هل الطبيعة هي الموضوع الوحيد الذي يعترف به الاستاذ؟ ـ هل الاكاديمية هي المكان الوحيد الجدير بأن تناقش فيه الاعمال الجيدة؟
وكانت اسئلتهم مشابهة لتلك التي طرحتها مجموعة الفنانين »المنسحبين« التي يقودها جوستاف كليمت، والتي تأسست في السنوات الاخيرة من القرن التاسع عشر، اما الاستاذ جريبين كيرل فقد كان يائسا من اي اتجاه جديد في الفن، بعد ان قضى اكثر من ثلاثين عاما في الاكاديمية يرسم ويعلم تلاميذه اصول الفن الكلاسيكي، وحينما تعرف على اعمال تلميذه ايجون شيلي صرخ في وجهه »ان الشيطان هو الذي دسك بين تلاميذي« وفي مناسبة اخرى قال له: »ارجوك بالله لا تخبر احدا انني كنت استاذك« ومن اهم الصور الشخصية التي رسمها شيلي لنفسه »صورة شخصية اثناء رسم موديل امام المرآة«.
جمع شيلي في مرسمه كثيرا من القطع الفنية الشعبية والعاب الاطفال، والمنحوتات الخشبية البدائية والمراوح اليدوية الصينية والدمى اليابانية والادوات الشرقية، وكان معجبا بكتاب ياباني عن تلوين الحفر على الخشب وقد كان تأثير الفن الياباني واضحا على الفن الفرنسي منذ منتصف القرن التاسع عشر، وفي اعمال مانيه بشكل خاص، ولم ينفرد شيلي باعجابه بالفن الياباني فقد كان كليمت ومجموعة الفنانين »المنسحبين« من المعجبين بهذا الفن الذي اثار انتباه المهندسين المعماريين والنحاتين ايضا.
في نهاية عام 1912 لبى شيلي دعوة من صديقه الفنان ليد ور وابنه اريك لزيارة هنجاريا وقضاء فترة ايام عيد الميلاد ورأس السنة هناك وبعد عودته رسم لوحة الجسر التي استوحاها من جسر خشبي على نهر الدانوب في مدينة جيور، وفي هذه اللوحة بدا تأثير الفن الياباني واضحا على اسلوب شيلي في خطوطه والوانه.
في تلك الفترة التقى بالمرأة التي ظهرت في كثير من لوحاته، انها فالي نيوزل التي ظلت قريبة منه، حتى تزوج امرأة اخرى في عام 1915.
قرر شيلي وفالي ان يسافرا الى مدينة كروماو فلم تعد فيينا مدينة مريحة وهو يريد ان يكتشف الطبيعة الساحرة حيث يزدهر الرسم وتتفتح الرغبات للحب والفن، لكن كروماو خذلته هذه المرة كما كانت تخذله من قبل، فكتب رسالة الى روسلر يقول: »انت تعرف كم احب ان اعيش في كروماو وحيدا، ولكن الحياة الآن غير ممكنة الناس يقاطعونا ببساطة لاننا من الحمر وانا استطيع ان احمي نفسي طبعا حتى لو كان ضدي سبعة آلاف منهم ولكن ليس لدى الوقت الكافي ثم لماذا يجب علي ان انزعج؟
ظل شيلي مشدودا الى الطبيعة الخريفية يرسم عباد الشمس والاشجار العارية والاوراق التي تشبه وجوه الاطفال في الاحياء الشعبية، وكتب في مذكراته المختصرة عن حبه للطبيعة وما تثيره في نفسه من مشاعر: »من ذكريات الطفولة التي ظلت معي دائما كانت الطبيعة الواسعة بما فيها من صفوف الاشجار في الربيع والعواصف الثائرة في تلك الفترة المبكرة، كنت اسمع واشم الزهر العجيب والحدائق الهادئة انظر الى الطيور فأرى في عيونها نفسي وانا في اوج تألقي.. يأتي الخريف فانظر اليه بعينين نصف مفتوحتين، وعندما يصل الربيع احلم بالموسيقى الكونية للحياة، وافرح للصيف الجميل واضحك عندما ارسم الشتاء الابيض اريد ان اهجر فيينا سريعا جدا، كم هي بشعة هذه المدينة، كل واحد يرحب بي ثم يتآمر ضدي، الزملاء القدامى ينظرون الي بعين الحسد وفي فيينا ظلال قاتمة، المدينة سوداء وكل ما فيها اصم، اريد ان اكون وحيدا اريد ان ارحل الى غابات بوهيميا«.
