الشيخ أبو قتادة الفلسطيني


Гео и язык канала: не указан, не указан
Категория: не указана


القناة الرسمية لفضيلة الشيخ :
أبي قتادة الفلسطيني - عمر محمود أبو عمر - حفظه الله
#تنويه_مهم : يقوم على القناة بعض تلاميذ الشيخ

Связанные каналы

Гео и язык канала
не указан, не указан
Категория
не указана
Статистика
Фильтр публикаций


كيف يكتشف المرء جهله؟

من أعظم ما يحذر منه العبد في سلوكه مع الدعوة والجهاد هو شعور الامتلاء، والاكتفاء، فتسري في نفسه مشاعر الغرور، والزهو، فيبدأ سقوطه، وتنحسر عنه معالم التوفيق الإلهي، ولا تزول هذا الأمراض إلا بإحساسه العميق دوما أنه جاهل، وأنه بحاجة للمزيد، فهو لا يرتوي، كما قال النبي صلى الله عليه ويلم: (منهومان لا يشبعان: طالب علم، وطالب دنيا).

البعض ربما يطلب بعض العلوم ثم يكتفي، فيذهب سادراً أنه لم يعد يخفى عليه شيء، وتأتي بعض الظروف مكرسة هذا الجهل بنفسه، إذ يديم الجلوس مع الجهلة، فيظن نفسه أنه العالم، وأنه الفقيه، وأنه الموجه، ولا يحصل اختبار علمه، ولا اكتشاف ما خفي عنه، فالجهلة لهم أسئلة تناسب جهلهم، والعلماء لهم أسئلة تناسب علمهم، وما دام أنّ علم هذا الرجل لم يمتحن فيصعب معرفة حقيقته.

من أجل عدم الوهم، ومن أجل اكتشاف حقيقة النفس، وأنها جاهلة دوما حتى تدخل القبر، كان لا بد من عرض متواصل لهذا العلم الحاصل في الصدر على العلم الذي هو على الحقيقة في الوجود، وبهذا العرض يتم معرفة النفس على حقيقتها، والعرض يكون بأمرين:

- مجالسة العلماء الكبار، وهذا يوجب التواضع، ومن ذلك سماع كلام العلماء إذا بعدوا عنك، والجلوس إليهم إذا حضروا، فبعرضك نفسك على هؤلاء تعرف ما خفي عنك، وتعرف علوم الكبار فتعرف نفسك، ويحصل التواضع حقيقة، وأما الجلوس دوماً مع الجهلة، والصغار، والتلاميذ فهذا يورث غروراً وجهلا بالنفس.
روي الإمام أحمد وهو يجري لجلسة حديث، وقد بلغ الإمامة، فعوتب، فقال لهم: مع المحبرة إلى المقبرة، وكذلك قال هذا إمام الأمة، والبحر الذي استقت منه الدلاء كمالك وسفيان، أقصد الإمام الزهري، فقد قال: سمعت من العلم شيئا كثيراً، فظننت أني قد اكتفيت، حتى لقيت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فإذا كأني ليس في يدي شيء. (انظر نكت الهميان في نكت العميان ص/١٩٨، وهو موجود فيما هو أعلى زمنا من كتاب الصفدي هذا، ولكن أردت تنبيهك لهذا الكتاب الغالي).
فتأمل حال هذا الإمام كيف فاقت نفسه مما توهمته، فعلم حاله.

وقد تنفر النفس من بعض العلماء لبعض مغايرة في المذهب، فيظن أنه باكتفائه بما تميز به عنهم من علم أو مذهب أنه غني عنهم، كمن غايرهم في مسألة وهو جاهل بالنحو، أو التفسير، أو الفقه، أو الأصول، فيبقى في جهله أنه جاهل، وهو أشد أمراض النفس كما قال حكيم العلماء وعاقلهم الخليل بن أحمد الفراهيدي.
ولذلك لا بد من دوام الطلب، والاستماع للغير، لئلا يظن أنه عالم، وهو جاهل جهلاً مركباً.

ولقد رأيت من عظمت نفسه حتى توهمها قد أتت عما جهله الخلق، وهو لا يتقن مسألة فقهية على وجه النظر والاجتهاد، بل والله رأيت من يعيب جهل الناس بما عنده وهو لا يعرف الفرق بين الفاعل والمفعول!.

أما الطريقة الثانية في اكتشاف جهل النفس، وهي متفرعة عن الأولى وهي دوام القراءة، فحين تتوقف قراءتك يعني موت عقلك، وموت تواضع نفسك، ذلك أنك بالقراءة تكاشف جهلك، وتعرض علمك على علم الناس، بل وتعرض عقلك على عقولهم، وما من إمام إلا وعنده عجائب العلم، وفتوحه، وخفاياه، وبهذا تعلم حاجتك لهذه العلوم، وأن المحبوس عنك منه أكثر مما بذل لك.
وشرط هذا أن تقرأ للعلماء الكبار، ذلك أنك ترى حاجتك أن تفهم قولهم، وكل كتاب لم يمتحن فهمك ففائدة لك قليلة، وكل كلمة لم تثر فيك معاني، وتجبرك أن تبحث عنها، وما لها، وما أصلها فهي كلمة ضعيفة.
ومن هنا فإن أردت علماً فجرب عقلك في المسائل الكبار، والكتب العظيمة، حينها ترتقي، ومن خلال رقيك الدائم تعرف أن ما جهلته الكثير.
لا يغرنك قول أتباعك عنك: علامة، ولا الجهبذ، ولا الخطير، بل عامل نفسك بما علمتها اليوم، حين قرأت كتاباً جديداً، فعلمت منه أن العلم بحر عظيم، وأنك ما زلت لم تخض فيه.
من توقفت قراءته توقف عقله وعلمه، ونمت نفسه بغرورها ودجلها وتلعبها به.

والحمد لله رب العالمين.


Видео недоступно для предпросмотра
Смотреть в Telegram
• وقت صلاة الجمعة؟
• حكم إقامتها إذا خِيف من القصف؟
• حكم إقامتها في غير الجامع أو المسجد؟

الشيخ أبو قتادة.


