(1)
رأيت قريبا منشورا لأحد الدعاة -وفقه الله- يذكر فيه بعض القائلين بمنع الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أزكى الصلاة وأتم التسليم.
(والمسألة خلافية، ولست هنا للتصريح بالتحيز إلى طرف دون الآخر، بل للتنبيه -فيما يظهر- على أمر علمي ومنهجي وقفت عليه في تدوينة الشخص المذكور).
وهي أن نصف العناوين المذكورة في تدوينته لا تمنع الاحتفال بالمولد، وإنما تمنع فعلا معيّنا أثناءه، وهو القيام، ويسمى عندهم "قيام المولد".
وصورة هذا القيام أنه عند سرد أحداث المولد النبوي الشريف، والوصول عند ذكر وضع أم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ينهض (يقوم) جميع من حضر وقوفا على أقدامهم، ويظل الجميع على تلك الحالة مدة ليست بالقصيرة، قُدّرت بأكثر من مدة الصلاة على الجنازة بكثير، والقارئ يقرأ المولد، والحضور يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
فاختلف الناس في هذا القيام الموصوف، فمنهم مجيز له، ومنهم مانع، وعلى هذا جرت العديد من المناظرات بين علمائنا المغاربة خاصة، وسال فيها حبر كثير في القرن الماضي.
وكلهم ما اتجه قولهم إلى حكم المولد -منعا أو تجويزا- أصلا، بل اقتصروا على الحديث عن القيام.
فكان من الشيخ الفاضل أن استدل بتصانيف المانعين منهم له على منع الاحتفال مطلقا، وهذا لا يستقيم بحال.
أولا؛ لأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، فمنع القيام لا يفهم منه من قريب أو بعيد منع مطلق الاحتفال.
وثانيا؛ لأن سيرة من ذكرت مصنافتهم في الموضوع (وسيأتي الحديث عن سبب تأليفها في منشور مستقل إن شاء الله) معروفة، ونظريتهم المعرفية لائحة لطلبة العلم، يبعد معها الميل إلى القول بأنهم يحرمون الاحتفال، خصوصا وأن بعضهم تقلد مناصب عالية في الدولة.
فصنيع الشيخ في الحمل غريب حقا، إذ لا يصار إلى الحمل على ما حقه التخصيص إلى ما حقه التعميم إلا بدليل، ولا دليل!
فهذا ذهول غريب، وخلط ظاهر استوجب التنبيه عليه، كي لا يُدلس على القراء، بغير قصد أو به.
والله أعلم.
رأيت قريبا منشورا لأحد الدعاة -وفقه الله- يذكر فيه بعض القائلين بمنع الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أزكى الصلاة وأتم التسليم.
(والمسألة خلافية، ولست هنا للتصريح بالتحيز إلى طرف دون الآخر، بل للتنبيه -فيما يظهر- على أمر علمي ومنهجي وقفت عليه في تدوينة الشخص المذكور).
وهي أن نصف العناوين المذكورة في تدوينته لا تمنع الاحتفال بالمولد، وإنما تمنع فعلا معيّنا أثناءه، وهو القيام، ويسمى عندهم "قيام المولد".
وصورة هذا القيام أنه عند سرد أحداث المولد النبوي الشريف، والوصول عند ذكر وضع أم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم له، ينهض (يقوم) جميع من حضر وقوفا على أقدامهم، ويظل الجميع على تلك الحالة مدة ليست بالقصيرة، قُدّرت بأكثر من مدة الصلاة على الجنازة بكثير، والقارئ يقرأ المولد، والحضور يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
فاختلف الناس في هذا القيام الموصوف، فمنهم مجيز له، ومنهم مانع، وعلى هذا جرت العديد من المناظرات بين علمائنا المغاربة خاصة، وسال فيها حبر كثير في القرن الماضي.
وكلهم ما اتجه قولهم إلى حكم المولد -منعا أو تجويزا- أصلا، بل اقتصروا على الحديث عن القيام.
فكان من الشيخ الفاضل أن استدل بتصانيف المانعين منهم له على منع الاحتفال مطلقا، وهذا لا يستقيم بحال.
أولا؛ لأن نفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، فمنع القيام لا يفهم منه من قريب أو بعيد منع مطلق الاحتفال.
وثانيا؛ لأن سيرة من ذكرت مصنافتهم في الموضوع (وسيأتي الحديث عن سبب تأليفها في منشور مستقل إن شاء الله) معروفة، ونظريتهم المعرفية لائحة لطلبة العلم، يبعد معها الميل إلى القول بأنهم يحرمون الاحتفال، خصوصا وأن بعضهم تقلد مناصب عالية في الدولة.
فصنيع الشيخ في الحمل غريب حقا، إذ لا يصار إلى الحمل على ما حقه التخصيص إلى ما حقه التعميم إلا بدليل، ولا دليل!
فهذا ذهول غريب، وخلط ظاهر استوجب التنبيه عليه، كي لا يُدلس على القراء، بغير قصد أو به.
والله أعلم.