المكتبة الاسلامية (السودان)


Гео и язык канала: не указан, не указан
Категория: не указана


كتب... مقالات.. اقوال..حكم...
لطلب كتاب ديني واسلامي راسلني هنا @Zoolbeshkhbet

Связанные каналы

Гео и язык канала
не указан, не указан
Категория
не указана
Статистика
Фильтр публикаций


‏ارسلت لهُ متسائلة : لماذا تكتب لي (انتي) بالياء بدلا من(أنتِ) ؟! أجابها : يعزُ علي كسركِ حتى في اللغة 💜.

- نصاب نصاب 😂😜.


01k @PROFESSION كاريزما شركاءكم الأفضل في العمل والحياة

Oo📌مثبتة ساعة الحذف 1ظهرآ ⏰oO
   •┈• 🌟🌟🌟🌟🌟 •┈•
✮๋͜ ⑮k @RwayatSudan روايات حصرية وجديدة
✮๋͜ ⑮k @hatrshat نكات جديده
✮๋͜ ⑨k @hobcanat مكتبه لروايات كامله
✮๋͜ ⑥k @tatwer3 قناة لكل سوداني
✮๋͜ ⑤k @Dage_jares داقي جرس
✮๋͜ ③k @SudaneseHD الامثال السودانية
✮๋͜ ③k @mstool5 | #مسطول_ع_طول
✮๋͜ ③k @JUSTFEELL مجرد إحساس
✮๋͜ ③k @frfshatSd نكت تموت من الضحك
✮๋͜ ②k @khrbsha خربشات قلم مجنون

✮๋͜ ②k @kalamsodfa ګلَأّمَ صٌدِفِّهِ
✮๋͜ ②k @sodanuh2 كوني انتي
✮๋͜ ②k @khawattair ٌخــوَاآآطِـــَرَ
✮๋͜ ②k @khawatirraqia خواطر راقيـة
✮๋͜ ①k @sudanisnews نحن الزيت
✮๋͜ ①k @sakhir_sd ســاخـر
✮๋͜ ①k @alhilalalsudani الهلال السـوداني
✮๋͜ ①k @bookevryday كتاب كل يوم
✮๋͜ ①k @stenosis مشاعر مبعثرة
✮๋͜ ⑨h @Cocaine092 كوكايين

✮๋͜ ⑨h @sd_doctors دكاترة بكرة
✮๋͜ ⑧h @alwantv سمحة الضحكة
✮๋͜ ⑧h @alooh7 خواطر زول
✮๋͜ ⑦h @My_memo خــــــواطر وثقافات
✮๋͜ ⑦h @sudanesenovel حكايات سودانيـة
✮๋͜ ⑦h @Ahlam223 أحــلام سجينــة
✮๋͜ ⑦h @mind5 #متع_عقلك
✮๋͜ ⑦h @beculuture عشان نتثقف
✮๋͜ ⑦h @yessmile لسى في أمل
✮๋͜ ⑥h @takeiteasy0 #معركة_الوعي

✮๋͜ ⑥h @allahwithus2 #مع_الله,تَحْلُو الح
✮๋͜ ⑥h @wagfeengna7 واقفـين قنـا 🤠
✮๋͜ ⑤h @Nostme27 حكااااااايات حنين
✮๋͜ ⑤h @weamkamal Weam Kamal
✮๋͜ ⑤h @sudanes0 ارث سوداني
✮๋͜ ⑤h @HabatAlbon حہٰـبٰٰـاتہٰ الہٰـب
✮๋͜ ⑤h @Ra7eg رحيق الفوائد
✮๋͜ ④h @Des_Prince تصاميم البرنس
✮๋͜ ④h @Ahooda3 خربشات أمل ツ
✮๋͜ ④h @tatwer13 الجامعة الإلكترونية

✮๋͜ ③h @school_dairy يـوميــاتنـا 🤘
✮๋͜ ③h @together11 معاً لنرتقي
✮๋͜ ③h @AhlamandShwater ٌخوَاطِرَ وَاحُلام
✮๋͜ ③h @skillsVID football skills vide
✮๋͜ ③h @alamir715 خواطر امير
✮๋͜ ③h @haiatey حُيَـــــاةِ
✮๋͜ ②h @together27 نشيل همومنا سوا
✮๋͜ ②h @serotonin0 سيرتونين
✮๋͜ ②h @hawgess هَــوَآجِـًّـسّْ
✮๋͜ ②h @poetry27 شعععععععر

✮๋͜ ①h @alislammessage رسالة الإسلام
✮๋͜ ①h @almasged قناه المسجد الدعوية
✮๋͜ ⓪.③h @wadalmahjub Cلستة القنوات السودا
✮๋͜ ⓪.①h @allyouneede | ALL YOU NEED
✮๋͜ ⓪.⑦h @HD7wallpapers #HD_Wallpapers
✮๋͜ ①h @swaedamal جمعية سواعد الامل ال
✮๋͜ ①h @tabiir قناة تعبير الرؤيا
✮๋͜ ①h @writting8 قصص بنفسج
✮๋͜ ②h @roane11 هاتف المعلومات
✮๋͜ ②h @taaaiif خواطر طيف ..

✮๋͜ ②h @sudaneiscomdy سودانيز كوميدي
✮๋͜ ②h @Naflah لمن اصابه الهم
✮๋͜ ②h @Tahfeez تحفيز الذات
✮๋͜ ③h @loveenglish27 حواااارات انجليييزية
✮๋͜ ③h @fdfda27 فضفضة من الأعماق
✮๋͜ ③h @zrzOor احاسيس زرزور
✮๋͜ ③h @LibraryIslam المكتبه الاسلامة
✮๋͜ ③h @RokaSport Sport روكا سبورت
✮๋͜ ③h @violet_17 بّالْدَآرِجي ₎
✮๋͜ ③h @islamik_9k {منوعات|أسلامية}

✮๋͜ ③h @Islam454 جوامع الكلم الطيب
✮๋͜ ④h @tolh12345 أبني جنتك
✮๋͜ ④h @frkaaashat فرفشآااااآت
✮๋͜ ④h @kkemat بعـــثرة حــروف
✮๋͜ ④h @Orkidyat أوركيديات
✮๋͜ ④h @aloofa97 ~ همساات رااقية ~
✮๋͜ ⑤h @gawim قم ..وقاوم#
✮๋͜ ⑤h @beauti27 للجميلااااااات#
✮๋͜ ⑤h @senterna سنتر جامعة شندي
✮๋͜ ⑥h @nabdalsudan نبض السودان

✮๋͜ ⑥h @A3syhwaak أعصِ هواك
✮๋͜ ⑦h @KoranKarim0 اقراء القران الكريم
✮๋͜ ⑦h @sha5abeet شخابيط
✮๋͜ ⑨h @wajjaa مٌلّآمٌحً وجُع |
✮๋͜ ⑩h @Shabab_Ghir شباب غير
✮๋͜ ①k @uom14 حصن المسلم
✮๋͜ ①k @islamiaty معا الى جنة الخلد
✮๋͜ ①k @Chemistrypage كيمياء بلاحدود
✮๋͜ ①k @MaWaGiF95 مواقف حصلت لينا
✮๋͜ ①k @sektFar7 | سكة_فرح

✮๋͜ ①k @samraweia سمـراويـــــة
✮๋͜ ①k @knowX اعرف نفسك
✮๋͜ ②k @sudanbots أسرار التليـجراام
✮๋͜ ②k @norynory الدين النصيحة
✮๋͜ ②k @topfavorites للعقول الراقيـۂ
✮๋͜ ②k @khawaatirr خواطر إنجليزية
✮๋͜ ③k @alsudannews الصحافة السودانية
✮๋͜ ③k @ahassis احُاسِيَسِ صّادِقًُه
✮๋͜ ④k @nosiba3li همسات دكتورة
✮๋͜ ⑤k
@sooorrraaa صور ساحره ونادره جدا

✮๋͜ ⑥k @
mofraka سنه 🥗أولي 🥗طبخ
✮๋͜ ⑧k @
sudanese_shair روائع الشعر
✮๋͜ ⑨k @safaatef قًــــلُوَبّ تْْعشِ
""""
"""""""""""""""💰💰💰"""""""""""""""""""
6k مــواعظ الشــيخ الشنقيـــطي📿
26k 🎁هـدية لـ كل اعضـاء اللستة
1k بــــــوت إســــــــــلامـيات🤖🌹
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
Join➟ ☞ @HaPpY0ne ☜ اشتــــراك


من يقنع الديك أني لست حبة قمح؟!!

د. جاسم المطوع

من القصص الطريفة أن رجلا كان مصابا بمرض نفسي فلا يرى نفسه إنسانا وإنما يراها حبة قمح، وكان يهرب من الدواجن خوفا من الهجوم عليه لتأكله، فأخذه أهله لطبيب نفسى لكي يعالج مشكلة الخيال والوهم عنده، وبعد عدة جلسات تمت معالجة المشكلة وصار ينظر لنفسه على أنه إنسان، وفي يوم من الأيام كان يمشي في الطريق فرأى ديكا يمشي خلفه فهرب منه خائفا، فقيل له: لماذا تهرب من الديك وقد تمت معالجتك من المرض؟ فأجاب: صحيح أني أنظر لنفسي على أني إنسان وتمت معالجتي ولكن من يقنع الديك بأني أنا إنسان ولست حبة قمح؟!

فهذا الرجل على الرغم مع علاج مشكلة نظرته لنفسه إلا إنه مازالت مشكلة نظرة الآخرين له قائمة ولهذا هو ما زال مقتنعا أن الديك يراه كحبة قمح، وأكثر هذه الحالات غالبا ما يكون سببها المرحلة الطفولية التي عاشها الإنسان في بيته وهو طفل، فربما كان يعامله أهله معاملة فيها تحقير وإهانة وشتم وضرب والتقليل من شأنه والاستهزاء بشخصيته أو شكله، فينشأ ضعيف الشخصية مهزوز الثقة ويتخيل نفسه مهانا وأن الآخرين أفضل منه.

