مقتطفات مختارة من خطبة الجمعة
[٢-٥-١٤٣٩هـ] والتي ألقاها
فضيلة الشيخ/ د. ماهر بن حمد المعيقلي •من منبر المسجد الحرام•
• الْحَیَاءُ خَیْرٌ كُلُّه •
١- أمة الإسلام: لقد كانت الدعوة إلى مكارم الأخلاق ، من أھم مقاصد بعثة
النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند الإمام أحمد ، قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَیْه وَسَلَّمَ : (( إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ صَالِحَ الأَْخْلاَقِ )) .
والإیمان وحسن الخلق متلازمان ، قال صلى الله علیه وسلم: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِینَ إِیمَانًا ، أَحْسَنُھُمْ خُلُقًا» ، رواه أبو داوود في سننه.
..
٢- فالإیمان یعظم ویكمل بحسن الأخلاق وكمالھا، والأخلاق تثقل الموازین،
وتزید في إیمان العبد حتى یصل إلى مراتب الكمال.ومن الأخلاق الفاضلة التي قُرِنَتْ بالإیمان ، خلُق الحیاء، قال صلى الله
علیه وسلم: ((الْحَیَاءُ وَالإِْیمَانُ ، قُرِنَا جَمِیعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُھُمَا رُفِعَ الآْخَرُ )).رواه الحاكم في مستدركه.
أي: أن كل واحد منهما قرن بالآخر، فإذا رفع الحیاء عن الإنسان ، نقص بمثل ذلك القدر من إيمانه .
..
٣- والحیاء یا عباد الله : ھو خلق الأنبیاء والمرسلین، ومن سار على نھجھم
من الصحابة والتابعین ، فھذا موسى علیه السلام قال عنھ النبي صلى الله
علیه وسلم: " إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلاً حَیِیًّا سِتِّیرًا، لاَ یُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ
اسْتِحْیَاءً مِنْهُ )) رواه البخاري ، وأما نبینا صلَّى الله علیه وسلَّم ، فقد تسنَّم صُوَرَ الحیاء في أعلى قاماتھا، فعن أَبَي سَعِیدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْھِ وَسَلَّمَ (( أَشَدَّ حَیَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِھَا ، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَیْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْھهِ )) .
أي: لا یتكلم به لحیائه ، بل یتغیر وجھه ، فیفھم الصحابة كراھته لذلك .
..
٤- بل بلغ من حیائه صلى الله علیھ وسلم ، أنّه كان یتحرَّج بأن یُشعر زوَّارَه
والمستأنسین بمجلسه ، بأنَّھم قد طال جلوسھم عنده ، وحدیثھم في بيته، فأنزل الله سبحانه : (( فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِینَ لِحَدِیثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ
كَانَ یُؤْذِي النَّبِيَّ فَیَسْتَحْیِي مِنكُمْ )) .
..
٥- والحیاء فوق ذلك كله ، ھو صفة للرب جل جلاله وتقدست أسماؤه ، وحیاء الرب تبارك وتعالى ، حَیَاءُ جُودٍ وَكَرَمٍ ،وبِرٍّ وَجَلاَلٍ. فَإِنَّهُ سبحانه حَیِيٌّ كَرِیمٌ ، یَسْتَحْیِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَیْهِ یَدَیْهِ أَنْ یَرُدَّھُمَا صِفْرًا خائبتین ، وَیَسْتَحْیِي أَنْ یُعَذِّبَ ذَا شَیْبَةٍ شَابَتْ فِي الإِْسْلاَمِ.
..
٦- وكما یستحیي المسلم من الخَلْقْ ، فإن علیه أن یستحیي من الخالق سبحانه
، فلا یتأخر في طاعتھ، ولا ینسى شكر نعمه، ولا یراه حیث نھاه ، أو
یفتقده حیث أمره ، فالله جل جلاله وتقدست أسماؤه ، أحق أن یستحیي منه،
وبذلك أوصى النبي صلى الله علیه وسلم أحد أصحابه ، ففي معجم
الطبراني : (( أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله علیه وسلم أَوْصِنِي ، . قَالَ: أُوصِیكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللهََّ ِ ، كَمَا تَسْتَحِي رَجُلاً صَالِحاً مِنْ قَوْمِكَ )).
