◾وقال أبو حنيـفـة ومـالك وأبو سليـمـان : يـعـيـد الحج والعـمـرة ، واحـتـجوا بقـول الله - تعالى- : « لئن أشركت ليخبطن عملك ولتكونن من الخاسريـن ) ) ،
▪ مـا نعلم لهم حجة غيرها . ولا حجة لهم فيها ؛ لأن الله – تعالى – لم يقل فيها : لئن أشـركت ليحبطن عملك الذي عملت قبل أن تشرك ، وهذه زيادة على الله لا تجوز ، وإنما أخبر - تعالى أنه يحبط عمله بعد الشرك إذا مات أيضاً على شركه ، لا إذا أسلم ، وهذا حق بلا شك ،
ولو حج مشرك أو اعتمر أو صلى أو صام أو زكى ؛ لم يُجزه شيء من ذلك عن الواجب .
🔺وأيضاً ؛ فإن قوله – تعالى – فيها : ( ولتكونن من الخاسرين ) ) :
▪ بيـان أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يحـبـط مـا عـمـل قـبـل إسـلامـه أصـلاً ، بل هو مكـتـوب له ، ومجازى عليـه بالجنة ؛ لأنه لا خلاف بين أحـد من الأمة في أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام ليس من الخاسرين ، بل من المربحين المفلحين الفائزين ، فصح أن الذي يحبط عمله هو الميت على كفره ، مرتداً أو غير مرتد ، وهذا هو من الخاسرين بلا شك ، لا من أسلم بعد كفره أو راجع الإسلام بعد ردته .
🔺وقال تعالى : ( ومن يرتدد منكم عن دينه وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم » " ؛
فصح نص قولنا من أنه لا يحبط عمله إن ارتد إلا بأن يموت وهو كافر .
🔺ووجدنا الله -تعالى- يقول :
« إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى » ،
🔺 وقـال – تعـالى - : « فمن يعمل مثقـال ذرة خيرا يره ) ،
☜ وهذا عـمـوم لا يـجـوز تخصيصه ، فصح أن حجه وعمرته إذا راجع الإسلام سيراهما ولا يضيعان له .
🔺۳ - عن حكيم بن حـزام – رضي الله عنه – ؛ أنـه قـال لـرسـول ﷺ : أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية ؛ هل لي فيها من شيء ؟
▪ فقال له رسول الله ﷺ : ( أسلمت على ما أسلفت من خير ) . صحيح . الصحيحة برقم ( ٢٤٨ ) .
🌹* فائـدة :
« فصح أن المرتد إذا أسلم ، والكافر الذي لم يكن أسلم قط إذا أسلما ؛ فـقـد أسلما على ما أسلفا من الخير ،
◾ وقد كان المرتد إذا حج وهو مسلم قد أدى ما أمر به وما ت به وما كلف كما أمر به ؛ فقد أسلم الآن عليه ؛ فهو له كما كان ،
◾ وأما الكافر يحج – كالصابئين الذين يرون الحج إلى مكة في دينهم – ؛ فإن أسلم بعد ذلك ؛ لم يجزه ؛ لأنه لم يؤده كما أمر الله – تعالى – به ؛
لأن من فرض الحج وسائر الشرائع كلها أن لا تؤدى إلا كما أمر بها رسول الله محمد بن عبدالله - عليه السلام – في الدين الذي جاء به الذي لا يقبل الله – تعالى – ديناً غيره ،
🔺وقال - عليه السلام - : « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا ؛ فهو رد » ،
◾والصابيء إنما حج كما أمره يوراسف أو هرمس ، فلا يجزئه ، وبالله تعالى التوفيق .
◾ ويلزم من أسقط حجه بردته أن يسقط إحصانه وطلاقه الثلاث وبيعه وابتياعه " وعطاياه التي كانت في الإسلام ، وهم لا يقـولون بهـذا ، فظـهـر فـسـاد قـولـهم ، وبالله -تعالى- نتأيد » .