يحكي لي أحد الأصدقاء أن فتاة جاءت إليه تقول له أريد أن أنتحر لأنه لا قيمة لي في هذه الحياة، فلما تحاور معها لاحظ أنها قد تلقت إهانات من والديها وإخوانها وكانت مضطهدة في بيتها فكرهت الحياة، فلما حاول إقناعها بأن لها قيمة رفضت كلامه وقالت له أصلا لو عكست كلمة (انتحار) للاحظت أن عكسها (راحتنا) فاستغرب من ذكائها وقال لها طالما أن هذا ذكاؤك فإن الانتحار في حقك خطأ لأنك ذكية جدا وعبقرية، فناقشها بفكرة ذكية وقال لها لو بعتك كقطع غيار كم يكون سعرك؟ فقالت: ماذا تقصد؟ قال: لو بعت عينيك ويدك وقدمك وشعرك وقلبك كم ستحصلين من المال؟ قالت: كثير فرد عليها: إذن أنت غالية وثمنك كبير فكيف تقولين أنه لا قيمة لك بالحياة؟!

يقول صاحبي فكان هذا الحوار سببا في تغيير نظرتها وصورتها لنفسها وصارت متفائلة وإيجابية بالحياة، فإذن نحن نحتاج عندما نربي أبناءنا أو نتعامل مع أصدقائنا أن لا نعيش بمنطق (من يقنع الديك بأني حبة قمح) وإنما ينبغي أن ننظر لأنفسنا نظرة إيجابية ونستفيد من قدراتنا ومهاراتنا، ومع هذا كله يبقى هناك صنف من الناس لا يتقبل تغيير الآخرين حتى لو تغيروا، ويريد أن يعيش علي الصورة التي كان يراها عن ذلك الإنسان بالماضي، ففي مثل هذه الحالات لا ينبغي أن نتعب أنفسنا بإقناعه وإنما علينا أن نتركه للزمن فالزمن كفيل بأن يغير الصورة التي بذهنه بعدما يرى المواقف للشخصية الجديدة بنفسه.

ونرجع مرة أخرى لأهمية التربية وخاصة الكلمات والعبارات التي يسمعها الطفل وهو صغير فلو رددنا عليه عبارة بأنه حبة قمح سيعيش طول عمره بهذه الصورة وسيكون مهزوز الثقة ضعيف الشخصية، فلننتبه لعباراتنا وكلماتنا وهذا ما كان يحرص عليه نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- (فقد قال عبدالله بن عامر -رضي الله عنه-: إنه دعته أمه يوما ورسول الله قاعد في بيتنا فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمرا، فقال لها رسول الله: أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة) فالكلمة الطيبة والصادقة هي التى تبني الإنسان.


هواة الجدل دائماً يسألون:

كيف يخلق لنا الله فما وأسناناً وبلعوماً ومعدة لنأكل، ثم يقول لنا صوموا! كيف يخلق لنا الجمال والشهوة، ثم يقول لنا غضوا أبصاركم وتعففوا!

هل هذا معقول!

و أنا أقول لهم بل هو المعقول الوحيد،

فالله يعطيك الحصان لتركبه لا ليركبك، لتقوده وتخضعه لا ليقودك هو ويخضعك،

وجسمك هو حصانك المخلوق لك لتركبه وتحكمه وتقوده وتلجمه وتستخدمه لغرضك، وليس العكس أن يستخدمك هو لغرضه وأن يقودك هو لشهواته.

ومن هنا كان التحكم في الشهوة وقيادة الهوى ولجام المعدة هي علامة الإنسان،

أنت إنسان فقط في اللحظة التي تقاوم فيها ما تحب وتتحمل ما تكره، أما إذا كان كل همك هو الإنقياد لجوعك وشهواتك فأنت حيوان تحركك حزمة برسيم وتردعك عصا، وما لهذا خلقنا الله . .

~
د. مصطفى محمود
كتاب: الاسلام ما هو


📖 النملة الإيجابية وسيدنا سليمان (3) 📖

- يا أيها الإنسان :

كن جزء من الحل ولا تكن جزء من المشكلة، كف عن النقد السلبي وساهم في حل المعضلة. كأني بالنملة تقول بملء فيها، بصياغتها ومعانيها، و بأوزانها وقوافيها: أرعى الجار ولو جار، وأبذل الوصال لمن صال، وأود الحميم ولو جرعني الحميم، وأوفي العشير ولو لم يكافئ بقطمير.

يعيش النمل حياته بأنماط راقية، بهمم عالية، وفق أهداف سامية، فهو مجتمع التكافل والتعاون، لا مكان فيه للمتثاقل والمتهاون. النمل يؤمن بالعمل كمنظومة قيمية، ويكافئ المجتهدين بالعطية، يحفظ المدخرات الغذائية، بما يحقق الاكتفاء الذاتي في الصوائف والشواتي.

قل لي بربك: هل رأيت في حياتك نملة فارغة اليدين؟ أم وجدتها تبكي لأنها لم تسدد الدين؟ هل شاهدت يومًا نملة تتسول؟ وبغير فائدة تهرف بما لا تعرف وتتقول؟

لا وألف لا، هذا وإن كانت النملة حشرة، فهي قد تفوق من العاطلين عشرة، فخذ من عملها الدؤوب العِبرة، فلا تيأس ولا تذرف العَـبرة، النملة معهد بل جامعة، فيها تدرس العلوم النافعة، وتقام التجارب بالبراهين الساطعة، فتعلم منها البذل و الإيجابية ودع عنك اللوم والتقاعس والسلبية.

تكلمت بلغة التخاطب وغايتها شد الانتباه وإحراز التجاوب، قالت يا أيها النمل، فحددت فئة المخاطبين، وعينت جمهور المستمعين. ادخلوا مساكنكم: أمر يقتضي الوجوب إذ دقت ناقوس الخطر، وحالة الطوارئ ترمي بالشرر، فأشارت عليهم بالاختفاء خشية الهلاك والانتهاء، ثم اعتذرت النملة في النهاية، لما قد يقع من سليمان وجنده من جناية. أدرك سليمان رسالتها، وأُعجب بإخلاصها ونصيحتها، فهش وبش وتبسم، وشكر نعمة ربه الأكرم، ثم دعا ربه أن يدخله في زمرة الصالحين.

قامت نملة ونحن نيام، فأمسكت بالزمام، وتخلت عن تضخم الأنا أو قلة الاهتمام، عرفت حدود إمكاناتها، فحذرت بني جنسها وفق مقدراتها، لقد أخلصت لقومها في النصيحة السلمية، على الرغم مما يعرف من النمل بنزعتهم العدوانية وشراستهم الحربية. يا لله ما أشجعها وما أروعها! أرادت الخير لمجتمعها. تقدس من أعطاها الحس الأمني، وسخرها لحفظ الأمن القومي. رسمت بحروفها برقية تحذير من خطر داهم وشر مستطير!

أخيرًا وليس آخرًا، هي دعوة للتأمل في أصناف الخلق وبديع صنع الخالق. إنها نملة قالت وقامت، فصالت وجالت، قالت مقالة صدق، وقامت على تنفيذها بحق، دار ببالها خاطر، درأت به عن شعبها المخاطر.

انتهى .........


📖 النملة الإيجابية وسيدنا سليمان (2) 📖

- قصة النملة مع النبي سليمان :

وقف سليمان يومًا أمام جنوده، وتمثل-عليه الصلاة والسلام- قبلة حشوده، في تجمهر كبير وتجمع غفير، لا يعرف أوله من أخره، ولا ظاهره من باطنه، فيا له من منظر بديع! احتشد فيه الجميع! اتسم هذا الموكب بالتناغم والانتظام، واتسق العقد بما يبهر الأنام :

فرسان ومشاة، رجّالة ورماة، جن وإنس، طير وحرس.

لقد ربى سليمان-عليه الصلاة والسلام-شعبه على السمع والطاعة، ولزوم الجماعة، فالله مقصودهم، وهو إلههم ومعبودهم، دعاهم إلى التأمل ونشر الوعي، ونهاهم عن البطش والبغي، فأنّى تشرق شمس مع غيم!

وكيف يُجتلب إنصاف بضيم! فالجزاء من جنس العمل، وكل مخلوق له أجل، فلا تغترنّ بطول الأمل! الكل على أهبة الاستعداد، للسير في البلاد، وتجاوز المفاوز والوهاد.

إنه جيش عرمرم ينتظر من قائده الإشارة، دونما حاجة إلى صريح العبارة، فلمّا أذن القائد لهم ومشى، تحرك الجيش بعده يحث الخطى، حتى أتو على وادي النمل وصولا، ينظرون فيه عرضًا وطولًا.

- يا تُرى فما الذي حدث؟ وهل كان على سبيل الجد أو العبث؟

أدركت النملة الخطر وعرفت مصدره، وتبينت أوله وأخره، وهذا هو أول ما يحتاجه المجتمع من الوعي بالأخطار، وفهم المؤامرات الكبار.

عرفت بمخها الصغير أن وادي النمل لا قبل له بهذه المواجهة، فقررت بجرأة الانسحاب من دون مجابهة، فليس الرجوع للوراء دومًا مذمومًا، فقد يكون نبوغًا وعلومًا، فانبرت النملة تنشد في الحال من غير انتحال: يا أيها النمل احذروا أقدام الرجال!

لم تتفلسف النملة في تقدير نوايا القائد والجندية، بل تحملت على عاتقها كامل المسؤولية، فأخلصت في النصح للرعية وجادت بنفسها الزكية إذ قدمت خدمة مجتمعية، وتصرفت بما تمليه عليها الإيجابية: أن “ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون”


📖 النملة الإيجابية وسيدنا سليمان 📖

وردت في كتاب الله آيات، فيها هدى وبينات، قالت نملة من أذكى الحشرات، كلمات يسيرات معبرات، فشرقنّ وارتحلن مغرِّبات، فيهنّ عبر وعظات، ووقفات وتأملات، ساهمت في الحفاظ على الكيانات، ونجت بفضلهن الملكة والعساكر والعاملات، فارتد صدى قولها وانتفعت به المجتمعات.

فسبحان من وفقها حتى شيدت صروحًا للمعالي شامخات، وتعالى من سددها حتى اتخذت موقفا مشرفا من الحادثات؛ فيه حياة من ممات، ويقظة من سبات، فيه وحدة بعد شتات، ورفعة بعد نكسات. إنه عالم النمل العجيب، في طياته سر غريب، يفقهه كل حصيف أريب.

