(قصة الحب اعمى)
منذ قديم الأزمنة ، لم يكن على سطح الأرض إنسان أو مخلوق ، و كان العالم كله يتكون من ( الرذائل و الفضائل )،فقط ذات يوم شعرت الفضائل و الرذائل بشيء من الملل ، وقررت بعد مشاورات أن تلعب لعبة للتخلص من مللها و أطلقوا على تلك اللعبة اسم الاستغماية نالت الفكرة اعجاب الجميع ، و صاح الجنون قائلاً : أنا من سيبدأ اللعب ، أريد أن أبدأ، سأغمض عيناي و أبدءالعد ، أما أنتم باشرو بالتخفي و الاختباء .
انتشر الجميع و اتكأ الجنون على الشجرة و باشر العد،بدأت كل الفضائل و الرذائل بالاختباء اختبأت الخيانة في كومة من الزبالة و اتخذت الرقة مكاناً فوق القمر ، أما الولع فقد ذهب بعيداً ، و أخفى نفسه بين الغيوم ، أما الشوق فقد لجأ إلى باطن الأرض ، الكذب كعادته: صرخ بأنه سيختبئ تحت الحجارة رغم توجهه للاختباء في قعر البحيرة.
استمر الجميع بالتخفي بينما الجنون يعد " خمسة و ثمانون ، ستة و ثمانون " في تلك الأثناء كانت كل الفضائل و الرذائل قد تخفت ، إلا الحب ، و هذا ليس غريباً ، فالحب كعادته لا يقدر على اتخاذ القرار ، و كما عرف عنه فإنه لا يستطيع التخفي و كلنا يعرف كم هو من الصعب أن يختبئ الحب أو يختفي وصل الجنون إلى نهاية تعداده ، و حينها قرر الحب أن يقفز فجأة في باقة من الورد وجدها أمامه، صاح الجنون : " تسعة و تسعون ، مئة ، أنا آتٍ،أنا آتٍ إليكم"، كما توقع الجميع ، الكسل كان أول الخاسرين ، فهو كعادته لم يحاول بذل أي قدر من الجهد لإخفاء نفسه أما الكذب فقد انقطع نفسه و استسلم خارجاً من البحيرة كانت الرقة مكشوفة على سطح القمر ، و لم يبذل الجنون أي جهد في العثور على الشوق ، كان الجنون محظوظاً في لعبته ، فقد وجدهم جميعاً دون عناء ، إلا الحب، فقد جال الكون كله في محاولات يائسة للبحث عنه بحث و بحث و بحث لكن دون جدوى ، إلى أن جاء الحسد و قام بوضع بصمته قائلاً للجنون : الحب يتخفى في باقة الورد؛
ركض الجنون إلى الورد ملتقطاً شوكة خشبية كالرمح مستعملاً إياها في طعن الورد بشكل عشوائي و طائش ليجبر الحب على الخروج استمر الجنون في طعناته إلى أن سمع صوت الحب باكياً لأن الجنون قد أصابه في عينه و جرحه، ندم الجنون على عملته صائحاً : " يا إلهي ، ما هذا الذي فعلت ! ماذا أفعل! لقد تسببت في إصابة الحب بالعمى "،
أجابه الحب بصوت ضعيف : " لن يعود بصري إلي يوماً بعد الآن ، لكن ما زال هناك ما يمكنك أن تفعله ، كُن دليلي " .
*و هذا ما حصل من يومها ، يمشي الحب جميع خطواته أعمى ، و الجنون يقوده... ✨