ﺎﻉ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻭﻥ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻪ ﻣﺠﺮّﺩ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻃﺒﻘﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺭﺍﻟﻒ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ .
ﻳﻌﺮّﻑ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ": ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻳﺴﺘﺨﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﻟﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻭﺷﺮﺡ ﺳﻠﻮﻙ ﻭﺗﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ." ( 1 )
ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻧﻘﺪ ﻟﻠﺒﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻣﻌﺎً، ﻭﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎ . ﻭﻳﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻄﻮﺑﺎﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻧﻈﺮﺓ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻣﺘﻈﺎﻣﻨﺔ، ﺍﻻ ﺍﻧﻪ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﻧﻔﺲ ﺍﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻟﻜﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻴﻦ ﻭﺣﻠﻞ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻭﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻬﺮ . ﺗﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﺎ ﻭﺛﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻨﺎﺻﺮﻩ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻞ ﻋﻨﺼﺮ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻨﺴﻖ، ﻭﻳﻌﺘﻤﺪ ﻛﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻇﻴﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﺎﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀﻩ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﺗﺮﻛﺰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺑﻮﺟﻬﺔ ﺃﻭ ﺑﺄﺧﺮﻯ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻫﺬﺍ ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻳﺼﻮﺭ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺘﺮﺓ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﻳﺴﻬﻢ ﻛﻞ ﻋﻨﺼﺮ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﻨﺴﻖ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﺎﻕ ﺍﻟﻘﻴﻢ، ﻭﺍﻧّﻤﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻬﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ، ﻭﻗﺪ ﺭﺍﻯ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺃﻥ ﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻴﻦ ﻫﺎﻣﺘﻴﻦ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻤﺎ . ( 2 )
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻣﺞ ﺍﻗﺘﺮﺝ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ • ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎ، ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺩﻩ ﻟﻼﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻄﻮﺑﺎﺋﻲ، ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻀﻔﻲ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻓﺈﻋﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﻛﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺍﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ، ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺘﺼﻮّﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﺼﻮّﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺫﻭ ﺍﻟﻤﻈﻤﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻛﻤﺎ ﺯﻋﻢ ﻣﺎﺭﻛﺲ، ﻭﺍﻧﻤﺎ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻧﺤﻮ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .
ﺣﺎﻭﻝ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ " ﺃﻥ ﻳﻔﺤﺺ ﻣﺪﻯ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪّﻣﻪ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺍﺫْ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻰ ﺃﻥّ ": ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﺒﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ، ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻣﺜﻞ : ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ، ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﻌﺪﻻﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻬﺮﺓ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻬﺮﺓ، ﺗﻄﻮﺭ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺻﺒﺤﺖ ﺗﻀﻢ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺒﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ، ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﻌﺪّﻻﺕ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺟﻴﺎﻝ ."... ( 3 )
ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺳﻮﻑ ﻳﺼﺒﺢ ﺻﺮﺍﻋﺎً ﻣﻨﻈﻤﺎً ﻭﻳﺘﻢ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻧﻤﻄﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺫﺍ ﺧﻀﻊ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻭﻣﻌﺮﻭﻓﺔ . ﻓﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﻳﺘﻢ ﻭ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭﻣﻦ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﺼﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ . ﻭﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍً ﺍﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻳﺤﺪﺩ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺍﺳﺲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻴﻪ " ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺍﺳﻤﺎﻟﻲ " ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ : ( 4 )
- ﻳﻐﻴّﺮ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﻪ ﻭﻧﻈﻤﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺳﺮﻳﻌﺎً ﺍﻭ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً ﻋﻨﻴﻔﺎً ﺃﻭ ﻣﻨﻈﻤﺎً ﺷﺎﻣﻼً ﺃﻭ ﻣﺤﺪﻭﺩﺍً، ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺃﺑﺪﺍً ﺃﻥ ﺍﻻﻓﺮﺍﺩ ﻳﺨﻠﻘﻮﻥ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻟﻴﻌﻴﺸﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻃﺎﺭﻫﺎ ﺳﻮﻳﺎً ﻣﺘﻌﺎﻭﻧﻴﻦ، ﻭﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ .
