عَوْدٌ إلى مَسألة الوقف وأثرِه في المَعْنى، والعَوْدُ لا يُملُّ:
المَعاني في الوَقْفِ مُعْتَبَرَةٌ والأنفاسُ تابعةٌ لَها
عندَما نقولُ الوَقف في القُرآن الكَريم، فنَعني به المواضعَ التي نصَّ عليها القُراءُ؛ فكلُّ موضع منها يُدْعى وقفا وان لم يقف القارئُ عندَه. فكلُّ موضعٍ يوقَفُ عندَه ليس المرادُ منه أنّه يجبُ الوقفُ فيه، ولكنّ المرادَ أنّه يصلُح الوقفُ عندَه وإن كان في نَفَس القارئ طولٌ وقوّةٌ.
وقَد شبّه عُلَماءُ القراءات القارئَ للقُرآن الكَريمِ بالمُسافر، وشبَّهوا المَقاطعَ التي يَنتهي إليها القارئُ بالمَنازِلِ التي يَنزلُها المُسافرُ، وهي مُختلفةٌ بالتّامّ والحَسَن وغيرهِما، كاختلافِ المَنازلِ في الخِصْبِ ووُجودِ الماءِ والكَلأ وما يُتظلَّلُ به، والناسُ مُختلفون في الوَقف؛ فمنهُم مَن جَعلَه على مَقاطعِ الأنفاسِ ومنهُم مَن جَعله على رُؤوس الآي، والاعْدلُ أنّه قد يكونُ في أواسِط الآيِ وإن كانَ الأغلب في أواخرها، وليسَ آخرُ كلِّ آيةٍ وَقفاً، بل المَعاني مُعتبرةٌ والأنفاسُ تابعةٌ لَها، والقارئُ إذا بَلغَ الوقفَ وفي نَفَسِه طولٌ يبلغُ الوَقفَ الذي يَليه فَله مُجاوزتُه إلى ما بعده إنْ لَم يَمنَع المَعْنى ذلكَ.
ثم الوقفُ على مراتبَ؛ أعلاها التامُّ ثمَّ الحَسَنُ ثمّ الكافي ثُمّ الصّالحُ ثمّ المَفهومُ ثمّ الجائزُ ثمّ البَيانُ ثمّ القَبيحُ، فأقسامه ثمانيةٌ، عَلى خلافٍ.
يُراجَعُ: "المَقْصدُ لتَلخيصِ ما في المُرشد في الوَقف والابتداء"، لزكريا الأنصاري الشّافعيّ.
رأيي:
فانظرْ أيَّ الوقوفِ تلتزمُ به أيها القارئُ وتطمئنُّ إليه وتَرتضيه، من غيرِ تَأويل يَصرفُ النصَّ عن ظاهِرِه لإرادةِ مَعْنىً يُوافِقُ وَقْفاً أو يُوافقُ اجتهاداً بعيداً، فالأصلُ في الوَقْفِ الوقفُ عند الذي وَقَفَ عندَه جُمهورُ القُرّاءِ ووافَقَ المعنى التّامَّ.
ثم إنّ الوقوفَ المشهورَةَ التي يُستَوْفى بها المَعْنى يَنبغي أن تَغلِبَ وتَسودَ، رعايةً للمعنى وتَجنُّباً للتقديرات المُعوِزَة إلى تَمام المَعْنى، وليَبْقَ الخلافُ مَحلَّ دراسةِ الدّارسينَ والباحثينَ، ولا نُنكرُ على القُرّاءِ ولا ننعتُهم بالجهل، حاشا لله، ولكن ينبغي أن يُحْفَظَ لكتابِ الله تعالى حقُّ ترجيحِ الوقفِ الراجحِ الذي يظهرُ به المَعْنى من أيسرِ الطرُق...
والله تعالى أعلى وأعلَم
المَعاني في الوَقْفِ مُعْتَبَرَةٌ والأنفاسُ تابعةٌ لَها
عندَما نقولُ الوَقف في القُرآن الكَريم، فنَعني به المواضعَ التي نصَّ عليها القُراءُ؛ فكلُّ موضع منها يُدْعى وقفا وان لم يقف القارئُ عندَه. فكلُّ موضعٍ يوقَفُ عندَه ليس المرادُ منه أنّه يجبُ الوقفُ فيه، ولكنّ المرادَ أنّه يصلُح الوقفُ عندَه وإن كان في نَفَس القارئ طولٌ وقوّةٌ.
وقَد شبّه عُلَماءُ القراءات القارئَ للقُرآن الكَريمِ بالمُسافر، وشبَّهوا المَقاطعَ التي يَنتهي إليها القارئُ بالمَنازِلِ التي يَنزلُها المُسافرُ، وهي مُختلفةٌ بالتّامّ والحَسَن وغيرهِما، كاختلافِ المَنازلِ في الخِصْبِ ووُجودِ الماءِ والكَلأ وما يُتظلَّلُ به، والناسُ مُختلفون في الوَقف؛ فمنهُم مَن جَعلَه على مَقاطعِ الأنفاسِ ومنهُم مَن جَعله على رُؤوس الآي، والاعْدلُ أنّه قد يكونُ في أواسِط الآيِ وإن كانَ الأغلب في أواخرها، وليسَ آخرُ كلِّ آيةٍ وَقفاً، بل المَعاني مُعتبرةٌ والأنفاسُ تابعةٌ لَها، والقارئُ إذا بَلغَ الوقفَ وفي نَفَسِه طولٌ يبلغُ الوَقفَ الذي يَليه فَله مُجاوزتُه إلى ما بعده إنْ لَم يَمنَع المَعْنى ذلكَ.
ثم الوقفُ على مراتبَ؛ أعلاها التامُّ ثمَّ الحَسَنُ ثمّ الكافي ثُمّ الصّالحُ ثمّ المَفهومُ ثمّ الجائزُ ثمّ البَيانُ ثمّ القَبيحُ، فأقسامه ثمانيةٌ، عَلى خلافٍ.
يُراجَعُ: "المَقْصدُ لتَلخيصِ ما في المُرشد في الوَقف والابتداء"، لزكريا الأنصاري الشّافعيّ.
رأيي:
فانظرْ أيَّ الوقوفِ تلتزمُ به أيها القارئُ وتطمئنُّ إليه وتَرتضيه، من غيرِ تَأويل يَصرفُ النصَّ عن ظاهِرِه لإرادةِ مَعْنىً يُوافِقُ وَقْفاً أو يُوافقُ اجتهاداً بعيداً، فالأصلُ في الوَقْفِ الوقفُ عند الذي وَقَفَ عندَه جُمهورُ القُرّاءِ ووافَقَ المعنى التّامَّ.
ثم إنّ الوقوفَ المشهورَةَ التي يُستَوْفى بها المَعْنى يَنبغي أن تَغلِبَ وتَسودَ، رعايةً للمعنى وتَجنُّباً للتقديرات المُعوِزَة إلى تَمام المَعْنى، وليَبْقَ الخلافُ مَحلَّ دراسةِ الدّارسينَ والباحثينَ، ولا نُنكرُ على القُرّاءِ ولا ننعتُهم بالجهل، حاشا لله، ولكن ينبغي أن يُحْفَظَ لكتابِ الله تعالى حقُّ ترجيحِ الوقفِ الراجحِ الذي يظهرُ به المَعْنى من أيسرِ الطرُق...
والله تعالى أعلى وأعلَم