له عليه وسلم الذي قال أبو سفيان لِعَمِّه بعد سنوات:" لقد صار ملكُ ابنِ أخيكَ عظيماً"!!
والصِدِّيقُ الذي منعوه عِقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُرسل لهم أبا ذر ليناقشهم بالحكمة والموعظة الحسنة، بل أرسل لهم سيفَ اللهِ ليفتتح المجزرة!!
ومُستَكبرٍ لم يَعرفِ اللهَ ساعةً
رأى سَيفَه في كَفِّهِ فَتَشَهَّدا
هكذا قال سيدُ شعراء الدنيا قديماً.. وأقدم منه قول أبي مسلم الخراساني (صاحب الدولة العباسية) حين جاءه كتاب عبد الحميد (كاتب الدولة الأموية)؛ فخشي على نفسه من بلاغة عبد الحميد (حين كانت البلاغةُ تقتلُ أهلَ العقول)؛ فضرب الكتابَ بسيفه قبل أن يقرأه، ثم أنشأ يقول:
محا السيفُ أسطارَ البلاغة وانتحى
عليكَ ليوثُ الغابِ من كل جانبِ
لم يقل الخراساني شعراً قبله ولا بعده.. كان بيتاً يتيماً قاله ذات حزم، ثم يَتَّم بعده آلافَ الأطفال لأن آباءَهم لم يكونوا على استعدادٍ لفهم طبيعة السنن الربانية في صُعودِ الدول وسقوطها!!
آخر الدواء الكي..
وما نيلُ المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا
الأمويون، العباسيون، العثمانيون، الفاطميون، الأيوبيون، المماليك، الأغالبة، الأدارسة، البويهيون، السلاجقة.. لن تَجدَ دولةً قامت وتسلطنت إلا بالسيف وعلى السيف؛ يستوي في ذلك الدول الكافرة والدول المسلمة.. التغيير الجذري لا يتم إلا بالقوة؛ سواء أكان تغييراً من باطلٍ إلى حق أم من حقٍ إلى باطل..
الحقُ والباطلُ- واقعياً- نسبيان إلى الحد الذي يجعلهما كعجين الصلصال؛ تُشَكِّلُهُمَا يدُ القوة كيف شاءت!!
حَقُّ القوةِ يُغَيِّر..
قُوةُ الحقِ تُدِيم..
فإذا بَهَتت شُعلةُ الحقِ في نفوس أصحابها جَرَتْ عليهم سُنّةُ التداول بقوةٍ ناشئةٍ تجعلهم أثراً بعد عَين وشَواهِدَ بَعد مَشَاهِد.. وهكذا دواليك حتى يأتي أمر الله!!
لا شيء بين مشرقيها ومغربيها سوى هذا؛ فلا يستخفنك الذين يسارعون فيك "يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة".. لقد ارتضوا الوهم وتوهموا الرضا فأركسهم الله في الذل؛ "ومن يُرد اللهُ فتنته فلن تملك له من الله شيئا".
السُلطةُ أداتك لتحقيق غايتك؛ فاحرص على طلبها حرصك على تحقيق التوحيد بإخلاص العبودية؛ فإنهما لا يثبتان إلا بالسنان بعد اللسان.. وخل عنك وهم الواهمين الذين قالوا- طمأنةً لكلاب الحراسة- : "نريد أن نُحكَمَ بشرع الله لا أن نَحكُمَ بشرع الله"؛ فدارت بهم دواماتُ الوهم حتى لم يبق شرعٌ في الدنيا إلا حكمهم عدا شرع الله!!
إذا أردتَ إصلاحَ العالم فَسَاهِم في تسريع انهياره!!
ما حَولَكَ ليسَ عَالَمَاً..
ما حَولَكَ ليس سوى مناطق توحش أداروها منذ ما يزيد على مائتي سنة حين قَطَّعُوهَا قِطَعَاً ثم نَصَّبُوا عليها كلابَ حراسةٍ تَحرسُ قواعد المكان التي قَعَّدُوهَا، ثم أطلقوا عليها مصطلحاتٍ تسحر أعينَ الناس وتسترهب قلوبهم: دولة، إمارة، مملكة، جمهورية، جماهيرية.. بينما لا يستطيع كلبُ الحراسة أن يتصرف في مَفْحَصِ قَطَاةٍ منها خارج إرادة الراعي الرسمي لمنطقة توحشه!!
