قَنَتَ إمام الفجر عندنا على اليهود وكان من دعائه: (اللهم عليك باليهود الغاصبين فإنهم لا يعجزونك)، فقلت في نفسي: الله يعلم أنهم لا يعجزونه! ولكن مع ذلك بين الحكمة سبحانه من عدم إهلاكهم وإهلاك الكافرين عموما فقال:
(ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض) (سورة محمد الآية 4) وقال بعدها بآيات: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم (7)).
آيات تبين الحكمة من الابتلاء بهؤلاء المجرمين، وتبين خارطة الطريق...ومع ذلك فكأننا بدعائنا نقول: (بل أهلكهم يا رب بخارقةٍ من عندك! فنصرتك ونصرة دينك طريقها طويلة، وتبعاتها شاقة، وقد كسلنا عنها، فأهلكهم أنت من عندك فإنهم لا يعجزونك)!
هذا الدعاء (عليك بهم فإنهم لا يعجزونك) مُتَصوَّرٌ لو كنا في ساحة قتال، قد أعددنا ما نستطيع حقا، وبذلنا ما بوسعنا وطاقتنا، أدينا ما علينا، فنتبرأ من حولنا وقوتنا ونطلب من الله العون.
وماذا بإمكاننا أن نفعل غير الدعاء؟
الكثير الكثير، لكننا في كل مرة نريد حلا سريعا، وقد اقتضت سنة الله تعالى أن لكل شيء سببا.
استباحة الأقصى ثمرة استباحة سائر بلاد المسلمين ممن يغَيِّبون عنها شريعة ربها ويذلونها ويُخضعونها لأعدائها، ومشهد تدنيس إخوة القردة والخنازير للأقصى ليس إلا انعكاساً لتدنيس قلوبنا بالشهوات والوهن والشبهات..فلعل الأَولى أن نستعين بالله على أنفسنا أن يهديها لننصره فينصرنا...
لا أن نتخلى عن المسؤولية ثم نقول: فإنهم لا يعجزونك.
والله تعالى أعلم.
. . .
🔹 د. إياد قنيبي 🔹