قال ابن القيم -
- في ( مدارج السالكين : 2 / 156 ) : وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول : كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجب وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه ؛ فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره ، لا كسب له فيها ، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر .
وأما صبره عن المعصية : فصبر اختيار ورضى ومحاربة للنفس ، ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة ؛ فإنه كان شابًا ، وداعية الشباب إليها قوية ؛ وعزبًا ، ليس له ما يعوضه ويرد شهوته ؛ وغريبًا ، والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه من بين أصحابه ومعارفه وأهله ؛ ومملوكًا ، والمملوك - أيضًا - ليس وازعه كوازع الحر ؛ والمرأة جميلة ، وذات منصب ، وهي سيدته ، وقد غاب الرقيب ، وهي الداعية له إلى نفسها ، والحريصة على ذلك أشد الحرص ؛ ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن والصغار .
ومع هذه الدواعي كلها صبر اختيارًا وإيثارًا لما عند الله .
وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من كسبه ؟
@qlphr