إسقاطُ هذا التوحش فطرةٌ إنسانيةٌ قبل أن يكون فريضةً دينية؛ فلا يستخفنك المتعجلون الإنسانويون معتزلو الصراع السلطوي.. فإنهم آفة هذا التيار؛ بل هم- عَلِمُوا أم لم يَعلموا- أداةٌ من أدوات حراسة قواعد المكان في يد كلب الحراسة.. وما اعتزلوا إلا حين علموا أنهم سيدفعون ثمنَ الكلام؛ فأمسكوا ألسنتهم إلا عنك، وكفوا نُبَاحَهم إلا عليك، ثم اعتنقوا دين الإنسانية الذي يرى صوتَ صراخِ المُغتَصَبةِ عورة، وَقَتلَ مُغتَصِبِهَا إرهاباً!!
ولا يزال المتعجل فيهم يظن حَياتَه (لَبِنَةَ الحياة) وليسَ (لَبِنَةً في الحياة)؛ فإن لم يدرك مُناه في حياته توهم الفشل فنكص على عقبيه وارتكس في وحل الهزيمة؛ فلا يَبلغُ أعداؤُه منه-حينئذٍ- مثلَ ما يَبلغُه من نَفْسِه .. وما علم هذا المرتكس أن مدار الأمر على الفتح وليس على النصر.. الفتح حالة نفسية تراكمية تتخللها انتصارات وانكسارات، تَقَدمٌ وتراجع، كَرٌّ وفَر.. ولو عاش في زمن (مودود) وقال مثل ما يقول الآن لسخر منه من عاش في زمن (صلاح الدين) أو (الأشرف خليل)؛ فقد بدأ الأمير الصالح شرفُ الدين مودود الجهاد ضد الصليبيين في مطلع القرن السادس الهجري، وكان- ويا لغرابة الموافقات- أميراً للسلاجقة على الموصل (تلك المدينة التي يعلمنا التاريخ أنْ لا شيء فيها يشبه شيئاً في غيرها؛ كأنها- لتفردها- أرضُ قيامة؛ ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد)، واستُشهد- ويا لغرابة الموافقات أيضاً- في مسجد دمشق على يد الرافضة الباطنية؛ (ليعلمنا التاريخ أيضاً أن الرافضي أداةُ قتل؛ إن لم يُقتَل قَتَل).. وسقط آخر معقل للصليبيين في بلاد الإسلام عام 690 ه على يد الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون.. وبين الرجلين ستجد (آق سنقر وابنه عماد الدين زنكي وحفيده نور الدين)، ثم (صلاح الدين/حطين) ثم الدولة الأيوبية كلها بأمرائها وقادتها وحروبها وفتوحها وانكساراتها، ثم معركة المنصورة، ثم (شجر الدر)، ثم دولة المماليك: (أقطاي، أيبك، قطز/عين جالوت، بيب
والصِدِّيقُ الذي منعوه عِقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُرسل لهم أبا ذر ليناقشهم بالحكمة والموعظة الحسنة، بل أرسل لهم سيفَ اللهِ ليفتتح المجزرة!!
ومُستَكبرٍ لم يَعرفِ اللهَ ساعةً
رأى سَيفَه في كَفِّهِ فَتَشَهَّدا
هكذا قال سيدُ شعراء الدنيا قديماً.. وأقدم منه قول أبي مسلم الخراساني (صاحب الدولة العباسية) حين جاءه كتاب عبد الحميد (كاتب الدولة الأموية)؛ فخشي على نفسه من بلاغة عبد الحميد (حين كانت البلاغةُ تقتلُ أهلَ العقول)؛ فضرب الكتابَ بسيفه قبل أن يقرأه، ثم أنشأ يقول:
محا السيفُ أسطارَ البلاغة وانتحى
عليكَ ليوثُ الغابِ من كل جانبِ
لم يقل الخراساني شعراً قبله ولا بعده.. كان بيتاً يتيماً قاله ذات حزم، ثم يَتَّم بعده آلافَ الأطفال لأن آباءَهم لم يكونوا على استعدادٍ لفهم طبيعة السنن الربانية في صُعودِ الدول وسقوطها!!
آخر الدواء الكي..
وما نيلُ المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا
الأمويون، العباسيون، العثمانيون، الفاطميون، الأيوبيون، المماليك، الأغالبة، الأدارسة، البويهيون، السلاجقة.. لن تَجدَ دولةً قامت وتسلطنت إلا بالسيف وعلى السيف؛ يستوي في ذلك الدول الكافرة والدول المسلمة.. التغيير الجذري لا يتم إلا بالقوة؛ سواء أكان تغييراً من باطلٍ إلى حق أم من حقٍ إلى باطل..
الحقُ والباطلُ- واقعياً- نسبيان إلى الحد الذي يجعلهما كعجين الصلصال؛ تُشَكِّلُهُمَا يدُ القوة كيف شاءت!!
حَقُّ القوةِ يُغَيِّر..
قُوةُ الحقِ تُدِيم..
