✍ #الدكتور_محمد_موسى_الدالي
🌙في #زكاة_الفطر معنى تعبديٌّ واضح يغفل عنه البعض.🌙
الحمد لله رب العالمين كثيرا في هذه الأيام يكون الحديث عن زكاة الفطر، والخلاف المشهور فيها، وهل يجب إخراجها من الطعام، أو يجوز إخراجها من القيمة؟
ورغبة في الخير أدلي بدلوي في هذه المسألة، راجيا الله تعالى التوفيق إلى مرضاته، وأن يكون ما أقول وأكتب خالصا لوجهه الكريم، أقول وبالله التوفيق:
زكاة الفطر يجب أن تكون من الطعام، وهو ما دلت عليها الأدلة، وهو المتواتر من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، والتابعين لهم، كما أنه الموافق لقواعد الشرع في هذا الباب، وبيان ذلك الآتي:
أما الأدلة من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: { فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة } متفق عليه.
كما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( كنا نعطيها - يعني صدقة الفطر - في زمان النبي صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من الزبيب ).
وفي رواية للبخاري: ( وكان طعامَنا الشعيرُ والزبيبُ والأقطُ والتمرُ ).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: { فرض رسول الله زكاة الفطر؛ طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين } رواه أبو داود والحاكم وغيرهما.
كما أن الأفضل الاقتصار على هذه الأصناف المذكورة في الحديث ما دامت موجودة، لما في البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعطي التمر، وفي الموطأ عن نافع: ( كان ابن عمر لا يخرج إلا التمر في زكاة الفطر، إلا مرة واحد فإنه أخرج شعيراً - أعوز أهل المدينة من التمر - يعني: لم يوجد في المدينة - فأعطى شعيراً ).
وأما موافقة هذا الأمر لقواعد الشرع:
فلأن زكاة الفطر فيها معنى تعبديٌّ محضٌ، وهو موافقة تلك العبادة للعبادة التي كان العبد متلبِّسًا بها في رمضان، فقد كان تاركا للطعام بالصوم في نهار رمضان، فناسب أن يشكر اللهَ على إتمام النعمة عليه في آخر الشهر بتمامه، وكانت المناسبة ظاهرة في أن يخرج هذه الزكاة من الطعام الذي كان تاركا له بالصوم، فمعنى التنسُّك واضح فيها، وليس المراد بها النفع فحسب، كما ظن البعض، فإن من يقول بجواز إخراج القيمة غاب عنه المعنى التعبدي المقصود للشارع، وجعل ينظر في مسألة المصلحة، وهذا قصور في النظر.
ونظيره الأضحية، فإن فيها معنى تعبُديًّا محضًا، وهو التقرب إلى الله بإراقة الدم بالسليم الخالي من العيوب من بهيمة الأنعام، ومسألة النفع باللحم ونحوه، ليس هو المقصدَ الأولَ في الأضحية، بدليل أنه لو أراد أن يضحي بشاة من أسمن ما يكون، لكنها عوراء لم تجزئه، بينما لو أتى بشاة سليمة من العيوب، لكنها نحيلة، لأجزأته، مع أن الشاة الأولى أنفع للناس؛ لكثرة لحمها، لكن الشارع راعى أمرًا آخرَ في الأضحية، وهو إراقة الدم بالخالي من العيوب، تقرُّبا إلى الله، وكان هذا أهمَّ وأولى عند الشارع من مسألة نفع الناس باللحم.
فكذلك في زكاة الفطر المراد إظهار نعمة الله تعالى بالأكل والشرب في يوم العيد، الذي حرَّم الله صومه، إتماما لنعمة كمال الصوم، ويشترك في هذه العبادة عموم المسلمين.
ومما يزيد في وضوح معنى التعبد في زكاة الفطر أن الشارع جعلها مؤقَّتة، حتى قال صلى الله عليه وسلم: { فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات } رواه أبو داود وغيره.
ويزيده وضوحا أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم نصَّ على أطعمة معينة، وبيَّن أنها شُرعت طعمةً للمساكين، مما يدل على أن الإطعامَ مقصودٌ للشارع في المرتبة الأولى، فلا يجوز إهمال هذا المقصد.
ولذلك فإن معاوية رضي الله تعالى عنه لما قال لأهل الشام بنصف الصاع من البر عن الصاع من التمر، لجودة البر عندهم أنكر أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ذلك، وقال: أما أنا فلا أزال أخرجها صاعاً كما كنت أخرجها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكيف إذا أخرجها قيمة؟!
ثم أين الصحابة رضي الله عنهم من هذا الفهم، وفيهم قطعا المحتاج إلى النقد، وفيهم المحتاج إلى الملابس، مع توفر النقد وبكثرة، ولم يجتهد أحد منهم هذا الاجتهادَ؟! فالسبب موجود في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ومع ذلك لم يسعَ أحدٌ منهم إلى ذلك، مما يدل على أن هذا الموضع ليس من مواضع الاجتهاد عندهم، والخير كل الخير في اتباعهم.
ولما كان الواجب على المسلمين في أمور العبادة الوقوف على مورد النصوص، كان لزاما عليهم التزامُ ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في هذا الباب، والاقتصار عليه، وعدم تقديم العقل على النقل، وإخراج زكاة الفطر من الطعام.
وعليه فإن إخراج زكاة الفطر نقداً لا يصح، ولا يجوز؛ بل هو داخل تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه مسلم.