فيا عجبًا كيف يعصى الإله
أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية
تدل على أنه الواحد

تشمل كل قرية نملية طبقات: فهذه ثكنة الجنود الأثبات، ومخزن لادخار الأقوات، ومطبخ للمأكولات، وهذه غرفة لبيض الملكات، ومكان للحرس منعًا لتسلل الغرباء والغريبات، وذلك باب للتهوية، ومكان أخر للتنشئة والتربية. إنه مجتمع قائم بذاته، لكل نوع منهم مهماته ونشاطاته، قد يختلفون في الشكل والحجم واللون، وثمة يظهر الفرق والبون.

- فأما الملكة

فهي أول الرقم وقمة الهرم، إنها ذات هيكل كبير ودور جد خطير، مهمتها إدارة الحكم والتسيير، ودقة التخطيط والتدبير. هي أساس التكاثر ووضع البيوض، ومنبع التوجيهات بما يضمن الرقي والنهوض، لها مكان آمن كالعريش، تخلو فيه بنفسها دون تشويش.

لم تكن الملكة في أبراج عاجية، محتجبة عن الرعية، بل كانت دائمة الاتصال مع البقية.

- وأما العاملات

فهن مجتهدات متميزات، يشرفن على تربية الصغار وتتبع رحيق الأزهار، يدفن جثث الموتى بعد إعفاء الآثار، ويعتنين بزرع الفطريات والأغيار.

- وأما العساكر

فلهم رؤوس كبار بزي عسكري يبعث على العزة والفخار، يحفظون العرين ويحرسون الديار، ويذودون عن الذمار بسيفهم الصارم البتار، لهم مكتب للاستعلامات والأخبار، مزودة بالأجهزة التي تعمل بقرون الاستشعار، ضف إلى ذلك التلقيح والاستكثار.

- قامت لغتهم على أساسين :

التواصل بالفواصل، والإنذار بالإعذار، فالأولى تحكمها المواد القانونية للظروف العادية، والأخرى تطبق عليها نظرية الظروف الاستثنائية، فلو سحقت نملة أو أصابتها جائحة، لفاحت منها رائحة، تشير إلى من كانت عنها بعيدة سائحة، فرب مبلغ أوعى من سامع! وكم من خطاب أسال المدامع!


صانعةُ الرِّجال !

طلبَ الملكُ من صائغه أن يصنع له إكليلًا من الذهب ليُتوِّجَ به صاحب أعظم عملٍ من رعيته ... وبالفعل شرع الصائغ بما أمره الملك، وبعد أيام كان الإكليل الذهبي بين يدي عالي المقام ... عندها جاب المنادون الشوارع ينادون على قرع الطبول عن جائزة الملك لأعظم عمل في المملكة وعلى الراغبين في المنافسة المثول أمام جلالته لتقديم أعمالهم في اليوم الفلاني في باحة القصر وعلى مسمع ومشهد من الرعية أيضًا !

وفي اليوم الموعود توافد الشعراء والعلماء والرسامون والحرفيون كل يدلي بدلوه ...
جاء رسام وعرض لوحة فنية وخطًا بديعًا ثم عاد وجلس مكانه
قام رجل يجلس بجانبه يحمل كتبًا علمية وحدَّثَ الملك عن تجاربه واختباراته، ثم عاد ليجلس مكانه ...
قام رجل ثالث كان يجلس بجانبه أيضًا وألقى على مسمع الملك قصيدة رائعة، ثم عاد ليجلس مكانه...

انتبه الملكُ لامرأة عجوز تجلس بجانب الثلاثة فحسبها من المشتركين في المسابقة، فقال لها : ما لديكِ لتقدميه لنا أيتها العجوز الموقرة ؟
فقالت له : يا عالي المقام؛ لا شيء لديَّ أقدمه، أنا أمُّ هؤلاء الثلاثة الذين كانوا أول الماثلين بين يديك، وجئتُ أرى من منهم سيفوز بالإكليل الذهبي !

عندها نهض الملك عن كرسيه وقال: لقد انتهت المسابقة، ضعوا الإكليل الذهبي على رأس صانعة الرجال !

إن أرقى صناعة في الوجود هي صناعة الإنسان، الدببة تولد دببة، والأسود تولد أسودًا، والأسماك تولد أسماكًا، والطيور تولد طيورًا، ولكن البشر يولدون مادة خام قابلة لتكون إنسانًا، وأعظم فنان في الوجود هو الذي يتلقى هذه المادة الخام ويبدع فيها ليهب هذا العالم إنسانًا حقيقياً !

الأب والأم الأثرياء والمثقفون الذين يصنعون إنسانًا حقيقيًا يكونون قد قاموا بعمل عظيم ورائع، ولكن الأعظم والأروع هم أولئك الفقراء والبسطاء الأميون أو يكادون، حين يهبون العالم بشرًا حقيقين، حين يخرج المهندس من بيت عامل النظافة، ويخرج الطبيب من بيت الخياط، ويخرج إمام المسجد من بيت النجار، ويخرج الكاتب وأستاذ الجامعة وصاحب الشركة ووزير الدولة من بيت الاسكافي والحداد وعامل المحطة وصاحب البقالة، فكن على يقين أنه لا أعظم من هؤلاء إلا أولئك الذين صنعوهم ليكونوا ما هم عليه !

إن أحقر إنسان في الوجود هو ذلك الذي وصل لمرتبة عالية سواء في العلم أو في المركز الاجتماعي أو الثراء ويشعر في قرارة نفسه بالحرج والخجل من والديه البسيطين، بدل الخجل والحرج على هذا أن يشعر بالفخر والزهو والامتنان بوالديه فقد استطاعا تحقيق معجزة من لا شيء !

أما أنتم معاشر الآباء والأمهات البسطاء ارفعوا رؤوسكم عاليًا
كل جسر أنشأه ابنكما المهندس أنتما أنشأتماه قبله
وكل مريض عالجه ابنكما الطبيب أنتما عالجتماه قبله
وكل ولد ربته ابنتكما الصالحة أنتما ربيتماه قبلها
أنتم أبطال فعلًا، أبطال حقيقيون وإن لم تضعوا على رؤوسكم أكاليل الذهب !

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية

21. 1. 2018

🌹


‏فَطُوفانُ نوحٍ عندَ نَوحي كَأَدمُعي
وَإيقادُ نِيرانِ الخَليلِ ... كلَوعَتي
:
وَلَولا زَفيري أَغرَقَتنيَ أَدمُعي
وَلَولا دُموعي أَحرَقَتنيَ زَفرَتي
:
وَحُزني ما يَعقوبُ بَثَّ أقلَّهُ
وكُلُّ بِلى أيُّوبَ بعضُ بلِيَّتي
.
ابن الفارض


💎 لا تستسلم بسهولة ، فقد تكون أنت قدوة لكثيرين رأوا فيك إصرارًا على التغلّب على مشاكل الحياة ، فكن جديرًا بهذه الثقة.

لا يحتاج الإنسان إلى شوارع نظيفه ليكون محترماً
ولكن الشوارع تحتاج إلى أناس محترمة لتكون نظيفة
من كل عشرة في العالم العربي هناك واحد يعمل بإخلاص.. واثنان يشكرونه على عمله.. وثلاثة يشككون في نواياه.. وأربعة يرددون له يوميا: لن تنجح..

اركض بإتجاه النجاح فهو لا يملك قدمين ، أنت من يملكها
وتذكر أن النجاح الحقيقي ماكان نهايته الجنة .

لا تعتمد على كلمة “قالوا لي” لتحكم على الناس والأشياء ، جرّب بنفسك، فكم من سراب ظنه الناس ينبوع ماء!
كن في الحياة كلاعب وليس كحكم لأن الأول يبحث عن هدف، والآخر يبحث عن خطأ

نوح اغرق الكرة الأرضية كلها بدعاء من أربع كلمات
(رب اني مغلوب فانتصر)

بينما امتلكها سليمان كلها بدعاء من ثلاث (وهب لي ملكا)
لا نحتاج إلى الكثير من الكلمات لنحدث الأثر.. والتأثير

بل نحتاج إلى الصدق والإخلاص

الحياة ليست بحثاً عن الذات ولكنها رحلة لصُنع الذات
اخلق من نفسك شيئاً يَصعُب تقليدُه
لا‌ ﺗﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ
ﻓﺎﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﻓﻮﻕ ﺟﻬﻨﻢ ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺠﻨﺔ ..
اسعد الله اوقاتكم 🌹


Hi ، أنا عربيّ
والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه !
.
.
أنا مثلكم جميعاً أتحدّث عمّا لا أفعل !
أحدّثكم عن صلاة الفجر وأنام عنها
وأحدّثكم عن الجهاد وأنا أشرب الشاي منسدحاً أمام " ناشيونال جيوغرافيك "
وأبكي أطفال سوريا وأنا أشاهد السنافر مع أولادي !!
وأحدثكم عن مقاطعة البضائع الأمريكية وأنا آكل عند ماك دونالدز
وبعد كل وجبة دسمة أتذكر الصومال
.
.
Hi ، أنا عربيّ
أعمل لدنياي كأني سأعيش أبداً
وأعملُ لآخرتي كأنّي لن أموت !
وأسعى دوماً لتحسين ظروف حياتي
ببساطة أنا مثلكم جميعاً أريد
علفاً أكثر وزريبة أوسع !
.
.
أنا مثلكم جميعاً
أحبّ المظاهر
إذا ما غضبت أقول " shit "
كي لا أبدو همجياً
وفي الصّباح تحييني زوجتي بتحية الإسلام " بونجور " !
وأقرأ في المقهى لمحمود درويش شيئاً يُسمّى شِعراً
لأن المثقفين يقرأون له
وأشرب القهوة
لأن شرب الشاي في ستاربوكس من خوارم المروءة !
.
.
مثلكم أنا جميعاً أتابع أسعار العقارات
من باب اللقافة طبعاً
فليس لي في الأمر ناقة ولا جمل
فأنا أصلا أسكن في بيت مستأجر !
مثلكم جميعاً أنا ، أتابع أسعار النفط
رغم أني أعرف أن هذا الأمر من شأن وليّ الأمر
" ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "
وأتابع أسعار الذّهب رغم أن آخر مرة اشتريت فيها ذهباً
كانت منذ ثماني سنوات وكان الذهب مهراً لزوجتي
وبقدرتي الرهيبة في الغزل جعلتها تبيعه لأكمل دراستي !
.
.
مثلكم جميعاً أنا
أحلم أن أقف بالناس واعظاً
ففي كل عربيّ يختبىء واعظ صغير
سأحدثكم عن الإسلام
فهو شيء يسهل الحديث عنه
حتى اسألوا محمد عبده وهيفا وهبي
سأحدثكم أنّه لا يجوز أن تؤمنوا بمحمد بن عبد الله وتتبعوا محمد بن نايف !
وأن محمود عبّاس نذل ولو مدحه عكرمة صبري في المسجد الأقصى !
وأنّ شماغ عبد الله بن عبد العزيز ملوث بدماء أهل رابعة
مهما حاول السديس أن يغسله له عند الكعبة بماء زمزم !
وأن الغنوشي يعرف عن الإسلام السياسي كما تعرف فيفي عبده عن رجال الصحيحين !
وأن السلميّة ليست أقوى من الرصاص
وأن الديمقراطية والقرآن لن يجتمعا !
سأحدثكم أن حذاء مجاهد في الشّام أشرف من رؤوسنا جميعاً
وسأخبركم أني تعبتُ من كوني عربيّ
تعبتُ من كوني مثلكم جميعاً