◾ وإذا تبين هذا ؛ فلا منافاة بينه وبين الحديث المتقدم برقم ( ٥٢ ) :
🔺« أن الكافر يثاب على حسناته ما عمل بها لله في الدنيا » ؛
◾ لأن المراد به الكافر الذي سبق في علم الله أنه يموت كـافـراً ؛ بدليل قـولـه في آخـره : « حتى إذا أفضى إلى الآخـرة ؛ لم يكن له حسنة يجزى بها » ،
◾وأما الكافر الذي سبق في علم الله أنه يسلم ويموت مؤمناً ؛ فهو يجـازى على حسناته التي عملهـا حـالـة كـفـره في الآخـرة ؛ كـمـا أفادته الأحاديث المتـقـدمـة ،
▪ ومنـهـا حـديث حكيم بن حزام الذي أورده ابن حزم في كلامه المتـقـدم وصححه ولم يعزه لأحد من المؤلفين ، وقد أخرجه البخاري في « صحيحه » ( ٣٢٧/٤ ، ٥/۱۲۷ ، ٣٤٨/۱۰ ) ، ومسلم ( ٧٩/١ ) ،
وأبو عوانة في « صحيحه » أيضاً ( ٧٢/١ - ۷۳ ) ، وأحمد ( ٤٠٢/3 ) .
🔺4 - عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال :
« جاء رجل إلى رسول الله ﷺ ، فقال : أرأيت رجـلاً غـزا يـلـتـمس الأجر والذكر ، ماله ؟
فـقـال رسـول الله ﷺ : لا شيء له ، فـأعادها ثلاث مرات ؛
يقول له رسول الله ﷺ : لا شيء له . ثم قال :
( إن الله - عز وجل – لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه ) . حسن . الصحيحة برقم ( ٥٢ ) .
🌹* فائدة :
فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله - عز وجل - ، وفي ذلك
🔺 يقول - تعالى - :« فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .
◾فإذا كان هذا شأن المؤمن ؛ فماذا يكون حال الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله ؟!
👈 الجواب في قوله الله – تبارك وتعالى - : . « وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً »
◾ وعلى افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم ؛ فإن الله – تعالى – لا يضيع ذلك عليهم ؛ بل يجازيهم عليها في الدنيا . . .
▪ مـا نعلم لهم حجة غيرها . ولا حجة لهم فيها ؛ لأن الله – تعالى – لم يقل فيها : لئن أشـركت ليحبطن عملك الذي عملت قبل أن تشرك ، وهذه زيادة على الله لا تجوز ، وإنما أخبر - تعالى أنه يحبط عمله بعد الشرك إذا مات أيضاً على شركه ، لا إذا أسلم ، وهذا حق بلا شك ،
ولو حج مشرك أو اعتمر أو صلى أو صام أو زكى ؛ لم يُجزه شيء من ذلك عن الواجب .
🔺وأيضاً ؛ فإن قوله – تعالى – فيها : ( ولتكونن من الخاسرين ) ) :
▪ بيـان أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يحـبـط مـا عـمـل قـبـل إسـلامـه أصـلاً ، بل هو مكـتـوب له ، ومجازى عليـه بالجنة ؛ لأنه لا خلاف بين أحـد من الأمة في أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام ليس من الخاسرين ، بل من المربحين المفلحين الفائزين ، فصح أن الذي يحبط عمله هو الميت على كفره ، مرتداً أو غير مرتد ، وهذا هو من الخاسرين بلا شك ، لا من أسلم بعد كفره أو راجع الإسلام بعد ردته .
🔺وقال تعالى : ( ومن يرتدد منكم عن دينه وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم » " ؛
فصح نص قولنا من أنه لا يحبط عمله إن ارتد إلا بأن يموت وهو كافر .
🔺ووجدنا الله -تعالى- يقول :
« إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى » ،
🔺 وقـال – تعـالى - : « فمن يعمل مثقـال ذرة خيرا يره ) ،
☜ وهذا عـمـوم لا يـجـوز تخصيصه ، فصح أن حجه وعمرته إذا راجع الإسلام سيراهما ولا يضيعان له .
