✨في لَيلةِ الهِجرَة.. ✨
يَشمُّ النَّبيُّ ﷺ رائحةَ خَديجةَ في حَنَايَا المَكان.. يَسمعُ صَوتَها وَردِيًّا يَفوحُ مثل اليَاسَمين: «لن يّخذُلك الله أبدًا!»..
كانتِ امرأةً من خارجِ الزَّمان..
كان اللَّيلُ مَعها يُشرقُ بالنَّهار.. مثلَ ظَبْيةٍ بَهِيَّة؛ تَحنُو عليهِ وتُدثِّرُه، وتَلُمُّ شَعَثَهُ بالمَالِ والبَنين!
تحرُسهُ بأسرابٍ مِّن حَمَامِ رُوحِها.. وكُلَّما تمادَت قُريشُ في عَتْمتِها؛ كانَ يَلقَاها، فَيرى الشّمسَ تَجري في ضِحكتِها.. فاستحَقَّتْ من الله بيتًا في الجنةِ «لا نَصَبَ فيهِ ولا تَعب!»
يَجمعُ النَّبيُّ ﷺ لُهاثَ الذِّكرياتِ الأخيرة..
يَفيضُ البيتُ بِروحانيةٍ عُلْويَّةٍ ويَبكي..!
فَفي ليلةِ الهِجرة.. تَدنُو خَديجةُ من قلبِ النبيِّ ﷺ ثُمّ تَنْأى.. ويَظمَأُ النَّبيُّ ﷺ شوقًا لغيمةٍ ظَلَّت تَّهْطِلُ طوالَ العَهدِ المَكيّ!
تَرتَبِكُ النِّساءُ في وَفْرةِ يَنابيعكِ يا خَديجة..
أيَا رحيقَ الجَمال..
ونَبضَ النبيِّ ﷺ في حُبّه..
يا من أنتِ البدايةُ وأنتِ أنتِ الخِتام!
فلا «والله ما أبْدَلَني الله خيرًا منها».. فَمَعكِ كَتبَ النَّبيُّ ﷺ أبجدياتِ حُبٍّ عُلْويٍّ فوقَ معاني الدهر، وفوقَ ما تُطيقُهُ أفهامُ الحَياة!
تُرى..
أكانَ هذا بيتًا بشريًّا؛ أم مَّدرَجَ رُوحَينِ الْتَقتَا على عِشقِ الهَرولةِ لله؟!
يُهَروِلانِ رغمَ العَتْمة؛ كي يَّصنعَا للعالمِ مَزيدًا مِنَ النُّجوم!
خَديجةُ يا سيدةَ نِساءِ الجنة..
ها أنا الليلةَ أُغادرُ عُشًّا؛ تَنزَّلَت فيهِ المَلائكة!
يَنْتَحبُ البيتُ للخُطوةِ الرَّاحلة..
وتَهتَزُّ الأشواقُ على صوتِ النّجوى لوداعٍ أخير..
ويُلمْلِمُ النّبيُّ ﷺ ما أبقَتْ لهُ قريشُ بعدَ الحِصار!
كيفَ غادَرَت عينُ محمدٍ شُطْآنَ خَديجة؟!
ربما لو كَشَف لنا الغَيبُ تلكَ اللحظة؛ لرأينا الحكايةَ في المآقي تَفورُ بالوَجْد، حتى تَتَزلزلَ لها الجُدران!
يا لله..
كيفَ يَكتبُ الأنبياءُ مِن جِراحهِم تواريخَ مِيلادِنا!
يا لله..
كيفَ يُغادرونَ سِلالَ الذِّكريات، ويُسافرونَ غُرباءَ في الطّريق!
نختصِرُ نحنُ الحكايةَ في سَطرين.. وفي ضَميرِ مُحَمّدٍ ﷺ ظلّتْ مكةُ حَنينًا يَموجُ بالشّوقِ كلَّما هبَّ النّسيمُ من نواحيها!
يَقفُ مُوَدِّعا للوطنِ بِعَبرةٍ مَستُورة: «واللهِ إنّكِ لأحَبُّ البِقاع إليَّ، ولولا أنَّ أهلَكِ أخرَجوني منكِ ما خَرجْت!»
الوَطنُ هو سِترُنا..
لكنَّ قُريشًا جَعلتهُ قَميصًا لا عُروَةَ فيه..
