دراسة الطب بالعربي؟
من المعلوم أن اسماء الأجزاء الجسمية المختلفة بذاتِها واصفةٌ لشكل أو وظيفة أو موقع هذه الأجزاء في كثيرٍ من الأحيانِ وتُشَّبَهُ هذه الأجزاء المختلفةُ أحيانًا بما تَشبَهُ مما يوجد في حياةِ الناس العامة ويألفه جميعهم وهذا يُسَّهِلُ التعامل مع هذه الأجزاء، وتسهيلُ التعامل مع مفهومٍ من اسمه فحسب أمرٌ عظيمٌ نفقتده -إلى جانب أشياء أخرى كثيرةٍ- حين تكون اللغة التي نتعلم بها هذه المفاهيم لغةً أجنبيةً لا نعلم جذور كلماتِها وأصولها.
من الأمثلة المُبيّنةِ لما أتحدث عنه، اسماء عُظيماتِ الأُذن الوسطى، المِطرقةُ والسِندانُ والرُكاب التي لو درسناها بالعربية، لتعلمنا تمييزهن بسرعةٍ كبيرةٍ ما أن قرننا اسماءهن بما يُشْبِهنَ فالمطرقةُ عُظيمٌة طوليةٌ متصلةٌ بسندانٍ (والسندان الآلة الحديدية التي تُطرق عليها المعادن) تطرقهُ والرُكابُ عُظيمةٌ تُشبه رُكاب الخيل، لو تعلمنا العُظيمات هذه بهذه الأسماءِ العربية لرسخت في ذاكرتنا ولما نسيناها بمرور الوقت كما يحصل حين نتعلمها بلغةٍ غير لغتنا.
ولكي أصل مع الاسماء الأجنبية الى ما يسهل وصولي له بالعربية فإن ذلك سيتطلب جهدًا ووقتًا اضافيين لا داعيَ لهما، فإن أردتُ أن أُشَّبِهَ اسماء العُظيمَات هذه، فعليَّ أولًا أن أحاول أن أترجم الكلمة للعربية آملًا أن تكون الترجمةُ واصفةً للعُظيمةِ مُشبهةً إياها بما أعرفه وهذا لا يحصل، أحاولُ بعدها أن أبحث عن جذور الأسماء هذه وأصل لهذه الجذور ولكنها جذورٌ لغويةٌ لا تألفها ذاكرتي اللغوية، جذورٌ مأخوذة من اللاتينية أترجمها لما يقابلها في العربية الذي كان بالإمكان أن اتعامل معه وحده!، فمثلًا الاسم الذي يُطلق على المطرقة في الانگليزية هو (Malleus)، اسمٌ أجهل معناه أو ما يشير له، أعود لجذره اللغوية أملًا بأن أجد ضالتي لأجده (Mallet) وهو اسمٌ لاتينيٌ أجهل كل شيءٍ عنه أيضًا، أترجمه للعربية ليكون مقابلًا للمطرقة، المطرقة التي كان ممكنًا أن أقرن العُظيمةَ هذه بها بشكلٍ مباشرٍ لو درستُها بالعربية!
- الدكتور محمد تقي الأنصاري.