.

#أدهم_شرقاوي


السر ليس في العين وإنما في النظرة !

أرسل تاجر كبير مساعده إلى دولة نامية ليرى إمكانية إنشاء مصنع للأحذية هناك، بعد شهر عاد المساعد بتقرير قال فيه:
سيدي: من المستحيل إقامة مصنع أحذية في هذا البلد، فالسكان بالأساس حُفاة ولا ينتعلون الأحذية، وفكرة بيع سلعة لا يستخدمها الناس تبدو بالنسبة لي فكرة مجنونة !

ارتأى التاجر أن يرسل مساعده الآخر في ذات المهمة إلى نفس البلد قبل أن يحزم أمره، وبعد شهر أيضاً عاد المساعد الثاني بتقرير قال فيه:
إنّ فكرة إقامة مصنع أحذية في هذا البلد تبدو لي فكرة عبقرية، يمكننا بهذا تحقيق أرباح خيالية فلم يسبقنا إلى هنا أحد والناس يتألمون كونهم حفاة، ومن المؤكد أن يُقبلوا على شراء إنتاج مصنعنا بكثرة !

لا أبالغ إذ أقول أن هذه القصة تُلخِّص سرّ الحياة بأسرها!
طبعاً إذا ما نظرنا في عمقها لا في أحداثها وشخوصها، الأمر أكبر من مساعدَين أُرسلا في مهمة، وأبعد من مصنع أحذية وتاجر يريد أن يبدأ تجارة جديدة!

يختلفُ الناس في قضية واحدة اختلافاً بيِّناً، وهذا الاختلاف دائماً لا يرجع إلى القضية نفسها وإنما إلى النظرة التي ينظر كل فرد من خلالها إلى هذه القضية، لهذا كونوا على يقين أن مواقف الناس تجاه حدث ما لا تكشف طبيعة هذا الحدث بقدر ما تكشف طباع الناس أنفسهم !

نحن عندما نغيِّر نظرتنا إلى موقف ما، تتغير مواقفنا تجاهه وقد تنقلب رأساً على عقب، والشيء بالشيء يُذكر، منذ أيام كنتُ في المسجد، وأثناء ركعتي السُّنة وأنا ساجد داس أحدهم على رأسي، ثم تمتم بكلمات لم أفهمها وابتَعَد، تضايقتُ كثيراً من الموقف ناهيك عن الألم ولكني أكملتُ ما أنا فيه، وعندما انتهيتُ عرفتُ أنّ الذي داس على رأسي رجل ضرير فقلتُ: الحمد لله الذي عافني مما ابتلى به كثيراً من خلقه… هكذا خلال ثانية تحول شعور الغضب إلى شعور شفقة ورحمة وما من سبب غير أن النظرة تغيرت !

في الجاهلية رثتْ الخنساء أخاها صخراً ردحاً من الزمن، وبكته بكاءً مُراً كاد أن يذهب ببصرها، ولم يكن أحد في جزيرة العرب يعرفها بأشهر من شعر رثائها وبكائها، حتى أنها حين وفدتْ على النبي صلى الله عليه وسلم شاهرة إسلامها، قال لها: ايه يا خُنيس، أنشديني من رثائك صخراً! ففي الجاهلية لا يوجد في الموت إلا الموت، هكذا كان ينظر القوم والخنساء معهم، ولكن الخنساء بكّاءة الجاهلية فقدت في القادسية أولادها الأربعة، فسجدت لله شكراً أن قدّمت لله فلذات أكبادها، إن الموت هو الموت، والفقد هو الفقد، ولكن عين الخنساء في الجاهلية ليست هي ذاتها عين الخنساء في الإسلام، فالإسلام العظيم حين نقل العرب تلك النقلة المذهلة لم يُغير الحياة وإنما غير نظرتهم إليها، ولما تغيرت نظرتهم إلى الحياة تحولوا من رعاة غنم إلى سادة أمم، ولهذا عندما وفد ربعي بن عامر على رستم كما ذكر ابن كثير في الجزء السابع من البداية والنهاية، سأله رستم: ما أخرجكم من دياركم؟ فقال له ربعي: جئنا لنُخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، فعين الجاهلي لم تكن ترى في الحرب إلا سلباً ونهباً وغنيمة أما عين المسلم فصارت تراها تعبيداً لطريق القرآن إلى قلوب الناس!

خلاصة القول :
أحيانا لتغيير واقع الحياة لا نحتاج أكثر من تغيير النظرة التي ننظر بها إليها !

أدهم شرقاوي / صحيفة الوطن القطرية
🌹


َ
قال : وتعينني ؟
قال : وأعينك
قال : فإنّ الله أمرني أن أبني ها هنا بيتًا
وأشار إلى أكمةٍ مرتفعة على ما حولها
فعند ذلك رفعا القواعد من البيت
فجعلَ إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني
حتى إذا ارتفعَ البناء، جاء بهذا الحجر
فوضعه له، فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة
وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "

الدَّرْسُ السَّابع عشر :
كان إسماعيل عليه السلام راميًا ماهرًا، وصيادًا حاذقًا
وفي القصة ما يؤيد هذا، إذ جاءه أبوه وهو يبري نبلًا
وفي البخاريّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يومًا :
" ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا "
ولما كان هذا الدين دين فتوحات وجهاد
كان من الطبيعي أن يحثّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الرميّ
فيقول : ألا إن القوة الرميّ، ألا إن القوة الرميّ
وقال عمر في قولته المشهورة :
علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل !

الدَّرْسُ الثّامن عشر :
" إنّ أول بيت وضع للناس للذي ببكة "
وفي بكّة قولان :
الأول : أنه لا فرق بين لفظتي مكة وبكّة
فالباء والميم يتناوبان في كلام العرب وهذا معلوم
فنقول : ضربة لازم وضربة لازب وهما سواء
والثّاني : وهو الذي أميل إليه بعد ما قرأتُ في الأمر كثيرًا
أن بكة هي موضع البيت تحديدًا
ومكة هي القرية كلها كما هو معلوم
وبهذا فإن بكة هي جزء من مكة وهو موضع البيت والله أعلم.
وسأل أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أيُّ المساجد بُني أولًا ؟
فقال له : المسجد الحرام
ثم سأله : ثم أيّ ؟
فقال : المسجد الأقصى
فقال : كم بينهما ؟
فقال : أربعين سنة
وقد سبق القول أن الملائكة هي من بنَت الكعبة لآدم عليه السلام
وأنها هُدمت بالطوفان، فأعاد إبراهيم عليه السلام بناءها

الدَّرْسُ التّاسع عشر :
هل الكعبة اليوم على الشكل الذي بناه إبراهيم عليه السلام ؟
الجواب هو ، لا !
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أنّ الكعبة كان لها بابان
وأنّه لولا أنّ قريش حديثة عهد بالإسلام
لهدمها وأعاد بناءها كما كانت زمن إبراهيم عليه السلام
حيث كان لها بابان وكان حجر إسماعيل داخلًا فيها !
أما لماذا لم تكن زمن قريش كما كانت زمن إبراهيم عليه السلام
فالسببُ أن السَّيل جرفها زمن قريش
فجمعوا حلال أموالهم وبنوها
ولكن النفقة يومها لم تكفِ فجعلوا حجر إسماعيل خارجها
وأثناء حكم عبد الله بن الزبير هدمها مجددًا
وأعاد بناءها كما كانت زمن قريش
وقد أراد أبو جعفر المنصور أن يهدمها زمن خلافته
ويعيد بناءها كما كانت زمن إبراهيم عليه السلام
فاستشار الإمام مالك في هذا الأمر
فقال له : لا تفعل، كي لا تصبح الكعبة أُلعوبة للملوك
كلما جاء ملك هدمها وأعاد بناءها
فهي اليوم على الهيئة التي بنتها قريش