فكانتِ الهِجرةُ لأجلِ أن يَطويَ عنَّا النَّبيُّ ﷺ العُري..
لأجلِ أن يَطويَ عنّا جاهليةً تَضعُنا على الهامِش، وتُبقينا في قائمةِ العَبيد!
فيا لِلتَّضحياتِ..
كيفَ تَصنعُ أقدارُ الله مِن بعضِ الأرواحِ بَنانًا شاهدًا على الرِّهانِ بأنَّ وعدَ الغَيبِ آتٍ!
يُهَيِّءُ النّبيُّ ﷺ سَريرَهُ للشَّابِّ الفَتيِّ في مَشهدِ تَوحُّدٍ عَجيبٍ بين رُوحِ عَلِيٍّ ورُوحِ النّبيِّ ﷺ..
حيثُ لا مسافةَ في الحُبّ.. ففي حُبِّ مُحَمّدٍ ﷺ تَلاشَتِ الذَّات.. حتّى مَسَّتْ رُوحُ عليٍّ رُوحَ النَّبيِّ ﷺ، و تلاشَى فيهِ حتى اكتمَل!
يَتوَهَّجُ عَلِيٌّ؛ كنَجمٍ يَدورُ في فَلَكِ النبوة..
يُسنِدُ عَليٌّ النبيَّ ﷺ؛ فيَستنِدُ عَلِيٌّ بهِ إلى الأبد!
لا عَجبَ إذنْ أن يَّتصلَ عَلِيٌّ بالنَّسَب، ويَتزوجَ بَضْعةً مِن مُحَمّدٍ ﷺ.. يَتزوجُ فاطمةَ شَبيهةَ أبيها..!
كلُّ شَيءٍ في بيتِ خَديجةَ يَأوِي إلى الصَّمت..
يَتَكثفُ الأسى في سُويعاتِ الرَّحيل..
يَنسَكبُ في رُوحِ المَكان، وتَلتقطُ السماءُ صوتَ الوَجعِ في القُربان!
واهِمٌ..
من يَظنُّ أنَّ خُطى الأنبياءِ لمْ تُزاحِمها العَذابات!
واهِمٌ..
َمن يَظنُّ أنَّ طَريقَ الهِجرةِ لمْ يَعصِفْ فيهِ غُبارُ الذِّكريات!
يُقفِلُ مُحمَّدٌ ﷺ سِنينَ قريش.. ويَرحلُ في بَدءِ الخَمسينَ من عُمُرِه!
قلبٌ تَجاوزَ عُمْرَ الشّباب؛ يُزهِرُ بالأمل، ويَحملُ الغَيْمَ لِطَيبة، ويُهدي البَشريةَ أسرارَ المَواسمِ الخَضراء!
لا وقتَ للأحزان..
ها هُوَ النبيُّ ﷺ يَمُدُّ بصَرَه؛ فيَرى سُراقةُ بِعينِ النَّبيِّ ﷺ ما لا يُرى..
يَرى سُفنَ الإسلامِ على مَرافِئِ الفُرس..
ويَرى «المُورِيَاتِ قَدْحًا» على بِساط كِسرى!
يَرى سُراقةُ خَيلَهُ تَغُورُ في الرِّمال؛ فيَنتبهُ إلى الإشارةِ ويَفهم:
أنَّ أقفالَ مَكةَ على موعدٍ معَ مَفاتيحِ محمدٍ ﷺ!
تَبدو خُطُواتُ الهِجرةِ بلا صَدًى على الرِّمال..
تَبدو عُبورًا عابرًا..
ويظَنُّ بعضُ الرُّعاةِ أنَّ خُطوةَ الرَّكبِ عاثِرة!
فقَد كانَ طريقُ الهجرةِ فارغًا إلا مِن محمدٍ ﷺ وأبي بكر..
وكان النَّبيُّ ﷺ حينَها ذاهبًا كي يَّصنعَ زِحامَ العَودة!
كانَ طَريقُ الهِجرةِ مسكونًا بالحَذَر.. وكان النَّبيُّ ﷺ ذاهبًا كيْ يصنعَ في أصواتِ العائِدينَ: «جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ» نشيدًا يَشُدُّ نَشيدًا!
ذاهبٌ..
كيْ يَشُدَّ الصَّحبَ أقواسًا لبدرٍ وفَتْحِ مكة!
[2/1] يُتبَع..
