دراسات في التراث الشعبي اليمني (الأدب الشعبي)
العدد 52 - فضاء النشر
أ. أحلام أبو زيد - مصر
سعيت منذ فترة لجمع مجموعة من الدراسات الشعبية الحديثة نسبيًا التي تعرض للفولكلور اليمني.. حتى استطعت الحصول على مجموعة من الدراسات العلمية التي يمكن أن تكون ملفين لعددين حول فولكلور اليمن.. إذ أن باب جديد النشر لم يتمكن من الحصول على ما يصدر حديثًا في اليمن ربما لما تمر به البلاد من أحداث نعلمها جميعُا.. وسنعرض في هذا الملف الأول مجموعة متنوعة من الدراسات التي تناولت فنون الأدب الشعبي اليمني لمجموعة من المؤلفين المتخصصين.. اعتمدت كتاباتهم على العمل الميداني والدراية الواعية بتحليل النصوص الشعبية.
فى الأدب الشعبي فنون ونماذج يمنية:
في مصر صدر عام 2019 كتاب ابراهيم أبو طالب بعنوان «في الأدب الشعبي فنون ونماذج يمنية» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة الثقافة الشعبية رقم (43)، والكتاب يقع في 278 صفحة من الحجم المتوسط . ويعرض المؤلف تجربته في وضع الكتاب بقوله: بعد خبرة سنوات من تدريس مقرر الأدب الشعبي في كلية التربية بجامعة صنعاء، والعودة إلى مضان الأدب الشعبي العالمي والعربي، واليمني ومصادره، ومعايشة الكثير من نصوصه، والولع به لفترات طويلة، وتأمله مرات عدة، وقراءته قراءة استمتاع تارة، وقراءة بحث تارة أخرى، أردت أن أضع خلاصة التجربة في هذا الكتاب الذي حرصت على أن يتضمن حدود المادة العلمية، ومفرداتها التي نصت عليها الأدلة الأكاديمية لكليات الجامعة.
يبدأ الكتاب بفصل حمل عنوان «الفولكلور والأدب الشعبي» يحتوى على تعريف أهم مصطلحات الفولكلور والأدب الشعبي وعوامل نشأته والاهتمام به وتوثيق مادته، كما وقفت على تحديد مفاهيم التراث الشعبي والأدب الشعبي وسماته ووظائفه. مشيرًا إلى الوظائف الاجتماعية والنفسية والنقدية التربوية والأيديولوجية والتواصلية والإمتاعية للأدب الشعبي عامة.
أما الفصل الثاني من الكتاب فقد حمل عنوان «من الفنون الشعبية النثرية» تناول فيها مفهوم الأسطورة وخصائصها ووظائفها وأنواعها: الأساطير التعليلية- الأساطير التاريخية- الأساطير الحضارية. أما الحكايات الشعبية فقد تعددت أنواعها واختلفت البنى المميزة لكل نوع منها ، وثمة روابط تجمعها وأخرى تميز كل نوع عن الآخر، ومنها: الحكاية الخرافية التي لا تمت بصلة للواقع ولا تخضع حوادثها لما يتوقع عقلاً من الأحداث، وتقوم بعدة وظائف منها أنها تحقق للإنسان حياة العدالة والحب التي يحلم بها. أما الحكاية الشعبية فيعرض المؤلف للتصنيف الذي قسم الحكاية إلى ثلاثة أنواع: حكايات الحيوان- الحكايات السحرية الخرافية- الحكايات الحياتية أو حكايات الواقع. كما استعرض تصنيف فوزي العنتيل الذي صنف الحكايات إلى: حكاية الجنيات- الحكاية الرومانسية- الحكاية المرحة- حكاية الحيوان- حكاية الألغاز. وعلى هذا النحو يستعرض المؤلف موضوعات الأدب الشعبي ليقدم لنا تعريفًا وتصنيفًا للملاحم الغربية كالإلياذة والأوديسا والإنيادة والشاهنامة والسير الشعبية العربية وأنواعها مثل: الهلالية- عنترة بن شداد- الملك سيف بن ذي يزن- الأميرة ذات الهمة- الصياد جودر- السلطان الظاهر بيبرس- الأمير