إرهاق... الضغوطات في العمل وفي الجامعة أدخَلَتني في حالة إكتئاب لفترة معينة، لجأتُ إلى الكتابة طلباً لتفريغ كُلُّ آلامي ومشاعري السلبية، طلبتُ من الله أن يطبطب على قلبي راجيةً منه أن يُخفف عني ما أمرُّ به، انهيار تِلوَ الآخَر وبكاء متواصل على ما أفقِدُه مِن أيام، خيبات مستمرة، لَم يَعُد الألم غَريباً لِأنّني بدأتُ أعتادُ عليه، لَم يَعُد هناك مايستدعي إلى الإستمرار، روتين مُمِل يَقتُل لَهفَتي إلى انتظار الصباحات الجديدة، رَنَّ هاتفي لِيُنبِئَني بِوصول رسالة من رَفيقَتي التي تَعَرَّفّتُ عليها على الإنترنت وكأنّها تُخبِرُني بِأنّني لستُ وحدي، لَم نتوقف في هذهِ النقطة بل إنّنا التقينا في الواقع وقمنا بتكرار هذهِ اللقاءات في مناسبات عديدة أُقيمَت في كِلتا جامِعَتَنيا كحفلات تخرّج ومعارض ومهرجانات:
_انچبي ولچ!
كانَ هذا رَدّها على آخر تغريدة لي على تويتر ذكرتُ فيها بِأنّي سأرحل تارِكةً خلفي ضحكاتي فقط، أرسلتُ لها الجواب بعدَ فترة من رؤيتي لِرسالَتِها بعدَ أن فكرّتُ طويلاً بِما سأكتُب لاسيما أنّها لا تقتنع بِأيّ مما أقوله لها وفي كثير من الأحيان أشعر بأنّها تخترق قلبي لِتُخبِرَني بمشاعري الحقيقية والتي زَيَّفتُها أمامها، أدركتُ الخطأ الذي اقترفته بِحقّ نفسي التي لا تستحق كلَّ ذلك، لَم أُولَد لكي أكونَ شَخصاً عادياً في النهاية، عَليَّ أن أُخَلّد ذاتي... عَليَّ أن أكون نجمة:
أرجو منكِ ألّا تنزعجي.. هذهِ المرة الأخيرة التي سأبكي فيها، انتهى كُلُّ شَيء يومَ أمس بعدَ فترة قصيرة من نشري لتلك التغريدة البائسة، سأستمر، سأكون فَراشة، حلم عابر، وردة، ذِكرى، ضحكة، والكثير من الأشياء اللطيفة، كُلَّما نظنُّ بِأنّها النهاية نتغافل عن ولادة بداية جديدة بعدَ موت النهاية بثوانٍ، هذهِ فرصة، استيقاظي في الصباح كُلَّ يوم هو فرصة لكي أعيش وأستمر وأُقاتِل، سأكون ضوءاً يقتل وحشة الطرُق المعتمة في دهاليز ذاكِرة جميع اللذين أعرفهم واللذين سأعرفهم، سأكون حُبّاً يغمُر زواياها ويُزهِرُها، سأصبح عِطراً ينتثر ويعلَق في أنف الطريق، قرّرتُ أن أخطو الخطوة الأولى لتنفيذ هذهِ القرارات، كتبتُ كُلُّ ما حدث معي وكُلُّ ما يؤلمني في عِدّة وُريقات ثم قمتُ بحرقها، نظرتُ بعد ذلك إلى سقف الغرفة، رأيتُ غيمةً سوداء مليئة بأصوات نحيب وأدعية مختلفة على حياتي الكئيبة، مَلَأَت تلك الغيمة مساحة السقف ثم تلاشَت بعد ذلك في الفراع، كنتُ قبلَ ثلاثة أيام أتصفح اليوتيوب وأنا أسمعُ بعضاً من قصائد الشعر الشعبي، سقطَ نَظري على اقتراحٍ لقصيدة جديدة للشاعر إيهاب المالكي، انتفضتُ من مكاني وقمتُ بتعديل جلسَتي، وضعتُ الهيتفون وقمتُ بتشغيلها ثم أغمضتُ عَينَيَّ لكي تتشرب روحي بمشاعر الكلمات ولا أعلَم كيفَ يكونُ لها مشاعر إلّا أنّني لستُ مُجبَرة على التبرير عن وِجهة نظري هذه:
"إقتباس من أحد قصائد إيهاب المالكي"
ما إن وصَلَت إلى مسامعي هذه الكلمات حتى بدأ شريط الذاكرة يعودُ أدراجه بي إلى الماضي، تَكوّرتُ حولَ نفسي وانتحبتُ كثيراً على هذا الواقع الذي كُلَّما ظننتُ بِأنّني نَسيتُهُ أجِدُ نفسي أكثرَ تَمَسُّكاً به وهذا ما جعَلَني أكتُب ما حدَث في محاولة جادّة لِرَمي كُلَّ هذه الذكريات في زاوية التناسي والتي تفوح منها رائحة الدموع المالحة، لا أعلمُ ماالسّر خلفَ هذا الشاعر الذي يجبرني على الحنين والعودة في طُرُقات ذاكِرَتي بكل مرة أستمع فيها لقصائده.
_نورالسعدي " بين الماضي والحاضر أنت "
