ﺍﺓ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺿﺒﻂ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﻏﺪﺍﺗﻪ، ﻭﺗﺒﻴُّﻦ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﺭﺗﺒﺎﻃﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ . ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﺃﺻﻮﻝ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎ ﻓﻘﺪ ﻣﺮﺕ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﺗﺤﻮﻝ ﻋﻤﻴﻖ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ .
- ﺇﻥ ﻗﻮﺓ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻣﺨﺰﻭﻥ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺑﺎﺭﺩﺓ ﺃﻭ ﻓﺮﺍﻏﻴﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﺷﺎﻋﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻹﺛﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻭﺟﺖ ﻃﻮﻳﻼ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ .19 ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻄﺢ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻞ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻬﺎ . ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻟﺨﺼﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﺑﻤﻘﻮﻟﺘﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ " ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺗﻼﺣﻈﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺍﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ .
- ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺡ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻫﻮ : ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺯﺍﺀ ﺣﺪﻭﺙ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺠﺬﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻛﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ . ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺜﻼ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﻗﻊ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺮﻛﻮﻥ ﻓﻘﻂ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯﺗﻬﺎ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺴﺖ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺤﺘﻤﻴﺔ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻧﺤﻮ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ ﺑﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﺭﺅﻯ ﺇﺛﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻻ ﺗﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺇﻻ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺑﺎﺭﺩﺓ ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ؟
- ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻲ ﺳﻴﻌﻨﻲ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﻛﻠﻴﺎ ﺃﻭ ﺟﺰﺋﻴﺎ، ﻭﺍﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﺷﻜﻠﺖ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻤﺎ ﺳﻴﻌﺮﻑ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻌﻜﻒ ﺑﺪﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1965 ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻭﻟﻴﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻋﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺼﻠﺢ ﻛﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺪﺧﻼ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ؟ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻧﺰﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻭﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭﺳﻊ ﻭﺃﺷﻤﻞ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻲ : ﻛﻴﻒ ﻧﺤﻠﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؟ ﻛﻤﺎ ﻣﻬﺪﺕ ﻟﻄﻤﻮﺡ ﻋﺮﻳﺾ ﺳﻌﺖ ﺿﻤﻨﻪ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﻟﻦ ﺗﻮﺭﻳﻦ " ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ." ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ؟
- ﻳﺒﻠﻎ ﺃﻟﻦ ﺗﻮﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ، ﻭﻟﻘﺪ ﺟﺎﻝ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﺭﺓ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻗﻀﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺘﻨﻘﻼ ﻭﺑﺎﺣﺜﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﻛﻨﺪﺍ ﻭﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻏﻔﻞ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻭﺗﺒﺪﻻﺕ ﺟﺬﺭﻳﺔ . ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﺑﺤﻖ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻛﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﻣﺒﺮﻣﺠﺎ، ﻭﻣﻨﻈﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﺒﺪﻝ، ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﻮﺟﻬﻪ ﻭﺗﺤﺪﺩ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻪ ﻭﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺗﻪ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻋﻤﻞ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻼﺕ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ .
- ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﻎ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﺻﺪﺭﺕ ﺑﻔﻌﻞ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺃﺟﺮﻳﺖ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ، ﻟﺬﺍ ﻧﺮﺍﻩ ﻳﺼﺮ، ﻭﻫﻮ ﻣﺤﻖ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﺗﺨﺺ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﺔ . ﺃﻣﺎ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺻﺎﻏﻬﺎ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻸﻥ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻭﺿﺢ ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﻨﺔ ﻭﺃﻳﺴﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ، ﺇﺫ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﻮﻓﺮ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ ﺇﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﻭﺳﺠﻼﺕ ﻭﻣﻘﺎﺑﻼﺕ ﻭﻣﻌﺎﻳﺸﺎﺕ ﻭﺭﺻﺪ ﻭﺗﺤﻘﻖ ﻭﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻻ ﺗﻘﺎﺭﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﻘﻠﻴﺪﻱ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﺗﻪ ﺇﻋﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻛﻮﺍﻗﻊ ﺃﻭﺳﻊ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎﺭﻥ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ . ﻭﺃﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻮ : ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺠﻤﻬﺎ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﻭﻟﻴﺲ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ؟
- ﻭﻟﻤﺎ ﻧﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻟﻦ ﺗﻮﺭﻳﻦ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻋﻤﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ، ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺩﻭﺭﻛﺎﻳﻤﻲ، ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ . ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺩﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﺍﻟﻀﺨﻢ " ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ " ﺗﺠﻌﻠﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﺸﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﻭﻣﺼﺮﺍ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﻊ :
- • ﻛﻞ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺟﺎﺩﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ : " ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﻛﻞ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻟﻠﻘﻴﻢ " ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻫﻮ " ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺻﻼﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻧﻘﺎﺷﺎﺕ ﻭﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻣﻄﺎﻟﺒﺎﺕ ﻭﺻﻨﻮﻑ ﺿﻴﺎﻉ " ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻓـ " ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﺃﻭ ﻗﻠﻴﻞ ﻭﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻔﺌﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ."
- • ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺇﻏﻔﺎﻝ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ . ﺇﺫ " ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ، ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ، ﻣﺎﺭﻛﺴﻲ ﻧﺼﻮﺻﻲ ﺫﻭ ﺑﻌﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻌﺎﻣﻞ ﻣﻬﻴﻤﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ." ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ، ﻭﺑﻠﻐﺔ ﻣﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻓﻘﺪ ﺳﻤﺘﻪ ﻛ
- ﺇﻥ ﻗﻮﺓ ﺃﻃﺮﻭﺣﺎﺕ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻣﺨﺰﻭﻥ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺑﺎﺭﺩﺓ ﺃﻭ ﻓﺮﺍﻏﻴﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﺷﺎﻋﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻹﺛﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻭﺟﺖ ﻃﻮﻳﻼ ﻟﻠﻘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ .19 ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻄﺢ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻞ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻬﺎ . ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﻟﺨﺼﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﺑﻤﻘﻮﻟﺘﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ " ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﺗﻼﺣﻈﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻭﺭﺍﺋﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ .
- ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺮﺡ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻫﻮ : ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺯﺍﺀ ﺣﺪﻭﺙ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺠﺬﺭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻛﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻟﺔ . ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺜﻼ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﻗﻊ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺮﻛﻮﻥ ﻓﻘﻂ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻗﺪ ﺗﺠﺎﻭﺯﺗﻬﺎ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺴﺖ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺃﺧﺮﻯ ﻛﺎﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺤﺘﻤﻴﺔ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻧﺤﻮ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﻤﺎﺛﻠﺔ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺘﺤﺼﻦ ﺑﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻭﺭﺅﻯ ﺇﺛﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻻ ﺗﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺇﻻ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺑﺎﺭﺩﺓ ﺑﻼ ﺗﺎﺭﻳﺦ؟
- ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻲ ﺳﻴﻌﻨﻲ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﻛﻠﻴﺎ ﺃﻭ ﺟﺰﺋﻴﺎ، ﻭﺍﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﺷﻜﻠﺖ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻤﺎ ﺳﻴﻌﺮﻑ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻌﻜﻒ ﺑﺪﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1965 ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ، ﻭﻟﻴﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻋﻦ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺼﻠﺢ ﻛﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺪﺧﻼ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ؟ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻧﺰﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻭﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭﺳﻊ ﻭﺃﺷﻤﻞ ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﺇﺟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻲ : ﻛﻴﻒ ﻧﺤﻠﻞ ﺍﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ؟ ﻛﻤﺎ ﻣﻬﺪﺕ ﻟﻄﻤﻮﺡ ﻋﺮﻳﺾ ﺳﻌﺖ ﺿﻤﻨﻪ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺃﻟﻦ ﺗﻮﺭﻳﻦ " ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ." ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﺡ؟
- ﻳﺒﻠﻎ ﺃﻟﻦ ﺗﻮﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ، ﻭﻟﻘﺪ ﺟﺎﻝ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﻤﻮﺭﺓ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ ﻭﻗﻀﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺘﻨﻘﻼ ﻭﺑﺎﺣﺜﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻭﻛﻨﺪﺍ ﻭﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﻌﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻏﻔﻞ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻭﺗﺒﺪﻻﺕ ﺟﺬﺭﻳﺔ . ﻓﻘﺪ ﻻﺣﻆ ﺑﺤﻖ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻛﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﻣﺒﺮﻣﺠﺎ، ﻭﻣﻨﻈﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ ﻭﺍﻟﺘﺒﺪﻝ، ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﻮﺟﻬﻪ ﻭﺗﺤﺪﺩ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻪ ﻭﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺗﻪ ﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺜﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻋﻤﻞ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻼﺕ ﺍﻟﻄﺒﻘﻴﺔ .
- ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﻎ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﺻﺪﺭﺕ ﺑﻔﻌﻞ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺃﺟﺮﻳﺖ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ، ﻟﺬﺍ ﻧﺮﺍﻩ ﻳﺼﺮ، ﻭﻫﻮ ﻣﺤﻖ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﺗﺨﺺ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻴﺔ . ﺃﻣﺎ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺻﺎﻏﻬﺎ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻸﻥ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﻭﺿﺢ ﻟﻠﻤﻌﺎﻳﻨﺔ ﻭﺃﻳﺴﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ، ﺇﺫ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﻮﻓﺮ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻦ ﺇﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﻭﺳﺠﻼﺕ ﻭﻣﻘﺎﺑﻼﺕ ﻭﻣﻌﺎﻳﺸﺎﺕ ﻭﺭﺻﺪ ﻭﺗﺤﻘﻖ ﻭﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻭﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻻ ﺗﻘﺎﺭﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗﻘﻠﻴﺪﻱ ﻣﻦ ﺳﻤﺎﺗﻪ ﺇﻋﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻛﻮﺍﻗﻊ ﺃﻭﺳﻊ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺎﺭﻥ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻧﻮﻉ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ . ﻭﺃﻳﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻮ : ﻣﺎ ﻫﻮ ﺣﺠﻤﻬﺎ ﻭﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﻭﻟﻴﺲ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ؟
- ﻭﻟﻤﺎ ﻧﺘﻄﺮﻕ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺃﻟﻦ ﺗﻮﺭﻳﻦ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﻋﻤﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ، ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺩﻭﺭﻛﺎﻳﻤﻲ، ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ . ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﺩﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻣﺘﺪﺍﺩ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﺍﻟﻀﺨﻢ " ﺇﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ " ﺗﺠﻌﻠﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﺸﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺑﺎﻻﻧﺪﻳﻴﻪ ﻭﻣﺼﺮﺍ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﻊ :
- • ﻛﻞ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺟﺎﺩﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ : " ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﻛﻞ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻟﻠﻘﻴﻢ " ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻫﻮ " ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺻﻼﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻧﻘﺎﺷﺎﺕ ﻭﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﻭﻣﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻣﻄﺎﻟﺒﺎﺕ ﻭﺻﻨﻮﻑ ﺿﻴﺎﻉ " ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﻭﺍﻟﺘﺼﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻓـ " ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﺃﻭ ﻗﻠﻴﻞ ﻭﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﻔﺌﺎﺕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ."
- • ﺍﻟﻤﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺇﻏﻔﺎﻝ ﺍﻹﻓﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ . ﺇﺫ " ﺃﻥ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ، ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ، ﻣﺎﺭﻛﺴﻲ ﻧﺼﻮﺻﻲ ﺫﻭ ﺑﻌﺪ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻌﺎﻣﻞ ﻣﻬﻴﻤﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ." ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻮﻝ، ﻭﺑﻠﻐﺔ ﻣﺎﺭﻛﺴﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻄﺒﻘﻲ ﻓﻘﺪ ﺳﻤﺘﻪ ﻛ