الفوائد المنتخبة من شرح ثلاثة الاصول ١قال الشيخ د عبدالله العنقري وفقه الله :[
أمر الولاء والبراء حصل فيه خلط كبير جدًا في الأزمنة المتأخرة، وما كان هٰذا الخلط موجودًا عند أهل السنة بتاتًا؛ لأن هٰذه المسألة من المسائل العقدية التي يستدل عليها بالنصوص وهي جلية والحمد لله تعالى واضحة، لكن إذا تعومل معها بغير طريقة النصوص وفهم السلف الصالح فإن الضلال يقع فيها، عقوبة وجزاء وفاقًا لمن خرج عن فهم نصوص الكتاب والسنة على غير طريقة السلف، السلف الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم لم يعتقدوا فقط، بل اعتقادهم مطبق؛ لأن الله تعالى مكّن لهم في الأرض، وصار تطبيقهم للإسلام جليًّا في واقع أنفسهم وفي الدولة الإسلامية على امتداد التاريخ الذي كان هو موضع الاستدلال والاستشهاد الذي كان وفق إجماع محوطًا بعلم نافع، وبأئمة جعل الله تعالى لهم الإمامة في الدين.
🔷 تناول الولاء والبراء طائفتان ضلتا عن الحق:
أما الطائفة الأولى: فهم الهمج الرعاع من الذين خانوا الله ورسوله والمؤمنين من عبيد الغرب، من حثالات العلمانيين والليبراليين ممن أرادوا ضرب الولاء والبراء بأسره، ويظن هؤلاء الذين لا يفقهون ولا يعلمون يظنون أن هٰذه الجبال الشامخة في دين الله يمكن أن يأتي هؤلاء الأقزام السخفاء ويسقطوها، الولاء والبراء يستحيل أن يسقطه أحد، آيات الولاء والبراء أكثر من آيات الصوم، وأكثر من آيات الحج، كثيرة جدًا لا تستطيع أمة بأسرها أن تسقط الولاء والبراء.
الولاء والبراء من أصل دين الله عز وجل، فمثاله مثال من يريد أن يجحد الصوم، مستحيل هٰذا الأمر لو أردت أن تخفي آيات الصوم وأحاديث الصوم مستحيل هٰذا الأمر، فالولاء والبراء عقيدة يدين بها المؤمن، فيوالي أهل الإيمان، ويعادي أعداء الله عز وجل، ممن أبوا الانصياع لأمر الله تعالى وأمر رسوله ﷺ.
أما هؤلاء الهمج فإنهم يريدون أن يجعلوا المسألة ذائبة، لا يكون فرق بين مسلم ونصراني ويهودي وكثيرًا ما يعبّرون بتعبيرات فضفاضة، مثل عبارة: ( كوننا جميعًا من البشر )، و (تضمّنا الإنسانية) ونحو ذلك من العبارات التي يريدون أن يذيبوا فيها هٰذه العقيدة العظيمة، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
فالولاء والبراء جزء عظيم، وركن ركين من الاعتقاد لا يمكن بحال من الأحوال أن يزحزحه هؤلاء، هٰذا فيما يتعلق بالصنف الأول الذي أراد أن يضرب عقيدة الولاء والبراء.
الطائفة الثانية: الذي بالغ وجاوز الحد الشرعي والنهج العلمي والأسلوب الذي كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم في التعامل مع أمر الولاء والبراء وفق النصوص، وهدي رسول الله ﷺ وهدي السلف الصالح رضي الله عنهم، المؤمن أعظم أهل الأرض إنصافًا، وظل المسلمون منصفين، لا يخفرون بذمة، ولا ينقضون عهدًا، وضربوا في ذلك الأمثلة التي لو أرادها الواحد منا لمضت الساعات الطوال ولم تنتهي في هٰذه المسألة، فكون الإنسان يعادي أعداء الله لا يعني أن يظلمهم، الفرق كبير جدًّا بين معاداة أعداء الله عز وجل وبين الظلم.
الظلم أيها الإخوة مثل الزنا، فكما أنه لا يحل أن تزني بمسلمة ولا كافرة، فالظلم من حيث هو لا يحل أن توقعه لا على مسلم، ولا على كافر، ولا على دابة، حتى قال الحسن البصري رحمة الله تعالى في قول الله تعالى: ﴿ إن الأبرار لفي نعيم ﴾ قال: الأبرار الذي لا يؤذون الذر.
ما الذر؟
النمل الصغار هٰذه، المؤمن لا ضرر منه، وإذا أراد أن يعاقب، أو أراد أن يقاتل، أراد أن يكافئ، فإن كل ذلك على بصيرة وعلى علم.
ومن هنا بالغ أناس في فهم موضوع الولاء والبراء مبالغة شديدة، فقلصوا الولاء الذي هو لأهل الإسلام على من اشتهوا، وجعلوه خاصًّا بمن يقول بمقولتهم، فمن قال بمقولتهم فإنه يوالى، ومن خالفهم ولو مخالفة علمية فإنه يعادى، وهٰذا ابتداع بلا أدنى شك، هٰذا ضرب من ضروب البدعة، ونوع من التحزب المقيت الذي نهت عنه النصوص، وأمر الله فيه بالجماعة وهو خارج عن مسلك العلم؛ لأن العلم طرح مسائل وترجيحها وفق أدلة، أما أن تقول: هٰذا هو الصواب وإن لم تقل به عاديتك، فما هٰذا بمنهج السلف بلا أدنى شك، بل هٰذا منهج جهول دال على قلة علم وقلة بصيرة من فعله...].
من الدرس الأول لشرح ثلاثة الأصول وأدلتها
رابط الشرح المفرّغ بصيغة PDF
https://t.me/malnakhil/215