لا أحد يتمنى البلاء، ولا الكوارث، ولا المصائب، ولكن ليس القدر تابعاً لأمنياتنا، فقد ولدنا في كبد، نأتي بالألم والصراخ، ونموت بالألم والبكاء، وننتصر بالألم والفراق، وتصنع انتصارات الأمة بموت حمزة، وغربة جعفر، وبخراب البنيان، وهلاك الثمار، وخسران الأموال.
فلذلك للكتاب قراءتان، قراءة اليأس، وقراءة الأمل (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون).

والحمد لله رب العالمين.


كليمة في كتاب "عقيدة الصدمة" لنعومي كلاين.

هذا الكتاب صنع ضجة عند صدوره، لأنه لامس بخشونة وحوش الاستثمارات في الكوارث والمصائب، فهبوا للدفاع عن أنفسهم، كما هب آخرون لفضح ممارساتهم ودعم هذا الكتاب.

هذه كاتبة كندية، هي ضمن مجموعة تؤمن بضرورة التصدي لعالم خفي من السياسيين والعسكرين والاقتصاديين، يقومون بكل ما هو إجرامي وقذر لتتضخم مؤسساتهم وأموالهم، ولتنشر أفكارهم، وليصنعوا عالما من طبقتين: العبيد والسادة، بكل ما في هاتين الكلمتين من معنى سيء ومؤلم.

الكتاب يتحدث كيف يستغل هؤلاء الطفيليات المتوحشة كوارث الدنيا لصناعة عالم جديد، فيه تكريس للرأسمالية، وتكريس لتفوق مؤسسات معينة، وضرب كل مقومات الاستقلال السياسي والاقتصادي، سواء تعلق هذا الاستقلال بدول أو مؤسسات أو أفراد.

ما يهم عالمنا هنا أنها كشفت الحقائق المؤلمة لغزو العراق، وكيف أنهم أرادوا بهذا الغزو صناعة عالم جديد، محكوم لهم، من رأس الدولة إلى أقل فرد فيها.
حكت الكاتبة القصص المؤلمة المتعلقة بتدمير الثقافة، وتدمير الذاكرة، وفتح البلاد كسوق استهلاكي لمؤسسات غربية، تكرس الثقافة الغربية، والتي قوامها سادة وعبيد، فالسادة هم العرق الغربي، والعبيد هو كل من كان غيرهم.

ماذا تعني كلمة "عقيدة الصدمة"؟ تعني أن الشعوب عندما تصاب بصدمة كارثة ما، مصنوعة أو طبيعية، فإنها تصبح حالة سهلة للتشكيل، لأن الصدمة الكارثية تدمر البنى التقليدية، وتخلخل الموجود مهما كان قويا وتقليديا، ومعتمدا على الإرث والعقيدة.

ما تكشفه الكاتبة هو أن منتفعي الكوارث هم عصبة مؤسسية، لهم قائد روحي، وجماعة تتغلغل في كل مفاصل الدولة، تسللوا رويداً إلى مصادر القرار في الولايات المتحدة، حتى أتوا على كل مغرز فيها، فهم أشبه بالعصابة، بل عصابة دموية لا رحمة فيها.
هذه المؤسسة أطلقت عليها الكاتبة "مدرسة شيكاغو" وعرابها رجل اسمه "ميلتون فريدمان"؛ وقد بدؤوا صناعة أنفسهم منذ حكم نيكسون، يتقدمون بثبات نحو أهدافهم، دون نظر لأي قيم الحياة الإنسانية، فكل مصائب الوجود بالنسبة إليهم هي فرصة للتمدد والتقدم والازدهار، وحين توقف الكوارث الطبيعية يسارعون هم لصنع هذه الكوارث.

الكتاب ضخم، لكن ما قيمة قولك: هؤلاء دمويون، وقذرون، وشركاء شيطان، دون أن تعرف كل تفاصيل هذا الكلمات لتزداد بهم بصيرة، ولتعرف عمق هذه الكلمات في الواقع، ولذلك فكل كلمة في هذا الكتاب ضرورية لشرح هذه الظاهرة.

☆ ▪▪☆▪▪☆

كنت أريد أن أكتب عن هذا الكتاب باتجاه آخر، وتحت عنوان: "صراع إرادتين، العمل من خلال خطة العدو" ذلك أني بعد أن سرت في الكتاب إلى وسطه، خرجت من حالة الصدمة المروعة برؤية هؤلاء المجرمين، وتخليت من حالة الذهول التي صنعتها دموية هذه المؤسسات، إلى حالة أخرى، وهي رؤية عالم ما بعد هؤلاء، إذ هو العالم الذي يرتقبه الناس، وسيكون هو التالي لظلمهم وإجرامهم.
لقد رأيت بعد ذلك يد الله تدمرهم من خلال تدميرهم لغيرهم، وتفسد حياتهم من خلال إفسادهم لعالم غيرهم، والعالم اليوم على حافة الانهيار بسبب أن هؤلاء قد سارعوا بممارساتهم هذه نهاية عالم الغرب.

عندنا ما يجب الإعلان عنه، وهو وجود مغفلين، يؤمنون أن في الغرب بعض خير (أقول: يؤمنون بوجود بعض خير، وأما المؤمنون بأن الخير في التغريب فهم ملاعين مأجورون، وأما من آمن ببعض خير فهم مغفلون كأؤلئك الذين وضعوا بعض الزهور الكلامية على قبر جون ماكين)، ذلك لأن هؤلاء لا يعرفون من الذي يسيطر في الغرب، وكيف تدار ماكينة الحياة، والمواقف، من سلم وحرب، ويحتاجون لهذا الكتاب حقاً.

هذه الفئات التدميرية تريد صناعة عالم خاص بهم، ومن خلال هذا الهوس في البلوغ للمآرب تكون يد الله حاضرة أن يوصلهم لمراده دون مرادهم، ومن خلال خطتهم تكون إرادة الله هي الغالبة لتدميرهم، مع تدميرهم لأنفسهم (يخربون بيوتهم بأيديهم).
حتى تلك الكوارث الصناعية التي يحدثونها تنقلب عليهم، وتتحول بأيديهم إلى مصدر كوابيس مؤرقة، ومن خلالها تهتز معالم الثبات في الجاهلية، لتكون الفرصة سانحة للشعث الغبر في حرية التحرك، وصناعة واحة جهاد يحسن بها التحرك، ارتقاباً لمزيد دمار داخلي في البنية الغربية، ليكون لهم الوراثة التامة بإذن الله.

