وقد خطا كل واحد منهم - بحسب وسعه - خطوة في هذا السبيل، وقد تمكن بعضهم من إقامة دولة إلهية في منطقة او مرحلة زمنية معينة، ولكن لم تتوفر لأي منهم الظروف والشروط المناسبة لإقامة الحكومة العالمية.
والملاحظة أن عدم توفر مثل هذه الظروف والشروط المناسبة لا يعني قصور تعاليم الانبياء ومناهجهم واساليبهم، أو النقص في إدارتهم وقيادتهم، وكذلك لا يعني عدم تحقق الهدف الإلهي من بعثتهم. إذ - وكما أشرنا الى ذلك - إن الهدف الإلهي هو: توفير الأجواء والظروف المناسبة لحركة البشر الاختيارية ومسيرتهم:
(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ "(3).
لا إلزام الناس وقهرهم على اعتناق الدين الحق، واتباع القادة الالهيين، وقد تحقق هذا الهدف.
ولكن الله تعالى وعد - في كتبه السماوية - بإقامة الحكومة الإلهية على الارض كلها، ويمكن اعتبار ذلك نوعا من الإنباء عن الغيب بالنسبة لتوفر الأجواء المناسبة لتقبل الدين الحق، على نطاق واسع من المجتمع البشري، وحيث تتم بيدي بعض الأفراد والجماعات المتفوقة والمتميزة - وبمعونة الامدادات الغيبية الإلهية - إزالة العقبات والحواجز عن طريق إقامة الحكومة العالمية، ونشر العدل والقسط في الشعوب المحرومة، التي ضاقت ذرعا بجور الظالمين، ويئست من كل المبادئ والأنظمة الحاكمة، ويمكن اعتبار ذلك هو الهدف النهائي لبعثة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله، ودينه العالمي والخالد، وذلك لأن الله قال في حقه:
" لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ "(4).
وبما أن الإمامة متممة للنبوة، ومحققة لحكمة ختم النبوة، فنتوصل - على ضوء ذلك - لهذه النتيجة، إن هذا الهدف سيتحقق بوساطة الإمام الأخير، وهذه الفكرة قد ذكرت في روايات متواترة حول المهدي (ارواحنا فداه) وورد التأكيد عليها كثيرا. ونشير هنا - أولا - الى آيات من القرآن الكريم، تتضمن البشارة والوعد بإقامة هذه الدولة العالمية، وبعد ذلك نذكر نماذج من الروايات المرتبطة بهذا الموضوع.
الوعد الإلهي:
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ "(5).
وقد نقل هذا المضمون في آية اخرى عن موسى عليه السلام(6)، ومما لا يقبل الشك والترديد أنه سيأتي اليوم الذي يتحقق فيه هذا الوعد الإلهي. وفي آية اخرى اشير لحكاية فرعون، الذي جر الناس للاستضعاف: " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ "(7).
وهذه الآية - وإن وردت في شأن بني اسرائيل واستيلائهم على زمام الامور بعد تخلصهم من قبضة الفراعنة - ولكن هذا التعبير (ونريد) يشير الى إرادة إلهية مستمرة، ولذلك طبقت في الكثير من الروايات على ظهور المهدي (عجل الله فرجه الشريف)(8).
وقد خاطب - في موضع آخر - المسلمين بقوله:
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "(9).
وجاء في بعض الروايات، إن المصداق الكامل لهذا الوعد سيتحقق في زمان ظهور الإمام الغائب (عجل الله فرجه) بصورة كاملة(10). وهناك روايات اخرى طبقت بعض الايات على الامام الغائب عليه السلام(11)، نعرض عن ذكرها رعاية للاختصار والايجاز(12).
نماذج من الروايات:
إن الروايات التي نقلها الشيعة وأهل السنة عن النبي (صلى الله عليه وآله) حول الإمام المهدي (عجل الله فرجه) تفوق حد التواتر، بل إن الروايات التي نقلها أهل السنة - وحدهم - تبلغ حد التواتر، باعتراف جماعة من علمائهم(13) وقد اعتبر جماعة من علمائهم الاعتقاد بالإمام الغائب مما اتفقت عليه الفرق الاسلامية جميعا(14)، وألف بعضهم كتبا ومؤلفات حول الإمام المهدي(15) وعلامات ظهوره، نذكر هنا بعض الروايات التي نقلها أهل السنة:
- من الروايات العديدة التي رووها عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا)(16).
- عن ام سلمة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله )قال: (المهدي من عترتي ومن ولد فاطمة)(17).
