أهم الأحداث قبل مولد الحبيب المصطفى ﷺ ..
١
. قصة حفر عبد المُطلب جدّ النبيّ ﷺ لزمزم :ذكر الشيخ إبراهيم العلي في كتابه " صحيح السيرة النبوية " رواية صحيحة في قصة حفر عبد المطلب لزمزم من حديث علي بن أبي طالب - رضي ﷲ عنه - قال :
" قال عبد المطلب : إني لنائم في الحجر إذ أتاني آتٍ فقال لي : احفر طيبة، قلت : وما طيبة ؟ قال : ثم ذهب عني . قال : فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فيه، فجاءني فقال : احفر برة، قلت : وما برة ؟ قال : ثم ذهب عني . فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال : احفر المضنونة، قلت : وما المضنونة؟ قال : ثم ذهب . فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي، فنمت فيه، فجاءني فقال : احفر زمزم، قلت : وما زمزم ؟ قال : لا تنزف أبدًا ولا تُذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل .
قال : فلما بيَّن شأنها، ودلَّ على موضعها، وعرف أنه قد صدق، غدا بمعول ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب، وليس معه يومئذ ولد غيره، فحفر فيها، فلما بدا لعبد المطلب الطيُّ كبّر، فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه فقالوا : يا عبد المطلب، إنها بئر أبينا إسماعيل، وإنا لنا فيها حق، فأشركنا معك فيها، قال : ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر قد خُصصت به دونكم، وأُعطيته من بينكم، قالوا له : فأنصفنا، فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها، قال : فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه، قالوا : كاهنة بني سعد بن هذيم، قال: نعم، وكانت بأشراف الشام .
فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، فخرجوا والأرض إذ ذاك مفاوز، حتى إذا كانوا ببعضها نفد ماء عبد المطلب وأصحابه، فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من كانوا معهم فأبوا عليهم، وقالوا : إنا بمفازة وإنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم، فقال عبد المطلب : إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما لكم الآن من القوة، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واراه، حتى يكون آخرهم رجلًا واحدًا، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعه، فقالوا : نعم ما أمرت به .
فحفر كل رجل لنفسه حفرة ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشًا، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه : والله إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لا نضرب في الأرض، ولا نبتغي لأنفسنا لعجز، فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد، ارتحلوا، فارتحلوا حتى إذا بعث عبد المطلب راحلته انفجرت من تحت خفّها عين ماء عذب، فكبّر عبد المطلب، وكبّر أصحابه، ثم نزل فشرب وشرب أصحابه، واستسقوا حتى ملئوا أسقيتهم، ثم دعا قبائل قريش وهم ينظرون إليهم في جميع هذه الأحوال، فقال : هلموا إلى الماء فقد سقانا الله، فجاءوا فشربوا، واستقوا كلهم، ثم قالوا : قد والله قُضي لك علينا، والله ما نخاصمك في زمزم أبدًا، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدًا ، فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة، وخلوا بينه وبين زمزم " .
طيبة : مشتقة من الطيب، وبه سميت المدينة .
برة : مشتقة من البر، والبر : هو الخير والطهارة .
المضنونة : الغالية النفيسة التي يُضن بمثلها، أي يُبخل .
لا تنزف : أي لا يفرغ ماؤها ولا يلحق قعرها .
الغراب الأعصم : الذي في ساقيه بياض .
قرية النمل : المكان الذي يجتمع فيه النمل .
المعول : الفأس .
الطيّ : حافة البئر .
المفازة، جمعها مفاوز : القفار .
بعث راحلته : أقامها من بروكها .
هزمة أو همزة : أثر ضربته في الأرض بعقبه أو جناحه .