🍃
سِيرُ أعلامِ الشّهدآء " 9 "
أبو عليّ الأنصاريّ "ترتْيَاح" تقبله الله
العابدُ الزّاهد، المُرابط المجاهد، قآئمٌ باللّيل، يصومُ يوماً ويُفطرُ يوماً، خدومٌ لإخوانهِ، ضحوكٌ بشوشٌ، وقارٌ على وجهه، ومحبّةٌ له في قلوب إخوانه لصدقه وهمّته وابتسامته الصّادقة وكلامهِ الطّيّب..
ينحدر من جبل الأكراد بالسّاحل الشّامي -الذي كان سكناً لجيش صلاح الدّين الأيّوبيّ كما تقول الرّوايات- وسكن في مدينة دمشق، وترعرع فيها حتى بلغ، ولمّا قام الجهاد في الشّام ذهب للغوطة مجاهداً وحُوصِر هناك مع المجاهدين؛ وامتنّ الله عليه بالخروج من حصار الغوطة ليخرج لثغر السّاحل الشّامي عند أخوالِهِ؛ أخوالُهُ الذين عُرفوا بلزُوم الرّباط واشتهروا بخدمة المجاهدين وحبّ المهاجرين، ولا يزالون -بحمد الله وفضله- مرابطين مجاهدين ثابتين -ثبتهم الله ونصر بهم دينه-..
وفي السّاحل الشّامي لزم إحدى الثّغور مرابطاً صابراً ثابتاً، لا يكادُ يفتر من عبادةٍ، ولا ينهزمُ عن معركةٍ، ملازمٌ للمساجدِ، مصاحبٌ للمصحفِ في ثغره وأشغاله..
أُصيب أبو عليّ -تقبله الله- في رجله بإحدى الغزوات فصبر واحتسب وزاد تعلّقه بالله وبمصحفه، ثمّ بدا له بعد إصابته أنّه ما مِن عملٍ يُثخن في أعدآء الله وينصر دين الله أعظمَ من القيام بعمليّة استشهاديّةٍ..
فقدّم على عمليّة استشهادية وسجّل اسمه في قوافل الاستشهاديّين؛ تلك القافلة الحافلة بعظمآء الإسلام وأيّ عظمآءٍ هم؟!
أنقيآءٌ أتقيآءٌ أخفيآءٌ..
سلامةُ الصّدر صفتهم، وطِيبُ الكلامِ سمتُهُم، وحُسنُ العِشرة طبعُهُم..
مَغَاوِيرُ فِي الهَيْجَا مَصَابيحُ فِي الدُّجَى
بكُمْ فِي لَيَالِي الكَرْبِ يُسْتَطْلَعُ الفجْـرُ
تَجُودُونَ بِالأَرْوَاحِ إن ضَـنَّ غَيْرُكُـمْ
ومَا تَسْتَوِي الأَرْوَاحُ فِي البَذْلِ وَالْوَفْرُ!
عودٌ على ذِي بدءٍ.. فأمضى أيّامه ولياليه مشتاقاً للقآء ربّه وضحك ربّه إليه..
وإنِّي لأذكرُ كم كان يلحّ عليّ وعلى بعض إخوانه أن يتوسّطوا له عند الأمير ليُقدّم اسمهُ على غيره من فرسان الشّهادة -نحسبهم-..
وممّا زاد في شوقِهِ وألهبَ فؤادَه أن بدأَ في التّدرب على قيادةِ العربةِ العسكريّةِ مترجّياً ذالك اليومَ الذي يُفجّرُ قوّةَ الإيمانِ في بُنيانِ الكُفرِ فيتهدّمُ ويُمحى!
وفي تلك الأيّامِ التي أمضاها بطلُنَا الصّالح -نحسبه- جآءتْ غزوة فكّ الحصار عن حلب!
وأنّى للبطلِ أن يقعُدَ عن نجدةِ أهله وإخوانه رَغمَ أنّه ما زال يتماثلُ للشّفآءِ؛ فهبّ مع إخوانه مجاهداً وناصراً..