إرادتهم دوام الشر، وحصول الغلبة، ومن خلال إرادتهم هذه، والتي تصنع عالماً يسهل اختراقه يكون لعالم الإيمان وجود.
ما من كارثة حصلت منهم، إلا وكان فيها النفع لصناعة حالة جهادية، لا يفهم وجهها البعض، بل ربما فسرها الجاهلون أنها جزء من صناعة العدو، كما يحلو لمحللي (البول) أن يفسروا الظاهرة الجهادية التي تتمدد وتصنع نفسها لوراثة الارض.
من خلال خطتهم تبرز يد الله، ليكون كيده أشد، ويكون تجدد الفعل الإلهي بصناعة موسى عليه السلام في بيت فرعون.
وجود هذه الطوائف نعمة إلهية، كما كان يقول بعض الصالحين: لو جاز لي أن أشكر من ظلمني لشكرته على ظلمه لي، لما حصل من خير عظيم لي.


• ظاهرة اقتناء الكتب والاكتفاء بذلك دون القراءة والنظر فيها!!

يقول الشيخ أبو قتادة:

"إن بعض من ينتسب للعلم والفتوى ومع ذلك لم يقرأ "تفسير ابن كثير" كله، دع عنك تفسير الطبري والقرطبي وغيرهما. بل إن بعض هؤلاء لم يقرأ الكتب الستة التي لا تصح فتوى امرئ إلا بعد قراءتها بعلم وفقه.
إن رجلاً لم يقرأ "تفسير ابن كثير" -على الأقل- والكتب الستة مع شروحها، و"السنن الكبرى" للبيهقي، و"المغني" لابن قدامة، و"المحلى" لابن حزم لا يصح أن ينتسب لأهل الفتوى. لكن لانتشار هذه الكتب في مكتبات الناس أوهمتهم أنهم قرؤوها ويعرفون ما فيها!
لتحذر دائما من خديعة اقتناء الكتب والاكتفاء بذلك".

📔فن القراءة - ص135


ومن تأمل الإستحسان المذموم في كلام أهل العلم علم أن حقيقته تدور حول الجهل بالفروق، ذلك لأن حقيقة الاستحسان المذموم هي رد النص لقاعدة فقهية غالبة على ذهن الفقيه، فيدخل الفرع فيها دون اعتبار للفرق، وهذا الفرق يجب إدراكه عقلاً، مع العلم أن الشارع نص على حكم الفرد الخارج، إما بالعموم وإما بالانفراد.
ولهذا كثر في كلام بعضهم مقالة "هذا على خلاف القياس"، فإما يأخذونه لاشتهار حله أو حرمته، وإما يردونه لضعف مدركه عندهم، ولذلك رد عليهم الائمة في هذا الباب، وكانت طريقة الحذاق هي بيان الفرق بين القاعدة -إن صحت- وبين هذا الفرع.

وقد يعترض البعض أنّ هذا العلم يجعل الشريعة شاقة على الخلق، لا يدركها إلا الحذاق، والقلة من الناس، والواجب تسهيل الشريعة، فالجواب: هذا كلام الحمقى، فلو كانت الشريعة بهذا المعنى لذهب الفرق بين العالم والعالم، ولذهب الفرق بين مراتب العلماء، ولو كانت بهذا المعنى لجاز لكل أحد أن يفتي، بل أن يحكم كل أحد بكل نازلة، وهذا ما يراه الناس من عموم الخلق، إلا ما رحم الله، يجيزون لأنفسهم الفتوى، ويظنون أنهم بأقيستهم العقلية الجاهلة والضعيفة إرجاع كل نازلة إلى حكم عقولهم، وذلك بما يشبهها عندهم، ولا يميزون تمييز أهل العلم في هذا الباب الخطير.
لكن هذا لا يعني حاجة كل مسألة لفقيه، فما هو معلوم من الدين بالضرورة يعلمه العامي والعالم، كحرمة الخمور، وتكفير اليهودي والنصراني، والحكم على كل مات غير مسلم أنه في النار، ما لم يكن من أهل الفترة، ولكن ليست النوازل كهذه الأحكام في ظهورها وبيانها، بل هناك مما يخفى حتى على الفقيه فيتوقف.

هذا علم عظيم -أعني علم الفروق- وجب أن يعلّم لطلبة العلم، ومباحثه عظيمة جدا، توجب على صاحبها تعلم الكتاب والسنة وأصول الفقه، وإن من شرطه التقوى لقوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له فرقاناً)، إذ كلما ازداد نور القلب أبصر الفرق الدقيق بين ما هو ظاهره التماثل، كذلك من شروط هذا العلم قوة العقل الغريزي، لأنه دقيق جداً، لا يتقنه الأغبياء.

والحمد لله رب العالمين.


علم الفروق

من أهم علوم الفقه والفتوى، ولا تصح الفتوى، ولا يبلغ المرء درجة الفقيه حتى يتقن هذا العلم إتقانا تاماً، ومن لم يتقنه تاه في ظواهر النوازل، فجمع ما وجب تفريقه، أو فرق ما يجب جمعه، وقد تختلف الفتوى من حال عن حال، ومن رجل عن رجل، ومن نازلة عن نازلة، لوجود ما يفرق بينهما من الحال، أو المآل، وعامة ضلال أصحاب المذاهب عدم إتقانهم هذا الفن العقلي، والذي مداده وأساسه هو النص، لأن الشريعة بينت الفرق بين الحق والباطل، وبين ما يظنه المعارض أو يزعمه المجادل بالباطل من الاتفاق، وهو مختلف مفارق، وهذا باب فيه من الأمور الظاهرة التي لا يخطؤها مسلم، ما الفرق بين الله وعبيده، وبين الإله الحق والآلهة الباطلة، وكذلك الفرق بين اللبن والخمر، وبين البيع والربا، والله يقول عن المعارضين للحق: (وقالوا إنما البيع مثل الربا، وأحل الله البيع وحرم الربا)، وهكذا يفرق المسلم بين النكاح والسفاح، وبين الصدق والكذب.
فهذه من الأمور الظاهرة في الفرق، ولكن قد يدق الفرق حتى يخفى على الإمام والفقيه المجتهد، وبهذا يتمايز الناس في مرتبة العلم، ويعرف تنافسهم في باب السبق والتقدمة، ولفضل هذا العلم أقام له الأئمة باباً، وكتباً، وجعلوه من أهم علوم الجدل الشرعي المحمود، وإن حققت هذا العلم أدركت الفرق بين أقيسة الناس وأحكامهم، وكيف تصوراتهم لحقائق الشريعة (انظر كتاب الكافية في الجدل للجويني ترى قوام هذا العلم وأصوله، ومسالك النظر في إدراكه).