فإذا بَهَتت شُعلةُ الحقِ في نفوس أصحابها جَرَتْ عليهم سُنّةُ التداول بقوةٍ ناشئةٍ تجعلهم أثراً بعد عَين وشَواهِدَ بَعد مَشَاهِد.. وهكذا دواليك حتى يأتي أمر الله!!
لا شيء بين مشرقيها ومغربيها سوى هذا؛ فلا يستخفنك الذين يسارعون فيك "يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة".. لقد ارتضوا الوهم وتوهموا الرضا فأركسهم الله في الذل؛ "ومن يُرد اللهُ فتنته فلن تملك له من الله شيئا".
السُلطةُ أداتك لتحقيق غايتك؛ فاحرص على طلبها حرصك على تحقيق التوحيد بإخلاص العبودية؛ فإنهما لا يثبتان إلا بالسنان بعد اللسان.. وخل عنك وهم الواهمين الذين قالوا- طمأنةً لكلاب الحراسة- : "نريد أن نُحكَمَ بشرع الله لا أن نَحكُمَ بشرع الله"؛ فدارت بهم دواماتُ الوهم حتى لم يبق شرعٌ في الدنيا إلا حكمهم عدا شرع الله!!
إذا أردتَ إصلاحَ العالم فَسَاهِم في تسريع انهياره!!
ما حَولَكَ ليسَ عَالَمَاً..
ما حَولَكَ ليس سوى مناطق توحش أداروها منذ ما يزيد على مائتي سنة حين قَطَّعُوهَا قِطَعَاً ثم نَصَّبُوا عليها كلابَ حراسةٍ تَحرسُ قواعد المكان التي قَعَّدُوهَا، ثم أطلقوا عليها مصطلحاتٍ تسحر أعينَ الناس وتسترهب قلوبهم: دولة، إمارة، مملكة، جمهورية، جماهيرية.. بينما لا يستطيع كلبُ الحراسة أن يتصرف في مَفْحَصِ قَطَاةٍ منها خارج إرادة الراعي الرسمي لمنطقة توحشه!!
إسقاطُ هذا التوحش فطرةٌ إنسانيةٌ قبل أن يكون فريضةً دينية؛ فلا يستخفنك المتعجلون الإنسانويون معتزلو الصراع السلطوي.. فإنهم آفة هذا التيار؛ بل هم- عَلِمُوا أم لم يَعلموا- أداةٌ من أدوات حراسة قواعد المكان في يد كلب الحراسة.. وما اعتزلوا إلا حين علموا أنهم سيدفعون ثمنَ الكلام؛ فأمسكوا ألسنتهم إلا عنك، وكفوا نُبَاحَهم إلا عليك، ثم اعتنقوا دين الإنسانية الذي يرى صوتَ صراخِ المُغتَصَبةِ عورة، وَقَتلَ مُغتَصِبِهَا إرهاباً!!
ولا يزال المتعجل فيهم يظن حَياتَه (لَبِنَةَ الحياة) وليسَ (لَبِنَةً في الحياة)؛ فإن لم يدرك مُناه في حياته توهم الفشل فنكص على عقبيه وارتكس في وحل الهزيمة؛ فلا يَبلغُ أعداؤُه منه-حينئذٍ- مثلَ ما يَبلغُه من نَفْسِه .. وما علم هذا المرتكس أن مدار الأمر على الفتح وليس على النصر.. الفتح حالة نفسية تراكمية تتخللها انتصارات وانكسارات، تَقَدمٌ وتراجع، كَرٌّ وفَر.. ولو عاش في زمن (مودود) وقال مثل ما يقول الآن لسخر منه من عاش في زمن (صلاح الدين) أو (الأشرف خليل)؛ فقد بدأ الأمير الصالح شرفُ الدين مودود الجهاد ضد الصليبيين في مطلع القرن السادس الهجري، وكان- ويا لغرابة الموافقات- أميراً للسلاجقة على الموصل (تلك المدينة التي يعلمنا التاريخ أنْ لا شيء فيها يشبه شيئاً في غيرها؛ كأنها- لتفردها- أرضُ قيامة؛ ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد)، واستُشهد- ويا لغرابة الموافقات أيضاً- في مسجد دمشق على يد الرافضة الباطنية؛ (ليعلمنا التاريخ أيضاً أن الرافضي أداةُ قتل؛ إن لم يُقتَل قَتَل).. وسقط آخر معقل للصليبيين في بلاد الإسلام عام 690 ه على يد الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون.. وبين الرجلين ستجد (آق سنقر وابنه عماد الدين زنكي وحفيده نور الدين)، ثم (صلاح الدين/حطين) ثم الدولة الأيوبية كلها بأمرائها وقادتها وحروبها وفتوحها وانكساراتها، ثم معركة المنصورة، ثم (شجر الدر)، ثم دولة المماليك: (أقطاي، أيبك، قطز/عين جالوت، بيب