حمزة البهلوان- فيروز شاه، ويعرض لطريقة أداء السيرة مشيرًا إلى أن السيرة الشعبية ليست قصة تقرأ على انفراد، وإنما هي عمل يؤدى في مجلس أو محفل. وهذا الأداء له تقاليده التي تتوافق مع التقاليد الفنية للجماعة الشعبية، ولهذا تتنوع صور الأداء وفق تباين أحوال المجتمعات الشعبية العربية. ومن ثم، نجد صورًا من الأداء ترتكز على الإلقاء المسرحي، بينما تضيف أخرى العزف على الربابة والغناء المنفرد، وتتوسع ثالثة في العزف والغناء مكونة فرقا متعددة الآلات والأدوار. وينتهي هذا الفصل بعرض المؤلف لموضوع الأمثال الشعبية مع تعريف كل نوع منها وبيانه والوقوف عند أهم خصائصه وأنواعه وصفاته والإشارة إلى نماذج منه: أخس البقر تِمحر الماء- صاحب المهرتين كداب- عِرسين ولا ولاد.. إلخ. كما رصد المؤلف في ملاحق الكتاب بعض الأمثال اليمنية المشروحة منها: راحة البدو شهرين ولا استراحوا ثلاثة.. أي أن البدو لا يعرفون الراحة والاستقرار غير شهرين في السنة أو ثلاثة على الأكثر، وهي المدة التي تنزل فيها الأمطار على أراضيهم، وفيما عدا ذلك فإنهم يقضون بقية أيام السنة في أسفار متواصلة.
وفي الفصل الثالث والأخير يعرض أبو طالب لموضوع «الفنون الشعبية الشعرية» حيث رصد فيه أنواع الفنون المعروفة على المستوى العربى وأشهرها القوما والموالي والكان كان والزجل، ثم رصد الفنون المعروفة في اليمن وهي فن الحميني بكل أنواعه، وهو فن شعري تتنوع أوزان البحور فيه، وللشاعر الحرية المطلقة في تنويع هذه الأوزان، ويميل الشعراء غالبًا إلى مجزوءات البحور مع إضافة تفعيلات خاصة تخرج بالبحر عن نمطه الخليلي المعروف، وفي الغالب فإن الحميني يستخدم المحسنات البديعية،
العدد 52 - فضاء النشر
أ. أحلام أبو زيد - مصر
سعيت منذ فترة لجمع مجموعة من الدراسات الشعبية الحديثة نسبيًا التي تعرض للفولكلور اليمني.. حتى استطعت الحصول على مجموعة من الدراسات العلمية التي يمكن أن تكون ملفين لعددين حول فولكلور اليمن.. إذ أن باب جديد النشر لم يتمكن من الحصول على ما يصدر حديثًا في اليمن ربما لما تمر به البلاد من أحداث نعلمها جميعُا.. وسنعرض في هذا الملف الأول مجموعة متنوعة من الدراسات التي تناولت فنون الأدب الشعبي اليمني لمجموعة من المؤلفين المتخصصين.. اعتمدت كتاباتهم على العمل الميداني والدراية الواعية بتحليل النصوص الشعبية.
فى الأدب الشعبي فنون ونماذج يمنية:
في مصر صدر عام 2019 كتاب ابراهيم أبو طالب بعنوان «في الأدب الشعبي فنون ونماذج يمنية» عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة الثقافة الشعبية رقم (43)، والكتاب يقع في 278 صفحة من الحجم المتوسط . ويعرض المؤلف تجربته في وضع الكتاب بقوله: بعد خبرة سنوات من تدريس مقرر الأدب الشعبي في كلية التربية بجامعة صنعاء، والعودة إلى مضان الأدب الشعبي العالمي والعربي، واليمني ومصادره، ومعايشة الكثير من نصوصه، والولع به لفترات طويلة، وتأمله مرات عدة، وقراءته قراءة استمتاع تارة، وقراءة بحث تارة أخرى، أردت أن أضع خلاصة التجربة في هذا الكتاب الذي حرصت على أن يتضمن حدود المادة العلمية، ومفرداتها التي نصت عليها الأدلة الأكاديمية لكليات الجامعة.
