لَا يجْتَمع :
الْإِخْلَاص فِي الْقلب ،
ومحبة الْمَدْح ، وَالثنَاء ،
والطمع فِيمَا عِنْد النَّاس ؛
إِلَّا كَمَا يجْتَمع المَاء وَالنَّار ، والضب والحوت !!
فَإِذا حدثتك نَفسك بِطَلَب الْإِخْلَاص :
فَأقبل على الطمع ، أَولا : فاذبحه بسكين الْيَأْس .
وَأَقْبل على الْمَدْح وَالثنَاء : فازهد فيهمَا ، زهد عشّاق الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة !!
فَإِذا استقام لَك :
ذبح الطمع ، والزهد فِي الثَّنَاء والمدح =
سهل عَلَيْك الْإِخْلَاص !!
فَإِن قلت :
وَمَا الَّذِي يسهّل عَليّ ذبحَ الطمع ، والزهد فِي الثَّنَاء والمدح ؟
قلت :
أما ذبح الطمع :
فيسهله عَلَيْك : علمك يَقِينا ، أَنه لَيْسَ من شَيْء يُطْمع فِيهِ ، إِلَّا وبيد الله ، وَحده ، خزائنه .
لَا يملكهَا غَيره ، وَلَا يُؤْتي العَبْدَ مِنْهَا شَيْئا ، سواهُ .
وَأما الزهد فِي الثَّنَاء والمدح :
فيسهله عَلَيْك : علمك أَنه لَيْسَ أحد ينفع مدحه ويزين ، ويضر ذمه ويشين ؛ إِلَّا الله وَحده !!
كَمَا قَالَ ذَلِك الْأَعرَابِي للنَّبِي صلى الله عليه وسلم : ( إِن مدحي زين وذمي شَيْن ) !!
فَقَالَ : ( ذَلِك الله عز وَجل ) .
فازهد فِي مدح : من لَا يزينك مدحه .
وَفِي ذمّ : من لَا يشنيك ذمّه .
وارغب فِي مدح : مَنْ كلُّ الزين فِي مدحه .
وكل الشين فِي ذمه !!
وَلنْ تقدر على ذَلِك إِلَّا : بِالصبرِ وَالْيَقِين !!
فَمَتَى فقدت الصَّبْر وَالْيَقِين :
كنت كمن أَرَادَ السّفر فِي الْبَحْر ، فِي غير مركب !!
قَالَ تَعَالَى :
( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يوقنون ) .
وَقَالَ تَعَالَى :
( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ ) .
"ابن القيم" .