🔇( فما أَعظم حظ من عرف هذه المسأَلة ورعاها حقّ رعايتها )
✍قال الإمام ابن القيّم رحمه الله :
👈🏾إِذا تبيّن هذا ظهر أَن أَحداً من المخلوقين لا يقصد منفعتك بالمقصد الأَول، بل إِنما يقصد منفعته بك، وقد يكون عليك فى ذلك ضرر إِذا لم يراع المحب العدل،
👈🏾فإِذا دعوته فقد دعوت من ضرُّه أَقرب من نفعه.
👈🏾وأَما الرب تبارك وتعالى فهو يريدك لك ولمنفعتك لا لينتفع بك، وذلك منفعة لك محضة لا ضرر فيها،
👈🏾فتدبّر هذا حق التدبر وراعه حق المراعاة، فملاحظة تمنعك أَن ترجو المخلوق أَو تطلب منه منفعته لك
👈🏾فإِنه لا يريد ذلك البتة بالقصد الأَول، بل إِنما يريد انتفاعه بك عاجلاً أَو آجلاً، فهو يريد نفسه لا يريدك، ويريد نفع نفسه بك (إما لدنياه أو لآخرته )
👈🏾فتأَمل ذلك فإن فيه منفعة عظيمة وراحة ويأْساً من المخلوقين، سداً لباب عبوديتهم وفتحاً لباب عبودية الله وحده،
👈🏾فما أَعظم حظ من عرف هذه المسأَلة ورعاها حق رعايتها.
👈🏾 ولا يحملنك هذا على جفوة الناس وترك الإِحسان إِليهم واحتمال أَذاهم، بل أَحسن إِليهم لله لا لرجائهم، فكما لا تخافهم فلا ترجوهم،
👈🏾ومما يبين ذلك أَن غالب الخلق يطلبون إِدراك حاجتهم بك وإِن كان ذلك ضرراً عليك،
👈🏾فإِن صاحب الحاجة أعمى لا يرى إلا قضاءَها، فهم لا يبالون بمضرتك إِذا أَدركوا منك حاجتهم، بل لو كان فيها هلاك دنياك وآخرتك لم يبالوا بذلك.
👈🏾وهذا إِذا تدبره العاقل علم أَنه عداوة فى صورة صداقة، وأَنه لا أَعدى للعاقل اللبيب من هذه العداوة، فهم يريدون أن يصيروك كالكير ينفخ بطنك ويعصر أَضلاعك فى نفعهم ومصالحهم، بل لو أَبيح لهم أَكلك لجزروك كما يجزرون الشاة، وكم يذبحونك كل وقت بغير سكين [لمصالحهم] ،
👈🏾وكم اتّخذوك جسراً ومعبراً لهم إِلى أَوطارهم وأَنت لا تشعر، وكم بعت آخرتك بدنياهم وأَنت لا تعلم، وربما علمت.
👈🏾وكم بعت حظك من الله بحظوظهم منك ورحت صفر اليدين، وكم فَوَّتُوا عليك من مصالح الدارين وقطعوك عنها وحالوا بينك وبينها، وقطعوا طريق سفرك إِلى منازلك الأُولى ودارك التى دعيت إِليها
👈🏾وقالوا: نحن أَحبابك وخدمك، وشيعتك وأَعوانك، والساعون فى مصالحك. وكذبوا والله إِنهم لأَعداءٌ فى صورة أَولياءَ وحرب فى صورة مسالمين،
👈🏾وقطاع طريق فى صورة أَعوان. فواغوثاه ثم واغوثاه بالله الذى يغيث ولا يغاث
{يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ
وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}
[التغابن: ١٤] ،
{يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ
أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: ٩] .
👈🏾فالسعيد الرابح من عامل الله فيهم ولم يعاملهم فى الله، وخاف الله فيهم ولم يخفهم فى الله وأَرضى الله بسخطهم ولم يرضهم بسخط الله، وراقب الله فيهم ولم يراقبهم فى الله، وآثر الله عليهم ولم يؤثرهم فى الله، وأَمات خوفهم ورجاءَهم وحبهم من قلبه وأَحىي حب الله وخوفه ورجاءَه فيه،
👈🏾فهذا هو الذى يكتب عليهم، وتكون معاملته لهم كلها ربحاً، بشرط أَن يصبر على أَذاهم ويتخذه مغنماً لا مغرماً وربحاً لا خسراناً.
👈🏾ومما يوضح الأَمر أَن الخلق لا يقدر أَحد منهم أَن يدفع عنك مضرة البتة إِلا بإِذن الله ومشيئته وقضائه وقدره فهو فى الحقيقة الذى لا يأْتى بالحسنات إِلا هو، ولا يذهب بالسيئات إِلا هو:
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ
إِلاّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدّ لِفَضْلِهِ}
[يونس: ١٠٧] ،
👈🏾قال النبى صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَليقَةَ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيءٍ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يضروك لم يضروكَ إِلا بِشَيءٍ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ"،
👈🏾وإِذا كانت هذه حال الخلقة فتعليق الخوف والرجاء بهم ضار غير نافع.
والله أعلم.
📚( من كتاب طريق الهجرتين ج١ ص٦٢-٦٤ )
🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂
إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..