ان رحلته الى كروما وهي رحلته الى الطبيعة وخلاصه من بؤس الحياة في المدينة (كروماو كانت مسقط رأس امه وهي الآن مدينة تشيكية اسمها »كروملوف«) بعد ان عاد شيلي مع فالي من كروماو الى فيينا كان يبحث عن مكان للسكن والرسم، فوجد منزلا في نيولنج باخ على مسافة نصف ساعة بالقطار، فتوجه مع فالي الى هناك، وبدأ مرحلة غنية بالرسم وقد رسم غرفته الجديدة على لوحة من الخشب الأملس، واستلهم في هذه اللوحة مارسمه فان جوخ عن بيته الاصفر في آرلز.
في البيت الريفي الجديد كان شيلي مسحورا بما حوله، فالبيت منفرد في وسط الحقول يطل على هضبة مشجرة في أعاليها قلعة قديمة، ولكن نزاعه مع سكان تلك البلدة اودى به الى السجن.
ان تلك الحياة القصيرة لهذا الفنان المتوحد تركت بصماتها على اعمال كثير من الفنانين في العالم، وهي تذكرنا بما كتبه في رسالة الى والدته في عام 1913 يقول فيها: »كل الاشياء الجميلة الرائعة تلتقي وتتحد في اعماقي.. سأكون الثمرة التي تترك وراءها اثرا حيا حتى بعد جفافها«.
وكانت اسئلتهم مشابهة لتلك التي طرحتها مجموعة الفنانين »المنسحبين« التي يقودها جوستاف كليمت، والتي تأسست في السنوات الاخيرة من القرن التاسع عشر، اما الاستاذ جريبين كيرل فقد كان يائسا من اي اتجاه جديد في الفن، بعد ان قضى اكثر من ثلاثين عاما في الاكاديمية يرسم ويعلم تلاميذه اصول الفن الكلاسيكي، وحينما تعرف على اعمال تلميذه ايجون شيلي صرخ في وجهه »ان الشيطان هو الذي دسك بين تلاميذي« وفي مناسبة اخرى قال له: »ارجوك بالله لا تخبر احدا انني كنت استاذك« ومن اهم الصور الشخصية التي رسمها شيلي لنفسه »صورة شخصية اثناء رسم موديل امام المرآة«.
جمع شيلي في مرسمه كثيرا من القطع الفنية الشعبية والعاب الاطفال، والمنحوتات الخشبية البدائية والمراوح اليدوية الصينية والدمى اليابانية والادوات الشرقية، وكان معجبا بكتاب ياباني عن تلوين الحفر على الخشب وقد كان تأثير الفن الياباني واضحا على الفن الفرنسي منذ منتصف القرن التاسع عشر، وفي اعمال مانيه بشكل خاص، ولم ينفرد شيلي باعجابه بالفن الياباني فقد كان كليمت ومجموعة الفنانين »المنسحبين« من المعجبين بهذا الفن الذي اثار انتباه المهندسين المعماريين والنحاتين ايضا.
في نهاية عام 1912 لبى شيلي دعوة من صديقه الفنان ليد ور وابنه اريك لزيارة هنجاريا وقضاء فترة ايام عيد الميلاد ورأس السنة هناك وبعد عودته رسم لوحة الجسر التي استوحاها من جسر خشبي على نهر الدانوب في مدينة جيور، وفي هذه اللوحة بدا تأثير الفن الياباني واضحا على اسلوب شيلي في خطوطه والوانه.
في تلك الفترة التقى بالمرأة التي ظهرت في كثير من لوحاته، انها فالي نيوزل التي ظلت قريبة منه، حتى تزوج امرأة اخرى في عام 1915.
قرر شيلي وفالي ان يسافرا الى مدينة كروماو فلم تعد فيينا مدينة مريحة وهو يريد ان يكتشف الطبيعة الساحرة حيث يزدهر الرسم وتتفتح الرغبات للحب والفن، لكن كروماو خذلته هذه المرة كما كانت تخذله من قبل، فكتب رسالة الى روسلر يقول: »انت تعرف كم احب ان اعيش في كروماو وحيدا، ولكن الحياة الآن غير ممكنة الناس يقاطعونا ببساطة لاننا من الحمر وانا استطيع ان احمي نفسي طبعا حتى لو كان ضدي سبعة آلاف منهم ولكن ليس لدى الوقت الكافي ثم لماذا يجب علي ان انزعج؟
ظل شيلي مشدودا الى الطبيعة الخريفية يرسم عباد الشمس والاشجار العارية والاوراق التي تشبه وجوه الاطفال في الاحياء الشعبية، وكتب في مذكراته المختصرة عن حبه للطبيعة وما تثيره في نفسه من مشاعر: »من ذكريات الطفولة التي ظلت معي دائما كانت الطبيعة الواسعة بما فيها من صفوف الاشجار في الربيع والعواصف الثائرة في تلك الفترة المبكرة، كنت اسمع واشم الزهر العجيب والحدائق الهادئة انظر الى الطيور فأرى في عيونها نفسي وانا في اوج تألقي.. يأتي الخريف فانظر اليه بعينين نصف مفتوحتين، وعندما يصل الربيع احلم بالموسيقى الكونية للحياة، وافرح للصيف الجميل واضحك عندما ارسم الشتاء الابيض اريد ان اهجر فيينا سريعا جدا، كم هي بشعة هذه المدينة، كل واحد يرحب بي ثم يتآمر ضدي، الزملاء القدامى ينظرون الي بعين الحسد وفي فيينا ظلال قاتمة، المدينة سوداء وكل ما فيها اصم، اريد ان اكون وحيدا اريد ان ارحل الى غابات بوهيميا«.
ان رحلته الى كروما وهي رحلته الى الطبيعة وخلاصه من بؤس الحياة في المدينة (كروماو كانت مسقط رأس امه وهي الآن مدينة تشيكية اسمها »كروملوف«) بعد ان عاد شيلي مع فالي من كروماو الى فيينا كان يبحث عن مكان للسكن والرسم، فوجد منزلا في نيولنج باخ على مسافة نصف ساعة بالقطار، فتوجه مع فالي الى هناك، وبدأ مرحلة غنية بالرسم وقد رسم غرفته الجديدة على لوحة من الخشب الأملس، واستلهم في هذه اللوحة مارسمه فان جوخ عن بيته الاصفر في آرلز.
في البيت الريفي الجديد كان شيلي مسحورا بما حوله، فالبيت منفرد في وسط الحقول يطل على هضبة مشجرة في أعاليها قلعة قديمة، ولكن نزاعه مع سكان تلك البلدة اودى به الى السجن.
ان تلك الحياة القصيرة لهذا الفنان المتوحد تركت بصماتها على اعمال كثير من الفنانين في العالم، وهي تذكرنا بما كتبه في رسالة الى والدته في عام 1913 يقول فيها: »كل الاشياء الجميلة الرائعة تلتقي وتتحد في اعماقي.. سأكون الثمرة التي تترك وراءها اثرا حيا حتى بعد جفافها«.