ه خيرًا، فعومل بنقيض قصده.
وقوله:
«فقد أشرك»، هذا الشرك يكون أكبر إن اعتقد أنها ترفع أو تدفع بذاتها دون أمر الله، وإلا، فهو أصغر.
قوله:
«من الحمى»، (من) هنا للسببية، أي: في يده خيط لبسه من أجل الحمى لتبرد عليه، أو يشفى منها.
قوله:
(فقطعه) أي: قطع الخيط، وفعله هذا من تغيير المنكر باليد، وهذا يدل على غيرة السلف الصالح وقوتهم في تغيير المنكر باليد وغيرها.
وقوله:
{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، أي وتلا حذيفة هذه الآية.
والمراد بها المشركون الذين يؤمنون بتوحيد الربوبية ويكفرون بتوحيد الألوهية.
وقوله:
{وهم مشركون} في محل نصب على الحال، أي: وهم متلبسون بالشرك، وكلام حذيفة في رجل مسلم ليس خيطًا لتبريد الحمى أو الشفاء منها.
وفيه دليل على أن الإنسان قد يجتمع فيه إيمان وشرك، ولكن ليس الشرك الأكبر، لأن الشرك الأكبر لا يجتمع مع الإيمان، ولكن المراد هنا الشرك الأصغر، وهذا أمر معلوم.
* فيه مسائل:الأولى: التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك.
الثانية: أن الصحابي لو مات وهي عليه، ما أفلح.
فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر.
قوله:
(فيه مسائل)، أي: في هذا الباب مسائل:* الأولى: التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك، لقوله:
«انزعها- لا تزيدك إلا وهنًا-، لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا»، وهذا تغليظ عظيم في لبس هذه الأشياء والتعلق بها.
* الثانية: أن الصحابي لو مات وهي عليه ما أفلح، هذا وهو صحابي، فكيف بمن دون الصحابي؟! فهو أبعد عن الفلاح.
قال المؤلف: (فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر).
قوله:
(لكلام الصحابة)، أي: لقولهم، وهو كذلك، فالشرك الأصغر أكبر من الكبائر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا)، وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة، لأن الشرك لا يغفر ولو كان أصغر، بخلاف الكبائر، فإنها تحت المشيئة.
الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة.
* الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة.
هذا فيه نظر، لأنه قوله:
«لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا» ليس بصريح أنه لو مات قبل العلم، بل ظاهره: «لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا»، أي: بعد أن علمت وأمرت بنزعها.
وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل، فنقول: الجهل نوعان:جهل يعذر فيه الإنسان، وجهل لا يعذر فيه، فما كان ناشئًا عن تفريط وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم، فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو في المعاصي، وما كان ناشئًا عن خلاف ذلك، أي أنه لم يهمل ولم يفرط ولم يقم المتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء حرام فإنه يعذر فيه فإن كان منتسبًا إلى الإسلام، لم يضره، وإن كان منتسبًا إلى الكفر، فهو كافر في الدنيا، لكن في الآخرة أمره إلى الله على القول الراجح، يمتحن، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
فعلى هذا من نشأ ببادية بعيد ليس عنده علماء ولم يخطر ببالة أن هذا الشيء حرام، أو أن هذا الشيء واجب، فهذا يعذر، وله أمثلة:منها: رجل بلغ وهو صغير وهو في بادية ليس عنده عالم، ولم يسمع عن العلم شيئًا، ويظن أن الإنسان لا تجب عليه العبادات إلا إذا بلغ خمس عشر سنة، فبقي بعد بلوغه حتى تم له خمس عشرة سنة وهو لا يصوم ولا يصلي ولا يتطهر من جنابه، فهذا لا نأمره بالقضاء لأنه معذور بجهله الذي لم يفرط فيه بالتعلم ولم يطرأ له على بال، وكذلك لو كانت أنثى أتاها الحيض وهي صغيرة وليس عندها من تسأل ولم يطرأ على بالها أن هذا الشيء واجب إلا إذا تم لها خمس عشرة سنة، فإنها تعذر إذا كانت لا تصوم ولا تصلي.