الدَّرس العشرون :
نختمُ بالحديث عن أجزاء الكعبة ونختصر
أولًا : الحجر الأسود
وقد جاءت به الملائكة من الجنة
وفي الحديث : كان أبيض من اللبن فسوّدته خطايا بني آدم
وفي هذا وقفة
إذا كان حجر أبيض من الجنة سودته الخطايا
فما تفعل الخطايا بالقلوب وهي من الأرض !
والحجر الأسود اليوم ثماني قطع
والسبب هو أن القرامطة لما غزوا الكعبة سرقوه
وبقي عندهم عشرين عامًا ثمّ أُعيد مكانه
والقرامطة قوم فجَرَة، غزوا الكعبة وقتلوا الحجيج قبل يوم عرفة
وألقوا في بئر زمزم عشرين ألف مسلم قتلى !
وكان أبو طاهر القرمطي عليه لعائن الله تترا
عند باب الكعبة على فرسه يقول :
أنا الله والله أنا، أخلق الخلق وأفنيهم أنا !
ومن جرأتهم على الله أن أحد القرامطة قال لعالم يومها :
ألا يقول الله : " فمن دخله كان آمنًا " فأين ربك ؟
فقال له : يا أحمق إنه أراد أن يقول : من دخل الكعبة فأمّنوه
وهذا أمر لا خبر ولكنكم قوم لا تعلمون !
ثانيًا : حِجر إسماعيل
وهو نصف الدائرة بجوار الكعبة
وهو فقهًا جزء من الكعبة، ومن طاف ومرّ منه لم يُحسب شوطه في الطواف
لأنّ الطواف حول الكعبة لا بها وهو جزء منها
وإن كان ليس داخلًا بها اليوم
إلا أن الحُكم فيه حكم كل شيء داخل بها
ثالثًا : مقام إبراهيم
كان في الأصل الصخرة التي وقف عليها إبراهيم عليه السلام
يبني البيت لما ارتفع
فألانَ الله له الصخرة فحُفرت قدماه فيها
وفي هذا وقفة :
لما ألانَ إبراهيم قلبه لله، ألانَ الله له الصخر تحت قدميه !
وكانتْ قريشُ تعرف أن هذه الأقدام أثر دعسات إبراهيم
وكان المقام ملتصقًا بجدار الكعبة أو يكاد
لأنّه وُضعَ لإتمام جدران الكعبة
ولكن عمر بن الخطاب أبعده زمن خلافته ليُسهل على الناس الطواف
ثم صار بعد ذلك من ذَهبٍ كما هو اليوم !

أدهم شرقاوي
من كتاب : مع النبيّ
إصدار : دار كلمات / الكويت


طمة بنت محمد اعملي
لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم، وتأتوني بقرابتكم"
إن كان الله أكرم العرب أن جعل سيّد البشر منهم
فليس ليزدروا الناس أو يعتقدوا أنهم أرفع شأنًا منهم
هذه جاهلية تشبه جاهلية العرب الأولى
وإنما شكر نعمة أن جعل الله النبوة منا
أن لا ندع أحدًا يسبقنا لهذا الدين
وأن تتسع قلوبنا لغير العرب ما دام قد وسعهم ديننا
ثمة قرابة أرفع من قرابة العرب هي قرابة العقيدة !
ولو كان الولاء للقبيلة ما قاتل النبيّ قريشًا
ولو كان الولاء للأرض ما ترك النبيّ مكة
ولو كان الولاء للعائلة ما تبرأ من أبي لهب
ولكنها العقيدة، أغلى من القبيلة والتراب والدم !

ويكمل الصادق الأمين قصته فيقول :
وماتتْ أمُّ إسماعيل
فجاء إبراهيم بعدما تزوّجَ إسماعيلُ يُطالع تركته
فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه
فقالت : خرج يبتغي لنا
ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم
فقالت : نحن في شرّ! نحن في ضيق وشدّة، فشكتْ إليه
قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له يُغيّر عتبة بابه
فلما جاء إسماعيل كأنه آنسَ شيئًا
فقال : هل جاءكم من أحد ؟
قالت : نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته
وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنَّا في جهد وشدة
قال : فهل أوصاك بشيء؟
قالت : نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غير عتبة بابك !
قال : ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك
فطلقها وتزوّج منهم أخرى
فلبثَ عنهم إبراهيم ما شاء الله
ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه
فقالت : خرج يبتغي لنا
قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم
فقالت : نحن بخير وسَعة، وأثنتْ على الله
فقال : ما طعامكم ؟
قالت : اللحم
قال : فما شرابكم ؟
قالت : الماء
قال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء
ولم يكن لهم يومئذ حَبّ، ولو كان لهم دعا لهم فيه
فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه
قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، ومريه يثبت عتبة بابه
فلما جاء إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد؟
قالت : نعم أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنتْ عليه
فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته
قال : وأوصاكِ بشيءٍ ؟
قالت : نعم، هو يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تثبِّتَ عتبة بابك
قال : ذاك أبي، وأنتِ العتبة، أمرني أن أمسكك !

الدَّرْسُ الرَّابع عشر:
ما أحلى الكناية
مُريه أن يُغير عتبة بابه
مُريه أن يُثبتَ عتبة بابه
أحيانًا يكون التصريح مؤلمًا للسامع
فلو قال لها : مريه أن يطلقكِ، لكان في الأمر فظاظة
وإبراهيم عليه السلام أرفع شأنًا من هذا
وما أراد أن يجرح أو يلمز
كل ما أراده أن يوصل رسالة لابنه، فاتكأ على عكاز الكناية !
وأحيانًا يكون التصريح مؤلمًا للقائل نفسه
كالأعرابية التي دخلت على الأمير، وقالت له :
جىتُ أشكو إليك قلة الفأر في بيتي
فقال : ما أحسن ما ورّتْ عن حاجتها
املئوا بيتها خبزًا وسمنًا ولحمًا
فكُن لماحًا، إذا قيلت أمامك الكناية
ولا تزهد بها أنت أيضًا
تحفظ الكنايات ماء الوجه أحيانًا !

الدَّرْسُ الخامس عشر :
إنّ الله إذا أعطاك فقد أعطاكَ ما ليس لكَ
وإذا حرمكَ فقد حرمكَ مما ليس لك
فإن أُعطيتَ فاشكر، وإن مُنعتَ فاصبر
سبحانه في عطائه حكمة، وفي منعه حكمة كذلك
والصَّبرُ والشُّكر كلاهما عبادتان قلبيتان لا شأن للجسد فيهما
على أنّ تمام الشكر أن يكون سلوكًا
فشكر المال مساعدة الفقراء فيه
وشكر الصحة إعانة الضعفاء
وشكر العلم إرشاد محتار برأي
ولو عقلَ الناس ما تسخطوا على قدر الله
لأن السخط والتذمر لا يغيران فيه شيئًا
وإنما به يجتمع على الإنسان مصيبتان
الأولى : منع الله، والثانية : إثم التذمر وعدم الرضا
والغنى الحقيقي هو غنى القلب لا غنى الجيب
ونظرتنا للأشياء هي التي تحدد سيرنا في الحياة
إمكانات إسماعيل هي ذاتها زمن الزوجة الأولى، وزمن الزوجة الثانية
ولكن الأولى تنظر إلى ما تفقد لا إلى ما تملك
والثانية شغلها الشكر بما تملك عن السخط عما تفقد
وهذا هو سر السعادة الذي لا يدركه إلا القليل !
لا شيء أصعب من التعامل مع المتبرمين
ولا شيء أحلى من التعامل مع الشاكرين
وما أراد إبراهيم عليه السلام أن يخرب بيت ابنه
ولكنه أراد له الخير

الدَّرْسُ السَّادس عشر :
أُمرنا بالبِرّ
ولكن هل طلاق الزوجة بأمر الأب بر، وتركه عقوق ؟
ليس بالضرورة !
فليسَ كل الآباء إبراهيم عليه السلام
وليس كل الأبناء إسماعيل عليه السلام
يقّدر الابن حياته لأنه الأخبر بها
فأحيانًا يكون التعايش مع المشاكل هو الحلّ المثالي لها
وأيّ حلّ آخر قد ينتج عنه مشكلة أكبر
وأحيانًا لا يكون الأب مُصيبًا في نظرته، والأم كذلك
فإن كان ليس شرطًا للبر طاعتهما
فإنه من العقوق قطيعتهما لأجل زوجة ولو كانت فاضلة
تمسك بزوجتك ولا تنسَ أبويك !

ويتابع الصّادق الأمين قصته فيقول :
ثمّ لبثَ عنهم ما شاء الله
ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلاً له
تحت دوحةٍ قريبًا من زمزم، فلما رآه قام إليه
فصنعا كما يصنع الوالد بالولد، والولدُ بالوالد
ثم قال : يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر
قال : فاصنع ما أمركَ ربُّك


لزوجة والولد كما تحبّ
لا تحاسبهم على إيمانهم لأنهم أقبلوا على دنياهم
منذ متى كان الإيمان طلاقًا للدُّنيا ؟
إنّ الدّنيا بمالها ورزقها ليست ضدّ الجنة
ولكنها طريق إلى الجنة
هاجر كانت عطشى قد شارفت على الهلاك
فمن الطبيعي أن تحوّض الماء وتغرف منه
إن غير الطبيعيّ أن لا تفعل ذلك
إن المصيبة تنزل بالمؤمن حتى تكاد تكسره لأنه إنسان
والفرح ينزل به حتى يكاد ينسيه لأنه إنسان
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : لو أنها لم تحوّض ولم تغرف
هذا يدخل في باب الخبر لا في باب الذّم
وقد قالها صلى الله عليه وسلم في حقِّ أخيه موسى
فعندما التقى موسى عليه السلام بالخضر ليتعلم منه
اشترط عليه الخضر أن لا يسأله شيئًا
ولكن الخضر عندما خرق السفينة
سارع موسى عليه السلام يعاتبه
ولما قتل الخضر الغلام
نسي موسى وعده الذي قطعه وعاتبه مجددًا
ثم قطع عهدًا جديدًا أن لا يسأل شيئًا حتى يخبره هو بنفسه
فلمّا أقام الجدار عاد ليسأله
وهذه طبيعة في البشر عند غرائب الأمور
وموسى إنسان قبل أن يكون نبيًا
ومن الطبيعي أن يتعجب ويسأل ويستغرب
فلما كان السؤال الثالث قال له الخضر : هذا فراق بيني وبينك
فقال صلى الله عليه وسلم: رحم الله أخي موسى
لو صبر لأرانا من عجائب علم الله عند الخضر عليه السلام !

