السبيل الوحيد لضمان تحسّن أحوالك في حياتك، وحصول العاقبة الحسنة في شؤونك، هو الاستجابة لربّك.
فالله تعالى هو ربّك الذي خلقك لتعبده وحده لا شريك له؛ ولتتبع هداه حتى تفوز بثوابه وتسلم من عقابه؛ فهذا الأصل هو الذي تدور عليه حياة المكلفين وعواقب أعمالهم؛ فمن جعل هذا الأصل هو منطلقه الذين ينطلق منه سلم من عذاب كثير، وآفات خطيرة.
والدليل على هذه القاعدة قول الله تعالى: {للذين استجابوا لربّهم الحسنى}
وهذه الآية على وجازة ألفاظها ففيها من المعاني الكثيرة ما يبهر العقول، ويذهل الألباب.
وقد أفردت في تفسيرها رسالة تجدونها على هذا الرابط:
https://t.me/aibndakhil/1512ومن أجلّ هدايات هذه الآية أنّ الاستجابة وجزاءَها يقع فيهما التفاضل كثيراً.
- فأحسن الناس حالاً ومآلاً أحسنهم استجابة لله تعالى، ومن قصّر أو خالف في الاستجابة نقص جزاؤه بحسب تقصيره وتفريطه.
1: فالاستجابة الحسنة التامّة جزاؤها الحُسنى التي لا أحسن منها ؛ وهي استجابة أهل الإحسان؛
فلهم أطيب الحياة في الدنيا، ولهم الفردوس الأعلى في الجنة.
وهؤلاء لما سارعوا إلى الاستجابة لربهم أسرع الله إليهم بالإجابة.
2: والاستجابة الصحيحة التي تبرأ بها الذمة ويسلم بها العبد من المأثم وإن لم تكن فاضلة على الوجه الأحسن يتفاضل أصحابها على درجات كثيرة، ويجمعهم وصف التقوى؛ فلهم ما وعد الله به عباده المتقين.
3: والاستجابة التي فيها تقصير وتفريط ومخالفات لا يخرج صاحبها عن دائرة الإسلام وتحقيق أصل الدين يلحق صاحبها من العذاب بقدر ما فرّط فيه ويناله من الثواب بقدر استجابته، ومآله إلى الجنة بإذن الله بما معه من الإسلام، وهذا حال أصحاب الكبائر من المسلمين؛ فهم قد استجابوا لله تعالى بالتوحيد وترك الشرك، وقصّروا في الاستجابة له في بعض شرائع الدين حتى ارتكبوا بعض الكبائر، وتباطؤوا وتأخروا في الاستجابة له في بعض الفرائض فلحقهم من النقص والسوء في أحوالهم وعواقب أمورهم بقدر تفريطهم.
قال الله تعالى: {هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون}
- وقال الحسن البصري: (لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه). رواه الإمام أحمد في الزهد.
- وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر: (إن الذنوب لاحقة بأهلها). رواه ابن أبي خيثمة.
أي: سيدركهم أثرها في أحوالهم وعواقب أمورهم ما لم يتخلصوا منها بالتوبة وما يمحوها أو يعفو الله عنهم.
وتقديم الجار والمجرور في قول الله تعالى: {للذين استجابوا لربهم} دليل على أنّ هذا الجزاء منحة خاصة لأهل الاستجابة، وأنّ من لم يستجب لربّه فليس له نصيب من هذا الجزاء، بل هو بين العذاب الظاهر والعذاب الباطن؛ وقد يجتمعان عليه.
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
#مسائل_التفسير #مسائل_السلوك