وأما من كان بالعكس كالساكن في المدن يستطيع أن يسأل، لكن عنده تهاون وغفلة، فهذا لا يعذر، لأن الغالب في المدن أن هذه الأحكام لا تخفى عليه، ويوجد فيها علماء يستطيع أن يسألهم بكل سهولة، فهو مفرط، فيلزمه القضاء ولا يعذر بالجهل.
الرابعة: أنها لا تنفع في العاجلة، بل تضر، لقوله:
«لا تزيدك وهنًا».
الخامسة: الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك.
* الرابعة: أنها لا تنفع في العاجلة، بل تضر، لقوله:
«لا تزيدك إلا وهنًا».
والمؤلف استنبط المسألة وأتى بوجه استنباطها.
* الخامسة: الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك، أي: ينبغي أن ينكر إنكارًا مغلظًا على من فعل مثل هذا، ووجه ذلك سياق الحديث الذي أشار إليه المؤلف، وأيضًا قوله:
«من تعلق تميمة، فلا أتم الله له».
السادسة: التصريح بأن من تعلق شيئًا، وكل إليه.
السابعة: التصريح بأن من تعلق تميمة، فقد أشرك.
الثامنة: أن تعليق الخيط من الحمى من ذلك.
التاسعة: تلاوة حذيفة الآية دليل على أن الصحابة يستدلون بالآيات التي في الشرك الأكبر على الأصغر، كما ذكر ابن عباس في آية البقرة.
* السادسة: التصريح بأن من تعلق شيئًا وكل إليه.
تؤخذ من قوله:
«من تعلق تميمة، فلا أتم الله له» إذا جعلنا الجملة خبرية، وأن من تعلق تميمة، فإن الله لا يتم له، فيكون موكولًا إلى هذه التميمة، وم
وقوله:
«فقد أشرك»، هذا الشرك يكون أكبر إن اعتقد أنها ترفع أو تدفع بذاتها دون أمر الله، وإلا، فهو أصغر.
قوله:
«من الحمى»، (من) هنا للسببية، أي: في يده خيط لبسه من أجل الحمى لتبرد عليه، أو يشفى منها.
قوله:
(فقطعه) أي: قطع الخيط، وفعله هذا من تغيير المنكر باليد، وهذا يدل على غيرة السلف الصالح وقوتهم في تغيير المنكر باليد وغيرها.
وقوله:
{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، أي وتلا حذيفة هذه الآية.
والمراد بها المشركون الذين يؤمنون بتوحيد الربوبية ويكفرون بتوحيد الألوهية.
وقوله:
{وهم مشركون} في محل نصب على الحال، أي: وهم متلبسون بالشرك، وكلام حذيفة في رجل مسلم ليس خيطًا لتبريد الحمى أو الشفاء منها.
وفيه دليل على أن الإنسان قد يجتمع فيه إيمان وشرك، ولكن ليس الشرك الأكبر، لأن الشرك الأكبر لا يجتمع مع الإيمان، ولكن المراد هنا الشرك الأصغر، وهذا أمر معلوم.
* فيه مسائل:الأولى: التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك.
الثانية: أن الصحابي لو مات وهي عليه، ما أفلح.
فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر.
قوله:
(فيه مسائل)، أي: في هذا الباب مسائل:* الأولى: التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك، لقوله:
«انزعها- لا تزيدك إلا وهنًا-، لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا»، وهذا تغليظ عظيم في لبس هذه الأشياء والتعلق بها.
* الثانية: أن الصحابي لو مات وهي عليه ما أفلح، هذا وهو صحابي، فكيف بمن دون الصحابي؟! فهو أبعد عن الفلاح.
قال المؤلف: (فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر).