..
٧- إن الحیاء دلیل على رجاحة العقل، وأدب في التعامل مع الخلق، وطریق خیر وصلاح، وسعادة وفلاح ، في الدنیا والآخرة.
الحیاء شعار المتقین ، ودثار الصالحین ، وجلباب ستر الله على عباده المؤمنین، وإذا أصر العبد على الذنوب والمعاصي ، ولم یسلك طریق التوبة ، نزع
منه الحیاء ، ومن نزع حیاؤه حل ھلاكه، فتمادى في تحصیل شھواته ، وظھرت مساوئه، ودفنت محاسنه، وكان عند الناس مھاناً، وعند الله
ممقوتاً.
..
٨- إن من مظاھر نقص الحیاء ، انتشار الألفاظ النابیة،
والتصرفات المشینة، والكذب والتضلیل، وعدمُ احترام الآخرین ، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي ، فلا یرعى لكبیر حقًا، ولا لصغیر ضعفا .
..
٩- وإن من مظاھر ضعف الحیاء : تشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ،
ففي صحیح البخاري ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهَُّ عَنْھُمَا قَالَ: (( لَعَنَ رَسُولُ اللهَِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْه ِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّھِینَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّھَاتِ
مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ )).
..
١٠- أن الذي یُحَرِّكُ فِي الْقَلْبِ الْحَیَاءَ مِنَ اللَّهِ عز
وجل، أمور ثلاثة: تَعْظِیمُ اللهََّ ِ وَحُبُّهُ ، وَالْعِلْمُ بِرُؤْیَتِه وَاطِّلاَعِهِ ؛ فَمَتَى مَا كَانَ الْقَلْبُ مُعَظِّمًا لِرَبِّهِ، مُحِبًّا لَهُ سُبْحَانَه، عَالِمًا بِاطِّلاَعِه وَرُؤْیَتِهِ ، وَأَنَّهُ لاَ تَخْفَى عَلَیْه ِخَافِیَةٌ ، تَحَرَّكَ الْقَلْبُ حَیَاءً مِنَ اللهََّ ِ جَلَّ جلاله وتقدست أسماؤه.
..
[٢-٥-١٤٣٩هـ] والتي ألقاها
فضيلة الشيخ/ د. ماهر بن حمد المعيقلي •من منبر المسجد الحرام•
• الْحَیَاءُ خَیْرٌ كُلُّه •
١- أمة الإسلام: لقد كانت الدعوة إلى مكارم الأخلاق ، من أھم مقاصد بعثة
النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند الإمام أحمد ، قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَیْه وَسَلَّمَ : (( إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ صَالِحَ الأَْخْلاَقِ )) .
والإیمان وحسن الخلق متلازمان ، قال صلى الله علیه وسلم: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِینَ إِیمَانًا ، أَحْسَنُھُمْ خُلُقًا» ، رواه أبو داوود في سننه.
..
٢- فالإیمان یعظم ویكمل بحسن الأخلاق وكمالھا، والأخلاق تثقل الموازین،
وتزید في إیمان العبد حتى یصل إلى مراتب الكمال.ومن الأخلاق الفاضلة التي قُرِنَتْ بالإیمان ، خلُق الحیاء، قال صلى الله
علیه وسلم: ((الْحَیَاءُ وَالإِْیمَانُ ، قُرِنَا جَمِیعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُھُمَا رُفِعَ الآْخَرُ )).رواه الحاكم في مستدركه.
أي: أن كل واحد منهما قرن بالآخر، فإذا رفع الحیاء عن الإنسان ، نقص بمثل ذلك القدر من إيمانه .
..
٣- والحیاء یا عباد الله : ھو خلق الأنبیاء والمرسلین، ومن سار على نھجھم
من الصحابة والتابعین ، فھذا موسى علیه السلام قال عنھ النبي صلى الله
علیه وسلم: " إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلاً حَیِیًّا سِتِّیرًا، لاَ یُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ
اسْتِحْیَاءً مِنْهُ )) رواه البخاري ، وأما نبینا صلَّى الله علیه وسلَّم ، فقد تسنَّم صُوَرَ الحیاء في أعلى قاماتھا، فعن أَبَي سَعِیدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْھِ وَسَلَّمَ (( أَشَدَّ حَیَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِھَا ، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَیْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْھهِ )) .