يبدأ الكتاب بفصل حمل عنوان «الفولكلور والأدب الشعبي» يحتوى على تعريف أهم مصطلحات الفولكلور والأدب الشعبي وعوامل نشأته والاهتمام به وتوثيق مادته، كما وقفت على تحديد مفاهيم التراث الشعبي والأدب الشعبي وسماته ووظائفه. مشيرًا إلى الوظائف الاجتماعية والنفسية والنقدية التربوية والأيديولوجية والتواصلية والإمتاعية للأدب الشعبي عامة.
أما الفصل الثاني من الكتاب فقد حمل عنوان «من الفنون الشعبية النثرية» تناول فيها مفهوم الأسطورة وخصائصها ووظائفها وأنواعها: الأساطير التعليلية- الأساطير التاريخية- الأساطير الحضارية. أما الحكايات الشعبية فقد تعددت أنواعها واختلفت البنى المميزة لكل نوع منها ، وثمة روابط تجمعها وأخرى تميز كل نوع عن الآخر، ومنها: الحكاية الخرافية التي لا تمت بصلة للواقع ولا تخضع حوادثها لما يتوقع عقلاً من الأحداث، وتقوم بعدة وظائف منها أنها تحقق للإنسان حياة العدالة والحب التي يحلم بها. أما الحكاية الشعبية فيعرض المؤلف للتصنيف الذي قسم الحكاية إلى ثلاثة أنواع: حكايات الحيوان- الحكايات السحرية الخرافية- الحكايات الحياتية أو حكايات الواقع. كما استعرض تصنيف فوزي العنتيل الذي صنف الحكايات إلى: حكاية الجنيات- الحكاية الرومانسية- الحكاية المرحة- حكاية الحيوان- حكاية الألغاز. وعلى هذا النحو يستعرض المؤلف موضوعات الأدب الشعبي ليقدم لنا تعريفًا وتصنيفًا للملاحم الغربية كالإلياذة والأوديسا والإنيادة والشاهنامة والسير الشعبية العربية وأنواعها مثل: الهلالية- عنترة بن شداد- الملك سيف بن ذي يزن- الأميرة ذات الهمة- الصياد جودر- السلطان الظاهر بيبرس- الأمير حمزة البهلوان- فيروز شاه، ويعرض لطريقة أداء السيرة مشيرًا إلى أن السيرة الشعبية ليست قصة تقرأ على انفراد، وإنما هي عمل يؤدى في مجلس أو محفل. وهذا الأداء له تقاليده التي تتوافق مع التقاليد الفنية للجماعة الشعبية، ولهذا تتنوع صور الأداء وفق تباين أحوال المجتمعات الشعبية العربية. ومن ثم، نجد صورًا من الأداء ترتكز على الإلقاء المسرحي، بينما تضيف أخرى العزف على الربابة والغناء المنفرد، وتتوسع ثالثة في العزف والغناء مكونة فرقا متعددة الآلات والأدوار. وينتهي هذا الفصل بعرض المؤلف لموضوع الأمثال الشعبية مع تعريف كل نوع منها وبيانه والوقوف عند أهم خصائصه وأنواعه وصفاته والإشارة إلى نماذج منه: أخس البقر تِمحر الماء- صاحب المهرتين كداب- عِرسين ولا ولاد.. إلخ. كما رصد المؤلف في ملاحق الكتاب بعض الأمثال اليمنية المشروحة منها: راحة البدو شهرين ولا استراحوا ثلاثة.. أي أن البدو لا يعرفون الراحة والاستقرار غير شهرين في السنة أو ثلاثة على الأكثر، وهي المدة التي تنزل فيها الأمطار على أراضيهم، وفيما عدا ذلك فإنهم يقضون بقية أيام السنة في أسفار متواصلة.
وفي الفصل الثالث والأخير يعرض أبو طالب لموضوع «الفنون الشعبية الشعرية» حيث رصد فيه أنواع الفنون المعروفة على المستوى العربى وأشهرها القوما والموالي والكان كان والزجل، ثم رصد الفنون المعروفة في اليمن وهي فن الحميني بكل أنواعه، وهو فن شعري تتنوع أوزان البحور فيه، وللشاعر الحرية المطلقة في تنويع هذه الأوزان، ويميل الشعراء غالبًا إلى مجزوءات البحور مع إضافة تفعيلات خاصة تخرج بالبحر عن نمطه الخليلي المعروف، وفي الغالب فإن الحميني يستخدم المحسنات البديعية،