📌 جزى الله خيراً من قرأها وساعد على نشرها
✍قال الإمام ابن القيّم رحمه الله :
👈🏾إِذا تبيّن هذا ظهر أَن أَحداً من المخلوقين لا يقصد منفعتك بالمقصد الأَول، بل إِنما يقصد منفعته بك، وقد يكون عليك فى ذلك ضرر إِذا لم يراع المحب العدل،
👈🏾فإِذا دعوته فقد دعوت من ضرُّه أَقرب من نفعه.
👈🏾وأَما الرب تبارك وتعالى فهو يريدك لك ولمنفعتك لا لينتفع بك، وذلك منفعة لك محضة لا ضرر فيها،
👈🏾فتدبّر هذا حق التدبر وراعه حق المراعاة، فملاحظة تمنعك أَن ترجو المخلوق أَو تطلب منه منفعته لك
👈🏾فإِنه لا يريد ذلك البتة بالقصد الأَول، بل إِنما يريد انتفاعه بك عاجلاً أَو آجلاً، فهو يريد نفسه لا يريدك، ويريد نفع نفسه بك (إما لدنياه أو لآخرته )
👈🏾فتأَمل ذلك فإن فيه منفعة عظيمة وراحة ويأْساً من المخلوقين، سداً لباب عبوديتهم وفتحاً لباب عبودية الله وحده،
👈🏾فما أَعظم حظ من عرف هذه المسأَلة ورعاها حق رعايتها.
👈🏾 ولا يحملنك هذا على جفوة الناس وترك الإِحسان إِليهم واحتمال أَذاهم، بل أَحسن إِليهم لله لا لرجائهم، فكما لا تخافهم فلا ترجوهم،
👈🏾ومما يبين ذلك أَن غالب الخلق يطلبون إِدراك حاجتهم بك وإِن كان ذلك ضرراً عليك،
👈🏾فإِن صاحب الحاجة أعمى لا يرى إلا قضاءَها، فهم لا يبالون بمضرتك إِذا أَدركوا منك حاجتهم، بل لو كان فيها هلاك دنياك وآخرتك لم يبالوا بذلك.
👈🏾وهذا إِذا تدبره العاقل علم أَنه عداوة فى صورة صداقة، وأَنه لا أَعدى للعاقل اللبيب من هذه العداوة، فهم يريدون أن يصيروك كالكير ينفخ بطنك ويعصر أَضلاعك فى نفعهم ومصالحهم، بل لو أَبيح لهم أَكلك لجزروك كما يجزرون الشاة، وكم يذبحونك كل وقت بغير سكين [لمصالحهم] ،
👈🏾وكم اتّخذوك جسراً ومعبراً لهم إِلى أَوطارهم وأَنت لا تشعر، وكم بعت آخرتك بدنياهم وأَنت لا تعلم، وربما علمت.
👈🏾وكم بعت حظك من الله بحظوظهم منك ورحت صفر اليدين، وكم فَوَّتُوا عليك من مصالح الدارين وقطعوك عنها وحالوا بينك وبينها، وقطعوا طريق سفرك إِلى منازلك الأُولى ودارك التى دعيت إِليها
👈🏾وقالوا: نحن أَحبابك وخدمك، وشيعتك وأَعوانك، والساعون فى مصالحك. وكذبوا والله إِنهم لأَعداءٌ فى صورة أَولياءَ وحرب فى صورة مسالمين،
👈🏾وقطاع طريق فى صورة أَعوان. فواغوثاه ثم واغوثاه بالله الذى يغيث ولا يغاث
{يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ
وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}
[التغابن: ١٤] ،
{يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ
أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: ٩] .
👈🏾فالسعيد الرابح من عامل الله فيهم ولم يعاملهم فى الله، وخاف الله فيهم ولم يخفهم فى الله وأَرضى الله بسخطهم ولم يرضهم بسخط الله، وراقب الله فيهم ولم يراقبهم فى الله، وآثر الله عليهم ولم يؤثرهم فى الله، وأَمات خوفهم ورجاءَهم وحبهم من قلبه وأَحىي حب الله وخوفه ورجاءَه فيه،
👈🏾فهذا هو الذى يكتب عليهم، وتكون معاملته لهم كلها ربحاً، بشرط أَن يصبر على أَذاهم ويتخذه مغنماً لا مغرماً وربحاً لا خسراناً.
👈🏾ومما يوضح الأَمر أَن الخلق لا يقدر أَحد منهم أَن يدفع عنك مضرة البتة إِلا بإِذن الله ومشيئته وقضائه وقدره فهو فى الحقيقة الذى لا يأْتى بالحسنات إِلا هو، ولا يذهب بالسيئات إِلا هو:
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ
إِلاّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدّ لِفَضْلِهِ}
[يونس: ١٠٧] ،
👈🏾قال النبى صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَليقَةَ لَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشَيءٍ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يضروك لم يضروكَ إِلا بِشَيءٍ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ"،
👈🏾وإِذا كانت هذه حال الخلقة فتعليق الخوف والرجاء بهم ضار غير نافع.
والله أعلم.
📚( من كتاب طريق الهجرتين ج١ ص٦٢-٦٤ )
🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂🍃🍂
إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..
📌 جزى الله خيراً من قرأها وساعد على نشرها