لما جادل الخوارج ابن عباس رضي الله عنهما في أفعال علي رضي الله عنه، فكان مما ظنوه من باطل الفعل أن قالوا: إن علياً قاتل ولم يسب ولم يغنم، فإن حلت له دماؤهم، فقد حلت له أموالهم، وإن حرمت عليه أموالهم فقد حرمت عليه دماؤهم.
فرد عليهم ابن عباس رضي الله عنه بجواب على طريقة الإلزام، لحال المناظرة معه، فقال: أفتسبون أمكم؟ أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟فإن قلتم ليست أمكم فقد كفرتم، وإن قلتم: إنها أمكم واستحللتم سبيها فقد كفرتم.
وهذا تعليق للحكم على معنى خاص في واحد ممن قوتل، ليقع تنبيه المقابل إلى الفرق الخاص، وإلا فقتال المسلم للمسلم على أي وجه من وجوه الحق لا يحل سبيه، لكن ابن عباس رضي الله عنه له مسلك عجيب عظيم في لجم هؤلاء المعترضين، ومن درس مناظرته لهم علم فن الحجاج أعظم علم.
وأنت ترى أن هؤلاء الضالين، وقد تاب أكثرهم بعد المناظرة، إنما فسد عليهم حكمهم لعدم معرفة الفرق، ولو تابعوا الكلام على طريقتهم من الانحراف لقالوا إن النفس -وقد أبيح قتالها- أعظم عند الله من المال، وربما قالوا: الفرج، وهذا يدلك على طرق الباطل في مجادلة الحق.

ولو تأملت مزالق الفقهاء في أبواب الفقه لرأيت أن عامة أخطائهم تعود لعدم الفرق بين ما وجب تفريقه، فهذا ابن حزم رحمه الله، وهو جبل العلم وحامل لواء الأثر والسنة، أخطأ خطأً جسيماً عندما ترك الفرق بين المنهيات ومراتبها مع الفعل في اقتضائها الفساد؛ فالعلماء يرون أن النهي يقتضي الفساد، ولكن هل ارتكاب كل منهي عنه مع الفعل يفسد هذا الفعل، أو أن المنهيات وتعلقها بالفعل على درجات مختلفة؟
فمعلوم نهي الشريعة عن الغيبة، ويشتد النهي خلال الصيام ، فهل من اغتاب مسلماً في رمضان وهو صائم يفطر بهذه الغيبة؟!
فلما كان ابن حزم يطلق في هذا الباب من غير تفصيل، ولا اعتبار للفرق، فقد حكم ببطلان الصوم، ولم يرض هذا القول أحد من أئمة الفقه من الأئمة الأربعة، وقوله ولا شك أنه خطأ، وتستطيع أن ترجع إلى كتاب "تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد" للعلائي، ففيه تعرف المتفق عليه والمختلف فيه في هذه المسألة، وقد فصل تفصيلا طيباً رائعاً، رحمه الله.

وأنت ترى عامة سبب انحراف الصغار في التكفير والغلو، وكذلك عامة انحراف أهل الهوى من أصحاب الفتاوى المتسيبة، إنما مرجعه لعدم ضبط هذا العلم، بل وقلما يأتي عليه الدارسون والمعلمون، وهذا الذي كتبه الإمام القرافي في كتابه الفروق هو مدخل هذا العلم، وليس وسطه ولا منتهاه.
والذي في كتب الفقه والأصول إنما هي للتمرين على هذا العلم، فهم يذكرون الفرق بين ترك مأمور به، وبين ارتكاب منهي عنه في الصلاة، ومثال المأمور به الوضوء، والمنهي عنه تلبس النجاسة، فمن نسي الوضوء فعليه إعادة الصلاة، ومن نسي وجود النجاسة على ثوبه فصلى فلا يعيد، مع دخول الفعلين في الشروط، ولكن يعلمون طالب العلم الفرق بين المأمور به والمنهي عنه، ويعلمون الفرق بين الشهادة والرواية، وهكذا يدرك طالب العلم هذا العلم، وأنه مهم وضروري حال الفتوى، ولو أنكره عليه الغبي والجاهل.

وهذا الغباء والجهل نراه في أهل الغلو، حيث يتعاملون مع الأعيان تعاملا واحدا، فيستهزؤون بالمفرق تفريقاً شرعياً بين امرئ وآخر، فيسبون المفرق بألفاظ التعيير والاستهزاء، وهذا لجهلهم، وقد يزداد جهلهم أنهم لو خوطبوا بالفرق لما فهموه، لجهلهم بمصطلحات العلم قبل جهلهم بموضوعه.


الرجاء من الأخوة الإشتراك ونشر صفحة الفيس بوك الجديدة.
وجزاكم الله خيراً


• شِدّة تعلّق الشيخ عبدالله عزام بالجهاد! 🍃

يقول الشيخ أبو قتادة:

الذي يَعشق شيئاً تجده كل ما تحدث عن شيءٍ مال إليه؛ حتى أن الشيخ عبدالله عزام قال: "لو طُلب مني أن أتحدث عن الكومبيوتر فسأتحدث عن الجهاد الأفغاني".

🎥 مناقشة كتاب "واقعنا المعاصر" - الحلقة (٢) .


سيد قطب وعبد الله عزام

لا أدري لم يقترن هذان الرجلان في عقلي، فقلما يأتي أحدهما لوحده، بل لا يأتي أحدهما إلا ويستدعي الآخر حضوراً.
واليوم وقد حضرت ذكرى استشهاد سيد قطب لأنه سب هبل، رمز السخافة والدجل، ولأنه اكتشف الحقيقة، فأراده الله لها، ليحيا بها حساً وعياناً وحبور نفس.
وكذلك من أيام وأنا أعيش في حالة استحضار للشيخ الشهيد عبد الله عزام، وكيف كان إلهامه يهديه مستقبل الجهاد على أرض أفغانستان، وماذا سيكون شأنه في قابل الأيام.
فكلاهما يحضر على موعد مع مستقبل هذا الدين، ومستقبل هذه الأمة، وكلاهما عاشا لله، ولدينه، وكلاهما حصل له انقلاب عجيب لما عاش أحدهما القرآن، وعاش ثانيهما مع الجهاد، فصارا شيئاً آخر من الخوض في النعم المعرفية والعملية الجليلتين.
وليس أحدهما بمستقل بقرآن بلا جهاد، ولا بجهاد بلا قرآن، ولكن كيف كان لأحدهما معنى تغير الحال وانقلابه مع القرآن حين وجده كما قال عن نفسه، وكيف وجد الثاني حياته الحقيقة لما عاش الجهاد.