🎍 T.me/ALTTEEB
يَشمُّ النَّبيُّ ﷺ رائحةَ خَديجةَ في حَنَايَا المَكان.. يَسمعُ صَوتَها وَردِيًّا يَفوحُ مثل اليَاسَمين: «لن يّخذُلك الله أبدًا!»..
كانتِ امرأةً من خارجِ الزَّمان..
كان اللَّيلُ مَعها يُشرقُ بالنَّهار.. مثلَ ظَبْيةٍ بَهِيَّة؛ تَحنُو عليهِ وتُدثِّرُه، وتَلُمُّ شَعَثَهُ بالمَالِ والبَنين!
تحرُسهُ بأسرابٍ مِّن حَمَامِ رُوحِها.. وكُلَّما تمادَت قُريشُ في عَتْمتِها؛ كانَ يَلقَاها، فَيرى الشّمسَ تَجري في ضِحكتِها.. فاستحَقَّتْ من الله بيتًا في الجنةِ «لا نَصَبَ فيهِ ولا تَعب!»
يَجمعُ النَّبيُّ ﷺ لُهاثَ الذِّكرياتِ الأخيرة..
يَفيضُ البيتُ بِروحانيةٍ عُلْويَّةٍ ويَبكي..!
فَفي ليلةِ الهِجرة.. تَدنُو خَديجةُ من قلبِ النبيِّ ﷺ ثُمّ تَنْأى.. ويَظمَأُ النَّبيُّ ﷺ شوقًا لغيمةٍ ظَلَّت تَّهْطِلُ طوالَ العَهدِ المَكيّ!
تَرتَبِكُ النِّساءُ في وَفْرةِ يَنابيعكِ يا خَديجة..
أيَا رحيقَ الجَمال..
ونَبضَ النبيِّ ﷺ في حُبّه..
يا من أنتِ البدايةُ وأنتِ أنتِ الخِتام!
فلا «والله ما أبْدَلَني الله خيرًا منها».. فَمَعكِ كَتبَ النَّبيُّ ﷺ أبجدياتِ حُبٍّ عُلْويٍّ فوقَ معاني الدهر، وفوقَ ما تُطيقُهُ أفهامُ الحَياة!
تُرى..
أكانَ هذا بيتًا بشريًّا؛ أم مَّدرَجَ رُوحَينِ الْتَقتَا على عِشقِ الهَرولةِ لله؟!
يُهَروِلانِ رغمَ العَتْمة؛ كي يَّصنعَا للعالمِ مَزيدًا مِنَ النُّجوم!
خَديجةُ يا سيدةَ نِساءِ الجنة..
ها أنا الليلةَ أُغادرُ عُشًّا؛ تَنزَّلَت فيهِ المَلائكة!
يَنْتَحبُ البيتُ للخُطوةِ الرَّاحلة..
وتَهتَزُّ الأشواقُ على صوتِ النّجوى لوداعٍ أخير..
ويُلمْلِمُ النّبيُّ ﷺ ما أبقَتْ لهُ قريشُ بعدَ الحِصار!
كيفَ غادَرَت عينُ محمدٍ شُطْآنَ خَديجة؟!
ربما لو كَشَف لنا الغَيبُ تلكَ اللحظة؛ لرأينا الحكايةَ في المآقي تَفورُ بالوَجْد، حتى تَتَزلزلَ لها الجُدران!
يا لله..
كيفَ يَكتبُ الأنبياءُ مِن جِراحهِم تواريخَ مِيلادِنا!
يا لله..
كيفَ يُغادرونَ سِلالَ الذِّكريات، ويُسافرونَ غُرباءَ في الطّريق!
نختصِرُ نحنُ الحكايةَ في سَطرين.. وفي ضَميرِ مُحَمّدٍ ﷺ ظلّتْ مكةُ حَنينًا يَموجُ بالشّوقِ كلَّما هبَّ النّسيمُ من نواحيها!
يَقفُ مُوَدِّعا للوطنِ بِعَبرةٍ مَستُورة: «واللهِ إنّكِ لأحَبُّ البِقاع إليَّ، ولولا أنَّ أهلَكِ أخرَجوني منكِ ما خَرجْت!»
الوَطنُ هو سِترُنا..
لكنَّ قُريشًا جَعلتهُ قَميصًا لا عُروَةَ فيه..