🔺۳ - عن حكيم بن حـزام – رضي الله عنه – ؛ أنـه قـال لـرسـول ﷺ : أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية ؛ هل لي فيها من شيء ؟
▪ فقال له رسول الله ﷺ : ( أسلمت على ما أسلفت من خير ) . صحيح . الصحيحة برقم ( ٢٤٨ ) .
🌹* فائـدة :
« فصح أن المرتد إذا أسلم ، والكافر الذي لم يكن أسلم قط إذا أسلما ؛ فـقـد أسلما على ما أسلفا من الخير ،
◾ وقد كان المرتد إذا حج وهو مسلم قد أدى ما أمر به وما ت به وما كلف كما أمر به ؛ فقد أسلم الآن عليه ؛ فهو له كما كان ،
◾ وأما الكافر يحج – كالصابئين الذين يرون الحج إلى مكة في دينهم – ؛ فإن أسلم بعد ذلك ؛ لم يجزه ؛ لأنه لم يؤده كما أمر الله – تعالى – به ؛
لأن من فرض الحج وسائر الشرائع كلها أن لا تؤدى إلا كما أمر بها رسول الله محمد بن عبدالله - عليه السلام – في الدين الذي جاء به الذي لا يقبل الله – تعالى – ديناً غيره ،
🔺وقال - عليه السلام - : « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا ؛ فهو رد » ،
◾والصابيء إنما حج كما أمره يوراسف أو هرمس ، فلا يجزئه ، وبالله تعالى التوفيق .
◾ ويلزم من أسقط حجه بردته أن يسقط إحصانه وطلاقه الثلاث وبيعه وابتياعه " وعطاياه التي كانت في الإسلام ، وهم لا يقـولون بهـذا ، فظـهـر فـسـاد قـولـهم ، وبالله -تعالى- نتأيد » .
◾ وإذا تبين هذا ؛ فلا منافاة بينه وبين الحديث المتقدم برقم ( ٥٢ ) :
🔺« أن الكافر يثاب على حسناته ما عمل بها لله في الدنيا » ؛
◾ لأن المراد به الكافر الذي سبق في علم الله أنه يموت كـافـراً ؛ بدليل قـولـه في آخـره : « حتى إذا أفضى إلى الآخـرة ؛ لم يكن له حسنة يجزى بها » ،
◾وأما الكافر الذي سبق في علم الله أنه يسلم ويموت مؤمناً ؛ فهو يجـازى على حسناته التي عملهـا حـالـة كـفـره في الآخـرة ؛ كـمـا أفادته الأحاديث المتـقـدمـة ،
▪ ومنـهـا حـديث حكيم بن حزام الذي أورده ابن حزم في كلامه المتـقـدم وصححه ولم يعزه لأحد من المؤلفين ، وقد أخرجه البخاري في « صحيحه » ( ٣٢٧/٤ ، ٥/۱۲۷ ، ٣٤٨/۱۰ ) ، ومسلم ( ٧٩/١ ) ،
وأبو عوانة في « صحيحه » أيضاً ( ٧٢/١ - ۷۳ ) ، وأحمد ( ٤٠٢/3 ) .
🔺4 - عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال :
« جاء رجل إلى رسول الله ﷺ ، فقال : أرأيت رجـلاً غـزا يـلـتـمس الأجر والذكر ، ماله ؟
فـقـال رسـول الله ﷺ : لا شيء له ، فـأعادها ثلاث مرات ؛
يقول له رسول الله ﷺ : لا شيء له . ثم قال :
( إن الله - عز وجل – لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه ) . حسن . الصحيحة برقم ( ٥٢ ) .
🌹* فائدة :
فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله - عز وجل - ، وفي ذلك
🔺 يقول - تعالى - :« فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) .
◾فإذا كان هذا شأن المؤمن ؛ فماذا يكون حال الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله ؟!
👈 الجواب في قوله الله – تبارك وتعالى - : . « وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً »
◾ وعلى افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم ؛ فإن الله – تعالى – لا يضيع ذلك عليهم ؛ بل يجازيهم عليها في الدنيا . . .