توب جِكِن وكريسمس
كريسمس
لم احتفل به يوماً ولن..
بل أجد مجرد الاهتمام به، أو الهَوَس بأيامه أمراً غريباً حقاً
غريب، أن يحتفل شخص بيومٍ لا يرتبط به من قريبٍ ولا بعيد
أن يتغرَّب الانسان عن نفسه، وهويته، وتاريخه ويحتفل باحتفالٍ ذي خلفية دينية، لا ترتبط بدينه ولا عقيدته ولا وطنه
أمر مثير للسؤال حقاً
ألا تستغرب اذا احتفل اليهودي بليلةِ القدر، أو الألماني بعيد استقلال الهند؟!
فاحتفال المسلم بكريسمس، والاهتمام بنَسَقِه، لا يقل غرابةٍ عن ذلك قطعاً.
ولكن، إنَّها أزمة الهوية، وهَوَس التقليد، ودينُ العولمة ومذهب الاستهلاك.. إنَّه الذي يجعل ما هو غربيٌ (موضَةً) دالّة على التقدم، والتسمك بالجذور، والبحث عن هويةٍ مستقلة خاصة، ضرباً من التخلُّف أو التعقُّد والانطواء.
مثله بالضبط.. ما لاحظته حين مروري على مطعمٍ في منطقة شعبية في بغداد، مطعم صغير يبيع الدجاج المشوي العادي، ذلك الذي يحلف قبله أنَّه (ذبح عراقي)، لكنَّه اسمى مطعمه المتواضع (توب جِكِن) – بالباء والجيم والكاف- لا بكتابةٍ اجنبية، بل بلغةٍ عربية فصيحة!، لماذا هذا الاسم الغريب على اللغةِ والمذاق؟ لماذا لا يسميه (الدجاج المميَّز) أو (دجاج محمد) أو (قاسم أبو الگص) أو (جبار أبو الشربت) .. أو أي اسمٍ عربي دالٍ على هوية صاحبه؟!
ألم يظن صاحبنا أن اطلاق اسمٍ أجنبيٍ على محله المتواضع، يُكسبه ميزَةً، بل مسحةً من التقدم؟! لكن.. ما علاقة اللغة بالتقدم؟ ..
إنَّها نفس اللعنة
لعنة الاغتراب عن الجذور والبحث عن التقدُّم عبر تقليد الآخر، لغةً، وملبَساً، وعيداً..
تظهر في (توب جكن) أو في الاحتفال بكريسمس..
أما أنا
فاعتز بهويتي..
ولا أشارك، ولا عائلتي، ولا احبابي واصدقائي، في هذا الهوس..
بل حتى لا نجتمع في ليلة رأس السنة عند ضريحِ الحسين (ع)
لا لحرمةٍ او كراهة
بل لأنها ليلةٌ عادية، لا تستدعي عندي احتفالاً او حزنا.
لأني افضِّل أن أحتفل أو أحزن، في توقيتي الخاص، وفق تقويمي لا تقويم واشنطن أو باريس.
#كريسمس