فكانتِ الهِجرةُ لأجلِ أن يَطويَ عنَّا النَّبيُّ ﷺ العُري..
لأجلِ أن يَطويَ عنّا جاهليةً تَضعُنا على الهامِش، وتُبقينا في قائمةِ العَبيد!
فيا لِلتَّضحياتِ..
كيفَ تَصنعُ أقدارُ الله مِن بعضِ الأرواحِ بَنانًا شاهدًا على الرِّهانِ بأنَّ وعدَ الغَيبِ آتٍ!
يُهَيِّءُ النّبيُّ ﷺ سَريرَهُ للشَّابِّ الفَتيِّ في مَشهدِ تَوحُّدٍ عَجيبٍ بين رُوحِ عَلِيٍّ ورُوحِ النّبيِّ ﷺ..
حيثُ لا مسافةَ في الحُبّ.. ففي حُبِّ مُحَمّدٍ ﷺ تَلاشَتِ الذَّات.. حتّى مَسَّتْ رُوحُ عليٍّ رُوحَ النَّبيِّ ﷺ، و تلاشَى فيهِ حتى اكتمَل!
يَتوَهَّجُ عَلِيٌّ؛ كنَجمٍ يَدورُ في فَلَكِ النبوة..
يُسنِدُ عَليٌّ النبيَّ ﷺ؛ فيَستنِدُ عَلِيٌّ بهِ إلى الأبد!
لا عَجبَ إذنْ أن يَّتصلَ عَلِيٌّ بالنَّسَب، ويَتزوجَ بَضْعةً مِن مُحَمّدٍ ﷺ.. يَتزوجُ فاطمةَ شَبيهةَ أبيها..!
كلُّ شَيءٍ في بيتِ خَديجةَ يَأوِي إلى الصَّمت..
يَتَكثفُ الأسى في سُويعاتِ الرَّحيل..
يَنسَكبُ في رُوحِ المَكان، وتَلتقطُ السماءُ صوتَ الوَجعِ في القُربان!
واهِمٌ..
من يَظنُّ أنَّ خُطى الأنبياءِ لمْ تُزاحِمها العَذابات!
واهِمٌ..
َمن يَظنُّ أنَّ طَريقَ الهِجرةِ لمْ يَعصِفْ فيهِ غُبارُ الذِّكريات!
يُقفِلُ مُحمَّدٌ ﷺ سِنينَ قريش.. ويَرحلُ في بَدءِ الخَمسينَ من عُمُرِه!
قلبٌ تَجاوزَ عُمْرَ الشّباب؛ يُزهِرُ بالأمل، ويَحملُ الغَيْمَ لِطَيبة، ويُهدي البَشريةَ أسرارَ المَواسمِ الخَضراء!
لا وقتَ للأحزان..
ها هُوَ النبيُّ ﷺ يَمُدُّ بصَرَه؛ فيَرى سُراقةُ بِعينِ النَّبيِّ ﷺ ما لا يُرى..
يَرى سُفنَ الإسلامِ على مَرافِئِ الفُرس..
ويَرى «المُورِيَاتِ قَدْحًا» على بِساط كِسرى!
يَرى سُراقةُ خَيلَهُ تَغُورُ في الرِّمال؛ فيَنتبهُ إلى الإشارةِ ويَفهم:
أنَّ أقفالَ مَكةَ على موعدٍ معَ مَفاتيحِ محمدٍ ﷺ!
تَبدو خُطُواتُ الهِجرةِ بلا صَدًى على الرِّمال..
تَبدو عُبورًا عابرًا..
ويظَنُّ بعضُ الرُّعاةِ أنَّ خُطوةَ الرَّكبِ عاثِرة!
فقَد كانَ طريقُ الهجرةِ فارغًا إلا مِن محمدٍ ﷺ وأبي بكر..
وكان النَّبيُّ ﷺ حينَها ذاهبًا كي يَّصنعَ زِحامَ العَودة!
كانَ طَريقُ الهِجرةِ مسكونًا بالحَذَر.. وكان النَّبيُّ ﷺ ذاهبًا كيْ يصنعَ في أصواتِ العائِدينَ: «جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ» نشيدًا يَشُدُّ نَشيدًا!
ذاهبٌ..
كيْ يَشُدَّ الصَّحبَ أقواسًا لبدرٍ وفَتْحِ مكة!
[2/1] يُتبَع..
🎍 T.me/ALTTEEB