وفي إحدى الأيّام في ملحمة حلب خرج المجاهدون لصدّ العدوّ وبدأ القصف بكثافة على كلّ المنطقة؛ جآءت الطّآئرة لتُخرِج رُوح أبو عليّ -تقبله الله- من سجنها إلى موطنها الأوّل -نحسبه-
فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّها
مَنازلِنا الأُوْلَى وَ فِيها المُخَيَّمُ
وَ لَكِنَّنا سَبْيُ العَدُوِّ فَهْلْ تَرَى
نَعُودُ إِلَى أَوْطَانِنَا وَ نَسْلَمُ ؟
فجآءت طآئرة للعدوّ فألقت بالصّواريخ على المقرّ الذي كان مُتواجداً فيه يحرسُ متاع إخوانهِ فارتقى شهيداً سعيداً -نحسبه- تقبّله الله..
فهنيئاً له -نحسبه- فقد أمضى أيّامه مجاهداً، مرابطاً، صابراً، ملازماً للمصحف، خدوماً لإخوانه، حسُن المعشر، نقيّ السّريرة فيما نحسب..
لله درّه من سيرةٍ حسنةٍ تركها لنا، وذكرٍ طيّبٍ أبقاه لنا، وصُورةٍ حيّةٍ لأخلاق المسلم المجاهد نشرها بيننا بأفعاله الرزينة، وخصاله الحميدة..
قَوْمٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ شَمْسُ الضُّحَى
طَلَعَتْ فَفَرَّ اللَّيْلُ كَالِحَا مُظْلِمَـا
فرحمك الله أبا عليّ برحمته، وجمعنا الله تحت ظلّ عرشه بفضله، ومنّ علينا برُتبة الشهادة بمنّه وكرمه..
آمين آمين آمين
كتبهُ وفآءً للشّهدآءِ: جليسُ الشّهدآءِ
.
سِيرُ أعلامِ الشّهدآء " 9 "
أبو عليّ الأنصاريّ "ترتْيَاح" تقبله الله
العابدُ الزّاهد، المُرابط المجاهد، قآئمٌ باللّيل، يصومُ يوماً ويُفطرُ يوماً، خدومٌ لإخوانهِ، ضحوكٌ بشوشٌ، وقارٌ على وجهه، ومحبّةٌ له في قلوب إخوانه لصدقه وهمّته وابتسامته الصّادقة وكلامهِ الطّيّب..
ينحدر من جبل الأكراد بالسّاحل الشّامي -الذي كان سكناً لجيش صلاح الدّين الأيّوبيّ كما تقول الرّوايات- وسكن في مدينة دمشق، وترعرع فيها حتى بلغ، ولمّا قام الجهاد في الشّام ذهب للغوطة مجاهداً وحُوصِر هناك مع المجاهدين؛ وامتنّ الله عليه بالخروج من حصار الغوطة ليخرج لثغر السّاحل الشّامي عند أخوالِهِ؛ أخوالُهُ الذين عُرفوا بلزُوم الرّباط واشتهروا بخدمة المجاهدين وحبّ المهاجرين، ولا يزالون -بحمد الله وفضله- مرابطين مجاهدين ثابتين -ثبتهم الله ونصر بهم دينه-..
وفي السّاحل الشّامي لزم إحدى الثّغور مرابطاً صابراً ثابتاً، لا يكادُ يفتر من عبادةٍ، ولا ينهزمُ عن معركةٍ، ملازمٌ للمساجدِ، مصاحبٌ للمصحفِ في ثغره وأشغاله..
أُصيب أبو عليّ -تقبله الله- في رجله بإحدى الغزوات فصبر واحتسب وزاد تعلّقه بالله وبمصحفه، ثمّ بدا له بعد إصابته أنّه ما مِن عملٍ يُثخن في أعدآء الله وينصر دين الله أعظمَ من القيام بعمليّة استشهاديّةٍ..
