فوائد 🌿

من المحاور الرئيسية لسورة البقرة:
سرعة استجابة الإنسان لأمر مولاه تكون على قدر تعلّقه ويقينه بالغيب؛ والناقصة بالناقص.

﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣]. قُلْتُ: وَفِي التَّنْزِيلِ:" وَما كُنَّا غائِبِينَ" وَقَالَ:" الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ". فَهُوَ سُبْحَانُهُ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ، غَيْرُ مَرْئِيٍّ فِي هَذِهِ الدَّارِ، غير غائب بالنظر والاستدلال، فَهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ لَهُمْ رَبًّا قَادِرًا يُجَازِي عَلَى الْأَعْمَالِ، فَهُمْ يَخْشَوْنَهُ فِي سَرَائِرِهِمْ وَخَلْوَاتِهِمُ الَّتِي يَغِيبُونَ فِيهَا عَنِ النَّاسِ، لِعِلْمِهِمْ بِاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمْ، وَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الْآيُ وَلَا تَتَعَارَضُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقِيلَ: "بِالْغَيْبِ" أَيْ بِضَمَائِرِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ بِخِلَافِ الْمُنَافِقِينَ، وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَبِالْغَيْبِ آمَنَّا وَقَدْ كَانَ قَوْمُنَا ... يُصَلُّونَ لِلْأَوْثَانِ قَبْلَ مُحَمَّدِ

(تفسير القرطبي — القرطبي (٦٧١ هـ))

{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
[سورة البقرة:3]

من أهمية وقيمة وأثر الإيمان بالغيب على الإنسان وصف الله المتقين كأول صفة لهم ببداية سورة البقرة فقال سبحانه : (الَّذينَ يُؤمِنونَ بِالغَيبِ) وأكد في نهاية السورة فقال عز وجل: (آمَنَ الرَّسولُ بِما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ والمؤمنون).

- أحمد عيسى المعصراوي
#تدبر_آية

استقباح المعاصي أهم من ترك المعصية نفسها أو فعلها.

فبُغض المعاصي من أساس الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أوْثَقُ عُرى الإيمانِ المُوالاةُ في اللهِ، والمُعاداةُ في اللهِ، والحُبُّ في اللهِ، والبغضُ في اللهِ))

فالإنسان قد يقع في معصية لكنه يبقى كاره لها، نادم عليها، فيسعى في التوبة منها وتكون سبب لخشيته من الله، وممكن إنسان يكون تارك لمعصية ما لكنه غير مستقبح لها فدا ناقص الإيمان رغم تركه للمعصية، وممكن إنسان يكون بينكر على غيره المعاصي، لكن بينكر من باب فعل الواجب عليه لكن لو خلى بنفسه أو بأصدقاءه ارتضى عليه أو عليهم المعصية -ودا بيحصل كتير في معاصي اللسان والسباب بين الأصدقاء- فرغم إنه فاعل لأمر عظيم زي النهي عن المنكر لكنه مش بيفعله عن بغض للمعصية، ودي طبعا مش دعوة لترك النهي عن المنكر بل إن النهي عن المنكر واجب لكنها دعوة لبغض المعاصي، ولو اجتمع على الإنسان فعل المعصية وعدم بغضها لحد ما تحولت عادة فدا خطر عظيم ربنا يعافينا منه.

قال الله تعالى: ﴿وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإيمانَ وَزَيَّنَهُ في قُلوبِكُم وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسوقَ وَالعِصيانَ أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدونَ﴾
[الحجرات: ٧]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالمؤمن لابد أن يحب الحسنات، ولابد أن يبغض السيئات، ولابد أن يسره فعل الحسنة، ويسوؤه فعل السيئة، ومتى قدر أن في بعض الأمور ليس كذلك كان ناقص الإيمان".

«إن كنتَ ترحم فقيرًا، فأنا ذاك، وإن كنتَ تُخَلِّص غريقًا فأنا الغريق في بحر الذنوب، وإن كنتَ أنت أنت، فأنا أنا، ليس غير النقص والحرمان والذل والهوان».

الإمام الرازي.

نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لصديقتنا نانسي محمد وأن يرزقها جنة الفردوس بغير سابقة حساب ولا عذاب.