أي: لا یتكلم به لحیائه ، بل یتغیر وجھه ، فیفھم الصحابة كراھته لذلك .
..
٤- بل بلغ من حیائه صلى الله علیھ وسلم ، أنّه كان یتحرَّج بأن یُشعر زوَّارَه
والمستأنسین بمجلسه ، بأنَّھم قد طال جلوسھم عنده ، وحدیثھم في بيته، فأنزل الله سبحانه : (( فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِینَ لِحَدِیثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ
كَانَ یُؤْذِي النَّبِيَّ فَیَسْتَحْیِي مِنكُمْ )) .
..
٥- والحیاء فوق ذلك كله ، ھو صفة للرب جل جلاله وتقدست أسماؤه ، وحیاء الرب تبارك وتعالى ، حَیَاءُ جُودٍ وَكَرَمٍ ،وبِرٍّ وَجَلاَلٍ. فَإِنَّهُ سبحانه حَیِيٌّ كَرِیمٌ ، یَسْتَحْیِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَیْهِ یَدَیْهِ أَنْ یَرُدَّھُمَا صِفْرًا خائبتین ، وَیَسْتَحْیِي أَنْ یُعَذِّبَ ذَا شَیْبَةٍ شَابَتْ فِي الإِْسْلاَمِ.
..
٦- وكما یستحیي المسلم من الخَلْقْ ، فإن علیه أن یستحیي من الخالق سبحانه
، فلا یتأخر في طاعتھ، ولا ینسى شكر نعمه، ولا یراه حیث نھاه ، أو
یفتقده حیث أمره ، فالله جل جلاله وتقدست أسماؤه ، أحق أن یستحیي منه،
وبذلك أوصى النبي صلى الله علیه وسلم أحد أصحابه ، ففي معجم
الطبراني : (( أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله علیه وسلم أَوْصِنِي ، . قَالَ: أُوصِیكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللهََّ ِ ، كَمَا تَسْتَحِي رَجُلاً صَالِحاً مِنْ قَوْمِكَ )).
..
٧- إن الحیاء دلیل على رجاحة العقل، وأدب في التعامل مع الخلق، وطریق خیر وصلاح، وسعادة وفلاح ، في الدنیا والآخرة.
الحیاء شعار المتقین ، ودثار الصالحین ، وجلباب ستر الله على عباده المؤمنین، وإذا أصر العبد على الذنوب والمعاصي ، ولم یسلك طریق التوبة ، نزع
منه الحیاء ، ومن نزع حیاؤه حل ھلاكه، فتمادى في تحصیل شھواته ، وظھرت مساوئه، ودفنت محاسنه، وكان عند الناس مھاناً، وعند الله
ممقوتاً.
..
٨- إن من مظاھر نقص الحیاء ، انتشار الألفاظ النابیة،
والتصرفات المشینة، والكذب والتضلیل، وعدمُ احترام الآخرین ، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي ، فلا یرعى لكبیر حقًا، ولا لصغیر ضعفا .
..
٩- وإن من مظاھر ضعف الحیاء : تشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ،
ففي صحیح البخاري ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهَُّ عَنْھُمَا قَالَ: (( لَعَنَ رَسُولُ اللهَِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْه ِ وَسَلَّمَ المُتَشَبِّھِینَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالمُتَشَبِّھَاتِ
مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ )).
..
١٠- أن الذي یُحَرِّكُ فِي الْقَلْبِ الْحَیَاءَ مِنَ اللَّهِ عز
وجل، أمور ثلاثة: تَعْظِیمُ اللهََّ ِ وَحُبُّهُ ، وَالْعِلْمُ بِرُؤْیَتِه وَاطِّلاَعِهِ ؛ فَمَتَى مَا كَانَ الْقَلْبُ مُعَظِّمًا لِرَبِّهِ، مُحِبًّا لَهُ سُبْحَانَه، عَالِمًا بِاطِّلاَعِه وَرُؤْیَتِهِ ، وَأَنَّهُ لاَ تَخْفَى عَلَیْه ِخَافِیَةٌ ، تَحَرَّكَ الْقَلْبُ حَیَاءً مِنَ اللهََّ ِ جَلَّ جلاله وتقدست أسماؤه.
..