الدَّرْسُ الحادي عشر :
الذي أخرج الماء من الصحراء قادر على أن يُخرج من المشكلة حلًا
فأحسن الظن بالله فإنه لا يُعجزه شيء
كلّ الأزمات التي حلّها الله بكلمة كُنْ فكانت
أشدّ تعقيدًا من كل أزماتك فسلّمه أمرك
الذي أخرج ناقةً من الصَّخر يخرج من قلوب الناس رحمة
والذي شقَّ البحر لنبيه بعصا، يشقُّ صعابك
والذي انتقمَ لنوحٍ ينتقمُ لك
والذي رزقَ زكريا على المشيب ابنًا يرزقك
والذي أوقفَ الشَّمسَ ليوشع يوقف أعداءك
يحدثك عن قدرته لتأوي إليه
يحدثك عن غضبه لتحذّره
ويحدثك عن رحمته لتطمع فيه وتقصده
هداكَ السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا
فاختر لنفسك مع أيّ الفريقين تكون !

ويكمل الصادق الأمين قصته فيقول :
وكان البيت مرتفعًا من الأرض كالرَّابية
تأتيه السيول فتأخذُ عن يمينه وشماله
فكانت كذلك حتى مرَّتْ بهم رفقة من جُرْهم
فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرًا عائفًا
فقالوا : إنّ هذا الطائر ليدور على ماء
لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء
فأرسلوا جريًا أو جريين فإذا هم بالماء
فرجعوا، فأخبروهم بالماء، فأقبلوا
وأم إسماعيل عند الماء فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندكِ
فقالت : نعم، ولكن لا حقَّ لكم في الماء
قالوا : نعم
فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحبُ الأُنس
فنزلوا، وأرسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم
حتى إذا كان بها أهل أبياتٍ منهم
وشبّ الغلام، وتعلم العربية منهم، وأنفسهم
وأعجبهم، حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم.

الدَّرْسُ الثَّاني عشر :
كانوا فرسانًا وكانت امرأة وحيدة
فاستأذنوها أن ينزلوا عندها
فتشترط أن لا يكون لهم الماء فيقبلوا !
هذا درس عظيم في الأخلاق، موغل في النُبل
كانت جُرهم على غير دين إبراهيم فلا يعرفهم ولا يعرفوه
ولكن كانت عندهم أخلاق الإسلام فعلاً !
الفرسان يطلبون إذن امرأة ضعيفة !
ويرفضون أن يأخذوا شيئًا ليس لهم
ليس عجبًا أن ترى غير المسلم على أخلاق
إنما العجب أن ترى المسلم بغير أخلاق !
إنّ هذا الدّين كلّه خُلق فمن فاقك في الخُلق فاقك في الدِّين !
مؤسف حقًا أن ندين بالإسلام ولا نتمثل أخلاقه
ويحزُّ بالقلب أن نرى العرب الرُّحل الذين لا دين لهم
يرفضون أن يأخذوا ما ليس لهم، ونحن نأكل مال بعض
ويرون أن الحقّ أكبر من القوة، ويأكل فينا القوي حقَّ الضعيف

الدَّرْسُ الثّالث عشر :
ما سُميَّ الإنسان إنسانًا إلا لأنه يأنس بغيره وغيره يأنس به
بهذا تتحقق إنسانيتنا أن نألف ونُؤلف
أن يجد الجائعُ عندنا رغيفًا
ويجد المحزونُ عندنا سلوانًا
ويجد الضعيفُ عندنا نصرًا
إننا عندما نعطي إنما نعطي أنفسنا أكثر مما نعطي الآخرين
نهب أنفسنا الإنسانية لأن الإنسانية سلوك، وأخلاق، وتصرفات
الحيوانات تولد حيوانات
أما البشرُ فلا بد لهم من الأخلاق ليكونوا بشرًا
راجع مؤشر بشريتك
أيجد فيكَ أبواك ابنًا استحق عناء إنجابه
أيجدُ فيكَ أولادك أبًا استحق أن ينادوه يا أبي
أيجدُ فيكَ أخوك سندًا وعونًا
أتجدُ فيكَ زوجتكَ صديقًا وحبيبًا
أتجدُ فيك أختكَ ملاذًا
أيجد فيكَ جاركَ أخلاقًا
هذه هي الأشياء التي تجعل منا بشرًا
فلا تتنازل عن إنسانيتك !

الدَّرْسُ الثّالث عشر :
أربعة أنبياء من العرب فقط : هود وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم
أما إسماعيل فهو أبو العرب باعتبار النشأة لا باعتبار الأصل
وإلا فإن إبراهيم لم يكن عربيًا وبطبيعة الحال هكذا ابنه
وكلنا لآدم، وآدم من تراب !
وأنّ هذا الدين وإن بدأ بالعرب فليس دين العرب وحدهم
هذا الدين للناس جميعًا، أبيضهم وأسودهم، وأحمرهم، وأصفرهم
فدعوا عنكم عصبية الجاهلية والتفاخر بالأحساب والأنساب
فإن بلال الحبشي في الجنة، وأبو لهب الهاشمي في النار
وصهيب الرومي في الجنة والوليد بن المغيرة المخزوميّ في النار
و "يا عباس عمّ محمد اعمل، ويا فا


فلم ترَ أحدًا ففعلتْ ذلك سبع مرات
فذلك سعي الناس بينهما !
فلما أشرفت على المروة سمعتْ صوتًا
فقالت: صَه، تريد نفسها
ثم تسمَّعتْ فسمعت أيضًا، فقالت : قد أسمعتَ إن كان عندكَ غواث
فإذا هي بالمَلكِ عند موضعِ زمزم
فبحثَ بعقبه بجناحِه حتى ظهرَ الماء
فجعلتْ تحُوضه، وتقولُ بيدها هكذا
وجعلتْ تغرفُ من الماء في سقائها
وهو يفور بعدما تغرف
يرحم الله أم إسماعيل لو تركتْ زمزم
أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا
فشربتْ وأرضعتْ ولدَها
فقال لها المَلَكُ : لا تخافوا الضيعة فإن ها هنا بيت الله
يبنيه هذا الغلام وأبوه وإنَّ الله لا يضيع أهله !

الدَّرْسُ السَّابع :
لو أنَّ هاجر جلست منكسرة تبكي لما لامها أحد
امرأة وحيدة إلا من رضيع صار عبئًا عليها بعد أن كان ونيسًا لها
يوم كان عندها التمر والماء كانت تأكل وتشرب فترضع ابنها
فكان وقتذاك أنيسًا
أما الآن فكأنه لا يكفيها صحراء مترامية الأطراف ليس فيها شيء
ولا يكفيها الحرُّ والعطش والجهد
حتى يأتيها فوق هذا فلذة كبدها يتلوى من الجوع والعطش
اجتمع عليها العذاب الجسديّ والعذاب النفسيّ
ولكن هاجر لا تعرف الانكسار
تهبُّ من فورها إلى الصَّفا فتنظر هل من قادم
وفي طريقها إلى المروة تمرُّ على ابنها لتطمئن إليه
ولا شيء يطمئنها سوى انه ما زال يتلوى
هذا درس مهم في السَّعي
ليس السَّعيُّ الدينيّ الذي سيأتي الحديث عنه
وإنما السَّعي الدنيويّ
مهما صعبت ظروفك فلن تكون أصعب من ظروف هاجر
أخذتْ تسعى وتنبشُ الصحراءَ عن نجدة
يجب أن نتعلم أن السعيّ في الدنيا لا يُنافي التوكل على الله !
زوجة نبيٍّ وأم نبيٍّ ولم تجلس مستسلمة عاجزة
لم تركن إلى قادمٍ يأتي وحده
أو معجزةٍ تحصل وهي واضعة يدًا على خدٍّ
عندما تضيقُ حتمًا سيأتي الله بالفرج
ولكن شتان بين العاجز المستسلمِ وبين السَّاعي المجتهد
إنّ هذه الدُّنيا دار سَعي فاسعَ ما استطعت
لا شيءَ يأتي بسهولة، وقد خلق الله الإنسانَ في كبد
كلّ شيءٍ يحتاج إلى مشقةٍ ومجاهدة
النفسُ لا تستقيم دون مجاهدة الهوى
والجنةُ لا تُدخَل دون مجاهدة النفس
الأولادُ لا يكبرون إلا بشق الأنفس
والرِّزقُ لا يحصل إلا بتعبِ الجسد والروح

الدَّرْسُ الثّامن :
إنَّ الجزاء من جنس العمل !
هذه بديهية تتكررُ في كلّ قصةٍ وفي كلّ موقف
المرأة التي قالتْ : لن يُضيعنا الله
أرسل الله لها ملكًا ليقول لها : إنَّ الله لا يُضيّع أهله !
يحتاج النّاس أن يسمعوا كلمةً حلوة
يحتاج الناس لمن يطمئنهم وقت المصيبة
لا إلى من يزيد همهم همًا
إذا زرتَ المريضَ حدِّثه عن أملِ الشِّفاء
وإذا وقعتَ على راسبٍ أخبره أن النجاح دومًا يأتي بعد الفشل
إذا رأيتَ فقيرًا أخبره أن الغِنى أمر ممكن الحصول
إذا زرتَ من فقد ابنًا عزّه بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وقد فقد أولاده
وإذا شكا إليكَ أحدٌ ولده عزّه بنوح عليه السّلام إذ عصاه ابنه
وإذا شكا إليكَ أحدٌ زوجتَه عزّه بنوح ولوط عليهما السّلام
وإذا شكا إليكَ أحد أباه عزّه بإبراهيم عليه السلأام
إذا شكا إليك أحد بأنه عاقر حدثه عن زكريا عليه السّلام
إذ رُزق بيحيى وقد اشتعل الرأس شيبًا
وإذا شكت إليك امرأة أنها عقيم
حدثها عن سارة يوم صكّت وجهها
أخبر العاطل عن العمل أن هناك فرصة ستأتي
وأخبر الواقع بمشكلةٍ أن هناك حلّ لا محالة آتٍ
وأخبر اليائس أن هناك سبيل
يحتاج النَّاس لمن يربت على أكتافهم
الحياة قاسية، والناس في شقاء، فلا تزدها عليهم
احقنهم بالأمل، أخبرهم أن ثمة حلّ دومًا
إنّ أحلك ساعات الليل هي تلك التي تسبق الفجر بقليل !