في هذا اليوم يحضر ذكرى استشهاد سيد، فتنهال كل المعاني:
حاكمية القرآن
قول الحق
الثبات على الحق
بصيرة القرآن لمعنى الحياة
الشهادة في سبيل الله.
وتتمثل لك صور البيعة مع الله، والزهد في الدنيا، وتأمل رسالة الله للوجود.

ومع هذه الصور ترى المسوخ الرثة بلا إيمان، وبلا تضحية، بل عمائم نخرة، وكذابون فجرة، وسحرة طواغيت، يبيعون دينهم لكفار أعظم من كفار قريش.
ترى المسبحين بحمد الطاغوت، بل يخافونه بالغيب، ويرجونهم كما يرجو العبد ربه، وينتظرون أعطيات الذل تنساب إليهم خزياً وعاراً.

مع سيد ترى أناشيد الرعاة لكلمة القرآن، وحروف الحق:
أخي أنت حر وراء السدود أخي أنت حر ...
يكفي أن يقال له : أنت حر...
ومعه تمضي المبشرات، وأن المستقبل لهذا الدين.
فيفوز، ويمضي شهيداً، ودمه لعنة على جلاديه.
رحمه الله..

على هذه الضفة من حب سيد، يعيش الشيخ عبد الله عزام، فهو لا يفتأ ينتقي من كلماته، ويقتات من روحه، ويحبذ التقاط مواقفه، حتى تلتقي الروح بالروح، والمعنى بالمعنى، فتنهال عليه كلمات اليقين أن الدين منصور، وأن هذا الجهاد في أفغانستان هو خط التحول التاريخي.
كان هناك على ضفة الجهل بالله، والجهل بسنة التاريخ يرقبون باستهزاء، ويقذفون كلماته بالتقذير، ويرونه لا يفهم الدين كفهمهم، ولا الحياة بفقههم، فمشى الشيخ، وترك حباً عميقاً، وآثر أن لا يرحل إلا بكرامة عظيمة، هي الشهادة في سبيل الله.
بقي الشيخ إرثاً عملياً للمجاهدين، لا ينافسهم في حبه أحد، فهم وراثه لا غير، وهو الذي قال يوما على مدرجات الجامعة: لقد حمى الله قلبي أن أحب طاغية.
فالشيخ موقف وعمل، وموقف وعلم، وحياة وشهادة، ولكن ظن أن من ورث المال منه فقد ورث العلم والعمل والموقف، فلم يصب إلا الدعاوى الكاذبة.

هؤلاء هم نجوم الهدى، ورجوم العدا، يفرح الطواغيت بموتهم، وبموتهم هم يفرحون، فيدوم فرحهم، وينقلب فرح أعدائهم ترحا، فكلمات النور لا تموت.

والحمد لله رب العالمين.


ابن تيمية وتنقيح المناط

التنقيح هو التهذيب والتصفية، والمناط هو العلة، لأن العلة هي ما يعلق عليه الحكم، والمناط مِن ناط الشيء إذا علقه، فتنقيح المناط هو إزالة ما علق بالعلة مما لا يصلح للتعليل واعتبار المصالح، ومنشأ هذا الفعل هو علمنا أن الحكم معلق على سبب يضطرد، فيدخل فيه غير المنصوص.

والتنقيح به يتم إزالة ما لا يصلح من الأوصاف أن يكون علة، وكذلك يمكن زيادة بعض الأوصاف، لصلوحها للتعليل.
يقول ابن تيمية (٢٢/٣٣٠) في تعريفه: هو أن ينص على حكم أعيان معينة، لكن قد علمنا أن الحكم لا يختص بها. انتهى.
قال الدكتورصالح بن عبد العزيز آل منصور في كتابه أصول الفقه وابن تيمية (١/٣٨٢): وعندي أن هذا التعريف عليه مأخذ، ذلك أنه قال: "أن ينص على حكم أعيان معينة... إلخ". فحيث نص الشارع على حكم أعيان معينة فإن هذا النص مما يوجب اعتبار هذه الأعيان في إثبات الحكم، فكيف يقول: إن الحكم لا يختص بها، فكان المناسب أن يقول: هو أن ينص على أعيان معينة.. إلى آخره، أو يقول: هو أن يضيف الشارع الحكم إلى سببه، فيقترن به أوصاف لا مدخل لها في الإضافة فيجب حذفها من الاعتبار ليتسع الحكم، أو يقول: هو تهذيب العلة وتصفيتها بإلغاء ما لا يصلح للتعليل واعتبار المصالح. انتهى قوله.

وعلى قول الدكتور مآخذ:
- كان قول الشيخ رحمه الله يحتاج إلى تصويب من غير الجهة التي ذكرها الدكتور، فالإمام رحمه الله ذكر باعث التنقيح، ولم يذكر معنى التنقيح، أي في هذا النص الذي اكتفى بنقله الدكتور، فباعثه كما قال: "علمنا أن الحكم لا يختص بها؛ أي الأعيان المنصوص على حكمها". وأما إجراء التنقيح، وهو عزل غير المؤثر لبطلانه، مع اقترانه للمحكوم عليه، فلم يذكره الإمام، وعذره أنه أتبع ذلك في هذا الموطن ومواطن أخرى شرح الفعل الإجرائي للتنقيح، والشيخ لا يتقيد في كتبه بتعريفات الناس وقيودها، والتي اعترف دهاقنة فن التعريفات أنها لا تستقيم على أصل متفق عليه، بل ترهق الناس بكثرة الاعتراضات، وهذا صرح به الجويني، ومشهور عنه.
ثم كان على الدكتور أن يتابع ما قاله الإمام بعد ذلك، فقد قال بعد كلامه المتقدم: لاتفاقهم على النص، بل المعين هنا نص على نوعه، ولكن يحتاج إلى أن يعرف نوعه .انتهى.
فقول الشيخ رحمه الله: فيحتاج إلى أن يعرف نوعه، هو إجراء عملية التنقيح بعزل ما لا يصلح للاعتبار، وبهذا كملت صورة التنقيح عند الإمام.
وكان من تمام البيان النظر إلى مراد الشيخ لهذا العرض، والذي فيه بيان ومعنى لا تعريف وحد، وبينهما لمن يعرف علم الجدل فراق، وليس هما بسبيل.
ثم إن الإمام عرض بهذا المعنى قبل صفحات من هذا المذكور من الكلام الذي نقله الدكتور، فقال(٢٢/٣٢٦): تنقيح المناط هو أن يكون الحكم قد ثبت في عين معينة، وليس مخصوصاً بها. بل الحكم ثابت فيها وفي غيرها، فيحتاج أن يعرف مناط الحكم. انتهى.
وبهذا يعلم أن الشيخ فسر ما قاله الأصوليون من معنى تنقيح المناط بألفاظه، وإن لم يلتزم صيغة الحد، بل جرى كعادته على طريقة الشرح والتفسير.