قوله:
(لكلام الصحابة)، أي: لقولهم، وهو كذلك، فالشرك الأصغر أكبر من الكبائر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا)، وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة، لأن الشرك لا يغفر ولو كان أصغر، بخلاف الكبائر، فإنها تحت المشيئة.
الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة.
* الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة.
هذا فيه نظر، لأنه قوله:
«لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا» ليس بصريح أنه لو مات قبل العلم، بل ظاهره: «لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا»، أي: بعد أن علمت وأمرت بنزعها.
وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل، فنقول: الجهل نوعان:جهل يعذر فيه الإنسان، وجهل لا يعذر فيه، فما كان ناشئًا عن تفريط وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم، فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو في المعاصي، وما كان ناشئًا عن خلاف ذلك، أي أنه لم يهمل ولم يفرط ولم يقم المتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء حرام فإنه يعذر فيه فإن كان منتسبًا إلى الإسلام، لم يضره، وإن كان منتسبًا إلى الكفر، فهو كافر في الدنيا، لكن في الآخرة أمره إلى الله على القول الراجح، يمتحن، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
فعلى هذا من نشأ ببادية بعيد ليس عنده علماء ولم يخطر ببالة أن هذا الشيء حرام، أو أن هذا الشيء واجب، فهذا يعذر، وله أمثلة:منها: رجل بلغ وهو صغير وهو في بادية ليس عنده عالم، ولم يسمع عن العلم شيئًا، ويظن أن الإنسان لا تجب عليه العبادات إلا إذا بلغ خمس عشر سنة، فبقي بعد بلوغه حتى تم له خمس عشرة سنة وهو لا يصوم ولا يصلي ولا يتطهر من جنابه، فهذا لا نأمره بالقضاء لأنه معذور بجهله الذي لم يفرط فيه بالتعلم ولم يطرأ له على بال، وكذلك لو كانت أنثى أتاها الحيض وهي صغيرة وليس عندها من تسأل ولم يطرأ على بالها أن هذا الشيء واجب إلا إذا تم لها خمس عشرة سنة، فإنها تعذر إذا كانت لا تصوم ولا تصلي.
وأما من كان بالعكس كالساكن في المدن يستطيع أن يسأل، لكن عنده تهاون وغفلة، فهذا لا يعذر، لأن الغالب في المدن أن هذه الأحكام لا تخفى عليه، ويوجد فيها علماء يستطيع أن يسألهم بكل سهولة، فهو مفرط، فيلزمه القضاء ولا يعذر بالجهل.
الرابعة: أنها لا تنفع في العاجلة، بل تضر، لقوله:
«لا تزيدك وهنًا».
الخامسة: الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك.
* الرابعة: أنها لا تنفع في العاجلة، بل تضر، لقوله:
«لا تزيدك إلا وهنًا».
والمؤلف استنبط المسألة وأتى بوجه استنباطها.
* الخامسة: الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك، أي: ينبغي أن ينكر إنكارًا مغلظًا على من فعل مثل هذا، ووجه ذلك سياق الحديث الذي أشار إليه المؤلف، وأيضًا قوله:
«من تعلق تميمة، فلا أتم الله له».
السادسة: التصريح بأن من تعلق شيئًا، وكل إليه.
السابعة: التصريح بأن من تعلق تميمة، فقد أشرك.
الثامنة: أن تعليق الخيط من الحمى من ذلك.
التاسعة: تلاوة حذيفة الآية دليل على أن الصحابة يستدلون بالآيات التي في الشرك الأكبر على الأصغر، كما ذكر ابن عباس في آية البقرة.
* السادسة: التصريح بأن من تعلق شيئًا وكل إليه.
تؤخذ من قوله:
«من تعلق تميمة، فلا أتم الله له» إذا جعلنا الجملة خبرية، وأن من تعلق تميمة، فإن الله لا يتم له، فيكون موكولًا إلى هذه التميمة، وم