الدَّرْسُ التَّاسع :
الكونُ كلّه بيدِ الله فكُنْ مع الله يطوّعُ الكون لكَ
أيُّ مَلَكٍ كان بأمرِ الله قادر على أن يُخرج لها الماء
ولكن الله أرسل لها جبريل !
أراد أن يكون العزاء بحجم المصيبة ! وما أحلاه من عزاء !
وأرجح الأقوال أن جبريل أتاها في صورة رجل بعد أن نفّذ مهمته
لأنها لو رأته بصورته الحقيقية لأصابها الفزع
وهذا موقف طمأنة لا موقف إظهار قدرة
والملائكة والجنّ بعكس البشر لديهم القدرة على التشكل بأجسامٍ أخرى
ولكن الفرق بين الجنِّ والملائكة في هذا
إنّ الجنّ تحكمهم الصورة بينما لا تحكم الصورة الملائكة
بمعنى أن الجنّ لو تشكل في صورة كلب أو ثعبان لصارتْ قدرته
بقدرة الشَّيء الذي تشكل به فتقل قدراته
ولو تلقى ضربة تقتل الكلب أو الثعبان لمات
بينما الملائكة تبقى فيهم قوتهم ولو تشكلوا في صورة أخرى !
منظر الملائكة مُهيب جدًا
حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم يرَ جبريل في صورته الحقيقية إلا مرتين
وفي المرة الأولى تملكه الفزع !
لهذا عندما أرسل الله إسرافيل وميكائيل وجبريل عليهم السلام
إلى لوط عليه السلام، أرسلهم على هيئة بشر ليطمئنه
لم يرد الله أن يجمع عليه فساد قومه وهيبة الملائكة !

الدَّرْسُ العاشر :
ولو أنها لم تُحوِّض الماء وتغرف منه لكانت زمزم عينًا معينًا !
مهما كان الإنسان تقيّا نقيًا يبقى إنسانًا
فلا تتعامل مع الأتقياء على أنهم ملائكة
لا تنسَ أنهم بشر مثلك
يكرهون، ويضعفون، ويحبّون الدنيا وا


:
"ربنا إني أسكنتُ من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم"
حتى بلغ "يشكرون"!

الدّرْسُ الثّالث :
إنكَ لا تعرف الآن لمن تعجب
لإبراهيم عليه السلام، الرجل الذي أفنى حياته سائرًا إلى الله
منذ نعومة أظفاره وحتى شاخ، يُكابد ويُجاهد
حطّم الأصنام فتًى فأُلقي في النار
وقف في وجه النمرود شابًا فطُرد من "أدر" وطنه ومسقط رأسه
ارتحل إلى فلسطين حيث عبدة الكواكب فأقام عليهم الحجة
ارتحل إلى مصر فلاقى هناك فرعون يريد زوجته
حُرم الولدَ فصبر حتى بلغ المشيخ
ثم ها هو قد رُزق به أخيرًا فيؤمر أن يترك زوجته وفلذة كبده
أين يتركهما ؟ أفي أيدٍ أمينة ؟
في وادٍ غير ذي زرع ولا ماء
حيث لا يفد الناس ولا يقدم البشر
ولكن إبراهيم لا يعنيه كل هذا
إن الله أمر بهذا فليكن أمره ولتكن مشيئته !
أَمْ تعجب من المرأة الضَّعيفة المرضع
تلحق زوجها : أتتركنا هنا ؟
وهو لا يجيب ... ثم لما علمت أنه أمر الله
تقول بكل يقين : لن يضيعنا الله
أيّ بيت هذا ؟! وأي بشر هؤلاء ؟!
الله عندهم أولًا، والله عندهم أخيرًا

الدَّرْسُ الرَّابع :
ما كان إبراهيمُ يعاني نقصًا في مشاعر الأبوة
وما كانتْ هاجر في استغناءٍ عن الزَّوج
ولكن البعض مرُّوا في ذاكرة التاريخ لنتعلم منهم !
ما دام الأب العطوف قد ترك ابنه وزوجته لأنَّ الله أراد
والزوجة الضعيفة قبلت بالوحدة لأنَّ الله أراد
هذا يعني أن الطريق إلى الله قد يكون ضدّ هوى النفس
أو لعله كان دائمًا كذلك !
ولا يصل إليه سبحانه إلا الذين يتغلبون على أنفسهم
المتصدِّقُ رغم حبَّه للمال
ومقيمُ الليل رغم حبِّه للنوم
والمتعففُ رغم حبِّه للنساء
ورافضُ الرَّشوة رغم حاجات البيت ومطالب الأولاد
المحتشمةُ رغم حبها لإظهار أنوثتها
والمغلقُ دكانه للصلاة رغم أن الزبائن قد يذهبون إلى دكان آخر
كل هؤلاء يَصِلون
وقد حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات !

الدَّرْسُ الخامس :
تسأله : أتتركنا هنا ؟
فلا يلتفتُ ...
أسألتَ نفسكَ لماذا لم يلتفت إبراهيم إليها وإلى ابنها ؟
أهو الكِبر ؟
معاذ الله، إبراهيم أرفع شأنًا وأعلى مقامًا
ولكنه لا يريد أن يضعف
لا يريد أن ينفطر قلبه وهو يترك زوجته وولده
فيقعده هذا الُحبّ الكبير عن أمر الله !
هكذا هم الكبار يتركون ما يُحبِّون لما يُحبُّ ربُّهم
ولأن سلاح المؤمن الدعاء، أشهرَ إبراهيم عليه السَّلام سلاحه
وأوكل الأمر لمن بيده الأمر
" واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم " !
دعوة أصابت القلوب منذ قديم الزمان
لم تُصب جُرهمًا وحدها كما سيأتي
ولكنها أصابت قلب كلّ مؤمنٍ حتى قيام الساعة
وها هو البيتُ العتيق في مكة، وها هي القلوب تفدُ إليه قبل الأبدان
من كل حدب وصوب ينسلون وقد أصابهم سهمُ الدعاء !
المرأة الوحيدة، جاءت قبيلة كاملة لتؤنسها
والولد الذي تركه أبوه صار عنده عشرات الرجال يرعونه
انقل ملفَّ قضيتك من الأرضِ إلى السَّماء
هذه الأرض تُدار من الأعلى حيث من أمرُه بين الكاف والنون
أيها المريضُ إنَّ الطبيبَ في السَّماء
أيها الفقيرُ إن الغنيّ في السَّماء
أيها الحزينُ إن المؤنس في السماء
أيها المكسورُ إن الجابر في السماء
أيها الوحيدُ إن السَّلوى في السماء
أيها المحرومُ من الولد إن الرازق في السماء
أيها المغمومُ إن الكاشف في السماء
الناس ليسوا إلا أسباباً واقعة في قدر الله
فلا تركن إلى السبب وتنسى المُسبب !
العمل سبب والرازق الله
الزَّواجُ سبب والواهبُ الله
الدِّراسة سبب والمُسدد الله
البنادقُ سبب والرّامي الله
خُذ الأسباب ما استطعت ولكن إياك أن تُنسيك الأسباب من سببها !

الدَّرْسُ السّادس :
آلله أمرك ؟!
ما أحلاه من سؤال ...
وما أحلى الجواب إذ نقول للناس : إن الله أمرَنا
وما أحلاه من إيمان إذ نقوم بالأشياء فقط لأنَّ الله أمر
لماذا تخفين جمالكِ ؟ لأنَّ الله أمر
لماذا تطيعين زوجكِ ؟ لأنَّ الله أمر
لماذا لا ترتشي ؟ لأنَّ الله أمر
لماذا تُكرم زوجتك ؟ لأنَّ الله أمر
لماذا تبرّ والديكَ ؟ لأنَّ الله أمر
نصومُ ونحجُّ ونزكي لأنَّ الله أمر
من يحتاج سببًا أحلى وأروع من هذا
وكُنْ على يقينٍ من أقام أمرَ الله أقامَ الله أمره
ما أمسك أحدٌ يده عن حرامٍ إلا رزقه الله الحلال
معادلة صعبة لا يفهمها كثيرٌ من الناس
كل ما حصلتَ عليه من حرام حصلتَ عليه لأنه رزق الله لكَ
لو صبرتَ عليه لأخذته بالحلال !
كل لقمةٍ أكلتها بالحرام هي لكَ بالحلال لو صبرتَ
وكل درهمٍ جنيته بالحرام هو لكَ بالحلال لو صبرتَ
حتى النظرة بالحرام تجد فيها لذة لو صبرتَ لكانت لذةً بالحلال !

ويكملُ الصادقُ الأمين قصته فيقولُ :
وجعلتْ أمُّ إسماعيل تُرضع إسماعيل
وتشربُ من ذلك الماء حتى إذا نفد، عطشَتْ
وعطشَ ابنُها، وجعلتْ تنظرُ إليه يتلوى
فانطلقتْ كراهية أن تنظر إليه
فوجدتْ الصَّفا أقرب جبل في الأرض يليها
فقامت عليه ثم استقبلتْ الوادي تنظر هل ترى أحدًا
فلم ترَ أحدًا ...
فهبطتْ من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعتْ طرف درعها
ثم سعتْ سعي الإنسان المجهود
حتى جاوزت الوادي ثم أتتْ المروة
فقامتْ عليها ونظرت هل ترى أحدًا


هاجر وإسماعيل عليهما السّلام

هذه قصة طويلة متشعبة تكثر فيها العِبر وتتعدد فيها الوقفات والدروس
وقد ارتأيتُ أن أخرج فيها عن النمط المعتاد في هذا الكتاب
فقد كنتُ أسردُ القصة ثم أضع لها دروسًا وفوائد
لما غلب على ظني القاصر وعلمي القليل أنها تصلح
ولكن في هذه القصة بدا لي أن لا أسردها دفعة واحدة
وإنما أعرضُ للقصة شيئًا فشيئًا فإذا وجدتُ الحاجة للتوقف
واستخلاص عبرةٍ أو درسٍ توقفتُ ثم تابعتُ وهكذا
والله المُسددُ وعليه التُكلان

روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
أوّل ما اتّخذ النساءَ المِنطق من قبل أم إسماعيل
اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة

الدَّرْسُ الأوّل :
المنطق هو ما تشدُ به المرأة وسطها عند عمل البيت لترفع ثوبها
والمُراد من الحديث أنّ هاجر أول من استخدمته
والخبر الحقيقي ليس هنا وإنما يوم خرجت مع زوجها وابنها تاركة سارة
فقد أرخت منطقها لتخفي آثار أقدامها
فلا تعلم سارة إلى أي مكان اتجهت إليه خشية على نفسها
والقصة في بدايتها تقودنا إلى الحديث عن الغيرة بين الضرائر !
وقبل أن نتحدث عن غيرة الضرائر عمومًا وسارة خصوصًا
علينا أن لا ننسى فضل سارة وثباتها وجهادها
فهي المرأة التي آمنت بإبراهيم عليه السلام يوم لم يؤمن به أحد
وهي التي حين وفد بها إلى مصر قال لها :
ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك
وهي المرأة التي أرادها الفرعون لنفسه فأرادت العفة
فلجأت إلى الله وقد كانت عزيزة عنده فحفظها في عرضها
ولكن جرت سُنة الله في الناس أنه فطرهم على طبائع مشتركة
لا ينجو منها أحد مؤمنهم وفاجرهم !
فالمرأة ترغب بالرجل بغض النظر عن درجة إيمانها
والرجل يرغب في المرأة بغض النظر عن درجة إيمانه
هذه غرائز أوجدها فينا الخالق لحكمة يعلمها سبحانه
والإسلام ما جاء ليقضي على الغرائز وإنما ليهذبها
ويضعها في طريقها الصحيح
والغيرة بين الضرائر مما فُطرت عليه النساء
ويقول ابن حجر في فتح الباري : الغيرة في النساء أمر غير مكتسب
أي أنهنّ جُبلن عليه ولا يستطعن منه خلاصًا
والله لا يُحاسب على الشعور ما دام شعورًا
ولكنه يؤاخذ على الأعمال التي تنتج عن هذه المشاعر !
وكان من الطبيعي جداً وسارة متعلق قلبها بزوجها
وهي امرأته الوحيدة ردحًا من الزمن
أن تغار وقد صار له زوجة غيرها وصار له منها ولد أيضًا
مما زاد تعلقه بالزوجة الجديدة التي جاءت له بالولد
فاستعرتْ نار الغيرة في قلبها
وحصل منها ما يحصل من الزوجات وهو أمر أتفه من أن نتوقف عنده
إنه أمر طبيعي يُذكر جملة لا تفصيلًا
إذ لا تنجو منه امرأة
وهذه عائشة الصِّديقة بنت الصديق رضي الله عنها
كانت ليلتها ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندها
وأرسلت سودة بنت زمعة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم مع خادمها
قصعة فيها طعام أحبّتْ أن يأكل زوجها منها
فما كان من عائشة إلا أن ضربت القصعة في يد الخادم فانكسرتْ
ولما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عنده
كان هذا الموقف ليكون محرجًا جدًا له
ولكنه الرحمة المهداة الحليم العارف بفطرة الله في الناس
فما كان منه إلا أن ابتسم وقال لأصحابه : غارت أُمكم !
وطلب من عائشة أن تعطي سودة قصعتها وانتهي الأمر هنا !

الدَّرْسُ الثّاني :
الجزاء من جنس العمل
وسارة التي ذكرنا غيرتها حان الوقت لنذكر دماثة أخلاقها
فعندما عصمها الله من الفرعون الذي أرادها لنفسه
أعطاها الفرعون هاجر هدية، عربون توبة واعتذار منه
فهاجر بهذا المعنى ملك لسارة بحسب الحال وطبيعة الزمن
ولكن سارة الخلوقة والنبيلة كانت عقيمًا لا تلد
وقد علمت رغبة زوجها بأن يكون له ولد
فاختارت سعادة زوجها على حساب سعادتها الشخصية
ورفضت أن تكون أنانية فتحرم زوجها الولد لأنها لا تُنجب
فطلبت منه أن يتزوج هاجر وهكذا كان
فولدت هاجر إسماعيل عليه السلام
ولكن الله العادل الرحيم الذي يردُّ المعروف بمثله، ويجازي الخير بالخير
أصلح هذه المرأة العقيم التي لا تلد
لتلد نبيًا هي الأخرى، وهو إسحاق عليه السلام
فكان منه كل نبي بُعث في بني إسرائيل بعد هذا
باستثناء عيسى عليه السلام فإنه بلا أب كما لا حاجة لأن نتوقف عند هذا
بينما لم يكن من ذرية إسماعيل إلا نبي واحد
هو نبينا صلى الله عليه وسلم
وإنهم سلام الله عليهم جميعًا لئن كانوا جمعًا
فهو الفرد الذي لو جُمع الناس في صعيد واحد لفاقهم جميعًا.

ويكمل الصادق الأمين قصته فيقول :
ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه
حتى وضعهما عند البيت
عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد الحرام
وليس بمكة يومئذٍ أحد وليس بها ماء
فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابًا فيه تمر، وسقاء فيه ماء
ثم قفى إبراهيم منطلقًا
فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهبوتتركنا بهذا الوادي
الذي ليس فيه إنس ولا شيء !
فقالت له ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها
فقالت له : آلله الذي أمرك بهذا ؟
قال : نعم
قالت : إذن لا يضيعنا الله
ثم رجعتْ !
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثّنية حيث لا يرونه
استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه


(دروس زوجية " محمد ﷺ وخديجة)

1

كان عمرها أربعين سنة
وكان عمره خمسة وعشرين
كان عندها من القلب ما يكفي لتنزل إليه
وكان عنده من العقل ما يكفي ليصعد إليها
فعاشا سعيدين !

الدرس الأول :

مهم أن تملك أسباب الحياة
ولكن الأهم أن تعرف كيف تعيش !
وحين تعثر على الشخص المناسب
لا تضيّعه بالتدقيق في التفاصيل
الفروقات يمكن تذويبها !
يمكن لاثنين أن يصبحا واحداً
في حين أن كثيرين تزوجوا لأنهم متشابهون
فأنجبوا فوارق كثيرة
وظلوا رغم تشابههم اثنين !

لا تلتفتوا للزمن كثيراً لأن الحياة تجارب !
البعض تشيب رؤوسهم ويبقون أطفالاً
والبعض شباب نضجت عقولهم على نار التجارب !


2

كانت غنية جداً
ولكنها كانت تشعره أنه أغلى ما تملكً
وكان فقيراً جداً
ولكنه كان يشعرها أن مالها أقل ما تملك !

الدرس الثاني :

اعقد زواجا ولا تعقد صفقة !
اياك أن تتزوج امرأة لمالها
تعيس من يتزوج خزنة
يمكنك أن تخدعها بعض الوقت
ولكنك لا يمكن أن تخدعها كل الوقت
فمتى اكتشفتْ أنك أردتها سيدتك
فستعاملك على أنك عبدها

إياكِ أن تتزوجي رجلاً لماله
كل أسرّة العالم الفاخرة لا تساوي اغفاءة امرأة على صدر رجل تحبه لأنها تحبه فقط
كل المجوهرات والعقود ستصبح بلا حب أغلالا من ذهب
كل الخدم والحشم لا يساوي شيئا أمام فنجان قهوة تعده امرأة بنفسها لرجل تحبه
لأنها تحبه
سيأخذك للمسارح لتشاهدي مسرحيات فكاهية لكنه لن يشتري لك ضحكة
سيشتري لك هدايا كثيرة ولكنك لن تشعري بما تشعر به امرأة يهديها زوجها وردة كأنما قطفها من حديقة قلبه


3

عندما نزل عليه الوحي وأصابه الخوف والبرد
كان عنده قبيلة كبيرة
وكان عنده أقرباء كثر
وكان عنده أصدقاء مخلصون
ولكنه احتمى من خوفه بامرأته
وتدفأ من برده بحضنها
كان كأنما يقول لها :
أنتِ قبيلتي !

الدرس الثالث :

إذا حزنت اذهب إليها بحزنك
إذا تعبت اذهب إليها بتعبك
ليس في الأمر انتقاصا للرجولة أن تشكو لها
ليس في الأمر انتقاصا للرجولة أن تشركها في أمرك
خُلقت من ظلع أعوج قرب القلب !
خُلقت لتكون لك وطنا وقبيلة
أرها أنك تستحق
فستريك أنها حقا وطنك وقبيلتك

وأنتِ
كوني معه ولا تكوني عليه
يوم جاءها يرتجف
أخذته إليها
وهدأته وطمأنته أن الله لن يخزيه
إن جاءك يشكو ماله أخبريه أنه ثروتك
وإن جاءك يشكو أهله أخبريه أنه أهلك
إياك أن يحتاجك ولا يجدك
الرجل طفل كبير
يحتاج لصدر حنون يلجأ إليه
أكثر من حاجته إلى مدفع يقاتل به
كوني وطنه يكن مواطنك الصالح
كوني أمه يكن طفلك
كوني أمته يجعلك سيدته
جميل أن تكوني جميلة ومتعلمة ومثقفة
ولكن لا تنسي أن تكوني امرأة
الأنوثة سلوك لا شكل

4

بعد أن ماتت بسنوات طويلة
رأى صاحباتها فخلع رداءه وفرشه لهن ليجلس
وقال لمن معه :
هؤلاء صويحبات خديجة

كانت امرأة لا تُنسى
وكان وفياً لا ينسى
كانت تُحب من أحبّ
وكان يُحبّ من أحبتْ

وعندما قالت له عائشة :
" أما زلت تذكر خديجة وقد أبدلك الله خيراً منها "

كان بإمكانه أن يراعي الحي على حساب الميت
ولكن الوفي لا ينسى
لا ينسى امرأة كانت يوما قبيلته
كانت أباه الذي لم يعرفه
كانت أمه التي ماتت وتركته صغيرا
كانت إخوته الذين لم ينجبهم أبواه
كانت أعمامه وأخواله
وكان وفياً لا ينسى
فاختار أن ينصفها ميتة
" والله ما أبدلني الله خيراً من خديجة

من كتاب حديث الصباح لـ ادهم شرقاوي


لا تقل :
إن فلاناً لا يعرفني إلا عند الحاجة
بل قل :
الحمد لله الذي أكرمني لقضاء حوائج الناس !
.
محمد متولي الشعراوي

Показано 20 последних публикаций.

329

подписчиков
Статистика канала