-أما قول الدكتور من وجود التعارض في كلام الشيخ فلم يصب، ذلك لأن الدكتور توهم أن في كلام الإمام عزل للمنصوص عليه، وهذا لم يقله الإمام لكن نفى أن يكون الحكم خاصاً بهذا المنصوص، والظاهر أن الدكتور توهم كلمة "لكن علمنا أن الحكم لا يختص بها" هي "لكن علمنا أن الحكم لا ينص عليها" وهذا مع غلطه في الفهم، إلا إنه من أبعد ما يطرأ على نفس أحد، إلا أن يخطئ في اللفظ لا في المعنى، فالمذكور في النص من الأعيان داخل في الحكم ابتداءً، وهو الأصل، وعليه يبنى ما اشترك معه في العلة.
فقول الدكتور: "فكيف يقول: إن الحكم لا يختص بها" قول عجيب، ذلك لصواب هذا القول، ولو كان مختصاً بها لما دخل معها ما اشترك في علتها التي نقحت وهذبت عن الصفات غير المؤثرة.
ثم قول الدكتور: "فكان المناسب أن يقول: هو أن ينص على أعيان معينة... إلخ.!" عجب من القول، فالكلام يقوم حول حكم أعيان معينة، لا مجرد ذكر أعيان معينة، لأن الحديث عن حكمها حلا وحرمة، وهذا واضح من كلام الدكتور اللاحق، حين جعل المنصوص عليه هو حكم الأعيان، لا الأعيان نفسها، فقال: "أو يقول: هو أن يضيف الشارع الحكم إلى سببه، فيقترن به أوصاف... إلى إلخ كلامه".

والحمد لله رب العالمين


هذا الجهاد سيغسل عاراً كبيراً، ليس فقط طواغيت الردة والزندقة، بل رطوبات جنبات رجال استمرؤوا الذل والهوان، وأفكار الخور والإستكانة.
هذا الجهاد يمشي الهوينا مع كل محطات الابتلاء، فيرتفع فيه أهل الإخلاص، ويسقط أهل الهوى الذي سيطر على العقول والقلوب منهم.
لا تخافوا من البلاء والفتن، فلله فيها حكمة هي أرضى عنده من ألمكم ومصابكم وتعبكم.
_ الشيخ أبي قتادة الفلسطيني _


استيقظوا من يأسكم

كم مرة أعلنتم موت الجهاد في أفغانستان (مثلاً)؟
كم مرة ظننتم أن الأمر قد انتهى وانقضى، ومات الأمل؟
كم مرة صرختم جزع القانطين أن أمتنا ماتت وزالت؟
كم مرة لعنتم الشعوب الإسلامية بأنها لا تحس ولن تقوم؟
كم مرة جلستم في بيوتكم تندبون ندب النساء: ليس لها كاشفة؟

أما آن لكن أن تتوبوا وتتعظوا!
أما رأيتم كيف تخرج هذه الأمة دوماً من ركام اليأس والقنوط، لتقول: نحن يد الله، وسنبك الظلمة والظلام، وسيعلو بنا النور والسناء؟

عام هجري جديد يلوح لنا هلاله بعد أيام: راقبوا يد الله، وتأملوا بعيون الذاكرين، وبعقول المفكرين: وسترون.




الأدب مبتداه ومنتهاه

من توفيق الله لأمير المؤمنين في الحديث الإمام العظيم محمد بن إسماعيل البخاري في كتابه العجيب "الأدب المفرد" أن افتتح الأدب بواجب بر الوالدين، فقال: باب قوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا). [العنكبوت: ٨].
وعندي أنه اختار هذه الآية من سورة العنكبوت دون الآية التي في سورة الأحقاف، والتي هي (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا)، لأن آية العنكبوت جاءت في سياق بلاء الوالد المضاد لدينك، المفارق للحق الذي تؤمن به، وذلك أن السورة تتحدث عن معوقات الإيمان، وصور البلاء التي تصيب المؤمن حين يتابع الحق، فكان ذكر الوالدين في قوله تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حسناً، وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبؤكم بما كنتم تعملون)، وهذا بر عظيم إذ يقع مع البلاء، وليس الأمر كما في الأحقاف، فليس هي موطن بلاء للولد مع والديه، ولذلك اختار البخاري، والله أعلم، هذه الآية لتدل العبد على هذه المنزلة العظيمة، حتى مع وجود المشقة والبلاء، لئلا يتخلى عنها المرء حال ذلك، فيظن أن البر واجب فقط حال السعة دون المشقة، وحال التوافق دون الاختلاف، وحال الرضا دون الغضب، بل الواجب الإحسان في كل وقت، والذي عندي في وصف الحسن هنا في سورة العنكبوت دون وصف الإحسان كما في الأحقاف أنها دعوة لصلاح الباطن مع الوالدين حال فعل الخير لهما، فلا يفعل الفعل الحسن ظاهراً دون حسنه باطنا، بل واجب فعل الخير له مع الحسن التام فيه، وهو قيامه به مع حسن باطنه فيه، ليقع من الوالد موقع الحب والرضا، فليس من الحسن تقدمة الطعام له دون بسمة الوجه، ومن دون خضوع القلب رضا بهذا الفعل، بل الواجب تحسين الفعل الواجب طاهراً بالحسن الباطن واللازم له.
اختتم البخاري رحمه الله كتابه بهذا الحديث الموقوف على الفاروق أنه قال: {لا يكن حبك كلفاً، ولا بغضك تلفاً، فقلت -أي أسلم-: كيف ذاك؟! قال: إذا أحببت كلفت كلف الصبي، وإذا أبغضت أحببت لصاحبك التلف}، وذلك تحت باب: لا يكون بغضك تلفاً.
وهذا القول من الفاروق رضي الله عنه هو جماع صلاح الحياة، لأنه دعوة للعدل والاقتصاد، وكل شيء محتاج لهذه القاعدة، ومن لم يقم بها هلك، وذلك لتغير أحوال الناس، وتنوع البلاء، ومن استجاب لهذه النصيحة لم يضره فراق محبوب، ولم يغيره عداوة عدو، ولم تؤخذ عليه كلمات الظلم، ولا كلمات الشغف، فحاله العدل، وقوله الاقتصاد، وقد أصاب الغاية رضي الله عنه لما شبه حب الغالي بكلف الصبي، والذي يتعلق بالأشياء والأغيار تعلق الصب الأعمى الذي لا يميز، فيبكي إن فقد، ويفرح فرح الغافل إن أصاب مراده، وهو صغير في هذا المراد.

