قال يونس الصَّدفي:
(ما رأيت أعقل مِن الشَّافعي، ناظرته يومًا في مسألة، ثمَّ افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثمَّ قال: يا أبا موسى، ألَا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتَّفق في مسألة)
هذه الروح الشافعيّة أندر من الكبريت الأحمر.
أُرقّع هذه الأحرف وقلبي يشويه الألم على خلاّنٍ
كنّا نتفق في كل شيء غير شيء فنسينا كل شيء وبقي الشيء فارتخت بيننا حِبال الودّ والله المستعان.
ابن تيمية يحمل فقْهاً نفْسياً بديعاً وفي علومه من دقائق المعاني النفسية ما يُدهش اللّب ففي ثنايا حديثه في غير موضع من الفتاوى يؤكّد على حقيقة تتولّد في نفوس الآدميين فيقول-بتصرف-:
"ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون غير أنّه قدر فأظهر وغيره عجز فأضمر"
ليست نفس فرعون التي قالت"أنا ربكم الأعلى"
هي مناط كلام ابن تيمية بل نفسه التي كانت تُضخّم ذاتها وتستميتُ لها.
فمعيار "الأَنا" عندها بلغ شُعاع الشمس هذه النفس التي كان ابن تيمية يُنبّه على شَرخها.
تظهر معاني الفَرْعنة جلياً عند كل نقاش ينشأ شرارة وينتهي بُركاناً.
ومن كبير عقل الإمام أحمد حين طُلب منه مناظرة ابن أبي دؤاد كان جوابه:
"لستُ أعرفه من أهل العلم فأكلمه"
نقشُ هذا الفقه والإيمان به راحة خاطر.
هذه مُقدمة بين يديّ شأنٍ التفطّن له مغنم وهو:
قراءة نفس المُناقَش قبل نِقاشه ضرورةٌ
فبعض الأفكار تُضخّ من بعض العوارض النفسية وتُولد في ظرف طارئ فهذا وأضرابُه لو بقيتَ تُناقشه عُمر نوح عليه السلام ما نزعت منه فِكرة ولو أخذت بيده لطبيب نفسيّ لكان أبرّ له وأنفع والله يعلمُ أنّي أقول هذا جاداً.
فبعض المُعتقد نبتَ في نفس مكسورة ورُوحٍ هشّةٍ وضمير جائع من السُكون والدَعة كحال بعض-لا كُل- من يُنكر بعض الضروري والبَدهيّ.
فنقاشُ هذا في ضرورة تنبهه لعاهته النفْسية أزهرُ له من تفكيك فِكرة لو كان سَوياً لكان أول من يكفرُ بها.
وهذا ليس في كل مائدة حوار فدوافع مُعتقدات الناس تتغاير.
فاللهم اهدنا لما يُرضيك عنّا.
أخوك:
ناصر بن حميد.
https://t.me/nasserhomaid