- وعن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن عليا إمام امتي من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي اذا ظهر يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما)(18) يتبع
والملاحظة أن عدم توفر مثل هذه الظروف والشروط المناسبة لا يعني قصور تعاليم الانبياء ومناهجهم واساليبهم، أو النقص في إدارتهم وقيادتهم، وكذلك لا يعني عدم تحقق الهدف الإلهي من بعثتهم. إذ - وكما أشرنا الى ذلك - إن الهدف الإلهي هو: توفير الأجواء والظروف المناسبة لحركة البشر الاختيارية ومسيرتهم:
(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ "(3).
لا إلزام الناس وقهرهم على اعتناق الدين الحق، واتباع القادة الالهيين، وقد تحقق هذا الهدف.
ولكن الله تعالى وعد - في كتبه السماوية - بإقامة الحكومة الإلهية على الارض كلها، ويمكن اعتبار ذلك نوعا من الإنباء عن الغيب بالنسبة لتوفر الأجواء المناسبة لتقبل الدين الحق، على نطاق واسع من المجتمع البشري، وحيث تتم بيدي بعض الأفراد والجماعات المتفوقة والمتميزة - وبمعونة الامدادات الغيبية الإلهية - إزالة العقبات والحواجز عن طريق إقامة الحكومة العالمية، ونشر العدل والقسط في الشعوب المحرومة، التي ضاقت ذرعا بجور الظالمين، ويئست من كل المبادئ والأنظمة الحاكمة، ويمكن اعتبار ذلك هو الهدف النهائي لبعثة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله، ودينه العالمي والخالد، وذلك لأن الله قال في حقه:
" لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ "(4).
وبما أن الإمامة متممة للنبوة، ومحققة لحكمة ختم النبوة، فنتوصل - على ضوء ذلك - لهذه النتيجة، إن هذا الهدف سيتحقق بوساطة الإمام الأخير، وهذه الفكرة قد ذكرت في روايات متواترة حول المهدي (ارواحنا فداه) وورد التأكيد عليها كثيرا. ونشير هنا - أولا - الى آيات من القرآن الكريم، تتضمن البشارة والوعد بإقامة هذه الدولة العالمية، وبعد ذلك نذكر نماذج من الروايات المرتبطة بهذا الموضوع.
الوعد الإلهي:
يقول الله تعالى في القرآن الكريم: " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ "(5).
وقد نقل هذا المضمون في آية اخرى عن موسى عليه السلام(6)، ومما لا يقبل الشك والترديد أنه سيأتي اليوم الذي يتحقق فيه هذا الوعد الإلهي. وفي آية اخرى اشير لحكاية فرعون، الذي جر الناس للاستضعاف: " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ "(7).
وهذه الآية - وإن وردت في شأن بني اسرائيل واستيلائهم على زمام الامور بعد تخلصهم من قبضة الفراعنة - ولكن هذا التعبير (ونريد) يشير الى إرادة إلهية مستمرة، ولذلك طبقت في الكثير من الروايات على ظهور المهدي (عجل الله فرجه الشريف)(8).
وقد خاطب - في موضع آخر - المسلمين بقوله:
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "(9).
وجاء في بعض الروايات، إن المصداق الكامل لهذا الوعد سيتحقق في زمان ظهور الإمام الغائب (عجل الله فرجه) بصورة كاملة(10). وهناك روايات اخرى طبقت بعض الايات على الامام الغائب عليه السلام(11)، نعرض عن ذكرها رعاية للاختصار والايجاز(12).
نماذج من الروايات:
إن الروايات التي نقلها الشيعة وأهل السنة عن النبي (صلى الله عليه وآله) حول الإمام المهدي (عجل الله فرجه) تفوق حد التواتر، بل إن الروايات التي نقلها أهل السنة - وحدهم - تبلغ حد التواتر، باعتراف جماعة من علمائهم(13) وقد اعتبر جماعة من علمائهم الاعتقاد بالإمام الغائب مما اتفقت عليه الفرق الاسلامية جميعا(14)، وألف بعضهم كتبا ومؤلفات حول الإمام المهدي(15) وعلامات ظهوره، نذكر هنا بعض الروايات التي نقلها أهل السنة:
- من الروايات العديدة التي رووها عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها عدلا كما ملئت جورا)(16).
- عن ام سلمة: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله )قال: (المهدي من عترتي ومن ولد فاطمة)(17).
- وعن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن عليا إمام امتي من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر الذي اذا ظهر يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما)(18) يتبع