قال الشيخ ابن عبيد الله السقاف مفتى حضرموت في كتابه بلابل التغريد :
(وقد جاءَ ذمُّ المُتْرَفِينَ والرُؤساءِ، وبَيانُ أنَّهم أصلُ الشَرِّ ومَنْبَعُ الفسادِ، ومَجْلَبةُ الدَّمارِ، في ما لا يُحصى مِنَ الآياتِ ...[ثم ذكر رحمه الله الآيات وقال بعدها] :
فالمُسلِّمُ بأقوالِهم والمُصدِّقُ لمزاعمِهم كالمُتشكِّكِ في كتــابِ اللهِ، نعــوذُ باللهِ مِنَ الخِذْلانِ.
وما دَعْواهمُ الإصلاحَ والخيرَ للأوطانِ إلا تمويهٌ وذَرُّ رَمادٍ على العُيونِ، واستمالةٌ لِقلوبِ المخدوعينَ، ودَنْدَنةٌ حولَ الأَغراضِ، وتمهيدٌ للرِياسةِ، وحِرْصٌ على الكِبْرَياءِ في الأرضِ، وسَعْيٌ إلى ما قَصَرَتْ عنه أَيديْهم مِنَ الجَورِ، وتَوصُّلٌ إلى إرضاءِ شَهَواتِ الانتقامِ مِن عبادِ اللهِ، والتَربُّعِ على الكُرسيِّ، والحُصولِ على المُرتَّباتِ الضَخْمةِ، والتحكُّمِ في رِقابِ الضعفاءِ وأموالِهم، وقال فرعونُ لِقومهِ:
"مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"
هذه حالُهم في كلِّ وَسَطٍ يكونون فيه.
وأَنَّى تُقْبلُ مزاعمُهم بلا حُجةٍ تُزكِّيهم مِن حُسنِ السُلوكِ، ولا بَيَّنةٍ باستجماعِ العَدالةِ.
ومَعاذَ اللهِ أنْ نُصدِّقُ مَنْ لا عَدالةَ له في دينهِ، إنَّا إِذَنْ لظالمونَ.
إنَّما يُصدِّقُهم كلُّ ذي قَصدٍ قَبيحٍ، ويقومُ لهم أهلُ المَلَقِ بِما يُحبُّونَ مِنَ التَوشيحِ، ثم يَتبعُهم الطَّغامُ الذين يَمِيلونَ معَ كلِّ رِيْحٍ.
ولا عِبْرةَ بِمَنْ صَلَحَ مِنَ المُتْرَفِينَ وخَدَمَ الحقيقةَ؛ لأنَّه لا يكونُ إلَّا مِسكينَ القلبِ، لَحِقَ بأهلِ الصُّفةِ في الوَصْفِ، ثمَّ إنَّ الصالحينَ منهم قليلٌ، لا تنخرم بهمُ القضيةُ، إذ لا يُعلَّقُ الحكمُ بالشاذِّ، وإنَّما هو على الأغلبِ حَسْبمَا أسْلَفناه.
فيَنبغِي اتهامُ كلِّ دَعْوَةٍ تَنتشرُ عن رِضاهم، ومُعاكسةُ كلِّ نَهضةٍ يُدِيرونَ دَفَّتَها، ومُزاحفةُ كلِّ ثَورةٍ تَنجُمُ عن تدبيرِهم، لأنَّه لا يُرادُ منها إلا إطفاءُ نورِ الحقِّ، وبهذا قلتُ مِن قصيدةٍ في نَحْوِ هذا الموضوعِ:
والُمترفُونَ عُداةُ الخيرِ إنْ بَعُدُوا
فهو الهُدى..وأُسِيءُ الظَّنَّ إنْ قَرَبُوا
وإنَّما تكونُ الحرَكةُ صادقةً إذا صَدَرتْ عن الطَبَقاتِ المهضومِ حَقُّها، المنهوبِ فَيْئُها، المضغوطِ على حُرِّيِّتِهِا)
#مختارات_الغامدي
#السياسة_في_الإسلام
(وقد جاءَ ذمُّ المُتْرَفِينَ والرُؤساءِ، وبَيانُ أنَّهم أصلُ الشَرِّ ومَنْبَعُ الفسادِ، ومَجْلَبةُ الدَّمارِ، في ما لا يُحصى مِنَ الآياتِ ...[ثم ذكر رحمه الله الآيات وقال بعدها] :
فالمُسلِّمُ بأقوالِهم والمُصدِّقُ لمزاعمِهم كالمُتشكِّكِ في كتــابِ اللهِ، نعــوذُ باللهِ مِنَ الخِذْلانِ.
وما دَعْواهمُ الإصلاحَ والخيرَ للأوطانِ إلا تمويهٌ وذَرُّ رَمادٍ على العُيونِ، واستمالةٌ لِقلوبِ المخدوعينَ، ودَنْدَنةٌ حولَ الأَغراضِ، وتمهيدٌ للرِياسةِ، وحِرْصٌ على الكِبْرَياءِ في الأرضِ، وسَعْيٌ إلى ما قَصَرَتْ عنه أَيديْهم مِنَ الجَورِ، وتَوصُّلٌ إلى إرضاءِ شَهَواتِ الانتقامِ مِن عبادِ اللهِ، والتَربُّعِ على الكُرسيِّ، والحُصولِ على المُرتَّباتِ الضَخْمةِ، والتحكُّمِ في رِقابِ الضعفاءِ وأموالِهم، وقال فرعونُ لِقومهِ:
"مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"
هذه حالُهم في كلِّ وَسَطٍ يكونون فيه.
وأَنَّى تُقْبلُ مزاعمُهم بلا حُجةٍ تُزكِّيهم مِن حُسنِ السُلوكِ، ولا بَيَّنةٍ باستجماعِ العَدالةِ.
ومَعاذَ اللهِ أنْ نُصدِّقُ مَنْ لا عَدالةَ له في دينهِ، إنَّا إِذَنْ لظالمونَ.
إنَّما يُصدِّقُهم كلُّ ذي قَصدٍ قَبيحٍ، ويقومُ لهم أهلُ المَلَقِ بِما يُحبُّونَ مِنَ التَوشيحِ، ثم يَتبعُهم الطَّغامُ الذين يَمِيلونَ معَ كلِّ رِيْحٍ.
ولا عِبْرةَ بِمَنْ صَلَحَ مِنَ المُتْرَفِينَ وخَدَمَ الحقيقةَ؛ لأنَّه لا يكونُ إلَّا مِسكينَ القلبِ، لَحِقَ بأهلِ الصُّفةِ في الوَصْفِ، ثمَّ إنَّ الصالحينَ منهم قليلٌ، لا تنخرم بهمُ القضيةُ، إذ لا يُعلَّقُ الحكمُ بالشاذِّ، وإنَّما هو على الأغلبِ حَسْبمَا أسْلَفناه.
فيَنبغِي اتهامُ كلِّ دَعْوَةٍ تَنتشرُ عن رِضاهم، ومُعاكسةُ كلِّ نَهضةٍ يُدِيرونَ دَفَّتَها، ومُزاحفةُ كلِّ ثَورةٍ تَنجُمُ عن تدبيرِهم، لأنَّه لا يُرادُ منها إلا إطفاءُ نورِ الحقِّ، وبهذا قلتُ مِن قصيدةٍ في نَحْوِ هذا الموضوعِ:
والُمترفُونَ عُداةُ الخيرِ إنْ بَعُدُوا
فهو الهُدى..وأُسِيءُ الظَّنَّ إنْ قَرَبُوا
وإنَّما تكونُ الحرَكةُ صادقةً إذا صَدَرتْ عن الطَبَقاتِ المهضومِ حَقُّها، المنهوبِ فَيْئُها، المضغوطِ على حُرِّيِّتِهِا)
#مختارات_الغامدي
#السياسة_في_الإسلام