هذا مبتدأ الأدب، فلا أدب بلا بر لمن أحسن إليك، ولا أدب لمن بر البعيد قبل القريب، ولا أدب في الوجود خارج الأدب مع الوالدين، ثم لا تمام لراحة البال وحسن طيب الحياة إلا بأن تعلم أنها لا تستقيم على حال، ولا تدوم على منوال، ولا يحسن فيها إلا العدل والاقتصاد.
الحب في القلب، لكن ضابطه العقل، والفعل الحسن في الظاهر لازمه حسن الباطن، وبهذا تكون على هدي الاولين في أدبهم.
☆▪▪☆▪▪☆

الأدب: هذه الكلمة التي تعيش الحزن في زماننا، وتشتكي إلى الله من قلة المقبلين عليها، ويتجرع الناس بضعفها مر المذاق، فلا أدب مع والدين، ولا مع أستاذ، ولا مع صديق، ولا مع جار.
تشكو إلى الله ذهابها من الكلمات، ومن التصرفات، ومن الجلسات، بل ومن خطوات القلوب.
هذه الكلمة التي لا يحسن شيء إلا بوجودها، ولا تطيب الحياة إلا مع سريانها فيها، فلا علم بلا أدب، ولا جهاد بلا أدب، ولا دين بلا أدب.
تأمل كلمات بعضهم كيف هي، وكان البعض قد أقسم بين الركن والمقام أن لا يقول كلمة حب، ولا كلمة إنصاف، ولا كلمة تشجيع، ولا كلمة أدب، لا بمعناها ولا بلفظها.
تأمل هؤلاء كيف يحيكون حياكة السوء، وقالة السوء، وكلمات السوء.
والله إن بعضهم ليفر من الأدب فرار الخنفساء من الطيب، لتعودها أن لا تجر إلا القذر، ولو صب عليها الطيب يوماً لماتت.
ووالله ما رأيت سيء خلق مع إخوانه إلا وهو سيء الخلق مع والديه، ولا رأيت قبيح القول مع الناس إلا وهو قبيح القول مع أهله، فالمرء ليس له قلبان، ولا له لسانان، ومن غمس القلب في الطيب طاب لسانه، ومن غمس قلبه بالقذر تقذر لسانه.

والحمد لله رب العالمين.


تم إغلاق صفحة الفيس بوك، والحمد لله، دون ذكر الأسباب.


عالم عزة المؤمنين وهزيمة الكافرين يصنع على عين الله من خلال هؤلاء، والذين بإذن الله سيرثون هذه الأرض، وحينها يعلم الناس قيمة الضعفاء، وأهمية الشعث الغبر، ولذلك من فضل الله على العبد إن لم يدرك مقاماتهم أن يحبهم، وأن يدعو لهم، ليحشر معهم، وسحقاً ثم سحقاً لمن خذلهم، وأساء لهم، وتعقب عوراتهم، وقذفهم بالظلم والكذب.

والحمد لله رب العالمين


المجاهدون هم أولياء الله

لا يعلم في شرعنا عمل من الطاعات بعد أركان الإسلام أعظم من الجهاد في سبيل الله، ويتعين هذا الفضل ويزيد حين يكون الجهاد واجباً شرعياً، يتحقق فيه دفع الصائلين، وحفظ بيضة الدنيا والدين، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم ذروة سنام الإسلام، واليوم وقد فتح الله بابه للأمة، وزادت رقعته الجغرافية، وصار على مرمى حجر من الأرض المباركة، وثبت وجوده، واستعصى إزالته على قوى الكفر، فوجب الثقة بالله أن هذا الجهاد في بلاد الشام، في سوريا الشام، وفي غزة الشام، وفي غيرها من مواطن الجهاد أنه منصور بإذن الله، وها هي قوى الكفر في أفغانستان بذلت الجهود، ودفعت الأموال، وقذفت برجالها، ومع ذلك فرجال طالبان يزدادون نصراً وتأييداً، وتوسعاً، ويفرضون أعمالهم وشروطهم على أعتى قوى الكفر، وكل مواطن الجهاد هي واقع ينتظر نصر الله، والفتح القريب، وما من مكان يهتز فيه الطاغوت، إلا وستجد أن الوراثة لأهل التوحيد والجهاد، ولأمة الإسلام المجاهدة، ولذلك فإن أمة الإسلام على موعد مع النصر، وسقوط قوى الكفر والردة، وهذا من فضل الله تعالى.