- ﻳﺠﺐ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎ ﺍﻟﻰ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﻣﺒﺮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ، ﻓﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺨﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ .
- ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺑﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ، ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ﻣﺘﻮﺍﺯﻳﺎﻥ : ﺍﻻﻭﻝ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺂﻟﻒ ﻭﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ " ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ " ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻝ " ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ " ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻧﺎ _ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﺪﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ _ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺍﻻ ﺍﺫﺍ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﺍﻳﺪﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺠﺪﻟﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ .
- ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺗﺘﻼﺋﻢ ﻣﻊ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ﻓﻘﺪ ﺗﻐﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺮﺍﺳﻤﺎﻟﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﺃﻃﺮﻭﺣﺘﻪ . ﻭﻣﻦ ﺍﻫﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺭﺍﻱ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻇﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ ﺗﻔﺘﺖ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻛﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺒﺮﻭﻟﻴﺘﺎﺭﻳﺎ ﻳﺸﻐﻠﻮﻥ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺮﻛﺰ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ " ﺃﺷﺒﺎﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ " ﺑﺪﻻً ﻣﻦ " ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ." ﻭﻳﺮﻯ ﺑﺄﻥ ﺗﻮﺟﻬﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺗﺤﺪﺩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﻴﺎﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺑﻜﻠﻤ
ﻳﻌﺮّﻑ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ": ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻳﺴﺘﺨﺮﺝ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ ﻟﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻭﺷﺮﺡ ﺳﻠﻮﻙ ﻭﺗﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ." ( 1 )
ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﻧﻘﺪ ﻟﻠﺒﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻣﻌﺎً، ﻭﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ ﻧﻈﺮﻳﺎﺕ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎ . ﻭﻳﺮﻯ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻄﻮﺑﺎﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻧﻈﺮﺓ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻣﺘﻈﺎﻣﻨﺔ، ﺍﻻ ﺍﻧﻪ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﻧﻔﺲ ﺍﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻟﻜﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻴﻦ ﻭﺣﻠﻞ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻭﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻬﺮ . ﺗﻨﻈﺮ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﺎ ﻭﺛﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻨﺎﺻﺮﻩ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻞ ﻋﻨﺼﺮ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻛﻨﺴﻖ، ﻭﻳﻌﺘﻤﺪ ﻛﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻇﻴﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻓﺎﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀﻩ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﺗﺮﻛﺰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺑﻮﺟﻬﺔ ﺃﻭ ﺑﺄﺧﺮﻯ، ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻫﺬﺍ ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻳﺼﻮﺭ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﺘﺮﺓ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﻳﺴﻬﻢ ﻛﻞ ﻋﻨﺼﺮ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺗﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﻨﺴﻖ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﺎﻕ ﺍﻟﻘﻴﻢ، ﻭﺍﻧّﻤﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻬﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ، ﻭﻗﺪ ﺭﺍﻯ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺃﻥ ﻛﻠﺘﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺘﻴﻦ ﻫﺎﻣﺘﻴﻦ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻤﺎ . ( 2 )
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻣﺞ ﺍﻗﺘﺮﺝ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ • ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺑﺪﻝ ﺍﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎ، ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﺩﻩ ﻟﻼﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻄﻮﺑﺎﺋﻲ، ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻀﻔﻲ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻓﺈﻋﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﻛﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺍﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺗﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ، ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺘﺼﻮّﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﺼﻮّﺭ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺫﻭ ﺍﻟﻤﻈﻤﻮﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻛﻤﺎ ﺯﻋﻢ ﻣﺎﺭﻛﺲ، ﻭﺍﻧﻤﺎ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻧﺤﻮ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .
ﺣﺎﻭﻝ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ " ﺃﻥ ﻳﻔﺤﺺ ﻣﺪﻯ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪّﻣﻪ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺍﺫْ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻰ ﺃﻥّ ": ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﺒﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ، ﻭﻳﺮﺟﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺪ ﺷﻬﺪ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻣﺜﻞ : ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺘﻘﺪّﻡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ، ﺗﻐﻴّﺮ ﺍﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﻌﺪﻻﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻬﺮﺓ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻬﺮﺓ، ﺗﻄﻮﺭ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺻﺒﺤﺖ ﺗﻀﻢ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺒﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ، ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻣﻌﺪّﻻﺕ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺟﻴﺎﻝ ."... ( 3 )
ﻭﻳﻮﺿﺢ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺳﻮﻑ ﻳﺼﺒﺢ ﺻﺮﺍﻋﺎً ﻣﻨﻈﻤﺎً ﻭﻳﺘﻢ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻧﻤﻄﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻢ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺫﺍ ﺧﻀﻊ ﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻭﻣﻌﺮﻭﻓﺔ . ﻓﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﻳﺘﻢ ﻭ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﻣﻦ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭﻣﻦ ﺗﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻰ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴّﺮ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﺼﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ . ﻭﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍً ﺍﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻳﺤﺪﺩ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺍﺳﺲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻤﻴﻪ " ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺍﺳﻤﺎﻟﻲ " ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ : ( 4 )
- ﻳﻐﻴّﺮ ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﻪ ﻭﻧﻈﻤﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴّﺮ ﺳﺮﻳﻌﺎً ﺍﻭ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً ﻋﻨﻴﻔﺎً ﺃﻭ ﻣﻨﻈﻤﺎً ﺷﺎﻣﻼً ﺃﻭ ﻣﺤﺪﻭﺩﺍً، ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﺃﺑﺪﺍً ﺃﻥ ﺍﻻﻓﺮﺍﺩ ﻳﺨﻠﻘﻮﻥ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻟﻴﻌﻴﺸﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻃﺎﺭﻫﺎ ﺳﻮﻳﺎً ﻣﺘﻌﺎﻭﻧﻴﻦ، ﻭﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ .
- ﻳﺠﺐ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻴﻮﺗﻮﺑﻴﺎ ﺍﻟﻰ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻪ ﻛﻔﺎﺀﺓ ﺍﻣﺒﺮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ، ﻓﺎﻟﺼﺮﺍﻉ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺨﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ .
- ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺑﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ، ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻪ ﻭﺟﻬﺎﻥ ﻣﺘﻮﺍﺯﻳﺎﻥ : ﺍﻻﻭﻝ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺂﻟﻒ ﻭﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ " ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ " ﻭﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﺘﺤﻮﻝ " ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ " ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻧﺎ _ ﻭﺍﻟﻔﻬﻢ ﻟﺪﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ _ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺍﻻ ﺍﺫﺍ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﺍﻳﺪﻳﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﺍﻟﺠﺪﻟﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ .
- ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﺗﺘﻼﺋﻢ ﻣﻊ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ﻓﻘﺪ ﺗﻐﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺮﺍﺳﻤﺎﻟﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﺃﻃﺮﻭﺣﺘﻪ . ﻭﻣﻦ ﺍﻫﻢ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺭﺍﻱ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﺍﻧﻔﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻇﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ ﺗﻔﺘﺖ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻛﻞ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﺒﺮﻭﻟﻴﺘﺎﺭﻳﺎ ﻳﺸﻐﻠﻮﻥ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻫﻨﺎ ﻳﺮﻛﺰ ﺩﻫﺮﻧﺪﺭﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ " ﺃﺷﺒﺎﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ " ﺑﺪﻻً ﻣﻦ " ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ." ﻭﻳﺮﻯ ﺑﺄﻥ ﺗﻮﺟﻬﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺗﺤﺪﺩ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺣﻴﺎﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺑﻜﻠﻤ