عزيزتي التي سألتني عن طريقٍ للنسيان؛
أنا لا أملك بوصلة، وتائهة مثلك، وأتعثر كل يوم بخطا ذاكرتي، لم أتجاوز أيّ خذلان، وأي حزن مررت به، ولستُ قويّة كما تظنّين، لكن بسمات العيون خدّاعة، والثمن الذي دفعته لأبدو قويّة ليس سهلًا، دفعته من صحّتي، انظري في وجهي، في الشحوب الذي لم يعد شيءٌ يستطيع موارته، إلى شَعري الذي يتساقط بغزارة، إلى عصبيتي المفرطة، وصمتي الذي بات أطول من ليالي الشتاء.
عزيزتي، أنت لا تعلمين كم كلّف أذني ذاك الإصغاء لأحزان الجميع، وكم كلّف فمي الصمت عن أحزاني.
حاولي أن تنظري في عيون بائعي النسيان، الماكثين طويلًا على إشارات مرور قلوبنا، يبيعون التذاكر، ويشترون بثمنها مهدّئات ينامون بها..
انظري في تجاعيد الساعات، في توقف الزمن عن الدهشة، في سلّم موت قلوبنا، الذي لم نشعر إلا أننا بتنا نصل درجاته الأخيرة
انظري.. في وجهك الجميل، وفي يديك التي لا تستحقّ أن يفرّط أحدهم في التمسك بها
في الأمل الذي يجعل أيامك تُهدَر عبثًا، في انتظارك المرير، وفي السمّ الذي دُسّ في قلبك على هيئة حب، ولم يعد يبرأ دون اعتصار قلبك مرات ومرات.
عزيزتي، أخطأت الوجهة حين ظننتِ أنني أملك مفتاحًا أهديك إياه، تفتحين به باب النسيان، وتعانقين حرّيتك
وحدها الأيام تملك مفتاحًا، وحده مرورها من يؤدّب خطواتنا، ويهذّب لحى حماقاتنا..
أتمنى أن تستغرقي في العثور على المفتاح، وقتًا أقلّ من اللازم..
أتمنى أن يربّت الحبّ على قلبك، وتجدي من يدلّك أن سوء اختياراتك قبله، وما فات من حياتك، لم يكن إلا محطّاتٍ مُرهقة، تنتظرينه بها، لأن النوم باطمئنان، يستحقّ الأرق الطويل في سبيله.
-فتنات كف الغزال