واليوم وجب على كل مسلم محبة هؤلاء القوم، وموالاتهم، ونصرتهم، بل واعتقاد أنهم خير أهل الأرض، فهم خير من طلبة العلم، وخير من العباد، وخير من أي عمل آخر من الطاعات التي يصرف الناس فيها أوقاتهم، ويتحقق الفضل مع الجهاد مع هذه الطاعات من طلب العلم والذكر والأعمال الصالحة، والتي تحقق للمجاهد كل فضل وخير وصلاح.
هؤلاء الذين ينتظرون الشهادة كل وقت فيتحقق فيهم قوله صلى الله عليه وسلم: (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة).
وبهم تسد الثغور، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها).
وبقيام المرء في الجهاد يعني دوام عبوديته لله تعالى ما دام فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم بمن يجاهد في سبيله، كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالماً مع أجر وغنيمة).
فهذه أعمال الأولياء، الصيام والقيام، ومنتهاها رضا الرحمن، فأين من يجمع هذه الخصال اليوم سوى المجاهد في سبيل الله تعالى؟! فلذلك هم أولياء الله حقاً، وهم جنده، وأحباؤه، منهم يصطفي الشهداء، وبهم يسلط عذابه على أعدائه، وبهم يحقق قدره بعزة الإيمان وتبكيت الكفر والكافرين، فهم قدره الذي يجريه على الخلق، من حب أو بغض لهم.

والواجب مع هؤلاء الأولياء نشر محاسنهم ومناقبهم، والدفاع عنهم، ومحبتهم في حياتهم قبل موتهم، فإن العظيم هو من يعرف قيمة الشيء قبل زواله، فيحمده على ما فيه من فضل، وينصح له بالحب لا بالتعيير والسب والتثريب، فيكون مع المنافقين في هذا الباب، إذ شأنهم الوقيعة في أولياء الله تعالى ونشر الشر عنهم، وتعييرهم إن حصل منهم الغلط، وحمل أعمالهم على شر ما تحمل الأقوال والأعمال، ولعمر الحق هذا من النفاق، وإن خفي على صاحبه.

لتعلم قيمة هؤلاء الشعث الغبر فتفكر في حال العالم بدونهم، فأين الشهداء، وأين المرابطون، وأين الإنفاق في سبيل الله، وأين العين التي تحرس في سبيل الله، وخلو العالم من هذه الفضائل شر على العالم أجمع ولا شك.
ثم تفكر لو ذهبت شوكة هؤلاء مع ضعفها، ماذا سيكون حال الضعفة من المسلمين أمام أعداء الله تعالى، وكيف سيكون حال أهل السنة، والله يقول عن حال هؤلاء الضعفة من الرجال والنساء والأطفال (ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها).
هؤلاء الرجال والفتية الذين يعيشون في الرباط، ويهجرون ترف المنام والعيش الرغيد، وعيونهم ترجو رحمة الله، وترقب نصره، وتدعو بالعافية مع الوجل والخوف هم أولياء الله حقاً.
بهذا الجهاد هم أهل الصبر، وهم أهل التوكل، وهم أهل العطاء، جادوا بخير ما يملكون، وهي نفوسهم، وهم أهل الزهد، وهم يصلون مع الجهاد، ويذكرون مع الجهاد، ويصومون مع الجهاد، فهل في الأرض مثل هؤلاء؟!.

مما يؤسف له أن أمتنا لا تعرف قيمة هؤلاء العظماء، ومشايخنا إلا من رحم الله لا يرون لأعمال هؤلاء فضلا، بل تدخل بهم العيون، وتسلط عليهم الألسنة، ويقذفون بكلمات الظلم والإهانة، وتنشر عنهم الإشاعات، وتعظم ذنوبهم، ولا يقبل منهم تأويلاً، ولا يعذرون في اختيار يلائم حالهم؛ حال الصبر والبلاء.
لقد تعودت أمتنا أن لا ترى قيمة الأسس، والتي من شأنها أن تكون ثفيلة غير جميلة، وقوية صابرة غير منمقة، ولذلك يعظمون الصور اللامعة، والمزينات لا الحقائق، ولذلك تنصرف كلمات التبجيل إلى الكلمات حيناً دون الأفعال، وإلى الخطباء دون المجاهدين، وإلى المؤتمرات لا المعارك، وهذا من سوء التقدير وجهل الأحكام.


Репост из: مؤسسة خير أمة
📌 .. | (( عدنا لكي نؤرقهم من جديد )) | ..

📚 قناة || مؤسسة #خير_أمة في بلاد الشام ||
🔹 المؤسسة الجهادية الأضخم في بلاد الشام ..

📎 الرابط :: https://t.me/joinchat/AAAAAEjjkYkJzD4sjacTfA

📍ولا تنسونا من الدعم والمشاركة 🌹🌹


كم أحب للمجاهدين في الشام أن يغلقوا هواتفهم ليقطعوها عن سماع ما يأتيهم من الخارج من كلام وخصومات، فهم من يعيش الحدث، وهم من سيدفع ثمن مواقفهم، إذ أغلب ما يأتي من الخارج -إلا ما رحم الله- حشرجات نفوس، وخصومات أهواء، ودعوات عنترية، والحال اليوم لا يحتمل هذه الكلمات، فالبلاء عظيم، وكل أخ عندك هناك هو درعك وسندك، وهو الذي يفديك وتفديه، فألقوا عن أنفسكم غبار الشرور، وكلمات التفريق، ودعوات الشر، والتقوا على كلمة واحدة:

رَكْضًا إِلَى الله بِغَيْرِ زَادِ * إِلاَّ الْتُّقَى وَعَمَلَ المَعَادِ
وَالْصَّبْرَ فِي اللَّهِ عَلَى الْجِهَادِ * إِنَّ الْتُّقَى مِنْ أَعْظَمِ الْسَّدَادِ
وَخَيْرُ مَا قَادَ إِلَى الرَّشَادِ * وكُلُّ حَيٍّ فَإِلَى نَفَادِ

هذا دينكم، وهذه مواقفكم، وأنتم خيار أهل الأرض، بل عمد الإيمان فيها، فلا تشغلوا أنفسكم إلا بتقوى الله، وبحب المؤمنين، واطردوا عنكم الشر والشيطان، واعلموا أن شر أعمال الشيطان بينكم هو التفرقة، وإشاعة السوء.
لتجمعكم التقوى، والحب في الله قبل أن تجمعكم الشهادة، فتأتون يوم القيامة أخوة في الله على منابر من نور، تحت ظل الله، يوم لا ظل إلا ظله.

اللهم اجمع قلوبهم، وسدد رأيهم وقولهم، وأبعد عنهم كيد الشيطان وجنده، وخذ بنواصيهم إليك أحبة فيك، واحشرني معهم لحبي لهم.
آمين.

Показано 20 последних публикаций.

4 607

подписчиков
Статистика канала