

تجرُّد عزيز، وصدقٌ في التعامل مع الله تعالى!




‏دارسو الفكر .. وجمع الطوابع!
‏⁦ goo.gl/zGw2kh ⁩


‏"خاطرة"
‏طالب العلم .. وهمُّ المطولات!
‏⁦ goo.gl/gxucgQ ⁩


Репост из: قناة عبيد الظاهري
Видео недоступно для предпросмотра
Смотреть в Telegram


‏مقالة بديعة جامعة لمتفرِّق تقريرات شيخ الإسلام حول كتب الفرق والمقالات - نقائصِها وامتيازاتِها -

‏https://twitter.com/dralabdullatif/status/787698158642003969


👆🏻
فهارس الفصول والقواعد والمسائل الواردة في جامع المسائل لابن تيمية (١ - ٩)
ويضم فهرسين:
١. حسب ورودها في المجاميع
٢. حسب موضوعاتها

وقد وضعت الفهارس بصيغتي (Pdf - Word) لمن أراد الانتفاع بها





Показано 20 последних публикаций.

3 396

подписчиков
Статистика канала