🌙في #زكاة_الفطر معنى تعبديٌّ واضح يغفل عنه البعض.🌙
الحمد لله رب العالمين كثيرا في هذه الأيام يكون الحديث عن زكاة الفطر، والخلاف المشهور فيها، وهل يجب إخراجها من الطعام، أو يجوز إخراجها من القيمة؟
ورغبة في الخير أدلي بدلوي في هذه المسألة، راجيا الله تعالى التوفيق إلى مرضاته، وأن يكون ما أقول وأكتب خالصا لوجهه الكريم، أقول وبالله التوفيق:
زكاة الفطر يجب أن تكون من الطعام، وهو ما دلت عليها الأدلة، وهو المتواتر من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، والتابعين لهم، كما أنه الموافق لقواعد الشرع في هذا الباب، وبيان ذلك الآتي:
أما الأدلة من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: { فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة } متفق عليه.
كما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( كنا نعطيها - يعني صدقة الفطر - في زمان النبي صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من الزبيب ).
وفي رواية للبخاري: ( وكان طعامَنا الشعيرُ والزبيبُ والأقطُ والتمرُ ).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: { فرض رسول الله زكاة الفطر؛ طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين } رواه أبو داود والحاكم وغيرهما.
كما أن الأفضل الاقتصار على هذه الأصناف المذكورة في الحديث ما دامت موجودة، لما في البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يعطي التمر، وفي الموطأ عن نافع: ( كان ابن عمر لا يخرج إلا التمر في زكاة الفطر، إلا مرة واحد فإنه أخرج شعيراً - أعوز أهل المدينة من التمر - يعني: لم يوجد في المدينة - فأعطى شعيراً ).
وأما موافقة هذا الأمر لقواعد الشرع:
فلأن زكاة الفطر فيها معنى تعبديٌّ محضٌ، وهو موافقة تلك العبادة للعبادة التي كان العبد متلبِّسًا بها في رمضان، فقد كان تاركا للطعام بالصوم في نهار رمضان، فناسب أن يشكر اللهَ على إتمام النعمة عليه في آخر الشهر بتمامه، وكانت المناسبة ظاهرة في أن يخرج هذه الزكاة من الطعام الذي كان تاركا له بالصوم، فمعنى التنسُّك واضح فيها، وليس المراد بها النفع فحسب، كما ظن البعض، فإن من يقول بجواز إخراج القيمة غاب عنه المعنى التعبدي المقصود للشارع، وجعل ينظر في مسألة المصلحة، وهذا قصور في النظر.
ونظيره الأضحية، فإن فيها معنى تعبُديًّا محضًا، وهو التقرب إلى الله بإراقة الدم بالسليم الخالي من العيوب من بهيمة الأنعام، ومسألة النفع باللحم ونحوه، ليس هو المقصدَ الأولَ في الأضحية، بدليل أنه لو أراد أن يضحي بشاة من أسمن ما يكون، لكنها عوراء لم تجزئه، بينما لو أتى بشاة سليمة من العيوب، لكنها نحيلة، لأجزأته، مع أن الشاة الأولى أنفع للناس؛ لكثرة لحمها، لكن الشارع راعى أمرًا آخرَ في الأضحية، وهو إراقة الدم بالخالي من العيوب، تقرُّبا إلى الله، وكان هذا أهمَّ وأولى عند الشارع من مسألة نفع الناس باللحم.
فكذلك في زكاة الفطر المراد إظهار نعمة الله تعالى بالأكل والشرب في يوم العيد، الذي حرَّم الله صومه، إتماما لنعمة كمال الصوم، ويشترك في هذه العبادة عموم المسلمين.
ومما يزيد في وضوح معنى التعبد في زكاة الفطر أن الشارع جعلها مؤقَّتة، حتى قال صلى الله عليه وسلم: { فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات } رواه أبو داود وغيره.
ويزيده وضوحا أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم نصَّ على أطعمة معينة، وبيَّن أنها شُرعت طعمةً للمساكين، مما يدل على أن الإطعامَ مقصودٌ للشارع في المرتبة الأولى، فلا يجوز إهمال هذا المقصد.
ولذلك فإن معاوية رضي الله تعالى عنه لما قال لأهل الشام بنصف الصاع من البر عن الصاع من التمر، لجودة البر عندهم أنكر أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ذلك، وقال: أما أنا فلا أزال أخرجها صاعاً كما كنت أخرجها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكيف إذا أخرجها قيمة؟!
ثم أين الصحابة رضي الله عنهم من هذا الفهم، وفيهم قطعا المحتاج إلى النقد، وفيهم المحتاج إلى الملابس، مع توفر النقد وبكثرة، ولم يجتهد أحد منهم هذا الاجتهادَ؟! فالسبب موجود في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ومع ذلك لم يسعَ أحدٌ منهم إلى ذلك، مما يدل على أن هذا الموضع ليس من مواضع الاجتهاد عندهم، والخير كل الخير في اتباعهم.
ولما كان الواجب على المسلمين في أمور العبادة الوقوف على مورد النصوص، كان لزاما عليهم التزامُ ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في هذا الباب، والاقتصار عليه، وعدم تقديم العقل على النقل، وإخراج زكاة الفطر من الطعام.
وعليه فإن إخراج زكاة الفطر نقداً لا يصح، ولا يجوز؛ بل هو داخل تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أخرجه مسلم.