~
ألم يعوِّدك رحمته؟!
ألست تغدو وتروح في آلائه؟
متى كنت بدعائه شقيًّا؟
تذكُرُ يوم صبَّحك راضيًا مجبورًا؛ وقد بِتَّ بمعصيته مسرورًا؟
كم كشف عنك من ضرٍّ وهمٍّ، وأذهب عنك من بأسٍ وغمٍّ! ألست محوطًا بأنعمه باطنًا وظاهرًا؟
كم يشتاق لحريتك أسيرٌ لا يرجو عليها مزيدًا، ويتمنى عافيتك سقيمٌ قرَّح جلدَه طولُ الرقاد!
كم تبغَّضت إليه -جريئًا- بما يكره؛ فوالاك -متوددًا- بما تحب!
أليس يحفظك -مِن قديمٍ عظيمٍ- بين حلمه وستره؟
ساعةَ أثنى عليك أحدهم بخيرٍ لم تغسل يدك بعدُ من شرٍّ ضدِّه؛ كيف نسيتها؟
كم دلَّك عليه، وعلَّمك من لدنه، وعرَّفك سبيله، ووصلك بهداه!
كم أقامك في مراضيه حين قام غيرُك في مساخطه؛ يختصك بالعناية!
الساعة التي تصلي فيها هي هي ساعة إشراك مشركٍ، وابتداع مبتدعٍ، وظلم ظالمٍ، وفجور فاجرٍ. ما لك من سوابق الخير معه حتى يعصمك من فاحشةٍ قارفها أقرب الناس منك؟ وينجيك من ظلمٍ لابسَه جارٌ ليس بينك وبينه غير جدارٍ؟ ويسلمك من غوايةٍ أشهدك احتراق العامة بها؟
أي حسنةٍ لك عنده حتى يَنْظِمَكَ في صفوف المسلمين له؛ تعادي أعداءه وتوالي أولياءه؟
هذا الإسلام الذي أنعمك به ضل عنه كافرٌ يود -يوم التغابن- لو أنه أسلم، هذه السُّنة التي ترغد فيها حُرِمَها مبدلٌ يُذاد عن الحوض غدًا، تلك الفتن التي تصد عنهما قد أنقذك -برأفته- منها.
كم باعدتْ أعطافُ ألطافه بين ذرات بلائك الكثيف؛ حتى أخرجتك إلى طيِّب العافية!
كم يسر لك عسيرًا، وقرَّب منك بعيدًا، وفتح عليك مغلقًا!
كم قطعته -فقيرًا إليه وهو الغني الحميد- فوصلك!
كم بعدُت عنه -لا حول لك ولا قوة إلا به- فأدناك منه!
كم استدبرت رحمته فاستقبلك بها تلقاء وجهك؛ يقول لك: لا تعرض عني!* . .