فقدّم على عمليّة استشهادية وسجّل اسمه في قوافل الاستشهاديّين؛ تلك القافلة الحافلة بعظمآء الإسلام وأيّ عظمآءٍ هم؟!
أنقيآءٌ أتقيآءٌ أخفيآءٌ..
سلامةُ الصّدر صفتهم، وطِيبُ الكلامِ سمتُهُم، وحُسنُ العِشرة طبعُهُم..
مَغَاوِيرُ فِي الهَيْجَا مَصَابيحُ فِي الدُّجَى
بكُمْ فِي لَيَالِي الكَرْبِ يُسْتَطْلَعُ الفجْـرُ
تَجُودُونَ بِالأَرْوَاحِ إن ضَـنَّ غَيْرُكُـمْ
ومَا تَسْتَوِي الأَرْوَاحُ فِي البَذْلِ وَالْوَفْرُ!
عودٌ على ذِي بدءٍ.. فأمضى أيّامه ولياليه مشتاقاً للقآء ربّه وضحك ربّه إليه..
وإنِّي لأذكرُ كم كان يلحّ عليّ وعلى بعض إخوانه أن يتوسّطوا له عند الأمير ليُقدّم اسمهُ على غيره من فرسان الشّهادة -نحسبهم-..
وممّا زاد في شوقِهِ وألهبَ فؤادَه أن بدأَ في التّدرب على قيادةِ العربةِ العسكريّةِ مترجّياً ذالك اليومَ الذي يُفجّرُ قوّةَ الإيمانِ في بُنيانِ الكُفرِ فيتهدّمُ ويُمحى!
وفي تلك الأيّامِ التي أمضاها بطلُنَا الصّالح -نحسبه- جآءتْ غزوة فكّ الحصار عن حلب!
وأنّى للبطلِ أن يقعُدَ عن نجدةِ أهله وإخوانه رَغمَ أنّه ما زال يتماثلُ للشّفآءِ؛ فهبّ مع إخوانه مجاهداً وناصراً..
وفي إحدى الأيّام في ملحمة حلب خرج المجاهدون لصدّ العدوّ وبدأ القصف بكثافة على كلّ المنطقة؛ جآءت الطّآئرة لتُخرِج رُوح أبو عليّ -تقبله الله- من سجنها إلى موطنها الأوّل -نحسبه-
فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّها
مَنازلِنا الأُوْلَى وَ فِيها المُخَيَّمُ
وَ لَكِنَّنا سَبْيُ العَدُوِّ فَهْلْ تَرَى
نَعُودُ إِلَى أَوْطَانِنَا وَ نَسْلَمُ ؟
فجآءت طآئرة للعدوّ فألقت بالصّواريخ على المقرّ الذي كان مُتواجداً فيه يحرسُ متاع إخوانهِ فارتقى شهيداً سعيداً -نحسبه- تقبّله الله..
فهنيئاً له -نحسبه- فقد أمضى أيّامه مجاهداً، مرابطاً، صابراً، ملازماً للمصحف، خدوماً لإخوانه، حسُن المعشر، نقيّ السّريرة فيما نحسب..
لله درّه من سيرةٍ حسنةٍ تركها لنا، وذكرٍ طيّبٍ أبقاه لنا، وصُورةٍ حيّةٍ لأخلاق المسلم المجاهد نشرها بيننا بأفعاله الرزينة، وخصاله الحميدة..
قَوْمٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ شَمْسُ الضُّحَى
طَلَعَتْ فَفَرَّ اللَّيْلُ كَالِحَا مُظْلِمَـا
فرحمك الله أبا عليّ برحمته، وجمعنا الله تحت ظلّ عرشه بفضله، ومنّ علينا برُتبة الشهادة بمنّه وكرمه..
آمين آمين آمين
كتبهُ وفآءً للشّهدآءِ: جليسُ الشّهدآءِ
.